ازمورانفو24:
يحتفل المغرب باليوم الوطني للإعلام، في 15 نوفمبر، وهي مناسبة لتقييم الوضع العام للصحافة والإعلام، في بلادنا، والوقوف على ما تحقق من مكتسبات وما ينبغي العمل من أجل تحقيقه في المستقبل، والسعي إليه، قصد الاستجابة للتطلعات الديمقراطية ولطموحات المهنيين وانتظارات المجتمع.
والمجلس الوطني للصحافة، باعتباره، أحد مكونات هذا المشهد الإعلامي، والمؤسسة الوطنية الموكول لها القيام بمهمة التنظيم الذاتي للمهنة، طبقا لمبادئ الدستور، إذ يسجل باعتزاز صمود الجسم الصحافي، من عاملين ومسؤولين، لاستمرار تقديم الخدمة العامة، في ظروف الجائحة، فإنه يعتبر أن الوضعية الدقيقة التي تجتازها المهنة، على مختلف الأصعدة، تتطلب تكاثف جهود مختلف المعنيين، من مقاولات صحافية ومؤسسات إعلامية، وهيآت تمثيلية للصحافيين والناشرين، وممثلي مختلف المهن المرتبطة أو المتدخلة في القطاع، والجهات الرسمية ومنظمات المجتمع…، وذلك للنهوض بقطاع الصحافة والإعلام، ومواجهة الأزمة الناتجة عن تداعيات الوباء، والتصدي للتحديات المطروحة على مختلف الأصعدة، المهنية والأخلاقية والاقتصادية.
ويود المجلس الوطني ، التأكيد على أنه من جهته، مستعد لمواصلة العمل، إلى جانب مختلف هذه الفعاليات، للقيام بالأدوار المنوطة به، تحقيقا للغاية من إحداثه، كهيأة للتنظيم الذاتي، خولها المشرع صلاحيات السهر على احترام أخلاقيات المهنة، ومنح بطاقة الصحافة، و تأهيل المقاولة الصحافية، والتكوين والدراسات في مجال اختصاصه، والوساطة والتحكيم لحل منازعات الشغل في القطاع، وإنجاز تقرير سنوي حول ممارسة حرية الصحافة ووضع المقاولة الصحافية وأوضاع الصحافيين، والقيام بدور استشاري في القوانين والمراسيم والإجراءات التشريعية والتنظيمية، التي تهم مهنة الصحافة.
وانطلاقا من اختصاصاته وأدواره، فإن المجلس، ومنذ تأسيسه في خامس أكتوبر 2018، اشتغل على مختلف هذه الواجهات، في إطار مسؤوليته الاجتماعية التي منحها له المشرع والمهنيون.
وسعيا منه للتواصل والتفاعل مع الرأي العام، سواء المهني، أو باقي فئات المجتمع، فإنه يعتبر أن المهام التي يقوم بها ضمن صلاحياته، تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل والمساهمة الجماعية، وذلك لتكريس ممارسة صحافية احترافية وذات جودة عالية، لخدمة المجتمع وتحقيق مبادئ الحرية والشفافية والديمقراطية.
لقد إشتغل المجلس على ميثاق لأخلاقيات الصحافة، منذ الأسابيع الأولى من تأسيسه، وصادق عليه بعد عدة اجتماعات واستشارات مع هيآت وخبراء، وقد نشر في الجريدة الرسمية، ليدخل بذلك حيز التنفيذ، وعلى أساسه تعالج اليوم لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، الشكايات التي تلقاها المجلس، بعثها صحافيون وأمناء عامون لأحزاب سياسية، ومدراء مؤسسات عمومية، ورؤساء مجالس حكامة وبرلمانيون ورؤساء جمعيات ومقاولون ومواطنون من فئات مختلفة ، تتضمن طلب الإنصاف وجبر الضرر من مواطنات ومواطنين، تجاه ما يعتبرونه إساءة للكرامة والشرف وتشهيرا في حقهم.
وقد وصل مجموع الشكايات إلى حوالي الأربعين، وهناك شكايات سيصدر المجلس فيها مقررات تأديبية في القريب العاجل، وتستأنس اللجنة في دراستها للملفات بالاستشارات القانونية الموثقة في القضايا المعروضة عليه، الأمر الذي من شأنه تأسيس تراكم معرفي وقانوني عام في مجال الأخلاقيات.
كما أن بعض الشكايات لم تكن تتطلب سوى نشر بيانات حقيقة الأطراف المشتكية، وقد تمكن المجلس من حلها بالتعاون مع الجرائد المشتكى بها.
واعتبر المجلس أن هناك قضايا، يمكن أن يضع يده عليها، في إطار التصدي التلقائي، وهي الانتهاكات التي قد تمس المجتمع برمته، من قبيل العنصرية والحث على الكراهية والدعوة للعنف والإساءة للمرأة والقاصرين وحملات التشهير… وغيرها من القضايا التي تعتبر خرقا سافرا للأخلاقيات ولحقوق المجتمع أو بعض الفئات التي تتطلب حمايتها من التهجم والإساءة.
بموازاة هذه الملفات، فقد أنجز المجلس تقريرا حول الممارسة المهنية، في ظروف الجائحة، سجل فيه ملاحظاته حول مدى احترام الصحافة لأدوارها، وخاصة أخلاقياتها.
وفي نفس التوجه الإشعاعي، سبق أن نظم ندوة حول أخلاقيات الصحافة لتقديم ومناقشة الميثاق، في الدار البيضاء، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، وندوة دولية لدراسة تجارب مجالس أخرى مماثلة في العالم، في شهر نوفمبر من السنة الماضية، بطنجة، وندوة حول التشهير، في أكتوبر الأخير بالرباط، ويسعي المجلس لإصدار أشغال ندوات في كتيبات، تكون مرجعا للباحثين والصحافيين، ويواصل سلسلة الندوات الموضوعاتية، تحت إسم ندوات الميثاق، حول مختلف القضايا الأخلاقية التي تهم مهنة الصحافة، حيث سينظم قريبا ندوة حول صورة المرأة في وسائل الإعلام.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن المجلس يشتغل على برنامج لتعميم الوعي بمبادئ أخلاقيات الصحافة، سواء بمنشورات أو وصلات في الوسائل السمعية البصرية وحملات، وإنجاز دراسات حول الخروقات المنتهكة في بعض المجالات، وتحقيق مشاريع التعاون مع وزارات مثل التعليم والثقافة وهيآت الحكامة ومنظمات دولية، مثل اليونسكو، حول التربية على الإعلام، والعمل مع معاهد تدريس الصحافة والإعلام على اعتماد مادة أخلاقيات المهنة، في المقررات، والتعاون مع مكتب حقوق التأليف بخصوص القرصنة، وعقد اجتماعات مع مسؤولي مقاولات الصحافة ومؤسسات و إرساء نظام رصد للمتابعة التلقائية ضد الخروقات المرتكبة في مجال أخلاقيات المهنة…
ويعتبر المجلس أن تأهيل المقاولة الصحافية وتطويرها، مدخل من المداخل الرئيسية لحماية الصحافة وتقوية أدوارها داخل المجتمع، وقد اشتغل على هذا الملف من خلال لجنة المنشأة الصحافية، حيث أنجز تقريرا، كان عبارة عن بحث ميداني بين فيه أن جل الفاعلين في المنظومة الاقتصادية لقطاع الصحافة ورقية، رقمية، وطنية وجهوية، متفقين على أن الرؤية غير واضحة والمستقبل المهني غير متحكم فيه، نظرا لعدة عوامل.
وقد سجل التقرير أن العودة إلى الوضع السابق لما قبل كورونا، على علاته، سوف يكون عسيرا بالنسبة للصحافة الورقية على الخصوص. كما أنه من الواضح استمرار تدهور حصصها من الإعلانات بسبب الانكماش الاقتصادي الناجم عن الجائحة.
وتنكب اللجنة على إنجاز دراسة جديدة حول القطاع، في محاولة لتقديم رؤية واقعية حول التحديات المحتملة، والتي ستواجه الصحافة.
ويتبين من مختلف المؤشرات الواردة في التقرير الأول، أن الصحافة المغربية تأثرت بفعل جائحة كورونا، شأنها في ذلك شأن جميع القطاعات، إلا أن أزمتها ذات طبيعة هيكلية لها أبعاد متداخلة ومعقدة أحيانا.
وقدم المجلس مجموعة من الإجراءات تتعلق بدعم الخطة الوطنية للمقروئية، عبر تطوير التربية على الإعلام وقراءة الصحف في المدارس، و تفعيل مشروع الصندوق الوطني لتنمية قراءة الصحف، و إقرار المزيد من الشفافية في سوق الإشهار، و إحداث مكتب مغربي للتحقق من الرواج والإشهار في الصحافة الورقية والإلكترونية، يهتم بمراقبة شفافية الأرقام من خلال التوزيع والمبيعات والمقروئية، ويعمل على تطبيق القواعد والمضامين الخاصة بمتابعة الممارسات الإعلانية في الصحافة، والعمل على ايجاد سبل الحد من هيمنة عمالقة الويب على اقتصاد المقاولات الالكترونية في المغرب.
وطالب المجلس بمراجعة منظومة الدعم العمومي لفائدة الصحف الورقية والإلكترونية من أجل تطويره ومواكبة التحول الرقمي وتشجيع الاستثمار في قطاع الصحافة، وإدماج الصحافة الجهوية في منظومة الجهوية الموسعة نظرا لدورها الحيوي، وإعادة النظر في تكوين وتأهيل الموارد البشرية، التي تعتبر لبنة أساسية في الرفع من جودة ومردودية المنتوج الصحافي.
ودعا إلى أن تترجم كل هذه الإجراءات، في أقرب وقت ممكن، وذلك عبر إبرام تعاقدات بين مختلف الأطراف المعنية خاصة كانت أو عمومية، لمواجهة أزمة عميقة تهدد، في حال استفحالها، بالإخلال بالدور المجتمعي والحيوي الذي تؤديه الصحافة.
وقد أكدت الحملات التي نظمها المجلس من أجل تشجيع المقروئية، تجاوب المهنيين مع الوصلات والملصقات التي تم إنجازها، حيث عرفت بثا ونشرا على أوسع نطاق، مما يبين أهمية التوجه المنظم نحو المجتمع، لتشجيع القراءة والإطلاع.
وتجدر الإشارة إلى أنه بعد تنصيب المجلس الوطني للصحافة في 5أكتوبر 2018، وجد أعضاء لجنة البطاقة المهنية بالمجلس تحديا كبيرا أمامهم يتجلى في إصدار بطاقة الصحافة برسم سنة 2019 مع العلم أنه لا يتوفر على مقر وموارد بشرية.
وقد عمل أعضاء المجلس، المكلفين بالبطاقة المهنية، في مقر وزارة الاتصال آنذاك، لاستقبال ملفات طلب البطاقة المهنية وعقدوا هناك اجتماعات منح البطاقة وتسليمها، ووصل عدد البطاقات المسلمة في 2019، إلى 3016 البطاقة.
ويعمل المجلس اليوم على تحسين شروط الاستقبال ومعالجة الملفات، وذلك بعدما أصبح يتوفر على مقر، حيث درست لجنة بطاقة الصحافة المهنية، برسم سنة 2020، ما مجموعه 3673 طلبا، وافقت على 2928 منها.
وتسعى حاليا إلى تقوية هذه الخدمة عبر وسائل تكنولوجيا التواصل الحديثة، لتسهيل المأمورية على طالبي بطاقة الصحافة.
وبهدف مزيد من التدقيق في شروط الولوج للمهنة، عقد المجلس جلسات عمل مع كل من إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمكتب الوطني للتكوين المهني والمعهد العالي للإعلام الاتصال بالرباط ومديرية التعليم العالي ووزارة التجارة والصناعة، وعدة إدارات أخرى، وذلك لدراسة إشكالات مختلفة، تتعلق بالشهادات وظروف ومستويات التكوين والوضعية المهنية لمقاولات فردية… وغيرها من القضايا التي طرحت على اللجنة المذكورة، أثناء دراستها ومعالجتها للملفات. كما يشتغل المجلس، مع قطاع الاتصال، على إمكانية تعديل بعض مقتضيات مرسوم منح بطاقة الصحافة.
وتبقى الغاية من وراء كل هذا العمل، هو جعل الولوج للمهنة، أكثر سلاسة، مع تحصينها من كل ما يمكن أن يشكل تنقيصا من قيمتها ومكانتها في المجتمع.
وتفعيلا لقرارات لجنة التكوين والدراسات والتعاون، نظم المجلس عددا من دورات التكوين الصحفي خلال سنة 2019 في مجموعة من المدن بشمال وجنوب المغرب، بمختلف جهات المملكة. وقد استفاد من هذا التكوين خلال هذا الموسم الأول، 247 صحافية وصحافيا.
وقد تضمن هذا البرنامج محاور أخلاقيات مهنة الصحافة فيما يتعلق بالمصداقية في إعداد العمل الصحفي واحترام الحرية الشخصية للأفراد واجتناب التشهير والقدف والافتراء، علاوة على قواعد الممارسة الصحفية وإنتاج محتوى سمعي بصري.
ويعتبر المجلس أن هذا المحور أساسي في عمله، من خلال التعاون مع القطاعات العمومية والخاصة، المشتغلة في مجال التعليم في الصحافة والإعلام، أو من خلال شراكات متعددة، على الصعيدين الوطني والدولي، لرفع قدرات المهنيين. ويسعى إلى أن يكون التكوين ملائما لمتطلبات المهنة والمعايير الأكاديمية والبيداغودجية، المتينة، لصيانة متطلبات الكفاءة.
ومن بين الصلاحيات الهامة التي خولت للمجلس الوطني للصحافة، دور الوساطة والتحكيم في نزاعات الشغل، داخل قطاع الصحافة، وقد أعدت اللجنة المكلفة بهذا الملف مساطر العمل بخصوص كيفيات تلقي الملفات ومتابعتها، وقد تلقت بالفعل، عدة شكايات وطلبات للوساطة، بثت فيها.
كما تعمل على تنظيم لقاءات دراسية مع عدد من الأطراف المعنية أو التي يمكن أن تفيد في مواضيع اختصاصات اللجنة؛ الهيآت المشتغلة بالتحكيم، مؤسسة مفتشي الشغل، القضاء الاجتماعي، وممثلي الصحافيين والناشرين.
ومساهمة من المجلس الوطني للصحافة، في المجهود العلمي، الضروري لوضوح الرؤية في القطاع، فإنه يشتغل من خلال مشاريع لجانه، وخاصة اللجنة المكلفة بالدراسات، لإنجاز مساهمات تغني الساحة الوطنية، في مجال إستراتيجي، يحتاج للمتابعة والرصد والتحليل.
وبالإضافة إلى ما تم إنجازه لحد الآن، فإن المجلس يعمل حاليا على مواصلة دراسة واقع ومستقبل الصحافة، كما يشتغل على مشروع دراسة حول معاهد تكوين الصحافيين، ولديه عدة مشاريع أخرى، تصب في تقارير شاملة أو موضوعاتية، في كل مجالات اختصاصه.
وسيطلق قريبا تقريره حول ممارسة حرية الصحافة سنة 2019، ووضعية الصحافة خلال تفس السنة. كما أعد دراسة سوسيومهنية حول أوضاع الصحافيين، سيعممها، في إطار هذه التقرير السنوي.
والمجلس الوطني للصحافة، إذ يقدم هذه المعطيات، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام، فإن هدفه هو التأكيد على مراهنته بأن الوعي بأهمية الصحافة والتواصل، قد تضاعف في المجتمع، ليس لأن التكنولوجيات الحديثة والثورة الإعلامية، ساهمت في ذلك، فحسب، ولكن أيضا لأن التحديات التي تواجه بلادنا، على مختلف الواجهات، تتطلب الإنخراط الجماعي وتكاثف الجهود، وذلك من أجل تطوير الصحافة والإعلام، على الصعيدين الصناعي والبشري، وحماية المقاولة الصحافية والصحافيين ومختلف العاملين في هذا القطاع، لأن الظروف أكدت أن لابديل عن الصحافة الإحترافية، التي مازالت هي صمام الأمان لصناعة رأي عام مسؤول وناضج، في مواجهة التضليل وانتهاك مبادئ أخلاقيات المهنة، ومازالت هي الضمانة الأساسية للتعددية ولممارسة حرية الصحافة، وللقيام بالتقصي والبحث والتعليق الرصين.
ويوجه المجلس الوطني للصحافة، نداءه إلى كل المهنيين، من مسؤولين وصحافيين وعاملين، لمواصلة جهودهم المثمرة، وتقديم منتوج جيد، في ظروف صعبة، تفترض أيضا تجاوب الأطراف، الأخرى، خاصة السلطات الحكومية، وذلك لفتح ورش وطني شامل، من أجل حماية مستقبل الصحافة وتعزيز أدوارها ومكانتها.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=46740