ازمور انفو24:تعتبر الكتابة في هذا الموضوع تكسيرا لطابوهات أخلاقية، ذلك لأن المغاربة قد يتسامحون مع مستهلكي الخمور أو ما يسمّى “بالسكايرية” في القاموس الشعبي، و يتعايشون معهم، لكن لا يتحدثون عن الخمر في حديثهم الأسري، و تظل مماراسات أفراد الأسرة “المنحرفة” سراً يناقش في الكواليس و الدردشات الحميمية. وفي هذا السياق، يُطرح علينا السؤال التالي: هل تناول الخمور في المغرب يندرج في إطار حماية المستهلك، بالرغم من كونه محرم دينيا؟ و هل ستصغي لنا السلطات والجمعيات بوصفنا أصواتا تندد بالمخالفات المرتكبة في حق مستهلكي الخمور؟ و أخيرا، هل يعتبر الحديث عن هذا الموضوع تطبيعا مع الظاهرة؟إن مكانة الخمر في الذهنية الشعبية المغربية منبوذة، لأن الخمر يصنف من المحرّمات، و من يحتسي الخمر، هو الآخر يستفيق صباحا على عبارات اللوم وطلب الهداية، مما يشير إلى عدم اقتناعه بسلوكه، و بتوصيفه له بأنه سلوك منحرف. هكذا تجد معظم السكارى يطلبون العفو والهداية، و منهم من يقلع عن الشرب، و يعود إلى المحجة البيضاء، لكن قبل الحديث عن التوبة النصوحة، نتطرق إلى معاناة مجموعة من المواطنيين الجديدين من خطر التسمم، نتيجة إقدام مافيا تجار الخمور الذين يتلاعبون بصحة المواطن ببيع جعة فاسدة، و هؤلاء المواطنون منهم كوادر بنكية، و موظفين وتجار و حرفيين، بالإضافة الى سواح أجانب، الكل يتردد على حانات بالمدينة لتناول الجعة و الاسترخاء، لكن هل هذا الشراب تتوفر فيه شروط السلامة؟ما هو الخطر الذي يحدق بمستهلك الجعة بمدينة الجديدة؟ إنها مافيا تجار خمور تبيع جعة فاسدة، ليس بمعنى أنها منتهية الصلاحية، و لكن بسبب التخزين غير اللائق التي تخضع له البضاعة في غالب الأحيان. ففي مدن مثل الدارالبيضاء وفاس وطنجة وأكادير و مراكش التي تحترم مواطينها، تباع الجعة في نفس الشهر الذي تُنتَج فيه، و هكذا تكون حلوة المذاق و تتوفر فيها جميع شروط السلامة، لكن الجعة التي تباع في معظم الحانات بمدينة الجديدة باستثناء ثلاث أو أربع أماكن هي بضاعة استوفت شهرين أو ثلاث من عمرها بعد إنتاجها، و تم تخزينها قبل البيع إلى الحانة. هذا بالرغم أن هناك أماكن في مدينة الجديدة، وكما ذكرنا هي قليلة جداً تبيع الجعة التي تُنتج في الشهر نفسه، ذلك لأن البائع يستورد البضاعة مباشرة من الشركة المنتجة في الدارالبيضاء، و ليس عن طريق وسيط قد يخزن البضاعة، و يبيعها وفق تدبدب أسعار السوق.ما يهمنا في موضوع الجعة التي تباع الآن في حانات الجديدة، وهي أنها أنتجت في بداية شهر يناير، أين تم تخزينها لمدة أكثر من شهرين قبل أن يتم بيعها للاستهلاك من طرف المواطنيين؟ هل فعلا تتوفر الشروط اللازمة في هذه المخازن المخصصة لها؟ هل فعلا لا تتعرض البضاعة لأشعة الشمس خلال هذه المدة؟ و ما على المستهلك إلا أن يتذوق الجعة حديثة الانتاج في شهر مارس و الجعة المخزّنة من شهر يناير أو قبله ليرى الفرق الشاسع بينهما، و كيف تتعرض الأنزيمات المحللة للإفساد، خصوصا إن لن تتوفر الشروط اللازمة في عملية التخزين.و ما يزيد الطين بلة، هو لجوء بعض الحانات إلى الحفاظ على الطاقة عن طريق إطفاء النور والثلاجات عند الانتهاء من العمل لتعيد تشغيلها في الصباح، مما يفسد الأنزيمات الحلمهة الموجودة في الجعة، و هكذا قد تشكل خطرا على صحة المواطن، أضف إلى ذلك غياب توعية لدى العاملين في القطاع حول مكونات الخمور وطرق تخزينها.يبدو أن المغرب يعيش نفاقا اجتماعيا، يذهب ضحيته عدد من المواطنيين خصوصا في هذه المدينة، إذ كيف يحرّم القانون بيع الخمور للمسلمين، و الحانات تبيعه بشكل عادي، و هكذا يساهم هذا المستهلك غير المعترف به في انتعاش الاقتصاد الوطني دون أن تتم حمايته أو التفكير في سلامته الجسدية. ماهي الإجراءات التي تفرضها السلطات لمراقبة بيع وتخزين الخمور؟نحن نعيش في بلد يتاجر في بضاعة يلعنها، و هذا يعتبر قمة في التناقض، إذ كيف نؤمن بحديث يلعن بائعها ومنتجها وشاربها، لكن هذه البضاعة الملعونة المحرمة تساوي عملة نادرة في الاستثمار الوطني: غريب أن تعيش في وطن المفارقات…يعتبر الخمر شرابا مقدسا في العديد من الثقافات عبر التاريخ، إذ آمن الإغريق القدماء بباخوس إله الخمر، ووضعت نِنكاسي إلهة الجعة والخصب والحصاد طرق إنتاج الجعة في الحضارة السومرية، كما اعتبرته الديانة المسيحية شراب المسيح المقدس، فطورت إنتاجه و تخزينه و قعدت لاستهلاكه، لكن ما علاقتنا نحن بهذا الشراب؟ هل نتبع ثقافتنا الجاهلية؟ لماذا نستورد محرمات إذا كنا سنتعامل معها على هذا الأساس و لا نعير اهتماما للعاملين و المستهلكين في القطاع؟ من يتحدث عن هذه الشريحة الواسعة في المجتمع؟ لماذا نقدّم صحة مواطن يساهم في انتعاش الاقتصاد الوطني كبش فداء للحفاظ على النفاق الاجتماعي؟ لماذا هذا النفاق الأخلاقي؟ كيف نسعى من جهة وراء الربح من اقتصاد الخمور، و من جهة أخرى نلعٓن شاربها، و نقدم سلامته الجسدية قرباناً في إطار طقسنة التحريم و التمسك بأقنعة المعتقدات؟مواطن من مدينة الجديدة
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=27140