أزمور أنفو24 المتابعة:
لا شك أن القارئ للموضوع ستحذوه الرغبة في تحقيق حلم “المدينة النظيفة”، حلم تحقق في مدن غير بعيدة عنه، فلماذا إذا ليس بمدينته ؟ وهنا لا بد أن تكون لدينا الجرأة لكي نقولها بصوت عال: نحن المسؤولون وأكبر عيب عيبنا، وصدق من قال:
نعيب زماننا والعيب فينا {} وما لزماننا عيب سوانا
ما أجمل أيامنا بشوارع وأزقة نظيفة، ما أجملها بدون زيوت السيارات وقنينات المحروقات المهربة سالت على الأرصفة فتركت بقعا سوداء، ما أجملها لو لم تحرق الأزبال نهارا جهارا وبأوامر من القائمين عليها، ما أجملها لو نظف كل منا واجهة سكناه فيجمعها في كيس أو إناء دون إيذاء الجيران وما أجملها بأشجار ظليلة خضراء تلطف الجو وتجدد الهواء. ليس من الصعب تحقيق هذا الحلم، الصعب أن نؤمن بأننا قادرين على تحقيقه، فالإيمان بالشيء أساس نجاحه.
السلطة المحلية: ما دامت السلطة المحلية بقيادتها، باشويتها وشرطتها تسهر على سلامة وأمن المدينة، فإنها يمكن أن تلعب دور المحرك في نسج خيوط مشروع “المدينة النظيفة”. فما هي الخطة؟
هناك في المدينة لجنة تسمى “لجنة السير والجولان”، ومع أنني أعرف مسبقا أنها من تتكفل بتحديد مختلف قوانين السير المنضم للمدينة، كما تقوم بالترخيص أو سحب الرخص من المحلات التجارية التي تخرق القانون داخل المدينة، أفترض أنها هي كذلك من تقع على عاتقها مسؤولية ضبط السير السليم لتدبير النفايات عندما تستنفذ المراحل السابقة من تحسيس وتنبيه إلى زجر وتوبيخ. فهي المراقبة لعمل فريق النظافة وبالتالي يمكنها أن تغرم المجلس البلدي كذلك بسبب عدم وفائه بالتزاماته بعد أن يستمر في إغراق المدينة في النفايات وعدم الاكتراث لسلامة المواطنين، كما يمكنها أن تغرم الأشخاص بعدم احترامهم لمواقيت إخراج النفايات أو بسبب حرقها، بسبب رمي المواد السامة أو المواد السائلة في غير موضعها.
وما دامت القضية يمكن أن تدخل الغرامات فلا بد أننا نتكلم هنا عن قوانين كائنة أو يجب أن توجد من أجل تطبيق القوانين، فيترى هل هناك قوانين أو مساطر تنظم البيئة في بلدنا؟
• القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء + (مرسوم رقم 875-97-2، مرسوم رقم 787-97-2، مرسوم رقم 1533-05-2، مرسوم رقم 657-97-2 ومرسوم رقم 553-04-2)
• قانون رقم 13.03 المتعلق بمحاربة تلوث الهواء + (مرسوم رقم 286-09-2 ومرسوم رقم 2.09.631) وثلاث مشاريع أخرى لمراسيم في الإعداد
• قـانون رقم 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها + 7 مراسيم أخرى
كل هذه القوانين والمراسيم موجودة، إذا يبقى العنصر البشري هو المفقود في هته المعادلة، لكي يسهر على تطبيق القانون على كل من تسول له نفسه العبث ببيئة، ماء ومناخ الساكنة إن لم أقل البشرية بأسرها. العجيب في هاته المعادلة هو كون القانون 00-28 يحمل المسؤولية للجماعة القروية أو الحضرية كأحد الساهرين على تطوير برنامج محلي للحماية على البيئة وبالتالي السهر على تطبيق القانون وتغريم خارقيه، فكيف إن كانت الجماعة هي أكبر ملوث للبيئة؟
هنا يمكن دور “الشرطة الخضراء” كما عمدت لذلك جل الدول شمال البحر الأبيض المتوسط.
المجتمع المدني: لا أقصد الإهانة، ولكن ما عشته في حيي وفي مدينتي، في طريقي وفي الشواطئ يجعلني أرى مجتمعا متدنيا بدل أن يكون مدنيا. وأنت في الطريق تصدمك علبة سيجارة أو مشروب وأحيانا قشور التين ترمى في وجهك عن غير قصد من سائقي سيارات أو راكبيها، تمر في الشوارع أيام العيد فترى جلود الأضاحي ملقاة في الطريق والذباب من حوله ولو بحثت في المتهم تجده ذا علم ودراية، وربما أعطى دروسا في التربية والأخلاق لكن عندما وضع أمام الأمر الواقع رسب في الامتحان. هذا هو المألوف ويا للأسف.
يمكن للمجتمع المدني بدل كل هذا أن ينخرط في “المدينة النظيفة” انطلاقا من فرق أحياء، جمعيات ، تكون البداية بمثابة محاضرات إعدادية تتبعها حملات تحسيسية في النظافة بموازاة مع توزيع منشورات إخبارية وتوعويةعلى عامة الساكنة في المنازل كما في الدكاكين والمقاهي، تعلق اللافتات على الشوارع الرئيسية وبعض الملصقات على أبواب الإدارات أو المجلات الحائطية المخصصة لذلك.
المنشور الذي سيتضمن توصيات حول طريقة التعامل والتخلص من النفايات الصلبة، أوقات إخراجها من المنزل، مراعاة نظافة المكان الذي تجمع به وكذلك تحفيز الناس على كنس و تنظيف رصيف المنزل أو المحل التجاري، هذا المنشور تحدد فيه مهلة شهرين قبل دخول العقوبات الزجرية حيز التنفيذ خاصة إذا تعلق الأمر بمهن ومحلات جعلت من الشوارع والأزقة ورشا أو مطرحا لكل أنواع النفايات. تبليغ مضامين المنشور من مسؤولية الجمعيات، الأساتذة بالمدارس والفقهاء بالمساجد، النوادي الرياضية بل يجب أن يصبح لوقت ما موضوع الساعة للساكنة كما يكون الكبش موضوعها خلال الأسابيع القليلة قبل العيد.
وأحسن الحملات حملات دورية تنظم بالأحياء من طرف مجموعة من المتطوعين كلما دعت الضرورة لذلك، لتعطى بذلك للآخرين المثال الذي يحتذى به، ويحس كل واحد بمسؤوليته في تحقيق حلم “المدينة النظيفة”. ولضمان نجاحها على كبار الشأن في المدينة أن يبادروا بها أولا في القول والعمل، لا فرق بين الإمام في المسجد ولا المدير في المدرسة، الناخبون والمنتخبون، رؤساء جمعيات أو مسيري مشاريع الكل يبادر إلى الفعل لعله يكون ممن “سن سنة حسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها“.
حينها سنكون قد خرجنا من المألوف !
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=13910