ازمور انفو24:
بينما تحول ” بيرو عرب “، تلك المصلحة الكولونيالية التي كانت تعنى بشؤون السكان الأصليين، إلى متحف تاريخي، وتم ترميمه وإعادة بناء بعض أجزائه، ليعلن القطيعة مع حقبة استعمارية مريرة استعبدت المغاربة وأرغمتهم على الخضوع والتبعية، و على خوض معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، لازالت البنايات المحيطة بهذا المركز تتهالك جدرانها، و تبرز للسائح والناظر إلى أسوارها مظاهر الاستعباد التي عانى ولا يزال يعاني منها المغاربة في بعض الإدارات العمومية.
نحن نتحدث هنا عن مصلحة تسجيل السيارات ورخص السائقين التابعة لوزارة التجهيز، والمحيطة بهذا المركز، إذ من دواعي الاستغراب والأسف أن ترى كلا منا واقفا بجانب ذالك “الشرجيم” على ناصية الشارع، منتظرا رخصته أو الورقة الرمادية دون أن يمعن في النظر إلى نفسه أنه ولأول مرة يتعامل مع إدارة في الشارع العام، و قد لا يلاحظ هذا المواطن الهدر الذي تتعرض له كرامته، ربما من جراء تعوده على خطاطات الانتظار و التماطل، إنها لمهزلة بجميع المقاييس ، وكم من مسؤول في وزارة التجهيز مر من هذه المدينة، لكن دون تغيير، الكل يتفرج على المواطنين، وهم يزدحمون أمام “الشرجيم”، و إذا وجدت امرأة في الطابور كان الله في عونها أمام تدافع الإخوة لبلوغ النافذة. إن هذا المشهد يذكرني بمشاهد كثيرة أسوق لكم أمثلة منها لتكتمل لكم الصورة أيها المواطنون الجديديون الذين قبلتم على أنفسكم لسنوات أن ترمي بكم إدارة خارج أسوارها، وتتعامل معكم من نافذة لا يزيد إطارها عن بعض سنتيمترات، وهذه النافدة عادة ما تفتح في الأكواخ ، أو السكن العشوائي، لأنها لا تخضع للمعايير المتفق عليها معماريا.
وأنا أصف لكم هذا المشهد، قد يسترجع كل واحد منكم يسوق مركبة في هذه المدينة ذكريات انحنائه وخنوعه أمام هول ذلك “الشرجيم” السحري الذي يفتح ويغلق بقدرة قادر. كيف نسكت على هذا المنكر و “الشرجيم” موجود أمام المسرح البلدي وسط المدينة، ويلفت انتباه الزوار والسائحين، وكأننا ننغمس في زخم سوق أسبوعي، إذ لن يصدقك أحد إن قلت له أن هناك إدارة في المغرب تتعامل مع زبنائها بواسطة نافذة في الشارع العام، و حتى أمام باب السفارات الأوروبية لن تجد مثل هذا المشهد.
ونتساءل الآن عن هذه الآلية المبتدعة من طرف الوزارة لإذلال و إهانة مواطنيها، هل نحن لازلنا في عام البون، حين كان المواطنون يقفون في طوابير لا نهاية لها لاستلام المؤونة، أم نحن في طوابير لاقتناء الماء من “الطرونبة”، و ما أدراك ما الطرونبة في ماضيها القريب والبعيد. هذا “الشرجيم “ذو القوة السحرية يجذب زورا من جميع أنحاء عاصمة دكالة في طوابير مزدحمة من الصباح حتى المساء، وهكذا تستمر مهانة المواطن الجديدي لمدة عقود، وحتى كتابة هذه السطور، دون أن تنجلي عنا حلكة هذه المأساة،
هي فوضى بجميع المقاييس في تسيير إدارة الشرجيم هذه، إذ في قلب هذه الفوضى يكثر السماسرة والوسطاء، وتصبح ” الذهنة” قوية المفعول لقضاء مآرب الزبون، إذ لا يمكن لك أن تنفلت من دائرة “التدويرة” ، وإلا فإنك سوف تطوف “بالشرجم” لعدة أسابيع قبل أن يتم إطلاق سراحك، لازلت لم أفهم كيف أن إدارة تدر أمولا طائلة على خزينة الدولة تصر على تحقير مواطنيها ودافعي الضرائب بهذه الطريقة.
نحن نطالب كل ذي ضمير حي من المسؤولين بالتدخل الفوري لإنهاء هذه الطوابير و “الجوقة” المضرة بسمعة المدينة، إذ لا يمكن أن تستمر المصلحة في إدارة شؤونها في بناية متهالكة يشتكي من فوضى تسييرها الموظفون و الزبناء، كان من المفروض تهييئ فضاء منذ زمن لفائدة المؤسسة يليق بسمعة المدينة، والقطيعة مع هذا النوع من الأساليب المؤسساتية البالية التي ترمي بالمواطن إلى الشارع،
ستظل هذه المؤسسة وصمة عار في تاريخ هذه المدينة تشهد على زمن نادى خلاله ملك البلاد بتطبيق مشروع تقريب الإدارة من المواطنين، وعلى عكس الإرادة الملكية، قررت إدارة وزارة التجهيز الحفاظ على الشرجيم كأداة للتعامل مع المواطن في هذه الإدارة، وهذا يؤكد لنا جميعا أن هذا النوع من الإدارة لم يعد يهتم حتى بطلاء الواجهة والحفاظ على ماء الوجه، وبالتالي تصبح السياسات الكبرى شعارات فضفاضة للاستهلاك الخارجي فقط،
لازال الكثير منا لم يستوعب بعد كيف لمدينة يتوفر فيها الولي مولاي عبد الله أمغار على أكبر عدد من النوافذ (سبع شراجم)، ومؤسسة وزارة التجهيز في المدينة نفسها تطل علينا من “طاقة”
مواطن من مدينة الجديدة
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=22178