السياق التاريخي لعملية إنقاذ المدينة العتيقة بازمور بعد أربعة عشر سنة من انطلاق برنامج إعادة رد الاعتبار: واقــع الــحــــال

2015-08-31T12:24:50+01:00
أزمور
30 أغسطس 2015آخر تحديث : الإثنين 31 أغسطس 2015 - 12:24 مساءً
السياق التاريخي لعملية إنقاذ المدينة العتيقة بازمور بعد أربعة عشر سنة من انطلاق برنامج إعادة رد  الاعتبار: واقــع الــحــــال

rampart

بقلم إدريس ديباجي ، عن العدد الثالث لجريدة أخبار أزمور الجهوية

  • ماهي المشاريع المنجزة في إطار برنامج إعادة رد الاعتبار؟
  • ماهي الاختيارات الرئيسية لتصميم التهيئة للمدينة العتيقة؟
  • أين يتجلى دور المجلس البلدي في إعادة تأهيل وتجديد النسيج العمراني والاقتصادي للمدينة العتيقة؟

       تتوفر المدينة العتيقة على تراث ثقافي مادي غني ومتنوع بفعل العمق التاريخي والتلاقي الحضاري الذي تراكم طيلة عقود عديدة، ويتنوع هذا الإرث التاريخي بين المواد التراثية المادية و اللامادية؛ ورغم هدا الغنى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لمدينة ازمور العتيقة  الذي يتميز من خلال مآثرها التاريخية و موقعها الاستراتيجي المطل على وادي أم الربيع. فإنها لم تصنف كتراث عالمي إنساني. غير أن هذه المدينة اليوم أصبحت تعيش اختلالات عميقة و متعددة، نتيجة تراجع وظائفها وفقدان التوازن بين مكوناتها الأساسية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما أضحت تعاني من عدة مشاكل تتعلق بطبيعة هيكلتها العمرانية وتكوينها التاريخي، إن الوضعية التي آلت إليها العديد من المكونات التراثية  للمدينة  العتيقة بازمور؛ من اندثار مساجد عتيقة، تدهور دور تاريخية، أبراج، أبواب ، إضافة إلى انهيار أسوار تجسد أساس الهوية المحلية والذاكرة الجماعية….. بل إن تدهور واندثار مجموعة من المآثر التاريخية فرضت ضرورة التدخل في إطار مقاربة تنموية؛ لهذا الغرض بدأ الاهتمام بالإرث التاريخي من أجل حمايته وضمان حق الأجيال القادمة فيه وذلك من خلال مجموعة من المخططات والمبادرات التي تعمل على إنقاذ و رد الاعتبار لهذا التراث العمراني وبمقاربة سياحية نظرا لما لهذا القطاع من أهمية واعدة بالمدينة. ونظرا لشساعة الموضوع سنحاول ملامسة برنامج إعادة رد الاعتبار من خلال وثائق التعمير،وتبعا لذلك سنسلط الضوء في هذا المقال على واقع التراث التاريخي بمدينة  ازمور العتيقة  في إطار مقاربة شمولية  تستند على تشخيص واقع حال التراث المبني، و رصد حدود سياسات الإنقاذ ورد الاعتبار، ثم إستراتجية تثمين التراث المبني و ستكون لنا عودة إلى موضوع التراث الحضري والمقاربة السياحية في مقال آخر.

لقد عرفت مدينة آزمور مبادرة سابقة سنة 1984، أطلق عليها “مشروع إنقاذ المدينة العتيقة” و تم إعداد دراسة تشخيصية لواقع المدينة العتيقة من طرف وزارة الإسكان لكن هذه الدراسة بقيت في الرفوف ولم يطبق منها أي مشروع يذكر. وفي يونيو 2001 تم وضع برنامج جديد اصطلح عليه ” مشروع إعادة رد الاعتبار للمدينة العتيقة” ويهدف هذا المشروع بصفة عامة إلى دعم المدينة العتيقة داخل محيطها الحضري من خلال إحياء الحرف التقليدية و إنقاذ التراث المبني الأصيل، وإبراز القيمة التاريخية للنسيج الحضري التقليدي، وتحسين ظروف عيش ساكنة المدينة العتيقة.                                                                                    فما هي محددات ببرنامج إعادة رد الاعتبار؟

ترتكز المقاربة الجديدة على مفهوم إعادة رد الاعتبار عوض الإنقاذ، بما يوحي به إعادة رد الاعتبار من مفهوم شامل، يهم المدن العتيقة باعتبارها بناء ماديا ومحتوى اجتماعيا: أي أن الإنسان الممارس للمجال معني بمشاريع الإنقاذ، وأن هذه المشاريع يجب أن تكون في المحصلة في خدمته، وتحقق له إطارا حياتيا ملائما. ولما كانت المدن العتيقة تحتل المرتبة الأولى في حظيرة التراب الوطني بكل مكوناته، فإن المخطط الوطني لإعداد التراب  الوطني، أولى عناية خاصة للمدن العتيقة، من خلال برنامج إعادة رد الاعتبار لمجموعة من المدن العتيقة مثل تطوان، تازة ، آزمور…….

وهكذا فقد حدد المخطط التوجيهي لبرنامج إعادة رد الاعتبار مجموعة من المبادئ الكبرى التي يمكن أن تكون أساسا لعملية إنقاذ مدينة آزمور العتيقة وهي كالآتي:

  • _ رد الاعتبار للمعالم ذات القيمة التاريخية: المساجد والمدارس والأسوار والدور الكبيرة
  • _ ترميم الإطار المبني المهدد بخطر السقوط، ولا سيما في المحاور الأكثر ارتيادا واستعمالا من طرف الساكنة.
  • _ الحد من ظاهرة تحويل البنايات القديمة إلى بنايات حديثة، لا تنسجم مع الطابع المعماري الأصيل للمدينة العتيقة.

كما أكد المخطط ضمن توصياته على ضرورة إعادة النظر في الدور الذي يجب أن تقوم به المدينة داخل محيطها الحضري. وقد تمت معالجة هذا الإشكال من زوايا متعددة وهي كما يلي:

من حيث التنظيم الإداري، فقد أوصى المخطط بضرورة إحداث المؤسسات الإدارية وتجهيزات البنية التحتية الضرورية لساكنة المدينة العتيقة. أما من حيث التهيئة العمرانية لمدينة آزمور أوصى المخطط التوجيهي  بضرورة تحيين النصوص المتعلقة بإصلاح وترميم أسوار المدنية، وذلك عبر: تجديد الأسوار التي تمثل قيمة تاريخية و جمالية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها.

وتم تفويض المشروع إلى مؤسسة العمران على أساس مقاربة تشاركية بين عمالة إقليم الجديدة وبلدية آزمور، وقد تم إعداد دراسة تشخيصية دقيقة رصدت وضع المدينة العتيقة، وسلطت الضوء على مسلسل التدهور الذي تخضع له ا، وخلصت الدراسة إلى تشخيص الوضع الحالي للمدينة العتيقة وعلى إثر هذه الدراسة قدمت مشروعا ينقسم إلى شطرين.

الشطرالأول: يهدف إلى إنجاز أشغال التطهير الخارجي، وتهيئة الضفة اليسرى لوادي أم الربيع على شكل ممر للراجلينcorniche ، ثم تبليط جميع دروب المدينة العتيقة. وتبلغ تكلفة إنجاز الشطر الأول من المشروع الأول ب8,6   مليون درهم، وقد ثم الانتهاء من الشطر الأول في سنة 2005.

أما الشطرالثاني فتبلغ تكلفته الإجمالية 37 مليون درهم، وتم تمويل المشروع من طرف وزارة الإسكان والتعمير. أما تنفيذ المشروع فتم تفويضه إلى مجموعة العمران بتنسيق مع بلدية آزمور وعمالة إقليم الجديدة والوكالة الحضرية للجديدة وقد انطلقت الأشغال في هذا الشطر سنة 2006.

فيهدف إلى:

  • إعادة إيواء قاطني البنايات المهددة بالانهيار.
  • هدم البنايات الفارغة التى تشكل خطرا على الساكنة .
  • تدعيم البنايات الآيلة للسقوط.
  • إنجاز التجهيزات الأساسية وتهيئة الهوامش .
  • رد الاعتبار للمعالم ذات الأهمية المعمارية.
  • تدعيم وإصلاح أسوار المدينة العتيقة.
  • تهيئة المحيط المجاور للساحات.
  • تهيئة المسار السياحي.
  • إنجاز بعض المرافق العمومية.

ماهي الاختيارات الرئيسية لتصميم التهيئة للمدينة العتيقة؟

تضمن برنامج إعادة رد الاعتبار عدة مشاريع كما سلف الذكر، منها ما تم إنجازه، ومنها مشاريع في طريق الانجاز، وأخرى تم الاستغناء عنها لأسباب وعوامل.

ولتحقيق هذه التوجهات الرئيسية التي تبناها برنامج إعادة رد الاعتبار تم تقسيم المدينة العتيقة إلى خمسة مناطق ZONE وكل منطقة أعدّ لها برنامج مشروع يتوافق وخصوصياتها العمرانية. وهي كالتالي:

مشروع بيئي: يتعلق بمشكل النفايات السائلة الصلبة وكل ما يرتبط بالتطهير وتأثيرها على وادي أم الربيع. يهدف هذا المشروع إلى تطهير المدينة العتيقة وتحسين الظروف البيئية، ثم حماية وادي أم الربيع من التلوث. وذلك ببناء محطة لمعالجة النفايات السائلة.

مشروعاقتصادي : يهتم بإحياء الصناعة التقليدية مثل الدرازة والحياكة ، وذلك بإعادة ترميم وإصلاح الساحات كساحة الدرازين، و ساحة النجارين، و ساحة العطارين، وتهيئة المسار السياحي انطلاقا من باب سيدي المخفي إلى ساحة الدرازين.

مشروع ثقافي ديني: ويهدف إلى إحياء الصورة التاريخية للمدينة العتيقة وذلك بإصلاح جامع القصبة لأنه يعد معلمة تاريخية ترجع إلى القرن الثامن الميلادي. وكذلك ترميم إصلاح الجامع الكبير والمرافق التابعة له. إصلاح المحلات التجارية بساحة لمريح وترحيل الأنشطة التجارية الدخيلة على المدينة العتيقة مثل (قاعات الألعاب الإلكترونية، محلات بيع المواد البلاستيكية).                                                                                       مشروع ثقافي وسياحي:

ويهدف هذا المشروع إلى إعطاء المدينة العتيقة بعدا سياحيا وإشعاعا وطنيا ودولي (وبناء مشروع دار الصانع في محل مدرسة الإمام مالك التي تهدمت منذ أكثر من 25سنة). وإصلاح وترميم المساكن ذات القيمة المعمارية وإعطائها بعدا سياحيا ثم إصلاح المسار السياحي . ومن مكونات هذا المشروع:

إصلاح ساحة الملاح؛ إعداد نظام للتشوير السياحي ، ترميم الواجهات على طول المدار السياحي، إصلاح الصابات المهدمة، إضافة مرافق عمومية، تجديد شبكة الماء الصالح للشرب.

وقد تبنى تصميمم التهيئة الخاص بالمدينة العتيقة جملة من المبادئ في معالجة برنامج إعادة رد الاعتبار:

التأكيد على ضرورة حماية ورد الاعتبار للمعالم التاريخية: المساجد المدارس البنايات الأصلية. -انتقاء نشاطات اقتصادية تنسجم والخصوصيات التاريخية للمدينة العتيقة لأن صيانة ورد الاعتبار للتراث كانت من التوجيهات الرئيسية التي أفردت لها أهمية كبيرة في الدراسات المعمارية التي تمخضت عن مشروع برنامج إعادة رد الاعتبار .

المدينة العتيقة بعد أربعة عشر سنة من انطلاق برنامج رد الاعتبار:واقع الحال.

لا شك أن مشاريع إعادة رد الاعتبار للمدينة العتيقة لأزمور عرفت تعثرا وبطء في التنفيذ إذا ما ماقورنت بحجم التدخلات المسجلة على مستوى المدن العتيقة بالمغرب.كفاس، الصويرة، مكناس.

بعد مرور أربعة عشر سنة نتساءل عن الوضع الحالي للمدينة العتيقة، وعن الواقع الفعلي لبرنامج إعادة رد الاعتبار وإلى أي حد استطاع هذا البرنامج أن يحد من مسلسل التدهور؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات سنستعين بالملاحظات الميدانية.

لحد الآن مازالت المشاريع المنجزة ضعيفة جدا في مجال الإصلاح والتهيئة، و المشاريع المنجزة تتكون من عمليات محدودة في الزمان والمكان بالمقارنة مع الأهداف المسطرة في الشطر الثاني..و

المشاريعالتيتمإنجازها:

   تهيئة جنبات المدينة على الضفة اليسرى لوادي أم الربيع:

إن إنجاز الممر الخاص بالراجلين على الضفة اليسرى لوادي أم الربيع، يعتبر من المشاريع الأولية في برنامج إعادة رد الاعتبار،حيث كانت جنبات المدينة مرتبطة مباشرة بمياه وادي أم الربيع، لكن بعد إنجاز هذا الممر الذي أصبح كفاصل بين مياه النهر والمنازل المطلة على الضفة اليسرى لوادي أم الربيع.

إنجاز شبكة التطهير الخارجي: تعتبر قضية الصرف الصحي من الأولويات الأساسية التي تم التركيز عليها في إطار برنامج رد الاعتبار في الشطر الأول،  لقد كانت تضم المدينة العتيقة لأزمور على طول الضفة اليسرى لنهر أم الربيع مجموعة من النقط التي كانت ترمي بمياه الصرف الصحي مباشرة على الضفة اليسرى، مما يؤدي إلى تسريب المياه تحت المنازل، لذلك ركز مشروع إعادة رد الاعتبار في أول  مشروع على ربط هذه النقط بالقناة الرئيسية التي تمر بجانب المدينة على الضفة اليسرى.

من بين العمليات المنجزة في إطار محور رد الاعتبار للمعالم التاريخية تهيئة القبطنه كمسرح بالهواء الطلق  تقام فيها الحفلات الرسمية والمهرجانات.

تجهيزدروبوأزقة المدينة العتيقة:  على مستوى البنايات التحتية والتجهيز فقد تم تبليط جميع أزقة ودروب المدينة العتيقة، أما شبكة الماء الصالح للشرب فقد أصبحت متلاشية ومتآكلة مما جعلها عرضة لأعطاب متكررة، وهذا ما وقع مؤخرا؛ حيث سقطت مجموعة من المنازل بدرب المخزن من جراء تسرب المياه لمدة طويلة تحت الجدران، وتسبب أيضا  في تشققات لجدران المنازل المجاورة له مما اضطر السكان لإخلاء منازلهم .

تهيئة ساحات الملاح وإصلاحها: من بين العمليات التي أنجزت بالنسبة للشطر الثاني من مشروع إعادة رد الاعتبار تهيئة ساحة الملاح، وذلك بهدم المساكن المتدهورة المجاورة للساحة، تبليط الساحة، إعداد مدرجات لإقامة الحفلات الرسمية والمهرجانات،

مثل مهرجان ملحونيات التي تحتضنه مدينة ازمور سنويا، وقد لعبت هده الساحة دورا كبيرا في إقامة المهرجانات والتجمعات الخطابية.

المشاريع التي توجد في طور الانجاز:

  تدعيم وإصلاح أسوار المدينة العتيقة

يجب أن تحظى هذه العملية باهتمام كبير داخل المدينة العتيقة لأنها تكتسي طابعا إستعجاليا، مثل ميلان الحائط  أو انهياره . وتتمثل في الحالات التي تتطلب تدخلا فوريا وبدون تأخير، مثل سقوط السور الخلفي للمدينة العتيقة الذي تمت إعادة بناؤه بطريقة حديثة، مما أدى إلى انهياره من جديد مخلفا ضحايا في الأرواح.

المشاريع التي لم يتم تنفيذها و تم الاستغناء عنها؟

مشروع التخفيض من الكثافة:    يهدف هذا المشروع إلى القضاء على أحد العوامل الرئيسية في تدهور السكن بمدينة أزمور العتيقة، ألا وهو الكثافة المرتفعة، التي تصل مابين 400/ إلى700ن في هكتار. كان يبلغ عدد الأسر  880 أسرة، وعدد الأسر التي كانت سترحّل خارج المدينة العتيقة تقدر200 أسرة أي مايقارب 25 %، لكن الأسئلة التي مازالت عالقة وهي كيف  كان سيتم ترحيل هذه الأسر؟ وما هي الإجراءات القانونية لإفراغ هؤلاء السكان من مساكنهم وأين سيتم ترحيلهم؟ وكيف سيمول هذا المشروع؟

أمام هذه الصعوبات القانونية والاجتماعية تم التخلي عن مشروع التخفيض من الكثافة السكانية لأنه مكلف جدا ومعقد من الناحية القانونية

عملية تدعيم البنايات الآيلة للسقوط: وتتمثل في الحالات التي تتطلب تدخلا فوريا وبدون تأخير. وهي أساسا عبارة عن عمليات إفراغ السكان وممتلكاتهم من مكان الخطر ثم القيام بعمليات تصليبconsolidation البناية المهددة بالسقوط  إذا كانت ذات مستوى ثقافي وعمراني ومعماري متوسط أو كبير، أو هدمها Démolition إذا سقط أحد أجزائها، أما العمليات التي أنجزت حتى الآن في هذا الباب فتنحصر فقط في هدم البنايات المتدهورة، ولم يتم تدعيم أي بناية سكنية لأن تكلفة تدعيم البنايات الآيلة للسقوط جد مكلفة.

تقييم مشاريع إعادة رد الاعتبار: إن أي تقييم لتجربة رد لاعتبار لمدينة ازمور لا بد وأن يستحضر العمق التاريخي لهذه المدينة والتراكم الذي حصل عليها على مر العصور والذي أسهم في تسارع مسلسل تدهور إطارها المبني وفي تدهور بيئتها الحضرية وفي خلق واقع اجتماعي يتسم بالفقر والهشاشة

فرغم أهمية مشروع إعادة رد الاعتبار الذي بدأ العمل به منذ 2001 فواقع المدينة العتيقة مازال ينطق بكل عبارات التدهور والتلاشي، وهو ما يفرض تكثيف الجهود لمواكبة مسلسل التدهور والسعي إلى معاكسته.”لكن أية جهود تبدل وتكثف لمعاكسة القدر المحتم على هذه المدينة التي ذاقت مرارات التهميش؛ ومرارات مشاهد؛ ومسلسلات التدهور الناجمة عن أزمة أفكار من يدبرون أمورها. أولئك الذين لم يفوا بالعهود التي نسجوها لهذه المدينة المؤرقة، فأزمة أفكارهم جعلتهم يقبعون على كراسي التسيير دون الاكتراث بالأبعاد الجمالية والحضارية والجغرافية لهذه المدينة“.

نعم؛ لقد  حقق هذا المشروع بعض الأهداف التي رسمها، و أسهم في خلق دينامية بخصوص رد الاعتبار للنسيج العتيق وحرك بعض المبادرات العمومية والخاصة التي نشطت بموازاة مع تنفيذ المشروع. لكن إذا ما قورنت هذه النتائج بحجم المدينة، وبعمقها التاريخي وبحالة التدهور التي وصل إليها وضعها الفيزيائي، فإن الجهود التي بذلت لحد الآن في إطار هذا المشروع لا تشكل إلا جزءا يسيرا مما يجب القيام به لإيقاف النزيف أولا ومعاكسة مسلسل التدهور ثانيا وتأهيل المدينة ورد الاعتبار إليها ثالثا وأخيرا.

والمشكل لا يكمن في رد الاعتبار بمخططات جوفاء من كل ماهو اجتماعي، بل هو بعث الروح في كيانها وهويتها .ولتحقيق ذلك كان  من الضروري:

  • أن تتحمل الجهات المسؤولة عن المشروع مسؤوليتها كاملة في تتبع جميع مراحل البناء والتشييد؛
  • النهوض بقطاع الصناعة التقليدية وذلك لإحياء التراث الثقافي اللامادي للمدينة؛
  • ترميم المعالم التاريخية المهدمة”الأسوار” تنقية الخرب وتعويضها بمشاريع سوسيواقتصادية؛
  • تكوين جمعيات تعنى بالحفاظ على المآثر التاريخية وليس مناصرة العريس؛ لأن أي مشروع

لرد الاعتبار لن يعرف طريق النجاح إلا إذا ما استطاع كسب انخراط السكان والمجتمع المدني المحلي؛

  • تدعيم الأنشطة السياحية والترفيهية بالمدينة العتيقة بإنجاز التجهيزات السياحية وترميم المباني التاريخية التي تحتاج إلى الترميم ؛
  • رد الاعتبار للدور الثقافي للمدينة العتيقة وذلك بإنجاز تجهيزات سوسيوثقافية “مكتبة، متحف، مقر الندوات، مقر جمعيات…..”؛

     

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!