أزمور انفو24:بقلم الدكتور بوشعيب جوال
باحث في الشريعة والقانون وقضايا المجتمع.
إن السياسة الشرعية في تدبير الماء وعقلنته تعكس
مدى اهتمام الشريعة الإسلامية بتحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الموارد الطبيعية
باعتبارها مصدرا أسياسيا وضروريا للحياة، والماء بطبيعة الحال هو الثروة الحقيقية
التي حث عليها الشرع الحكيم في كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية منها
قوله تعالى ” وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ”} الأنبياء: 30]،
وقال أيضًا: وَاللَّهُ
خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ” (سورة
النور: 45 ) وقوله ” وَهُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ
فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ
النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ
وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ (الأنعام: 99)
أما من
السنة النبوية فقد ورد فيها ما يلي:
– عن
عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
مرَّ بسَعدٍ وَهوَ يتوضَّأُ، فقالَ: ما هذا السَّرَفُ؟ فقالَ: أفي الوضوءِ إسرافٌ؟
قالَ: نعَم، وإن كنتَ علَى نهَرٍ جارٍ).
– عن
أنس بن مالك -رضي الله عنه-قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
يَغْسِلُ، أوْ كانَ يَغْتَسِلُ، بالصَّاعِ إلى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، ويَتَوَضَّأُ
بالمُدِّ)، وهذا يدلّ دلالة قوية على أهمية الاعتدال وأخذ ما يحتاجه المسلم من
الماء دون إسراف
يتناول هذا الموضوع أهمية السياسة الشرعية في إدارة
المياه من جهة وعرض، بعض المبادئ والأسس التي يمكن أن تُعتمد في هذا السياق.
أولا: مفهوم السياسة الشرعية:
تُعرّف السياسة الشرعية بأنها مجموعة من الإجراءات
والتدابير التي تتخذها السلطة لتطبيق الشريعة الإسلامية في مختلف مجالات الحياة،
بما في ذلك إدارة الموارد الطبيعية مثل المياه.
تهدف هذه
السياسة إلى تحقيق العدل والمساواة، وضمان حقوق الأفراد والمجتمع في استخدام الماء
والمحافظة عليه باعتباره ركيزة أساسية من ركائز الحياة.
ثانيا: المبادئ الشرعية في إدارة الماء
من المبادئ الأساسية في إدارة الماء
Ø حق
كل فرد في المجتمع الوصول إلى المياه النقية، وقد أكد النبي محمد صلى الله عليه
وسلم ذلك بقوله: “الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار”. وهذا
يعني أن الماء يجب أن يكون متاحًا للجميع دون تمييز.
Ø حث
الإسلام على عدم الإسراف في استخدام المياه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جار”، هذا يوضح أهمية الترشيد في
استخدام المياه والحفاظ عليها.
Ø يجب
أن تكون هناك شفافية في إدارة الموارد المائية، حيث يتعين على السلطات المختصة
تنسيق الجهود بين مختلف القطاعات لضمان الاستخدام المستدام للمياه.
ثالثا: التدابير الشرعية لعقلنة الماء
من التدابير الشرعية التي يجب التركيز عليها لعقلنة
الماء وترشديه مايلي :
Ø وضع
قوانين وتشريعات تنظم استخدام المياه، وذلك بناءً على المبادئ الشرعية، يمكن أن
تشمل هذه التشريعات حظر الإهدار وتحديد حصص الاستخدام لكل فرد، أو منطقة.
Ø ان
السياسة الشرعية تشجع على استخدام التقنيات الحديثة في إدارة المياه، مثل أنظمة
الري الذكي التي تضمن استخدام المياه بشكل فعّال.
Ø من
الضروري القيام بحملات توعية لتعزيز الوعي بأهمية المياه وطرق الحفاظ عليها بحيث
يجب أن تتضمن البرامج التعليمية في المدارس والمجتمعات المحلية دروساً حول أهمية
الماء وترشيده.
Ø على
الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص العمل معًا لتطوير استراتيجيات
فعّالة لإدارة المياه.
وخلاصة القول فإن السياسة الشرعية في تدبير وعقلنة
الماء تعد أحد أهم الركائز لضمان استدامة هذا المورد الحيوي من خلال اتباع المبادئ
الشرعية الموجهة نحو الحفاظ على الماء، وتطبيق التدابير المناسبة، التي يمكن أن
تحقق التوازن بين الاستخدام الفعال للمياه وحقوق الأفراد والمجتمع بشكل عام.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=52942