أزمور أنفو24 المتابعة:
في البداية نـريد أن نـوضح أننا لم نـكن نـرغب في الكتابة في هذا الموضوع لولا سببين خلخلا لدينا هذه القناعة. الأول يتمثل في دخول بعض الأقلام المجهولة التي لا تعلن عن هويتها على الخط للاصطياد في المياه العكرة، تحركها كالكراكيز خيوط في الكواليس ومن الخفاء، هدفها ليست الحقيقة بل الإساءة للأشخاص ولبعض الأستاذة والنيل من صورتهم وقيمتهم العلمية. وهي تنقصها الجرأة والشجاعة ولا تدري أنها بعملها هذا أساءت للجامعيين والجامعة وخرقت غير ما مرة شروط التحكيم العادل والمنصف. كما أننا نحترم بالضرورة اللجان والمساطر والقوانين والخبراء والخبرات شريطة أن يكون هدفها الوصول إلى تحكيم عادل ومنصف وان لا تتـيه في الطريق إلى تحقيقه. لكن إذا تبين أن هذه الخبرات قد جانبت الصواب وأن المساطر لم تحترم بالضرورة والخبراء تحولوا للجان ثانية تعاود من جديد تقويم وتقييم أعمال بحث علما أن لجان أخرى قبلها قد قامت بذلك…آنذاك لا يجوز بل ويجب الخروج عن واجب التحفظ الذي يتم احتراما للمساطر ويمليه هاجس عدم التأثير في أشغال اللجان والخبراء والخبرات…. أما الآن وقد انتهت هذه اللجان وأصبحت تقاريرها شبه رسمية فلا مبرر للصمت. لا داعي للتذكير أن من بين شروط التحكيم العادل والمنصف للجان والمجالس التأديبية: الحق في الاطلاع على الملف بكل تفاصيله وحيثياته، كفالة الحق في الدفاع والترافع، احترام الاختصاصات الدقيقة ومجال الاشتغال وعدم التطاول على اختصاصات أخرى فعلى سبيل المثال رأي الخبرات يخضع للنسبية فالقضاء الذي هو أعلى درجة من التحكيم الإداري والتأديبي ومع ذلك يكتفي أحيانا بالاستئناس بالخبرات ولا يأخذ رأيها بإطلاقية وشمولية ، الاستدعاء الموثق للمثول أمام المجلس، تبيان الجهة المشتكية أو المتضررة بوضوح ومدى الضرر المادي والمعنوي الذي لحقها…
لم يكن يدور في خلد بعض الجهات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة أنها بعملها على الدفع بأستاذ للمثول أمام المجلس التأديبي للمؤسسة بدعوى وبمبرر أنـه اشتغـل في نـفس الـموضوع في أطـروحـتيه ( دكـتوراه بفرنسا ودكتوراه الـدولة بالـمغرب)، سـتكون فـتحت المـجال لاجتـهاد قانـوني غـيـر مـسـبوق (acte de jurisprudence ) سيقاس عليه بل ويجب أن يعمل به ويصير ربما مرجعا وسبقا قانونيا يحتكم إليه ويستشهد به. أجل إن الإصرار على الدفع بأستاذ للمثول أمام المجلس التأديبي واتخاذ قرار تأديبي في حقه فقط لأنه اختار الاشتغال في نفس الموضوع خلال أطروحتين هي سابقة لا عهد لنا بها حسب خبرتنا المتواضعة وسيسجلها التاريخ لا محالة.
كل هذا يطرح مجموعة من الأسئلة التي أصبح لا مفر منها وستواجه الجميع بدون شك:
هل سيتم إعادة افتحاص جميع الأطروحات التي اشتغل أصحابها في الموضوع ذاته مرتين ولوخلال فترتين متباعدتين ؟ هل لا يحق للباحث أن يشتغل في الموضوع الواحد مرتين(أي دبلوم تكوين المكونين، دبلوم السلك الثالث، دكتوراه السلك الثالث من جهة، ودكتوراه الدولة من جهة أخرى) ؟ وما دور لجنة المناقشة من مشرف ورئيس وأعضاء إن لم يكن تنبيه الباحث إلى عدم طرق نفس الموضوع مرتين؟ فالأكيد أنه أي المشرف سيطلع على جميع أعمال الطالب/المرشح قبل الإشراف على أطروحته بما في ذلك الأطروحات السابقة إن كانت موجودة. كم تشكل النسبة المأوية لأولئك الذين اشتغلوا بالجامعة المغربية في نفس الموضوع خلال أطروحتين؟ ولكم أن تتخيلوا ذلك الرقم وما سيترتب عن هذا الاجتهاد القانوني الغير المسبوق من ترتيبات منطقية وقانونية لامفر منها. لا يوجد اليوم ما سيثني العمداء ورؤساء الجامعات وكذلك كل الصادقين المستقيمين والغيورين وكل الوشاة والحانقينن، الحاقدين …عن المطالبة بإعادة افتحاص كل الأطروحات التي اشتغل أصحابها في نفس الموضوع مرتين إذا كان ذلك يشكل فعلا إخلالا بشروط البحث العلمي ومناهجه وأعرافه. سيصبح كل من اشتغل في نفس الموضوع مشبوها بل بالأحرى مدانا إلى أن يثبت العكس من طرف لجان مصطفاة بلغت درجة من النقاوة والطهرانية لا عهد للآخرين بمثلها.
هذا مع العلم أن النحل والانتحال والسرقة الأدبية (Plagiat) بمفهومها العلمي والقانوني الذي يخضع مرتكبوها للعقاب والتشهير والتجريح… لا تتوفر شروطها إلا في حالة الاعتماد غير المشار إليه وغير المعلل على أعمال وبحوث شخص آخر(Tierce personne ) أو على سند سواء كتابي أو يقع على الشبكة العنكبوتية (support bibliographique et/ou webographique ). وهنا يتعلق الأمر بحقوق أخرى تتعلق بالغير والآخر مثل حقوق المؤلف والملكية الفكرية وحقوق النشر وغيرهما من الحقوق المكفولة قانونيا. أما إذا خلصنا منطقيا إلى أن الأمر لا يتعلق بانتحال ولا بسرقة أدبية (Plagiat) فإننا سنواجه أسئلة عويصة هل محاكاة (imitation) الباحث لأعماله الشخصية وتعميقها وتفصيلها وإعادة النظر فيها تعد إخلالا بالبحث العلمي ومقوماته وأعرافه؟ هل يتوجب على الباحث أن يتنكر لأعماله السابقة جملة وتفصيلا لكي نقول لقد اجتهد وتوفق هذه المرة؟ هل لا توجد استمرارية بين البحوث السابقة أم بالضرورة يجب أن تحصل قطائع فكرية ومعرفية ومنهجية؟ أترك لكم الجواب كل حسب معرفته وضميره فالمهم بالنسبة لنا هو السؤال ولن نـكون خبـراء فوق الجميع ولن ندعي الحسم في الموضوع.
هل سنقوم منذ الآن بالمطالبة بافتحاص بل بالأحرى إعادة افتحاص كل الأطروحات التي اشتغل أصحابها في نفس الموضوع مرتين وبالأحرى خلال أطروحتين؟ هل في الحالات المماثلة لم تعد تكفي اللجنة الواحدة التي قامت بالمناقشة وسيتم إخضاعها للجن ثانية تطعن في اللجن المشرفة الأولى دون أن تجعل منها مسؤولة وتحاسبها وهذا هو الأخطر. وهل تحول “الخبراء” للجن ثانية تعاود مناقشة أطروحة سبق أن خضعت للتقييم والتقويم؟ بالطبع المسؤول الأول هو صاحب الأطروحتين وكم يبدو ذلك جد منطقي و سهلا إلى أقصى درجة على الخصوص. والأدهى من ذلك هو أن يكون الأستاذ المشرف عضوا في اللجنة الأولى بصفة الإشراف ثم “خبيرا وحكيما” في اللجنة الثانية يستعان به دون أن ينتبه لذلك أحد بما في ذلك المسؤولون المحنكون. وحتى أولائك الخبراء من خول لهم الحق في إعادة مناقشة أطروحة سبق أن نوقشت من طرف لجنة مختصة أبدت جدواها وأحقيتها للمناقشة. فبالرجوع لبعض التقارير الصادرة عن “الخبراء” نستشف أنها خلصت لإعادة مناقشة الأطروحة ولم تكتف بالإجابة على أسئلة محـددة ودقـيقة بل أعطت تقارير فجة متناسية أن المطلوب ليس هو إعادة تقييم الأطروحة وجدارتها واستحقاقها وهو الأمر الذي تم سابقا ; أسئلة مثـل: هل يتعلق الأمر بـنفـس الأطروحة أم لا؟ هــل تم تغـيير الــمتن أم لا (le corpus)؟ إنه فعلا العبث الذي تحركه خيوط ماكرة دون أن تـدري إلى أي متاهات تدخل البحث العلمي والأستاذ الباحث والجامعة معتقدة أنها تعيش فعلا في جزيرة الواقواق المعزولة. فهنيئا لهم بفتح باب جهنم على مصراعيه لكن تأكدوا لن يغـلقوه الآن ولو رغبوا في ذلك. واستعمال البحث العلمي بشكل انتقامي وغير أخلاقي من طرف بعض الأساتذة لتصفية الحساب مع كل من يعارضهم الرأي مازال مستمرا ولنا عودة لأمثلة أخرى حية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة.
أساتذة بجامعة شعيب الدكالي
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=16899