الزاوية 90:
بقلم: عبدالواحد سعادي
كان جلالته طيب الله ثراه شغوفا بالمناقشة والحوار، من أسعد أوقاته أن يجد من يتحاور معه ويناقشه في أي موضوع ،كان دائما يريد أن يضيف إلى معلوماته معلومات جديدة،فإذا كنت مثلا في حوار مع جلالته واستشهدت ببيت من الشعر لم يسمعه من قبل، استوقفك حتى يكتبه ،وكان يشعر بالراحة حين يجد أمامه محاورا ذكيا.
في شهر مارس عام 1964 أنعم الله على سمو الأمير مولاي عبدالله بالأمير مولاي هشام ،فحضرت خالته السيدة علياء الصلح لحفل عقيقته وهي على مستوى عال من الثقافة والمعرفة،وكانت مقالاتها في جريدة النهار اللبنانية قد عصفت بالكثير من السياسيين ،وكسرت قوائم كراسيهم في الوزارة والبرلمان.
كان جلالته معجبا بأفكارها وأسلوبها ،وحين حضرت حفلة العقيقة حاورت جلالته في الحرية ،ماهو مفهوم الحرية عند جلالته؟ هل هي حرية النخبة أم حرية الجماعة؟أين تبتدئ الحرية وأين تنتهي ؟ هل نقصد بالحرية الحرية السياسية؟أم الحرية الاقتصادية ؟أم الحرية الفردية؟
وطالت المحاورة والجدال ،كان مفهوم السيدة علياء للحرية يختلف عن مفهوم جلالته ،وجاءت السيدة علياء في زيارة ثانية للمغرب ،وجرى حديث عميق مع جلالته عن الديمقراطية وكان استنتاج جلالته من اطلاعه على الدستور اللبناني أن صلاحيات رئيس الجمهورية اللبنانية أوسع من صلاحياته كملك ،وأن الدستور اللبناني قيد سلوك الهيئات التشريعية والتنفيذية ،وطال النقاش ولم يتوقف .
أوشكت إقامة السيدة علياء على الانتهاء لارتباطاتها في لبنان فقد كانت الاستعدادات على قدم وساق لانتخابات رئاسية،وكان الاتجاه انتخاب الجنرال فؤاد شهاب قائد الجيش اللبناني للرئاسة،وكان للسيدة علياء موقف معلن صريح ضد انتخاب ضابط لرئاسة الجمهورية،وكانت تكتب الافتتاحيات في جريدة النهار الواسعة الانتشار ،منتقدة الانزلاق الى الحكم العسكري تحت عباءة الحرية والديمقراطية ،وهما الموضوعان اللذان كانا يستغرقان كل المناقشة مع جلالة الملك وبإلحاح من جلالته،بقيت السيدة علياء لتتعرف على المغرب ،مع وعد من جلالته بكتابة افتتاحية النهار وسيجعل موضوعها عن الحرية ،ثم استدعى الأستاذ عبدالوهاب بن منصور مؤرخ المملكة ،وأخذ جلالته يملي عليه المقال الذي ستنشره جريدة النهار عن الحرية والأحرار بتوقيع جلالته طيب الله ثراه ،فغادرت السيدة الكبيرة المغرب وفي حقيبتها مقال جلالته ،ولأهمية المقال الملكي وعمقه أثرت أن أدونه بموقع هذه الجريدة الالكترونية أزمور أنفو24 ،عسى أن يثير لدى المهتمين بالحرية نقاشا يقري مفهوم الحرية ومراميها. ” يتبع….”
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=8778