أين يوجد ذلك الحب و تلك المشاعر الفياضة التي تمتلك علينا حياتنا و شؤوننا الخاصة و العامة…؟
نحن البشر !… نحب و نكره !… نفرح و نحزن !… نبكي و نضحك !… نتوتر و نغضب !… و ترتفع نسب الهرمونات المختلفة في أجسامنا لمجرد إحساسنا بشيء ما.
ذلك الإحساس الذي لسنا نعرف موقعه من الجسد الآدمي… ذلك الحب الذي يملأ النفوس بهجةً و أملاً.. و يبتليها بالألم و الشقاء أحيانًا أخرى كثيرة… أين يقع من جسدنا…؟ أين موقع الشعور بالحب و الألم و الشقاء ؟.
نكتب و نردد الأغنيات الكثيرة التي تتحدث و تتغنى بالقلوب المجهدة و المتعبة… ليس من الشرايين و الأوردة… بل من الحب و الشوق و الوجد… لكنّ الجراحين الذين يفتحون القلوب كل يوم عشرات المرات بمشارطهم الحادة… لم يجدوا شيئًا بداخل تلك القلوب إلا أمراض الأوعية الدموية والشرايين … فأين يوجد إذًا ذلك الحب و تلك المشاعر الفياضة التي تمتلك علينا حياتنا وشؤوننا الخاصة والعامة…؟ أين يوجد ذلك المحرك الآدمي الذي يضخ الحب و الأشواق و البهجة إلى باقي أنحاء الجسد … ؟ ما يحرك فيه طاقات إبداعية … و طاقات رومانسية كامنة؟
أين تكمن تلك الأجهزة الغريبة التي تبدع لنا هذه المشاعر الفياضة من الحب و الوجد و الكراهية والحقد… ؟
هل هو القلب حقًا كما تقول الأغنيات والأساطير … و كما تقول الكتب الأدبية و الروايات الرومانسية…؟أم جهاز مخفي موجود بداخل الجسد محمل بكل المعاني و الخيالات الممكنة و التي لا يمكننا رؤيتها بالتصوير الإشعاعي العادي … و لا حتى بالموجات الفوق صوتية… أو بالتصوير المغناطيسي … أو الأقمار الصناعية ؟
لسنا نعرف حتى هذه اللحظة حقيقة المشاعر الإنسانية التي لا تدار بأي جهاز اصطناعي خارجي… و لا يمكن تصنيفها ضمن الإحصائيات المتداولة بالأرقام والنسب المئوية… فكيف يمكننا أن نقيس الحب الأبوي والأمومي من شخص لآخر… و من بيئة إلى أخرى…؟ وأي معيار سوف نبني عليه قياساتنا تلك والتي لم تعلن بعد في أي من مراكز الأبحاث المنتشرة على جميع البقاع في هذه الكرة الأرضية الواسعة الأطراف ؟
كيف يمكن لبني البشر جميعهم دون استثناء… أن يبكيهم الحزن و الفواجع و النكبات… مهما تعددت اللغات و اختلفت… بينما يطربهم الفرح ويسعدهم على كافة مستوياتهم البيئية و الدينية و الأخلاقية …؟
إنهم جميعهم يتشابهون في فيض المشاعر التي يحملونها… و التي نردد أنهم أو أننا نحملها بداخلنا… و لكن في أي جزء من أجسامنا..؟ أهي تلك الخيوط الواهية التي تربط بين خلايا الجسم والمخ البشري… تلك الحبال الغريبة التي تتكون من مجموعة من الخلايا النابضة الحساسة… و التي تسمى الأعصاب… ؟ و أين تكمن كل تلك المشاعر الجياشة التي نعبر عنها في كل لحظة و كل ثانية من هذه الأعصاب الغريبة الشكل و التكوين…؟.
أين يمكننا أن نجد مداخل الفرح و السعادة التي تحتويها تلك الأعصاب…؟ و مناطق الألم و اللذة و الكراهية و الحب و الجوع و العطش… و البرد و الحر … و غيرها…؟
إنه عالم عجيب ذلك الذي يسكن في دواخلنا و تحت جلودنا و أضلعنا المخبأة منذ اللحظة الأولى للميلاد.
عالم لا يمكن لبشري اختراقه و النظر إليه تحت المجاهر و الميكروسكوبات الخارقة الحديثة… لأننا لا نعرف حتى هذه اللحظة مواقع تلك المشاعر و مسكنها الحقيقي في أجسامنا… لا نعرف كيف تبدو و كيف يمكننا تصويرها على حقيقتها طالما أننا لم نرها حتى الآن… و لا أعتقد أننا سنتمكن بكل ما لدينا من علوم و أجهزة دقيقة أن نكتشف مواقعها الخفية في داخلنا… فهذه المشاعر العظيمة ليست في موقع يسمح لنا بالاقتراب منه… إنها كالنفس الإنسانية التي لا نعرف عنها شيئًا … و كالروح التي تخرج من الجسد لحظة الموت… إنها أشياء تسبح و تهيم في ملكوت الخالق سبحانه الذي منحنا إياها… و لن نستطيع الوصول إليها إلا حين نكتشف حقيقة علاقتنا به وبعظمته في خلقه… فتبارك الله أحسن الخالقين !!!!!!.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=3775