ازمورانفو24:احمد لمشكح.
سلسلة مقالات
من بينهم ابا حماد الكلاوي والعيادي وعيسى بن عمر وآخرون
باشوات وقواد حكموا بدون عرش
تقديم عام
لم يكن بناء الدولة المغربية وتحديدا على عهد العلويين سهلا. فقد اشتعلت الفتن، ولم يكن لبعض السلاطين الذين تولوا الحكم ما يكفي من الدراية لتدبير الشأن العام. إضافة إلى أطماع الأجانب الذين بدأوا في اكتشاف عالم ما خلف البحار. وقتها كان لا بد أن تتشكل فئة من مساعدي السلاطين عرفت كيف تأخذ بزمام الأمور، وتتحول أحيانا إلى حكام هم بمثابة نواب للسلطان أو أكثر. إنهم الباشوات والقواد الذين عاث بعضهم فسادا، وامتلك البعض كل السلط بيده. حدث هذا قبل دخول المستعمر الفرنسي إلى المغرب، وخلال تواجده أيضا.
يذكر المغاربة أن من بين أشهر هؤلاء يوجد ابا حماد، الصدر الأعظم الذي حكم بدلا عن المولى عبد العزيز، ومحمد المقري والباشا الكلاوي والقائد العيادي والقائد عيسى به عمر الذي وثقت غزواته العيطة العبدية، وآخرون.
في هذه الفسحة نعيد تركيب بروفيلات عن هؤلاء الذين حكموا بدون عرش.
///////////////////////////////////////////////////////////
لم يقف طمع وجشع التهامي في هذه الحدود أو في مجال التجارة والعقار والأراضي الفلاحية أو غيرها كما جاء في إحصائيات موثوقة من سجلات الحجز على الممتلكات سنة 1958 والتي تؤكد على أن “مجموع الملكيات القروية التي كانت مسجلة في منطقة الحوز وحده يغطي مساحة تبلغ 11400 هكتار مَسقية و16000 هكتار ملكا لأسرته. وكانت تملك 25000 هكتار مجموعا للأراضي التي لا تتوفر على رسوم. أما في قصره، فكانت أزيد من مائة خادمة وجارية تحت إمرته. بل وصل الأمر إلى درجة توسطه في مجال الدعارة والبغاء، كما جاء على لسان المؤلف الفرنسي “كي دو لانوي” في كتابه “ليوطي، جوان، محمد الخامس، نهاية الحماية” الذي كتب يقول “إن التهامي الكلاوي كان أكبر “بارونات” الوساطة في الدعارة حيث كان يكلف أتباعه بمراقبة عدد كبير من دور الدعارة التي كانت تضم أزيد من ستة آلاف عاهرة، اللواتي كن ملزمات على دفع ما يناهز مائة فرنك فرنسي كل يوم، مقابل الترخيص لهن بمزاولة تلك المهنة، حيث امتدت شبكة تلك الدور، أو ما كان يطلق عليه “البورديلات”، إلى شمال المغرب وإسبانيا وذلك ما لقوه من تشجيع من الباشا مقابل المال.
في كتابه ” الفترات الطبرى للقايدية” كتب عالم الاجتماع “بول باسكون” إنه من المستحيل دراسة التاريخ الاجتماعي والبنيات الزراعية في حوز مراكش، دون التساؤل عن صعود رؤساء كلاوة وأكثرهم شهرة ونفوذا التهامي الكلاوي. ولكي نعطي فكرة سريعة عن الأهمية السياسية والاجتماعية للتهامي الكلاوي، يضيف باسكون، يستعرض عالم الاجتماع لمجموع الملكيات القروية المسجلة في الحوز وحده باسمه، والتي تغطي مساحة تبلغ 11.400 هكتار مسقية، حيث كانت أسرة الكلاوي تملك أكثر من 16.000 هكتار في الحوز، كما كانت تمتلك 25.000 هكتار في المجموع من الأراضي التي لا تتوفر على رسوم. ولا تدخل في ذلك الأراضي التي ليس لها رسوم، ولا شجر الزيتون والتي كانت تقدر ب660.000 شجرة، دون احتساب الأراضي، ولا المياه أو الملكيات الموجودة في أقاليم أخرى. ويعتبر هذا أكبر تركز عقاري عرفه المغرب، حيث فاق بشكل كبير ملكيات السلطان، في فترة الحماية. لقد حكم الباشا الكلاوي مباشرة أو بواسطة أبنائه طيلة 44 سنة، عددا من السكان فاق المليون نسمة إلى سنة 1955. وترك التهامي الكلاوي في قصره، عندما مات عام 1956، حوالي 100 امرأة بين خادمة وجارية، وأرملة. وكان الباشا قد تزوج شرعا خمس سيدات، خلف منهن 9 أبناء أحياء لحظة وفاته، لا تضع بينهم شريعة الإرث فرقا سواء كانت أمهم جارية أم زوجة شرعية. هذا على الرغم من أن الذاكرة الشعبية قد رفعت شخص الكلاوي إلى مصاف الشخصيات الأسطورية. ولذلك كانت شخصية التهامي الكلاوي الأسطورية، مرادفة لتعبيرات العنف القاهر واغتصاب الثروة، دون إغفال صورة الحامي الذي يحترم تعهداته ووعوده بالتدخل الدائم للدفاع عن قومه وحلفائه بحماس وقوة، نظرا لاطلاعه الواسع على الأعراف والعادات، ومعرفته الشخصية بالأفراد. كما كانت للرجل أيضا سلوكاته الغريبة التي استهدف من ورائها إبراز تفرده في الثروة والحكم.
كان التهامي الكلاوي، الطفل السادس داخل أسرة تضم سبعة أطفال، ينحدرون كلهم من أم واحدة، ذات بشرة سوداء. وقد ولد التهامي الكلاوي، في وقت أخذ فيه نجم المزواريين يصعد في سماء القبيلة بعد سنوات من السخرة والإذلال والقهر. وكان جده، أحمد المزواري، يتولى منصب شيخ على قبيلة تلوات، وكان يعتمد في تدبير معاشه اليومي وقوت أهله على ما كان يصله من “فتوحات” من قبائل اعتقدت صلاحه وقدره. لكن بعد اكتشاف معدن الملح بأزرود، بدأ عصر الرقي الاقتصادي والتجاري لعائلة المزواري الذي ورثه لابنه محمد أبيبيط، والد التهامي الكلاوي، الذي عمل على التقرب من السلطان مولاي عبد الرحمان. تلقى التهامي تعليما دينيا بكتاب تابع لقبيلة تلوات، وتكوينا أوليا عن أساليب الحرب. وبعد سبع سنوات على ولادته، توفي والده محمد أبيبيط المزواري في 1886، ليصبح تحت كفالة شقيقه الأكبر، المدني. وكانت حياته مثل الرحل، إذ كان منذ ولادته، يرافق والده وشقيقه الأكبر المدني، في الحركات المخزنية، في سياق العلاقة القوية بين المدني الكلاوي والسلاطين العلويين، خاصة مع السلطان مولاي عبد العزيز.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=44864