أزمور أنفو 24 : المتابعة منى جباري
عاشت البيرالجديد أياما جميلة وزاهية خلال ماضيها التليد ، سواء في عهد مابعد تأسيسها سنة 1919 حيث سجلت حديقة مسيو شفان اللبنة الأولى في تشييدها أو بين سنوات 1920 و1924 عندما حملت ساحتها الرحبة وموقعها الاستراتيجي بنايات غاية في الروحة مقتبسة من النمط الفرنسي والأوربي المتحضر ، وكانت إفران المغرب واحسن نموذج – فيلاج -على الإطلاق على الصعيد الوطني ، من حيث تصميم الفيلاج الهندسي الساحر ، هنا موقع الفيلات من الطراز الناذر بالمغرب آنذاك وهنا الحي الإداري الملائم لمنظر ومظهر الفيلات بالقرمود الأحمر والأسقفة المثلثة الفاتنة ، وهناك الحي الصناعي أو المجمع الحرفي بنمطه الراقي ، أما الطريق الرئيسي الرابط الدارالبيضاء بأزمور فيخترق البيرالجديد في ابهى حلة ، حينها كانت سانت هوبير البيرالجديد في الحاضر محطة إعجاب ونقطة توقف رائعة بالنسبة للأوربيين والمغاربة من الشمال إلى الجنوب كنموذج لا يظاهيه فيلاج او مدينة صغيرة بالمغرب كله.
أما بعد الإستقلال فسايرت القرية على رونقها وجمالها واناقتها تستقطب انتباه وإعجاب المغاربة المارين بطريقها وكانت حركة الرواج التجاري بها جد متقدمة بفضل مقاهيها الجذابة وحوانيتها المطبوعة بالشكل والأسلوب الفرنسي الجميل ، ساعتها كانت قرية حد السواام عبارة عن بعض براريك خشبية خالية ونائية من أي عمران أو رواج اجتماعي واقتصادي ، كما كانت قرية برشيد عبارة عن شبه دوار تميزه الأوحال وبنايات القصدير ، كما كانت بجانبه مدينة سطات عبارة عن سوق معروف لدى دكالة والشاوية ببيع البغال والجياد يومي السبت والأحد من كل أسبوع ،
وحين تجبر ادريس البصري بزمام وزارة الداخلية بدأت البيرالجديد تتراجع على الوراء ، حيث شرع البصري في تهيئة مدينة سطات بمختلف المشاريع والمنجزات الكبرى المحولة إليها من جميع مصالح الدولة الاستثمارية ، بعدها تفرغ البصري لقرية برشيد وحد السوالم فجند لها طاقات وإمكانات وإمدادات مهولة ، حيث قام بتوجيه استثمارات عظمى إليهما بعدما منحها الترخيص بتشييد حيين صناعيين كبيرين ، وقام بتسهيل المساطر الإدارية والثقنية بالنسبة لرجال المال والأعمال متشجيعهم وتحفيزهم على ولوج حد السوالم وبرشيد للنهوض بهما بقوة وبسرعة ، ومن تم زادت البيرالجديد في تراجعها إلى الخلف ، حيث بقيت قابعة في مكانها محاصرة في مكانها بإرادة ادريس البصري الذي كسر عضامها كي تسير حد السوالم إلى الامام بسرعة كبيرة . بعد زوال البصري من الوجود وجدت البيرالجديد نفسها قد فقدت رواجها التجاري الكبير الذي سلبته منها حد السوالم وضاعت عنها فرص التنمية والتقدم نظرا للحصار الذي ضربه عليها البصري بشدة كي لا تجاري حد السوالم في مسيرتها الموفقة وتنميتها الهائلة .
اما منظرها العام في الحاضر فيميزه سطوة الإسمنت المسلح وهيمنه على الوضعية الراهنة ، فحيثما اتجهت بنظرك ووجهك تصادفك تجزئة عقارية أو عمرانية تسير أشغالها بشكل متسارع جدا ، بدون اي اضافة نوعية للمرافق الاجتماعية أو ايدارية او الترفيهية ، سوى طوابق السكن من دور وأبرتمات ودكاكين ومقاهي منتشرة كالفطر ، رغم ان المدينة في أمس الحاجة إلى حي صناعي يمتص بطالتها المتفشية بقوة ، بحاجة إلى تنقيل السوق الأسبوعي على مكان آخر لا يشوش على جمالية المدينة ، في حاجة إلى سوق لبيع الخضر بالجملة ، في حاجة الى محطة طرقية لانقل تزيل المنظر الكئيب لامحطات الفرعية المنتشرة هنا وهناك تسيء للمنظر العام للمدينة ، في حاجة لتخصيص مكان يستوعب مقر الإدارات كحي اداري حديث تتوفر فيه المواصفات المطلوبة .
بلا ريب وفي إطار الوضع الراهن المملوء باتساع المدار الحضري للمدينة وانفتاحه على عدة دواوير هامشية وعشوائية سيزيد البلدية إكراهات وصعوبات جمة في تحسين المنظر العام للمدينة نظرا لميزانيتها الهزيلة ومحدودية مواردها الذاتية القارة ، مما يتطلب من المجلس البلدي البحث والتنقيب عن موارد مالية إضافية تساعده على حل المشاكل العويصة والآنية التي تعاني منها المدينة خصوصا فيما يتعلق بتهيئة الدواوير الصفيحية التي خضعت مؤخرا لنفوذها ، هذه الموارد الإضافية ستغذي ميزانية البلدية باعتمادات زائدة تمكن المجلس من برمجة ما ينقص المدينة من احتياجات ملحة وضرورية للنهوض بتنميتها نحو الأحسن ونحو الأفضل ، اما الإكتفاء بالتوسع العمراني وحده والاعتماد على قوة الإسمنت المسلح الدائع في اليوم في أركان المدينة الأربعة الذي لا يوازيه ولا يواكبه مشاريع ومنجزات مذرة للدخل تعود على ميزانية البلدية بأموال واعتمادات مهمة تسخرها في حل مشاكلها العالقة ، فهو منهج غير إيجابي وغير مفيد ، في ضل ميزانية هزيلة وهشة لا تستجيب لمتطلبات ورغبات ساكنة البيرالجديد.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=14688