بإلقاء نظرة سريعة على مقابر اقليم الجديدة يلاحظ أن ثمة مشكلات عديدة أخرى تعاني منها تلك المقابر و المتمثلة في مشكلات النظافة و الصيانة، حيث تتعرض للإهمال وتهدم بعض جدرانها أو تصدعها بسبب عوامل مختلفة، كما تتعرض لـ(انتهاك حرمتها) بفعل تدخل عدد من المنحرفين و المشردين الذين يفضلون المقابر كفضاء لممارسة نزواتهم ومغامراتهم الشيطانية، و يؤكد كل من يزور مقابر اقلينم الجديدة أن الاعتداءات على القبور لا تقف عند حد معين، بل تتنوع و تتشعب، حيث يلجأ بعض الأشخاص للأسف إلى رمي النفايات و الأنقاض على جوانب المقبرة… شاحنات و عربات مجرورة محملة، تفرغ محتوياتها من مخلفات أعمال البناء و الزراعة…. فوق قبور كانت حتى الأمس القريب بعيدة عن كل خدش!، ما يؤدي إلى تحللها بفعل تدخل حرارة الشمس و انبعاث روائح كريهة تزكم الأنوف وتتسبب في مضايقة المواطنين الزائرين للمقبرة.
مجموعة من السكان المجاورين للمقابر عبروا عن امتعاضهم مما آل إليه الوضع من ترد، حيث أصبح المشهد يتكرر يومياً و في واضح النهار! مشيرين إلى أنهم سبق أن رفعوا شكايات بشأن هذه التجاوزات إلى الجهات المعنية، هذه الأخيرة، و حسب شهود عيان، تكتفي فقط بتجريف الأنقاض و النفايات و تكديسها داخل المقبرة و جانبها!
و كان من التقيناهم قد أكدوا أن الأمر بات يشكل عبثاً حقيقياً مبدين تخوفهم من أن الزحف الاسمنتي بدا يطول العديد من المقابر التي تتوسط التجمعات السكنية، من دون أن تكلف الجهات المعنية نفسها عناء إقامة سور لحماية المقبرة بعدما أصبحت معظمها مكباً للنفايات و مختلف أنواع الأنقاض، كما باتت مخبأ للصوص و الخارجين على القانون الذين يمارسون سلوكيات مختلفة تتم تحت جنح الظلام ما يشكل خطراً على المناطق المجاورة لها التي ينتظر سكانها تحرك الجهات المعنية لوضع حد لاستمرار الشاحنات المحملة ببقايا مواد البناء أيضاً في افراغ حمولاتها يومياً جانب المقابر من دون مراعاة لحرمة القبور.
و تبرز ظاهرة انتهاك حرمة المقابر، مدى التقصير الفظيع الموجود في إدراك المجتمع لفضاء المقبرة و مقام القبور التي من المفروض أن تحظى بالاحترام والتقدير، لأنها منزلة من منازل العالم الغيبي الذي يكتنفه عادة إيمان قوي و نوع من التبجيل، إضافة إلى أن الإسلام أوصى بتكريم الإنسان في حياته و مماته.
و هذه السلوكيات تعبير عن نقص في التربية على احترام الميت في مرقده، و أكثر من هذا تهاون على المستوى التربوي في معرفة أهمية الموت، فالذي يقوم بأفعاله السيئة تلك من نبش أو سوء أدب أو شرب للمسكرات قرب قبر مالا يدرك أن صاحب ذلك المسكن قد يكون عالماً من علماء الأمة أو فقيها حاملاً لكتاب الله، أو صالحاً ورجلاً ورعا عابداً، لكن من لا يزجره فضاء الموت الذي تدلل عليه المقبرة لن يزجره زاجر آخر.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=5848