الأخلاق البيئية في مسرح الفلسفة المحترفة

2014-12-03T22:20:03+00:00
منوعات
3 ديسمبر 2014آخر تحديث : الأربعاء 3 ديسمبر 2014 - 10:20 مساءً
الأخلاق البيئية في مسرح الفلسفة المحترفة

أزمور أنفو24 ؛ عبدالواحد سعادي.

في عام 1973 أعلنت الأخلاق البيئية عن ظهورها الأول على مسرح الفلسفة المحترفة المحافظة والرصينة.
وفي ربيع ذلك العام نشر الفيلسوف السترالي “بيترسينغر” مقالة ‘تحريرالحيوان’ في مجلة “دونيورك روفيواوف بوكس”، وفي صيف ذاك العام ظهرت مقالة “الضحل العميق” حركة الايكولوجيا بعيدة المدى خلاصة للفيلسوف النرويجي “آرني نايس”في المجلة الفلسفية الدولية”انكيري”.
وفي خريف العام ذاته خاطب الفيلسوف السطرالي “ريتشارد سيلفان” زملاءه في المؤتمر العالمي الخامس عشر للفلسفة في “فارنا” البلغارية متسائلا “هل ثمة حاجة إلى أخلاق جديدة بيئية ؟
وعلى مدى السنوات التالية العديدة ظهر المزيد من المقالات في هذا الحقل الجديد المثير من البحث، وفي سنة 1979 أسس “يوجين هارغروف” مجلة فصلية جديدة هي ‘الأخلاق البيئية” وانفتحت البوابات وتدفقت المقالات في ميدان الأخلاق البيئية في العالم كله، كما بدأت مقررات جامعية تتوفر على هذا الموضوع ،وفي أواسط العقد التالي كان قد ظهر عدد من الدراسات بحجم كبير وبذلك انبثق إلى الوجود حقل جديد كليا في الفلسفة .
تشكل المقالات الرائدة الثلاث العائدة إلى عام 1973 ثلاثة تيارات فكرية تباعدت على نحو مطرد، تهدف إلى الاختبار المباشر للارتباط بالطبيعة ،وفي نهاية خريف هذا العام وقف رؤساء أزمور والدائرة عاجزين أمام نفايات السكان الذين انتخبوهم وجعلوهم على رؤوسهم كأكوام من ثبن زمنها حولين، تفترشها الدواب وتعافها الماشية.
إن فهم أصول الأزمة البيئية الراهنة يمر عبر نقد هذه النظرة ،وهذا يتطلب العودة إلى اللحظة الفلسفية التأسيسية للعصور الحديثة أي بالضبط إلى “ديكارت”والقسمة الثنائية التي أقامها بين جوهرين : الأنا المفكر والمادة الممتدة ،فرخت هذه الثنائية الأساسية ثنائيات وضعت الأنا مقابل العالم ،والإنسان مقابل الطبيعة ،والذات مقابل الموضوع، فإثبات الأنا لوجوده كجوهر مفكر متقوم بذاته عني في الوقت نفسه فصلا واستقلالا له عن العالم/الطبيعة ،وهذا ماشكل الخروج الثاني للإنسان على الطبيعة بعد الخروج الأول الذي دفعته اليه قواة البيولوجية التي اكتسبها في سياق التطور، وهكذا في مقابل الأنا الصاعدة والذات البارزة هبط العالم إلى مرتبة امتداد جامد وتحولت الطبيعة إلى آلة ضخمة هائلة ،وتحولت أسرارها وأرواحها إلى قوانين وقوى ميكانيكية ما على الأنا، كذات عارفة، إلا أن تتوجه إلى معرفتها وحيازتها والتصرف والتلاعب بها بما يؤدي بنا نحن البشر إلى أن نصبح سادة ومسخرين للطبيعة وفق التفكير الديكارتي الشهير، وأولى خطوات المنهج في التحليل ،في حين أن الموضوع العالم/الطبيعة ،آلة ضخمة معقدة يمكن فهمها بتفكيكها إلى أجزائها والبحث في كل جزء على حدة ،وهذا يعني أن الكل (الطبيعة) ماهو إلا تجمع من الأجزاء المتراصفة المرتبطة آليا ،وليس كلية لها خصائصها التي لا يمكن اختزالها إلى خصائص أجزائها ،كما أفادتنا المعرفة الايكولوجية لاحقا.
هذا هو جوهر النقد الفلسفي البيئي للنظرة الحديثة إلى العالم ،أما تجلياته فتتناول الأفكار والقيم وأساليب الحياة والممارسات التي انبثقت عن هذه النظرة في ميادين الحياة البشرية المختلفة ،لكن الفلسفة البيئية لا تكتفي بالنقد بل تتخذه منطلقا لتأسيس مشروع جديد لوجودنا في العالم ،مشروع عماده نظرة جديدة تؤسس لحضارة جديدة أساسها النسجام والتوافق والتناغم و(ليس الاندماج كبديل للانفصال)بين الانسان والطبيعة ،إن اخضرار العلوم والدراسات الانسانية والفلسفة بشير اخضرار وجودنا على هذا الكون .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!