أزمور أنفو24 المتابعة: عبدالواحد سعادي
لعل خروج مغربنا الأغر من مخاض تهديدات إرهابية لشهر غشت 2014 بسلام أمر يستدعي أكثر من وقفة تأمل؟ ومؤشر حقيقي وواقعي على الأرض يبرز أن أمننا الوطني حصين وموصون ومن العيار الرفيع على مستوى العالم أجمعه.
وما دامت الشرطة بمدينة أزمور جزء من جسد المنظومة الأمنية الوطنية بالمملكة الآمنة ،فقد خرجت بدورها متفوقة بامتياز أمام تحديات ومجريات هذا الصيف الساخن الذي أثث الظروف الملائمة والطبيعية لتوافد وتجوال قرابة المليون زائر للمدينة على جميع الأصعدة وكافة المستويات ،ولو صدقت انتقادات المنتقدين للوضع الأمني بأزمور ،ما كان قط كي يتحقق هذا النجاح في استثبات الأمن بالمدينة ولا بات مواطن آمنا في بيته ولا فتح دكان أو متجر بابه من طلوع الفجر إلى وقت السحور ،وما كان لفتاة أو امرأة أن تتجول بالشارع العام بعد منتصف الليل بسلام واطمئنان، والواقع أننا نجد الجمهور يميل بسهولة إلى تذكر المظهر المرعب الذي تظهر به الشرطة عندما تكون بصدد محاربة بعض الأفراد المضربين بالنظام العام،أكثر من تذكرة للأعمال الاسعافية والإنسانية التي تؤديها الشرطة والتي تعود فائدتها على هذا الجمهور ذاته،فلنتذكر ما قاله ألبير كامي على لسان إحدى شخصيات مسرحية ـ العادلون ـ لقد اخترت أن أكون شرطيا لأعيش في صميم الأحداث ـ يعني يجب على الشرطي أن يضع نفسه في قلب المعمعة لكي يلاحظ ويفهم ما يدبر وما يسوى من مشاكل، ويتمكن بالتالي من التدخل عند الاقتضاء ،فتعايشه هذا مع الناس ومشاهدته المتعمقة لمشاكلهم يوضع لنا فعالية المساعدة بمعناها الاجتماعي ،والتي يسديها هذا الموظف المجاهد عادة للأشخاص الذين يقعون في نطاق مهامه.
ومما لا شك فيه أن الكاتب الفرنسي اللامع ـ لابروبير ـ كان يعي هذا الجانب من مهام الشرطة عندما كتب يقول : إن مزاولة مهام الشرطة تتطلب من الإنسان أن تكون له حاسة حادة للملاحظة الاجتماعية وإلمام عميق بالظروف الإنسانية…عليه أن يكون قادرا على انتشال بعض الناس من أوهامهم وتقويم رؤيتهم للأمور ـ بينما لا نجد في الوقت الراهن وسيلة أحسن من إتباع سياسة العلاقات العامة لجعل الجمهور على اطلاع بالمشاكل التي يواجهها أي مرفق عمومي وإدراك الصعوبات التي تعترضه عند ممارسته اليومية لمهامه والأعباء الجسيمة والثقيلة التي يتحملها ،وللوصول الى هذه الغاية التي يسعى إليها كل شرطي عصري ،على هذا الأخير أن لا يتردد في تجريد بعض أنشطته المبذولة لصالح الجماعة من كل غموض أو خفاء ،وعليه أن يدرك أن واجب المحافظة على السر المهني،لا يقصد منه التكتم والغموض عندما يتعلق الأمر ببيان الأهداف النبيلة التي تسعى إليها الشرطة والطرق التي تتبعها من أجل تحقيقها ،فليس هناك ما ينبغي إخفاؤه عندما يتعلق الأمر بجمع المعلومات أو المحافظة على النظام أو الزجر الجنائي ،بل على الشرطة أن تؤدي هذه المهام معلنة أهدافها الوطنية النبيلة بكل وضوح ،وبحكم المركز الذي يتبوأه عمداء الشرطة في التسلسل الإداري حتى تختفي عند الجمهور نهائيا تلك الفكرة القديمة التي كان يروجها أعداء ـ نيكولا غابرييل دولاريني ـأول مسؤول للشرطة في باريس في القرن السابع عشر والتي تقول: ـ إن أحسن شرطة هي أن لا تكون هناك شرطة ـ التي يرادفها القول الدارج السادج عندنا اليوم بأزمور ـ فين هو الأمن ،مكاين أمن ـ كما يصدره المنتقدون للشرطة، وقد أجبنا على هذا الطرح في أعى مقالتنا عند المقدمة ،ووعيا من عمداء الشرطة بأنهم ينتمون لمرفق عمومي كبير ، واقتناعا منهم بأهمية ونبل مهمتهم فان الفكرة الوحيدة التي تحدوهم ،والمبدأ الوحيد الذي يتبعونه هو دائما الوطن أولا وإرادة تقديم خدماتهم لمواطنيهم علما منهم بأن حماية وضمان حرية الجميع لا يضر أبدا بالحرية الحقيقية لكل فرد.
وكما يعلم الجميع ،فإن الظاهرة الإجرامية تتأثر بالحالة السوسيو اقتصادية ،ونظرا لكون أزمور تعتبر قبلة للنازحين من مختلف الضواحي والنواحي ،فقد تجمع هؤلاء بأحياء خاصة سواء ذات السومة الكرائية المواتية لمدخولهم ،أو بالدواوير الصفيحية ،دواوير البناء السري القروي المدمجة أو الملحقة بالمدار الحضري للمدينة بموجب تقسيم 2009 ،التي تبعت لنفوذ أزمور بكل تبعاتها وآفاتها ومشاكلها ،حيث باتت تشكل نقطا سوداء بالنسبة للشرطة، ومظاهر تتمحور أساسا حول الشعودة والدعارة والسرقات والضرب والجرح وترويج الخمور والمخدرات ،التي تعرف تصاعدا خلال المهرجانات والملتقيات التي تعرفها المدينة.
ونظرا لعدم توفر أزمور على مرافق ثقافية ورياضية وترفيهية ،فقد اتخذت الشرطة بالمدينة على قلة مواردها البشرية والمادية منهجية للعمل تعتمد على القيام بحملات هادفة مركزة حول النقط السوداء ،حيث انخفض مؤشر الجريمة بشكل واضح ،كما جففت ينابيع المتاجرة في الممنوعات ،وسيطرت نهائيا على ظاهرة التشرميل ،مما خلف جوا من الارتياح لدى الساكنة،أما بخصوص حالات التشرد والتسول ،وقضايا شبيهة ،فتظل في تزايد مستمر بسبب غياب مؤسسات اجتماعية قادرة على احتواء هذه الشريحة ،كما أن انعدام المراقبة الأسرية الصارمة يؤثر سلبا لا محالة على الناشئة ،وفي إطار مقاربة الشرطة بأزمور لاحتواء ظاهرة جنوح الأحداث ،تقتضي تضافر الجهود بين مختلف الفعاليات المهتمة بشؤون القاصرين لاستقطابهم وإعادة تكوينهم وإدماجهم بشكل صحيح ضمن حقول المجتمع الفاعلة.
وحول انعدام الإشارات الضوئية بالمدينة يتضح ما يميز أزمور عن البئر الجديد مثلا وباقي المدن المغربية في مجال السلامة الطرقية هو انعدام الإشارات الضوئية للمرور ،وهو معطى سلبي،وعلى الرغم من قلة العناصر فيجب توظيف شرطي المرور بشكل جيد،إذ يقوم كل عنصر خلال حصة عمله بتغطية موقعين لمواجهة حركة السير والجولان في مدارات معينة أو لتغطية دخول وخروج التلاميذ من أو إلى المؤسسات التعليمية المتواجدة بالشارع العام خاصة مع غياب الممرات الخاصة بالراجلين ،وعن غياب علامات التشوير الأرضي والأفقي والعمودي فقد تم إغفال جانب السلامة الطرقية من طرف الجماعة الحضرية،مما يؤثر سلبا على مستعملي الطريق سواء كانوا راجلين أو راكبين ،وذلك ما يرمي بثقله على شرطة المرور التي تبدل مجهودات إضافية رغم قلة عناصرها ،لتعويض هذا النقص في التشوير من خلال حسن تدبير مواردها البشرية رغم قساوة البنية التحتية،ورغم ضغط حركة السير خلال فصل الصيف فإنه تم الحد من عدة حوادث بالاعتماد على وسائل المراقبة التقنية.
وما دمنا نحيا أجواء الإحصاء العام للسكان فساكنة أزمور تتعدى اليوم الأربعين ألف نسمة وتعرف تناميا متزايدا في مجال المعمار ،ونمو ديمغرافي بهذا الشكل زد عليه الضعف الوافد على المدينة كل مساء من السكان المجاورين،وتوسع مدار حضري بهذا الأسلوب المتسارع لم يواكبه الزيادة في إحداث دوائر أمنية أخرى بالمدينة العتيقة وبسواني الموس أو القامرة وطريق المصلى مثلا،كما لا يواكبه الزيادة في العنصر البشري وآليات ووسائل العمل الضرورية اللازمة لتغطية هذه المساحة الشاسعة من سيارات الدوريات الأمنية والدراجات النارية ،علاوة على نقط غابة الحوزية وغابة سيدي وعدود وضفة النهر كنقط غاية في الأهمية تحتاج لعناصر الخيالة الأمنية حيث تعتبر هذه المناطق الوعرة وكرا للمنحرفين والمضربين بالنظام العام،أضف إلى ذلك فقدان الأسرة الأمنية بالمدينة للأطر المختصة في استعمال الكلاب البوليسية وجميع هذه الوسائل العملية البشرية والمادية واللوجستيكية تحتاجها أزمور في مواجهتها للتحديات الأمنية المطروحة ببيئتها وهي إكراهات شديدة في وجه الشرطة المزاولة لمهامها الوطنية النبيلة بالمدينة رغم سيطرتها على الوضع ونجاحاتها في مهمتها،إلا أن جميع شرائحها وعناصرها يبقون بشرا كسائر الإنسان المواطن المغربي يقومون بواجبهم على التمام والكمال،لكن من حقهم أن ينالوا حقهم في قسط من الراحة وتفقد أبنائهم وأسرهم ،ولعل جميع المواطنين بأزمور يطالبون الشرطة خصوصا بحقوقهم ،بحقوق الإنسان ،ولا أحد يفكر في حقوق هذا الشرطي الإنسان الذي يعمل ليل نهار ومعرض للخطر في أي لحظة ويضحي ويتفانى في عمله أيما تفان ولا يسمع في أذنه كلمة شكر أو ثناء من مواطن واحد ،فمن يحمي حقوق هذا الإنسان الشرطي يا ترى؟ هل كتب عليه ألا ينال إجازته الإدارية كباقي موظفي الدولة إلا حينما يشرف على إحالته على سن التقاعد أو أمراض مباعثة؟ رغم أن جلالة الملك حفظه الله يثني عليه ويلتفت إليه في كل مناسبة وحين ويشمل بعنايته ورعايته رجال الشرطة ورجال الدرك ورجال القوات المساعدة إلى جانب قواتنا المسلحة الملكية ورجال الوقاية المدنية إلا أن بعض المواطنين المغاربة سامحهم الله لا يأخذون القدوة والعبرة من جلالته تجاه هذه الفئة الساهرة على أمننا وسلامتنا وحماية أرواحنا وممتلكاتنا وحرمتنا ،لذا وجب تدعيم الشرطة بأزمور بالحاجيات الضرورية لمزاولة عملها في أحسن الظروف.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=10129