مقدمة
تواجه الصحافة الورقية منذ بضع سنوات أزمة حقيقية أخذت تتفاقم من سنة إلى أخرى في العديد من الدول، خاصة الدول الغربية المتقدمة وبدرجة أقل العربية، نتيجة ظهور شبكة الإنترنت وثورة الاتصال والمعلومات، لِتَتَغَيَّر خريطة المنافسة في عالم الصحافة بين صحف ورقية فيما بينها، إلى صحف ورقية وأخرى إلكترونية. وقد اكتسب هذا النوع الجديد من الصحافة أهمية بالغة منذ ظهوره في أوائل تسعينات القرن العشرين بعد أن لُوحظ تَغَيُّر في سلوك العادات الاستهلاكية للقُرَّاء خاصة مع ظهور جيل الإنترنت الذي لم يعد يتعامل مع الصحف الورقية بنفس شغف تعامله مع الصحف الإلكترونية التي تتميز بسرعة نقلها للمعلومات وإبهارها. فقد أتاحت الصحف الإلكترونية للمستخدم فرصة متابعة الأحداث لحظة حدوثها ونقل المعلومات بالصوت والصورة في الوقت الذي تضطر فيه الصحيفة الورقية للانتظار 24 ساعة لطباعة خبرا؛ فتَفْقِد بذلك السَّبق الصحفي الذي ظلَّ لعدة سنوات أحد مؤشرات نجاح الصحيفة.
ومع انتشار الإنترنت وارتفاع أعداد مستخدميه، سعى العديد من المؤسسات الصحفية في العالمين الغربي والعربي إلى إنشاء مواقع إلكترونية لصحفها ومطبوعاتها الورقية؛ حيث يعود صدور أول نسخة إلكترونية في العالم إلى عام 1993 بعد أن أطلقت صحيفة “سان جوزيه ميركوري” الأميركية نسختها الإلكترونية، تلاها -وبعد عام واحد فقط- تأسيس صحيفتي ديلي تليغراف (Daily Telegraph) والتايمز (Times) البريطانيتين لنُسْخَتِهما الإلكترونية.
عربيًّا، وتزامنًا مع إصدار صحيفة النهار اللبنانية لنسختها الإلكترونية، أصدرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية نسختها الإلكترونية عام 1995، بينما تُعتبر صحيفة إيلاف، الصادرة في لندن عام 2001، أول مِنَصَّة إلكترونية عربية. ومع تطور الإمكانات المتاحة على الإنترنت ظهرت المواقع الإخبارية التي كانت في البداية تابعة لمؤسسات وشبكات إعلامية، مثل: موقع “الجزيرة نت” و”العربية نت”، قبل أن يُفتح الباب على مصراعيه لآلاف المواقع الإلكترونية، وهو ما مَهَّدَ الطريق لظهور المدوَّنات التي تُمَثِّل أبرز أنواع الإعلام البديل؛ الأمر الذي دفع باتجاه ضرورة التمييز بين ما يطلق عليه اسم صحيفة إلكترونية وموقع إخباري إلكتروني، ومدونة(Blog) .
أما اليوم وبعد مُضي حوالي خمسة عشر عامًا على هذه التجربة، فإن بإمكان مستخدم الإنترنت الوقوف على عناوين كثيرة لصحف إلكترونية عربية حديثة لم يتعدَّ تاريخ إنشائها أشهرًا قليلة، ما يؤكد ازدهار الصحف غير التقليدية أو الصحف الإلكترونية التي يقتصر إصدارها على النسخة الإلكترونية، وهو ما يُؤَشِّر إلى ارتفاع عدد قرَّاء هذه الصحف في مقابل انخفاض نسبة قراءة الصحف الورقية بشكل عام. وفي هذا السياق، أكد تقرير صدر عن مركز بيو للأبحاث تناول تحديات الصحافة الورقية والإلكترونية ومستقبلها، أن مزيدًا من الأميركيين يتجهون إلى الإنترنت لمعرفة الأخبار، في مقابل انخفاض قراء الصحف الورقية، وكذلك بالنسبة للعديد من الدول العربية التي تعرف فيها استخدامات الإنترنت تطوُّرًا مُطَّرِدًا يُبَيِّنُه الجدول رقم (1) في قائمة ملحق.
أولًا: الإطار المنهجي للدراسة
أ- مشكلة الدراسة
كَثُر الحديث في السنوات الأخيرة عن تهديد الصحافة الإلكترونية والإعلام الإلكتروني بشكل عام للصحافة الورقية، واعتبر البعض في العالم العربي -على ضوء ما يحدث في العالم الغربي- أن “الصحافة الإلكترونية ستكون بديلًا للصحافة الورقية التي تمضي إلى الزوال لا محالة”، تماشيًا مع واقع العصر الذي نعيشه، وظهور جيل جديد من الشباب توَّاقٍ إلى محامل إعلامية تتحدث لغتهم وتفهم تطلعاتهم وتستوعبها.
وفي مقابل هذه النظرة المتشائمة، يرى آخرون أن الصحافة الورقية قادرة على استيعاب التطورات الحاصلة في مجال الإعلام الرقمي وأن الجزم باختفائها أو اندثارها ليس له ما يُبَرِّرُه، بعد أن نجح المطبوع في التعايش مع الراديو، والتليفزيون. وهنا، تبرز مشكلة الدراسة في إمكانيات الإعلام الرقمي بخصوصياته التفاعلية والتشاركية والتزامنية لتجاوز الصحافة الورقية، ومدى قدرة هذا الوسيط التقليدي الورقي على حماية نفسه من رهانات الرَّقْمَنَة ليكون مُنَافِسًا للإعلام الإلكتروني وليس فقط مُتَعَايِشًا معه، وهو ما يستدعي البحث في نوع العلاقة المحتملة بينهما في ظلِّ الإشكاليات التي تطرحها المنظومة الإعلامية التقليدية التي أصبحت غير قادرة على مواكبة تحولات المنظومة الاتصالية الجديدة، وفهم علاقة الصحافة الورقية بالإعلام الإلكتروني ومستقبلهما.
ب- أسئلة الدراسة
تحاول الدراسة الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1- هل باتت الصحف الورقية في العالم العربي تعاني تبعات هَجْرِها من قبل قرائها الذين تغيَّر سلوكهم الاتصالي بـ”الاعتماد” على الإعلام الرقمي واستخدام مِنَصَّاتِه المختلفة؟
2- هل المنظومة الإعلامية التقليدية التي أصبحت غير قادرة على مواكبة تحولات المنظومة الاتصالية الجديدة تقف اليوم وراء الإشكاليات التي تعاني منها الصحافة الورقية، ومن ثم السلوك الاتصالي الجديد للمستخدم الذي بات الإعلام الرقمي يُشْبِعُ احتياجاته المعرفية والسياسية والترفيهية؟
3- أي دور يلعبه المستخدم المنتج للمحتوى وصحافة المواطن عمومًا في ظهور بيئة اتصالية جديدة وسلوك اتصالي جديد لدى مستخدم الإنترنت؟
4- كيف تبدو طبيعة العلاقة بين الصحف الورقية والإعلام الرقمي؟ وأيُّ مستقبل ينتظر المحملين معًا؟
ج- أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة في رصدها لشكل العلاقة المستقبلية بين الصحافة الورقية والإلكترونية في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة المطبوعة على صعيد بقائها واستمراريتها. كما تحاول رسم حدود أهميتها من خلال تشخيص رهانات الرقمنة، والصعوبات والعراقيل التي تواجه الصحافة الإلكترونية باعتبارها أحد الوسائل الإعلامية الجديدة في العالم العربي. وتزداد أهمية الدراسة أيضًا في ظل حاجة المكتبة العربية إلى دعم الأبحاث العلمية التي تتناول هذه القضايا والإشكاليات.
د- أهداف الدراسة
تسعى الدراسة إلى:
- تشخيص دقيق ومُفَصَّل للتحولات التي تشهدها الصحافة الورقية في العالم العربي.
- معرفة مدى تطور طبيعة علاقة انتشار الإعلام الإلكتروني بتراجع الصحافة الورقية، وتأثير ذلك على مستقبل كلٍّ منهما.
- دراسة طبيعة الصعوبات والعراقيل التي تواجهها الصحافة الورقية والإعلام الرقمي، ومدى قدرتهما على مواجهة متطلبات المرحلة ورهاناتها.
هـ – مدخل نظري
اقتحمت الصحافة الرقمية عالم الإعلام والمعلومات والأخبار والاتصال، وانتزعت من الصحافة الورقية عددًا كبيرًا من جماهيرها الذين تغيَّرت لديهم عادات الاستهلاك الاتصالية لِيَتَّجِهُوا نحو الكمبيوتر والألواح الإلكترونية والهواتف الجوالة للحصول على الأخبار والمعلومات، ولِيَتَغَيَّر بذلك دور الوسيط والتفاعل في البناء الجماعي للموضوع التقني في إطار ما يُسمى بـ”الاستخدامات والإشباعات” اللتين تخصِّص لهما نظرية السوسيولوجيا الوظيفية حَيِّزًا مهمًّا من اهتماماتها. وقد أظهر الباحثون في هذا السياق “أن تشكُّل الاستخدام الاجتماعي لهذه التقنيات يستند إلى السيرورة المعقدة التي تتيح التقاء التجديد التقني بالتجديد الاجتماعي(1) لتجعل منها (أي التقنيات) ضرورة، بعد أن بيَّنت التقييمات خطر الانغلاق داخل النزعة الإمبريقية”(2).
في سياق هذا الطرح النظري، فإن انغلاق المنظومة الإعلامية التقليدية على نفسها بطريقة جعلتها غير قادرة على مواكبة تحولات المنظومة الاتصالية الجديدة يُعدُّ في حدِّ ذاته خطرًا على الصحافة الورقية. لذلك، فإن تلك المنظومة مطالبة بالعمل على التَّكيُّف مع البيئة الإعلامية الجديدة، التي فرضت تَغَيُّرًا في عالم مهنة الصحافة، وكرَّست أساليب جديدة لِتَلَقِّي الجمهور للأخبار والمعلومات، وحَرَمَت الصحافة الورقية من الاحتكار الذي كانت تنعم به.
إن تحسُّن إدراك المؤسسات الإعلامية لأثر تكنولوجيا الإنترنت على الصحافة التقليدية قد يستمدُّ مشروعيته مما توفره المصادر الرقمية المختلفة من معلومات تُعزِّز من محتوى ومضامين الورقي، تمامًا كما وفرت للصحافيين أدوات جديدة لتطوير مهنتهم. في إطار هذا الطرح قد تساعد نظرية النشوء التعايشي -التي تستمد أصولها الفكرية من علم البيولوجيا التطورية- على فهم العلاقة بين الصحافة الورقية والرقمية، باعتبارهما “خَلِيَّتَيْن” لا يمكن لإحداهما أن تعيش دون وجود الأخرى. وفي السياق نفسه، قد تساعد أيضًا مقاربة العقلانية التقنية -في إطار النظرية النقدية لهربرت ماركوز (Herbert Marcuse) الشخصية الأكثر حضورًا وبروزًا ضمن مدرسة فرانكفورت- على فهم طبيعة هذه العلاقة من حيث عَقْلَنَةُ العالم وتطويعه تدريجيًّا باستثمار التكنولوجيا والعلم، حتى وإن كان ذلك يُخفي أحيانًا مظاهر استعباد أو يُلغي فضاء الفكر الناقد.
ويكمن دور الشبكة هنا في “نسيان المجتمع الذي يعيش التباين والتمايز، واقتراح رؤية منسجمة له”(3) تسعى إلى تكريس هيمنة الاتصال، والتوفيق بين البحث الإمبريقي والنقدي. ففي الوقت الذي برزت فيه الإقصاءات الاجتماعية بقوة “تقوم أيديولوجيا الاتصال، والنزعة المساواتية الجديدة بواسطة الاتصال، بدور مُضيف للشرعية”(4).
ثانيًا: الإعلام الإلكتروني واستخداماته
تعود نشأة الصحافة الإلكترونية إلى بداية السبعينات مع ظهور خدمة التيليتكست(5) عام 19766 كثمرة تعاون بين مؤسستي “بي بي سي” و”الإندبندنت برودكاستينغ”. ثم مع ظهور نظام بريستيل (Prestel) وولادة خدمة الفيديوتكست(6) عام 1979 على يد مؤسسة British Telecom Authorityy البريطانية “وبناء على النجاح الذي أحرزته المؤسسات المذكورة في توفير خدمة النصوص التفاعلية للمستفيدين، دخلت بعض المؤسسات الصحفية الأميركية في منتصف الثمانينات على الخط، وبدأت في العمل على توفير النصوص الصحفية بشكل إلكتروني إلى المستفيدين عبر الاتصال الفوري المباشر”(7).
وبالنظر إلى درجة استفادة الإعلام الإلكتروني من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل: الأقمار الصناعية والاتصالات الرقمية والاتصالات السلكية واللاسلكية والوسائط المتعددة، تعددت تعريفات الباحثين في الإعلام والاتصال لهذا المصطلح؛ حيث برز مفهومان للإعلام الإلكتروني(8):
الأول: وهو المفهوم الضيق الذي يعتبر أن ظاهرة الإعلام الإلكتروني تتحقق بتوفر عدد من الشروط والضوابط والمعايير أولها ما يتصل بالجانب المهني، ومنها استعمال قوالب العمل الصحفي مثل الخبر والتحقيق والحوار، أو إنتاج موضوعات تتصل بالتغطية الميدانية. كما يتضمن هذا المعيار ضرورة توفر الجانب الاحترافي، والتفرغ والخبرة، والمهنية في الصحفيين العاملين في المؤسسة الصحفية على شبكة الإنترنت.
أما المعيار الثاني فهو فني تقني يتعلق بالنظام المتبع من قبل المؤسسة التي تملك الموقع الإلكتروني، وهو نظام مؤمَّن ضد كل اختراق، إضافة إلى معايير مالية تتصل بنظام التمويل، وقانونية تتعلق بالوضعية القانونية للمؤسسة. وفي هذا السياق، يعتبر الباحث ماجد سالم الصحافة الإلكترونية “عملية اتصال صحفي عبر شبكة الإنترنت تتم من خلال وسائط إلكترونية متعددة؛ مستفيدة بما تقدِّمه شبكة الإنترنت من مزايا تكنولوجية، وتصدر بشكل دوري، ولها موقع محدد على الشبكة، وتعتمد على تكنولوجيا الحاسب الآلي في تحليل وصياغة محتويات الصحيفة وتقديمها إلى القارئ عبر الإنترنت لخلق جو من التفاعل معه وذلك بما تُوفِّره له من إمكانيات التفاعل مع النص، والقدرة على تصفحه واستدعائه والبحث في محتوياته وتخزينه واسترجاعه بأيسر الطرق وأسهلها”(9).
وفي مقابل المفهوم الأول يتسم المفهوم الثاني بالشمولية “ويُسمَح في ضوء صعوبة تنزيل المعايير السابقة على الكثير من المواقع التي يعسر تصنيفها أحيانًا سواء من حيث خصائصها الشكلية أو الموضوعية أو أطرها القانونية” بإدراجها ضمن ظاهرة الإعلام الإلكتروني؛ مثل المدوَّنات.
إن الرغبة إذن في تحديد تعريف للإعلام الإلكتروني تدفعنا إلى الحديث عن الحاجة إلى تحديد ضوابط ومعايير لهذا المصطلح غير ما ذكرناه، والتي تجعلنا نميِّز “بينه وبين هذا الكم الهائل من مواقع الإنترنت التي تعمل في كافة المجالات وفي جميع التخصصات وإلا فإن البديل أن نعتبر كل موقع على الإنترنت موقعًا صحفيًّا”. ولكن بالنظر إلى المعايير والضوابط التي يمكن حصرها، قد تعترضنا مجموعة من المحاذير التي تتصل بطبيعة المحتوى أو الخدمة التي يقدمها الموقع الإلكتروني والتي قد لا تقتصر على العمل الإعلامي على الإنترنت، بل تتجاوزه إلى خدمات أخرى. أما المحاذير الأخرى، فهي ذات طابع مهني تتعلق بالغموض الذي يشوب مفهوم الصحافة والصحيفة والصحفي عمومًا، وما لازم ذلك من جدل حول من يحق له أن نطلق عليه اسم صحفي من عدمه.
وعلى الرغم من تعدد تعريفات الإعلام الإلكتروني عمومًا فإنه يمكن تحديد مجموعة من الفروقات بين “الصحيفة الإلكترونية” و”الموقع الإخباري” بدءًا بطبيعة النشأة؛ “فأصل الصحيفة الإلكترونية أنها نشأت على الورق بالصورة التقليدية كأي صحيفة عادية، لكن القائمين عليها ارتأوا ضرورة مجاراة لغة العصر ببعث نسخة إلكترونية من هذه الصحيفة على الإنترنت، فأنشأوا لها موقعًا على الشبكة، ومن ثم، فإن الصحيفة الإلكترونية تمثِّل نسخة من الصحيفة، التي تصدر بطبعاتها المختلفة ورقيًّا، في السياسة والاتجاه والتحرير؛ أي إنها تُدار بضوابط الصحافة الورقية نفسها بينما ليس للموقع الإخباري الإلكتروني على الشبكة أصل ورقي، وإنما يخضع إلى قوانين البيئة الافتراضية اللامتناهية المسماة بفضاء الإنترنت وضوابطها”(10).
ضافة إلى هذين الصنفين، هناك صنف ثالث يقترن بـالصحف الإلكترونية البحتة “التي ليس لها صحيفة مطبوعة وتُغطِّي مجالات الأخبار كافة: سياسية واقتصادية ورياضية وسينمائية وموسيقية، وتحاول أن تستفيد من تقنيات تصميم الصفحة لمزيد من التنوع؛ وهي صحف يومية يتم تحديث موادها الإخبارية آنيًّا وصفحاتها يوميًّا. إذن، خلاصة القول: هناك مواقع تابعة لمؤسسات صحفية تقليدية (وهي مواقع كربونية)، ثم المواقع الإخبارية، ثم الصحف الإلكترونية”(11).
إن اختلاف طبيعة الموقع الإلكتروني ومجالات نشاطاته أفرز اختلافًا في تعدد اختصاصات الأشخاص العاملين في الموقع الإلكتروني؛ حيث نجد، فضلًا عن الصحفيين ومدققي اللغة، مجموعة التقنيين العاملين في مجالات متعددة كالصوت، والصورة، والإخراج الفني…إلخ. أما من حيث المحتوى، فإن المضمون الصحفي الإلكتروني استطاع أن يُحدث الفارق مقارنة بالصحافة الورقية في سرعة نقل الخبر وطريقة تحريره وبنائه؛ فالتركيز والاختصار اللذان يعتبران السمة المميزة لـ”الخبر الإلكتروني”، إضافة إلى تحديثه، هما المرتكزان الفارقان في الموقع الإخباري مقارنة بالصحيفة الإلكترونية التي يرتبط زمن التحديث فيها بضوابط الصحيفة الورقية.
وكثيرًا ما تتفوق المواقع الإلكترونية على التليفزيون والإذاعة فيما “يتعلق بزمن النشر قياسًا بزمن حدوث الخبر، إلا أن تلك المواقع قد تقع في أحيان كثيرة في فخ مصداقية الخبر وعدم حياديته عندما يتعلق الأمر بعدم التثبت من مصادر الخبر(12).
ثالثًا: تَدَفُّق الإعلام الإلكتروني وانحسار الورقي
تختلف مقاربة أزمة الصحافة الورقية بين بلدان العالم الغربي وبلدان المجال العربي؛ فبينما نجحت الصحف العالمية الغربية في توظيف التطور التكنولوجي قصد إنشاء مواقع إلكترونية تحتوي أزمتها، وتواجه من خلالها احتداد المنافسة، ظلت الصحف العربية -في ظل غياب ثقافة حقيقية لدى أصحاب المؤسسات الصحفية تعي أهمية ما يُنشر على الإنترنت- تنظر إلى المواقع الإلكترونية باعتبارها إِكْسِسْوارات للنسخة الورقية دون أية رؤية استراتيجية. يضاف إلى ذلك طبيعة الواقع السياسي المعقد الذي يعيشه العالم العربي بعد أن فرضت السلطة السياسية حصارًا على شبكة الإنترنت يُضاهي الحصار المفروض على بعض الصحف الورقية لسنوات عدَّة.
لكن بتغير واقع استخدامات الإنترنت في العالم العربي تغيرت المعادلة؛ حيث بلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت حوالي 140 مليون مستخدم سنة 2015 من تعداد نحو 390 مليون نسمة يمثلون إجمالي سكان العالم العربي، مقابل 110 ملايين مستخدم سنة 2012، و29 مليون مستخدم في عام 2007، أي بزيادة قدرها خمس مرات بين 2007 و2015، بينما لم يكن إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت العرب في عام 1997 يتجاوز 600 ألف مستخدم؛ مما خلق مُتَنَفَّسًا افتراضيًّا على الشبكة في ظل تواصل الحصار المفروض على عالم الصحافة الورقية وخاصة تلك “المموَّلة سياسيًّا” التي ظلت مرتهنة بتغير الخارطة السياسية وانهيار أنظمة وصعود أخرى. في المقابل، حاولت الصحف الورقية المستقلة مواجهة غياب مصادر التمويل وتراجع مساهمة المعلنين بالتقليص في عدد الصحف المطبوعة، “وقد تكون مصر المثال الأبرز لذلك؛ حيث انخفضت كمية الصحف المطبوعة إلى 800 ألف نسخة في العام 2015، بعد أن قُدِّرت بحوالي مليوني نسخة يوميًّا في العام 2010(13).
كما وجدت صحف لبنانية كـ”السفير” و”النهار” و”اللواء” نفسها مضطرة إلى التوقف عن الصدور بالنسخة الورقية بعد تأزم الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان وانعكاساتها على الدخل الإعلاني والاشتراكات والبيع. ومما زاد من تعميق أزمة الصحف الورقية، وشجَّع في الآن نفسه عددًا من المؤسسات الصحفية العربية على إنشاء مواقع إلكترونية، هو عدول الكثير من القُرَّاء عن الصحيفة الورقية في العالم العربي -التي أصبحت عاجزة عن ملاحقة الأحداث المتسارعة على مدار الساعة- واتجاههم نحو الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية التفاعلية التي تقدم التغطية الخبرية المتواصلة للأحداث المحلية والعالمية لحظة وقوعها بتكلفة تكاد لا تُذْكَر مقارنة بتكلفة الصحف الورقية(14).
في هذا السياق، واستجابة لهذا المعطى الجديد أنشأت مؤسسة التحرير للطباعة والنشر موقعًا لها، في 16 فبراير/شباط 1997، ضمَّ النسخ الإلكترونية لصحف الجمهورية والمساء ومصر اليوم والـ”Gazette” باللغة الإنجليزية، تلتها صحيفة الشعب التي صدرت في نسختها الإلكترونية في أكتوبر/تشرين الأول 1997، ثم الأهرام الأسبوعي (Ahram Weekly) باللغة الإنجليزية في منتصف شهر يونيو/حزيران 1998، ثم النسخة الإلكترونية لجريدة الأهرام الصباحية التي انطلقت في أغسطس/آب 1998. ومن الصحف العربية التي حرصت على إنشاء مواقع إلكترونية لها: الوطن الكويتية والأيام البحرينية والدستور والبيان والرأي الأردنية وجريدة الحياة، والقبس السعودية، وصحيفة الشرق الأوسط وعدد من الصحف الأخرى في قطر وتونس والجزائر والمغرب والكثير من البلدان العربية الأخرى.
إن الزيادة في عدد المستخدمين للإنترنت في هذه الدول نتيجة التطور التكنولوجي وتوفر خدمات الإنترنت المهيأة للتعامل مع اللغة العربية، فضلًا عن تطور البنية الأساسية للاتصالات في أغلب البلدان العربية، وتراجع كلفة الاتصال، تُعدُّ من أهم العوامل التي أدت إلى تحوُّل الصحف الورقية إلى النسخة الرقمية وانتشار ظاهرة صدور الصحف العربية عبر المواقع الإلكترونية؛ مما جعل مؤشر التوقعات بصمود الصحافة الورقية أمام إغراءات شبكة الإنترنت يتضاءل شيئًا فشيئًا، خاصة بعد الوقوف على حقيقة مصير عشرات الصحف والمجلات العريقة في أوروبا وأميركا التي شرعت بالفعل في إيقاف نسختها الورقية خلال السنوات العشر الماضية واكتفت بالصدور عبر مواقعها الإلكترونية. وكانت البداية في أميركا بتوقف صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” عن إصدار نسختها الورقية التي انخفضت في البداية إلى 200 ألف نسخة، واكتفت في نهاية الأمر بمنصتها الرقمية التي يزورها أكثر من مليون مستخدم، ومجلة “نيوزويك” و”الإندبندنت” اللندنية الأسبوعية التي صدرت في العام 1986، وهي أول صحيفة بريطانية تتحول فقط إلى الصيغة الرقمية، كما أعلنت صحيفة “الغارديان” البريطانية اعتزامها التخلي عن 100 موظف بعد انخفاض عائداتها من الإعلانات بنسبة 25%، وعزمها على الانتقال إلى الصيغة الرقمية.
هذه الوضعية تشهدها أيضًا كبريات الصحف الأميركية التي تَكَبَّدَت ديونًا بملايين الدولارات، مثل: “نيويورك تايمز” التي أرهقتها ديون تجاوزت مليار دولار، وسجلت أسهمها تراجعًا بنسبة 55% في العام 2015، مما اضطر الصحيفة إلى تخفيض رواتب معظم موظفيها بنسبة 5%، بينما تراجع عدد محرريها إلى 1250 بعد أن كان يُقَدَّر عددهم بــ1330 محرِّرًا”(15). وأوقفت صحيفة “الواشنطن بوست” إصدار عددها الأسبوعي الخاص، وعمره 27 عامًا، بعدما انخفضت نسبة مبيعاته، بينما اتجهت صحف أخرى مثل “لوس أنجلوس تايمز” إلى تسريح عدد كبير من موظفيها (16).
وفي فرنسا، عرف عدد من المؤسسات الإعلامية المصير نفسه وبدأ التراجع عن الحديث حول “الاستثناء الفرنسي” بعد أن توقفت صحيفة “فرانس سوار” نهائيًّا عن الصدور، منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، واكتفت بطبعتها الإلكترونية إثر تراجع مبيعاتها إلى أقل من 40 ألف نسخة في اليوم. أما الصحف والمجلات الأقل صيتًا فقد قامت بتسريح عدد كبير من العاملين فيها؛ ما جعل الكاتب والخبير الفرنسي برنار بوليه (Bernard Poulet) يشير في كتابه “نهاية الصحف ومستقبل الإعلام” (La fin des journaux et l’avenir de l’ information) إلى أن نهاية الصحف المطبوعة وشيكة و”تبقى مسألة وقت”(17) لا غير.
وللبَرْهَنَة على هذه الفكرة ينقل الكاتب تصريحًا لـ”إيريك فوتورينو” (Éric Fottorino)، مدير صحيفة “لوموند” الفرنسية المشهورة، الذي يعتبر أن “النموذج الاقتصادي الذى بُنِي عليه مجد الصحافة منذ عقود عدة بدأ يتآكل وأن هذه الحالة المثبتة تنطبق بحق على معظم الصحف اليومية في الولايات المتحدة الأميركية، وباقي دول أوروبا”، مضيفًا: “في 2001 بلغت الإيرادات الإعلانية لصحيفة لوموند مستوى قياسيًا وصل 100 مليون يورو، أما اليوم فهي بالكاد لا تتجاوز 50 مليون يورو”، مشيرًا إلى أن “عائدات لوموند من الإعلانات بلغت بعد الحرب العالمية الثانية 40%، وفى السبعينات 60%؛ أما اليوم فإنها لا تتجاوز 20%.(18).
إن الدفاع إذن عن فكرة “الاستثناء الفرنسي” يبدو طوباويًّا بالنظر إلى حقيقة أوضاع الصحافة الفرنسية. فمستوى توزيع الصحف غير المجانية “انخفض من 3.8 مليون صحيفة يومية كانت تباع كل يوم سنة 1974 إلى 1.9 مليون عام 2007، ليتراجع بذلك عدد الصفحات الإعلانية في الصحف اليومية إلى معدل 32.5 % في أقل من عشر سنوات نتيجة انهيار سوق الإعلانات المبوبة، ومنافسة الصحف المجانية التي ارتفعت إيرادات الإعلانات فيها بمعدل 30% منذ عام 2002. وأصبحت صحيفة “فان مينوت” (Vingt Minutes) المجانية هي الصحيفة اليومية الوطنية الأولى في فرنسا عام 2007 بعدد قُرَّاء بلغ 2.617.000 قارئ”(19).
وبالإضافة إلى تراجع عائدات الإعلان في الصحف الورقية الفرنسية، ذكر برنار بوليه عوامل أخرى صنَّفها ضمن الأسباب الرئيسية لأزمة الصحف الورقية، منها: “ارتفاع تكاليف صناعة الورق وسعره والمواد الأولية ومصاريف التوزيع والعدد الضعيف لنقاط البيع (29.000 في فرنسا مقابل 105.000 في ألمانيا)، وعدم الإقبال المتزايد من قِبَل القراء الشباب على قراءة المطبوع؛ إذ تراجعت نسبة الفرنسيين، الذين يبلغ سنهم أكثر من خمسة عشر عامًا، ممن كانوا يقرأون صحيفة يومية من 59% عام 1967 إلى 34% سنة 2005”(20)، ويُتَوَقَّع أن تكون النسبة اليوم في حدود 25%.
إن العوامل والمؤشرات التي قادت إلى تراجع مَجْدِ الصحف الورقية الفرنسية هي نفسها التي قادت إلى تراجع نسب توزيع الصحف الورقية العربية وخاصة المصرية باعتبارها الأكثر تضررًا في المنطقة العربية وفي مقدمتها الصحيفة الأعرق والأقدم الأهرام التي تَرَاجَعَ عدد ما تطبعه يوميًّا إلى قرابة 180 ألف نسخة، ليرتفع المطبوع من الإصدار الأسبوعي يوم الجمعة إلى 220 ألف نسخة، بينما تبلغ نسبة المرتجع منه 25% (21).
و”بالانتقال إلى الصحف المصرية المستقلة، نجد أن “المصري اليوم” تطبع 110 آلاف نسخة يوميًّا، يُباع نحو الثلثين منها تقريبًا، بحسب إحصاءات غير رسمية صادرة عن المؤسسة. أما جريدة الشروق، فقد باتت تكتفي بطباعة 25 ألف نسخة يوميًّا، يُباع منها 10 آلاف نسخة فقط، معتمدة على مقالات الرأي وعدد من الكتاب الذين تعاقدت معهم المؤسسة قصد تنشيط بيع النسخة الورقية. وطالت أزمات انخفاض نسب التوزيع أحدث الصحف اليومية المستقلة على الساحة مثل جريدة “الوطن” التي باتت تكتفي بطباعة 65 ألف نسخة، يُباع منها 40 ألف نسخة تقريبًا.
إن أزمة التوزيع لم تكن الوحيدة التي طالت الصحف المصرية، لكن الأزمات المالية كانت السبب الرئيس في إغلاق عدد من الصحف، وعلى رأسها صحيفة “الوادي” التي صدرت بعد 25 يناير/كانون الثاني 2011، والتي أعلنت عن توقف إصدارها في مارس/آذار 2014. وخلال سبتمبر/أيلول 2015، أعلن مجلس إدارة صحيفة “التحرير” وقف الإصدار الورقي، والاكتفاء بالموقع الإلكتروني نظرًا لبعض الأزمات المالية التي تمر بها المؤسسة. وخلال العام نفسه، أعلنت صحيفة “البديل”، المعروفة بميولها اليسارية، التوقف عن الإصدار الورقي الأسبوعي، ليكون آخر عدد لها هو العدد الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 (22).
ولئن كانت التكنولوجيا الحديثة قد أعادت تشكيل كل مظاهر النُّظم الاتصالية الأساسية، فإن البنية الاتصالية الراهنة التي تعمل في إطارها المؤسسات الإعلامية العربية وكذلك المنظومات الإعلامية التقليدية، لم تتمكن بعد -في ظل تبدُّل وظائف الإنترنت التفاعلية والإعلام المتعدد الوسائط- من إعادة النظر في معظم المفاهيم الجوهرية حول أساليب جمع المعلومات ونشر الأخبار، أو فرض أنماط جديدة لممارسة المهنة الصحفية؛ تمامًا مثلما عجز الإعلام التقليدي عن التخلص من تبعيته للسلطة السياسية، مُكَرِّسًا بذلك خطابًا أيديولوجيًّا يطغى عليه التماهي بين عمل الصحافيين وعمل النخب السياسية، في سياق علاقة عمودية كشفت تفوق البنية الاتصالية الرقمية على نظيرتها التقليدية وخلخلتها، وفشل هذا الإعلام التقليدي في عملية الوساطة بين المجتمع والدولة.
إن إعادة المبتكرات التكنولوجية تشكيلَ المشهدِ جعل العمل الإعلامي العربي الجديد يواجه مجموعة من التحديات المهنية التي غالبًا ما ترتبط بما تأتي به هذه المبتكرات من أجهزة جديدة، وبسرعة مدهشة، لتكرِّس خيارات متنوعة وعديدة، قد لا يكون الصحافيون وجمهورهم قادرين على توقعها. فقد أغنت هذه الحدود المفتوحة مصادر الأخبار والإعلام، وأعادت ترتيب ما كان مِلكًا للصحفي التقليدي ومذيع الأخبار ووكالات الأنباء.
وإذا نظرنا إلى المستقبل، فبإمكاننا أن نتوقع مشهدًا إعلاميًّا يسيطر عليه جمهور مُجَزَّأ جدًّا، لكنه حيوي. كما نتوقع أيضًا منافسة إعلامية شديدة…وبإمكان الإعلام المهني، إذا اعتمد التكنولوجيا الجديدة، أن يحتفظ بدوره، بصفته مصدر إعلام حيوي، فيواصل العمل أداةً لديمقراطية ناجحة، وأيضًا لحدوث ثورة في مجال ممارسة المهنة الصحفية؛ حيث يمكن للمواطن أن يشارك في إنتاج المضمون، ويعارض التيار الغالب في مواضع افتراضية. وبذلك ينشأ نموذج جديد على الشبكة لإنتاج الأخبار يأخذ في الحسبان دينامية صنع المعلومات ونشرها واستهلاكها على الشبكة(23) لِتَتَحرَّر بذلك النصوص الإعلامية من أَسْرِ المادة، أي من شكلها المادي المطبوع.
رابعًا: الصحافة تلاحق العالم الافتراضي: ملامح رهانات الرَّقْمَنَة
إن الانتقال من الورقي إلى الرَّقمي يطرح رهانات اقتصادية وسياسية ومهنية واحترافية جديدة، كما يطرح الكثير من الأسئلة حول دور الصحف المكتوبة في المستقبل مع الانتشار الكبير للمواقع الإلكترونية واهتمام المحركات الكبرى بهذا المجال. من جهة أخرى، فإن استثمارات الإعلان التي كانت إحدى الدعائم الأساسية للصحف المكتوبة قد تراجعت لفائدة المحامل الرقمية. وفي هذا السياق، يؤكد برنار بوليه أن جريدة “لوفيغارو” الفرنسية تُباع فيها الإعلانات الصغيرة على موقع الويب بأثمان أقل سبع مرات عما كانت عليه في اليومية الورقية، وهو ما يجعل الصحف الإلكترونية أو المنصات الرقمية أكثر منافَسَة في مجال الإعلانات من الصحف الورقية.
إن انخفاض الاستثمارات الإعلانية في الصحف التقليدية واتجاهها نحو وسائل الإعلام الإلكترونية مردُّه بالأساس إلى “صعود قوى اقتصادية احتكارية لا ترى في الإعلام الرقمي إلا مجرد سلعة ضمن منتجات أخرى، لكنها في الواقع تصوغ مستقبل البشرية. أمَّا ديمقراطية الإنترنت فقد فرضت فرزًا للإعلام يفصل من جهة بين معلومات غنية للأغنياء منتقاة ومنظمة ومحققة، ومن جهة أخرى معلومات فقيرة للفقراء مجانية وسريعة ومكررة، لكنها آلية وخاضعة للعمليات الحسابية لأباطرة الإنترنت الذين يُقدِّمون خدمات مجانية تسمح لهم بتسجيل بيانات كل مستخدم للشبكة وتستشف ما يبحثون عنه، ومن ثم تحقيق المكاسب (24).
أما من الناحية المهنية الاحترافية فقد خلقت الصحف الإلكترونية جيلًا جديدًا من الصحفيين ينقلون الأخبار ويصورونها وينشرونها لحظة بلحظة، تمامًا كما فرضت المواقع الإعلامية نوعًا من الكتابة المختصرة والسريعة، الشيء الذي أثَّر في العمق التحليلي للمضامين الإعلامية وجعل منها نظرة سطحية للعالم. من جهة أخرى، ومع تطور المدونات العربية خلال السنوات الأخيرة، وتنامي عدد المنشورات الإلكترونية التي أصبحت جزءًا لا يتجزَّأ من الصحافة الإلكترونية التي تتصدر الإعلام تأثيرًا وفاعلية، تحوَّلت المعلومة -من خلال الإنترنت- إلى مُنْتَج إعلامي تصبغه أحيانًا رؤية بعض المدوِّنين الذين يبحثون عن فضاء افتراضي يُعبِّرون فيه عن ذواتهم.
وقد “بدأ تأثير المدونات العربية منذ العام 2005 وازداد مع بدء حراك سياسي في المنطقة، وبداية ارتفاع الأصوات المطالبة بالتغيير والإصلاح، قبل انطلاق ما يُعرف بالثورات العربية. ولعب المدوِّنون دورًا بارزًا وشاركوا بقوة في الدفع نحو التغيير وزيادة الوعي السياسي والاجتماعي، خاصة بين الشباب. وحمل المدونون لواء المبادرة، واستطاعوا رفع هامش حرية التعبير عبر تسليط الضوء على قضايا سياسية واجتماعية كانت تُعدُّ سابقًا من “التابوهات”، كما استطاعوا دفع قطاع كبير من مستخدمي الإنترنت، معظمهم من الشباب، إلى التفاعل مع ما يطرحونه، وتشجيعهم على المشاركة الإيجابية. وتُمثِّل مصر أكبر تجمع للمدوَّنات ويُقَدَّر بثلث المدونات العربية، تليها السعودية، ثم الكويت، ثم المغرب(25).
ويختلف صحفيو المدونات والمواقع الإلكترونية عن صحفيي الصحف الإلكترونية، “سواء من حيث المهارات والقدرات، أو من حيث طريقة العمل والمهنية، وكيفية الصياغة والسياسة التحريرية؛ حيث يعتمد محررو المواقع أكثر على الاختصار وتركيز المعلومة لسرعة إصدارها، بينما يركز صحفيو الصحف على المحتوى التحريري والمضمون، والالتزام بالمهنية وضوابط العمل الصحفي. وقد فتحت المدونات الباب على مصراعيه لمساهمة الجميع في صنع الحدث، والتفاعل مع الجمهور وأصبحت من أهم أنواع الصحافة على مستوى العالم وأبرزها، وأكثرها تأثيرًا، واستطاعت أن تخلق جيلًا جديدًا من الصحفيين المتطوعين والهواء(26).
وبالإضافة إلى المدونات، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أثَّرت أيضًا في صناعة الخبر باعتبارها قوة تأثير واسعة الانتشار رغم ما تثيره أحيانًا من تباين في الآراء حول “حقيقة ممارسة حرية التعبير” في فضاءاتها. فقد تحولت “مواقع التواصل الاجتماعي إلى أحد أهم مصادر المعلومات الأولية لوسائل الإعلام، باعتبار أن العديد من المؤسسات الإعلامية والصحفيين يتابعون هذه المواقع وما ينشر فيها من معلومات وأفكار، ربما تقودهم إلى خبر أو قصة مهمة” (27).
ويُعدُّ “الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة عالمية تشكَّلت بسبب ثورة الاتصالات وتقنية المعلومات التي مكَّنت شعوب العالم من التواصل مع بعضها وأفرزت ما يُسمَّى بصحافة المواطن، التي مكَّنت الإنسان من تمثيل نفسه بنفسه والتعبير عن رأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المتصفحين للشبكات الاجتماعية ينمو بنسبة عالية جدًّا تصل إلى 250% سنويًّا، ويصل العدد حاليًّا إلى أكثر من 800 مليون مستخدم نشط، وأكثر من نصف هذا العدد يدخلون على الشبكات الاجتماعية يوميًّا”(28). وتلعب مواقع التواصل دور الرقيب على أداء وسائل الإعلام والصحفيين حتى إن “الكثير من مستخدمي تلك المواقع يبادرون إلى تصحيح معلومات ترد في وسائل إعلام، أو تفنيدها أو توضيحها أو تطويرها، تمامًا مثلما تُمَكِّن من التعرف على مدى تفاعل القُرَّاء والمستمعين والمشاهدين مع ما يُنشر من نصوص، أو يُبَثُّ من مقاطع مسموعة أو مرئية”(29) في مواقع الإنترنت المختلفة.
وفي هذا السياق، يعتبر المختصون في مجال الإعلان أن مواقـع التواصل قد تكون أحيانًا عاملًا محددًا لاختيار وسيلة إعلام دون أخرى من قبل الشركات المعلنة وذلك استنادًا إلى نتائج الدور الرقابي الذي تقوم به هذه المواقـع لحجم المتابعين للوسيلة المعنية، وتقييماتهم لها، مما جعل بعض وسائل الإعلام تولي أهمية خاصة لمواقع تواصلها الاجتماعي بتخصيص فرق للإشراف عليها ومتابعتها.
وعلى الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون أكثر رواجًا أحيانًا من منافذ إعلامية تقليدية في الشبكة العنكبوتية “فإن الطابع الشخصي الذي يُهيمن على ما تنشره هذه المواقع قد يعوق استخدامها بوصفها مواد صحفية، لذلك يبحث المدونون المعروفون عادة عن وسائل إعلام فاعلة تنشر إنتاجاتهم لمنحها صفة المادة الإعلامية، حتى وإن كانت مواقع التواصل تتيح قدرًا أكبر من حرية التعبير، نظرًا للقيود المختلفة والمتباينة المفروضة على الصحفيين في المؤسسات الإعلامية الرسمية أو الخاصة (30).
إن “بعض المؤسسات، لاسيما ذات الطابع الرسمي أو شبه الرسمي، تمارس نوعًا من الرقابة على ما ينشره منسوبوها في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن هذا الأمر لم يمنع عددًا من الصحفيين من التعبير عن وجهات نظرهم الخاصة في صفحاتهم الشخصية التي تتقاطع أحيانًا مع توجهات المؤسسات الصحفية التي يعملون فيها”(31) حتى وإن كان تماهي الصحفي أو الكاتب مع المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها هو الصفة الغالبة في علاقة ما يَكْتُب بوجهة نظر المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها والتي غالبًا ما تلعب دور الرقيب عليه.
أما بالنسبة لمستخدمي الإنترنت، فإن مواقع الشبكات الاجتماعية، مثل: فيسبوك وتويتر وماي سبيس وغيرها من المواقع، قد وفَّرَت للمستخدم مجالات كبيرة للتفاعل مع مضامين الشبكة العنكبوتية وخاصة الإعلامية منها، ومكَّنتهم من المشاركة في التعبير عن مواقفهم وانطباعاتهم من خلال نشر تعليقاتهم وأسئلتهم وعرض مقالاتهم ومقاطع الفيديو والصور الخاصة بهم…إلخ، حتى أصبحوا مصدرًا للمعلومة وأحيانًا أخرى لشائعات تتناقلها مواقع إلكترونية لصحف معروفة دون التأكد من مصداقية المعلومة.
إن توصيفًا لهذه المدخلات والمتغيرات يتقاطع مع فكرة الإقرار بأن المواطن في العالم العربي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة شخصية لا إعلامية، مما يجعل الحديث عن تبوُّء هذه المواقع مكانة مهمَّة -لتكون بديلاً عن الصحافة سواء المكتوبة أم المسموعة أم المرئية- أمرًا يصعب تحقُّقه.
خامسًا: اندماج الورقي والإلكتروني
لم يمنع الجدل الدائر حول موضوع احتمال نهاية عصر الصحيفة المطبوعة الذي هو مدار بحث أكاديمي ومهني مستمر منذ ظهرت المواقع الإخبارية في أوائل التسعينات من الوقوف على حقيقة التقارب بين الورقي والإلكتروني بعد أن أصبحت “غالبية الصحف اليومية في الغرب وفي العالم العربي تدير مواقع إلكترونية خاصة بها وتُصدر طبعات إلكترونية. وتشير إحصائيات مؤسسة نيوزلينك الأميركية (News Link) في نهاية عام 1998 إلى أن عدد الصحف التي تدير مواقع على الشبكة في العالم وصل إلى 4900 صحيفة منها حوالي 2000 صحيفة أميركية بينما لم يتجاوز عدد الصحف الإلكترونية الثمانين صحيفة في نهاية عام 1994. وتشمل هذه الأرقام الصحف اليومية والأسبوعيات والدوريات والمجلات وغيرها من المطبوعات. وبينما تتبوَّأ المطبوعات الأميركية مركز الصدارة من حيث عدد المواقع الإلكترونية فإن المطبوعات غير الأميركية تُشكِّل نسبة 43% من إجمالي هذه المواقع(32)، لا تستأثر فيها البلدان العربية بنسبة ذات دلالة كما هي الحال في دول أخرى مثل الولايات المتحدة؛ حيث أغلقت مؤسسات ورقية عريقة جدًّا أبوابها -كما أشرنا إلى ذلك سابقًا- واستثمرت ملايين الدولارات في الإعلام الجديد بعد وصول شبكة الإنترنت إلى أغلب الناس في بلد ذي مساحات جغرافية شاسعة.
لعله إذن من المبكِّر الحديث عن تأثيرات ملموسة ذات بال يمكن الوقوف عليها -في المدى القريب- للإعلام الإلكتروني على حساب الصحافة الورقية في سياق المنظومة الإعلامية التقليدية العربية، لاسيما وأننا في منطقة لا تزال فيها الصحافة المطبوعة هي السائدة، ولا يزال فيها الفصل بين نسخة الصحيفة الورقية ونسختها الإلكترونية من حيث الإدارة والتحرير وطبيعة المحتوى ومصادر الدخل، أمرًا لا يُمثِّل أهمية كبرى في سلم أولويات مؤسسات الإعلام العربية التي نجدها وفية لقاعدة استشراف تأثير مباشر للإعلام الإلكتروني على المطبوع في غضون السنوات العشر المقبلة حينما يتوسع نطاق الإنترنت ويصل إلى نسب عالمية في البلدان العربية، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وخلافًا لواقع علاقة الصحف الإلكترونية بالصحف المطبوعة القائمة على عدم الفصل بين النسختين في الكثير من الدول العربية، يعتمد العديد من كبريات الصحف في أميركا وأوروبا واليابان “الفصل ما بين الصحيفة المطبوعة والنسخة الإلكترونية من حيث الإدارة والتحرير وطبيعة المحتوى ومصادر الدخل والإنفاق لكل منهما”، حتى أصبحت النسخ الإلكترونية “بوابات إعلامية شاملة تُجَدِّد محتواها على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع وتسبق في كثير من الأحيان النسخ المطبوعة في نشر الأخبار”(33) على غرار صحف الواشنطن بوست ونيويورك تايمز وشيكاغو تريبيون الأميركية والفايننشيال تايمز اللندنية…إلخ.
ويعد بعض المواقع الإلكترونية المملوكة لدور النشر الصحفية من أنجح البوابات الإلكترونية على الشبكة من حيث عدد الزوار أو المشتركين وحجم الدخل الإعلاني، “وأصبحت هذه البوابات مستقلة تمامًا عن النسخة المطبوعة وتُقدِّم خدماتها على مدار الساعة”(34)، لكن يجدر القول “استنادًا إلى تقرير مؤسسة نيوزلينك: إن أقل من ثلث الصحف الإلكترونية على الشبكة حاليًّا يجني أرباحًا بينما اضطُرَّ عدد لا بأس به من الصحف إلى إغلاق مواقعه الإلكترونية بسبب الخسائر”(35). كما أن مواقع إخبارية نشأت في بيئة الإنترنت أو ما يسمى اليوم بـ”الفضاء التفاعلي” حققت نجاحًا باهرًا ما دفعها للخوض في عالم النشر التقليدي متوخية نهج “الهجرة المعاكسة” ولعل مجلة “دبليو إي آر آيه دي” خير مثال على ذلك.
إن جاذبية الإنترنت وما تتيح من إمكانيات تفاعلية “تمكن المستخدم من حرية التصفح وإبداء رأيه واختيار ما يريده من معلومات، بالإضافة إلى أنها وسيلة اتصال تتيح له خدمات مثل البريد الإلكتروني والاتصال بالهاتف عن طريق الشبكة وسماع الموسيقى وحتى مشاهدة الأفلام”، جعلت الانتفاع بالشبكة لا يقتصر على الصحف الإلكترونية، وإنما يتعدى ذلك إلى حيز أكبر شمل البوابات الإعلامية، والحكومة الإلكترونية (دبي، وقطر، والبحرين، والأردن…)، والتجارة الإلكترونية، ومدن الإنترنت وجامعات الإنترنت…إلخ. بل إن الصحف الورقية نفسها قد استفادت من الدخول نحو عالم الإنترنت من خلال طبعات إلكترونية خاصة ومجانية في معظم الأحيان؛ أي بمعنى آخر، إن هذه المطبوعات سواء العامة منها أو المتخصصة استفادت إعلانيًّا من انتشار المواقع الإلكترونية المختلفة على شبكة الإنترنت، تمامًا مثلما استفادت المواقع الإلكترونية الخدمية والتجارية من الصحف المطبوعة؛ حيث اتجهت إلى الصحف والمجلات للإعلان عن نفسها والوصول إلى مستخدمين جدد.
لعل هذا يُذَكِّرُنا بالتحديات التي واجهتها الصحافة الورقية في بدايات القرن الماضي مع اختراع التلغراف والهاتف والراديو، ومن بعد ذلك، في منتصف القرن العشرين، عندما بدأ التليفزيون بَثَّ برامجه بشكل تجاري؛ حيث “نجحت الصحف المطبوعة في التعامل مع معظم هذه التحديات بل إنها اعتمدت وسائل الاتصال الجديدة، مثل: التلغراف والهاتف في تطوير أدائها وتحسينه. وحتى الراديو لم ينجح -رغم انتشاره السريع ووصوله إلى فئة من المستخدمين الأميين الذين لم تستطع الصحيفة الوصول إليهم- في زحزحة الصحف عن قمة هرم وسائل الاتصال الجماهيري (36).
إن اندماج التقليدي بالإلكتروني إذن ليس سوى امتداد طبيعي لسياق تطور تكنولوجي جديد تلعب فيه الإنترنت دورًا رئيسيًّا مما فسح المجال لبداية حقبة دخول المطبوعات إلى الشبكة الإلكترونية وظهور البوابات والمواقع الإخبارية المستقلة عن هذه المطبوعات في العالم العربي. وأغلب الظن أن العالم العربي لن يبقى بعيدًا عما يحدث في الغرب من اندماج بين عالمي المطبوع التقليدي والنشر الإلكتروني وذلك لأسباب اقتصادية عديدة(37)، منها:
تتَّجه دور النشر الصحفي في العالم بأسره إلى تنويع نشاطاتها الإعلامية وذلك بدخول مجالات الراديو والتليفزيون والمطبوعات المتخصصة وإعداد المؤتمرات والإنترنت، ولعل أبرز مثال على ذلك شركة تريبيون (Tribune) التي تُصدر صحيفة شيكاغو تريبيون وتملك أيضًا محطات تليفزيون وإذاعات ومجلات ومواقع إلكترونية وحصصًا في شركات ترفيه واتصال بالشبكة الإلكترونية. وقد بدأت هذه الظاهرة في التبلور في عالمنا العربي رغم وجود بعض القيود الحكومية على امتلاك وسائل الاتصال.
العامل المشترك الرئيسي بين صناعتي النشر التقليدي والإلكتروني هو المحتوى المتميز؛ فبدونه لا تنجح مطبوعة ولا ينتشر تليفزيون ولا يستمر موقع على الإنترنت. لذلك تُزاوج شركات الاتصال أو الميديا الكبرى في الغرب بين ما تنتجه وسائل اتصالها بأنواعها التقليدية وغير التقليدية لتقوم بتوظيف الاستخدام الأمثل لذلك المحتوى عن طريق المواءمة وإعادة الاستخدام، ما دفع شركة أميركا أون لاين (America Online) التي تدير أنجح بوابة إلكترونية في أميركا إلى الاندماج مع شركة تايم وورنر (Time Warner) -وهي واحدة من أكبر شركات النشر والاتصال والترفيه في العالم- من خلال صفقة قُدِّرت بمئة وعشرين مليار دولار. وعندما نتكلم عن المحتوى فإنه لا يستثني شيئًا بدءًا بالأخبار السياسية ومرورًا بأنباء الفن والعلم…إلخ، وانتهاء بالملتيميديا أو الوسائط المتعددة من موسيقى وأفلام وألعاب تفاعلية.
إضافة إلى المحتوى، فإن دخول شركات النشر التقليدية عالم النشر الإلكتروني يعتمد أيضًا -وإلى حدٍّ كبير- على نجاح الاسم التجاري (Brand) وانتشاره عند المستهلك. وما يجعل هذا الأمر ممكنًا هو ما يمكن تسميته بالترويج المتقاطع؛ حيث يقوم المطبوع بالترويج للموقع الإلكتروني الشقيق والعكس بالعكس. ولعل خير مثال على نجاح هذا الأسلوب ما تقوم به شبكة “سي إن إن” التي تُروِّج لموقعها الإخباري على الإنترنت(38)، من خلال برامجها التليفزيونية بشكل دائم.
في الوقت الذي يتحدث فيه الناشرون العرب عن الجدوى الاقتصادية من إنشاء مواقع إلكترونية فإن نظراءهم في الغرب قد استوعبوا الجانب الاقتصادي للنشر الإلكتروني. ويُعدُّ ارتفاع كلفة الاتصال وبطء الخدمة من حيث سرعة التحميل ووجود عقبات سياسية واجتماعية من أهم العوامل التي تقف عائقًا أمام تطور عدد المواقع العربية الناجحة على الشبكة.
لقد حصل تغيير مهمٌّ في مفهوم الصحيفة الإلكترونية؛ حيث تطورت هذه الصحف من كونها نسخًا مطبوعة إلى ظهورها كبوابات إخبارية وإعلامية وترفيهية ذات شخصية مستقلة. فموقع صحيفة نيويورك تايمز على الشبكة يقدم مثلًا خدمات لا توفرها، وقد لا تستطيع أن توفرها، النسخة الورقية من الصحيفة، مثل: حالة الطقس وأسعار العملات والأسهم وحجوزات الفنادق والطيران والسوق الإلكتروني للتبضع والشراء ومقارنة أسعار الحاجيات…إلخ. وقد أدى نجاح تجربة نيويورك تايمز على الشبكة إلى إطلاقها لموقع شقيق أسمته: نيويورك تودي (New York Today)، وهو أشبه بدليل لعالم مدينة نيويورك يُقدِّم كلَّ ما يحتاجه الزائر أو المقيم في المدينة من معلومات بدءًا من دليل الهاتف وعناوين المطاعم وبرامج التليفزيون وحالة الطرق وخرائط للأحياء والشوارع وانتهاء بما يحدث في المدينة من نشاطات ثقافية وترفيهية مختلفة. وكذلك فعلت الواشنطن بوست وغيرها من كبريات الصحف في أميركا وبريطانيا والعديد من الصحف في الغرب. هذه المواقع أصبحت شركات شقيقة تدار من قبل طواقم متخصصة لها إداراتها المستقلة من التحرير والإعلان والتسويق، وتُدِرُّ هذه المواقع أرباحًا على مالكيها لا تقل أهمية في بعض الأحيان عن أرباح نشاطات النشر التقليدي.
تسهم الهواتف واللوحات الذكية اليوم مساهمة فعَّالة في الولوج إلى الإنترنت في الدول العربية (انظر الملحق رقم 2) تمامًا مثلما تسهم في المساعدة على القيام بأعمال تتصل بالميدان الإعلامي، بعد أن أحدثت ثورة في عالم الصحافة والأفلام والتصوير الفوتوغرافي، حتى أصبحت قادرة على إنتاج أعمال إعلامية متكاملة. وقد دخلت الهواتف الذكية ميدان العمل الإعلامي تدريجيًّا ابتداء من خدمات الرسائل العاجلة قبل عدة سنوات، وأخذت بالتطور حتى أصبح الهاتف الذكي مؤسسة كاملة لصناعة الأخبار، استفادت منه وسائل الإعلام المختلفة(39).
حسب هذا الطرح، فإن المستقبل إذن سيكون للتجمعات الإعلامية ومن ثم لن يكون للصحف الورقية أي مستقبل “إذا لم تكن قادرة على خلق تكتُّلات أو تجمعاتٍ ما تجعلها تصمد وتستمر…كما أنه لم يعد مناسبًا الاكتفاء بإنتاج محتويات فحسب بل يجب التمكُّن من القيام بدور الوسيط والموحِّد والمحرِّك للتجمعات على شبكة الإنترنت”(40)؛ لأن كل ما تُقَدِّمُه الصحافة الورقية من محتوى مرة في اليوم أو الأسبوع تُقَدِّمُه الصحف الرقمية مجانًا وفورًا وبكل سهولة. ولعل حصول الصحيفة الإلكترونية هافنغتون بوست (Huffington Post The) على جائزة بوليتزر للصحافة عام 2012، وهي الجائزة الأهم في الإعلام الأميركي، بعد أن تخطَّت صحفًا عريقة، هو اعتراف صريح بالتفوق الرقمي على الورقي التقليدي.
خاتمة
إذا كانت الصحف الورقية غير قادرة على مجاراة الصحف الإلكترونية كوسيط نقل جديد للمعلومة والإعلان، ومنافسة مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت التي تستقطب مئات الملايين من المستخدمين موفرة سرعة نشر الخبر للقارئ وقت حدوثه وتحديثه لحظة بلحظة، وإتاحة المجال لهم للمشاركة في التعبير عن آرائهم ومناقشتها مع قراء آخرين بكل حرية على نحو لم يسبق له مثيل، فإن ذلك لا يعني بأية حال من الأحوال انقراض الصحافة الورقية المطبوعة في المستقبل المنظور، خاصة بالنسبة للعالم العربي حيث كثر الحديث عن إمكانات تعايش الورقي مع الرقمي.
فخلافًا للعالم الغربي؛ حيث يعتقد فيليب ماير (Mayer Philippe)، وهو مؤلِّف كتاب “النهاية الحتمية للإعلام الورقي”، بأن آخر مطبوع ورقي سيصدر في عام 2043، فإن المختصين في العالم العربي يطرحون رؤية أكثر تفاؤلًا تعتبر أن “الوسائط الأكثر حداثة لا تؤدي بالضرورة إلى انقراض الوسائل القديمة وأن الصحافة الرقمية لا تلغي دور الصحافة الورقية”(41)، وأن “الصحف الورقية باقية لكن بلا ورق باعتبار أن الصحيفة شكل ورقي لكنها في واقع الأمر مضمون ومحتوى، أي إنها إنتاج مكتوب سواء كان على ورق أو جدران، تمامًا مثلما كان يفعل الصينيون في الماضي؛ حيث تُعَلَّق ورقة على لوح في الحي ليصطفَّ الناس في طابور لقراءتها بسبب نقص الورق وكثافة السكان، أو مثلما تَغَيَّر فعل قراءة الصحف اليوم من خلال الصفحات الإلكترونية”(42).
هذه الرؤية قد تصطدم بمعطى مهم وهو أن ليس لكل المؤسسات الصحفية في البلدان العربية القدرة نفسها على مواجهة زحف الرقمي، و”أن النهاية قد تكون حتمية وإن اختلف المحللون حول المدة الزمنية؛ فكما ظهرت الصحافة الورقية في أوروبا في القرن السابع عشر ووصلتنا نحن العرب في القرن التاسع عشر، فإن النهاية ستكون أولًا في أوروبا، وربما صمدت عندنا بعض الوقت لأسباب لها علاقة بوظيفة الصحافة الورقية وأنماط الملكية وارتباط الحكومات والأنظمة العربية بالصحيفة الورقية، واعتبارها المتحدث الرسمي باسمها والأداة التي تُوَثِّق بها قراراتها وتوجهاتها”(43).
كما أن توزيع الصحف في البلدان العربية انخفض إلى مستوى قياسي، بينما تراجعت القيمة المضافة للنموذج الاقتصادي القائم على عائدات الإعلانات مما حدا برجال الأعمال العاملين في مجالات الإعلام الجديدة إلى الاتجاه نحو الاستثمار أكثر في عالم الإنترنت؛ هذا العالم الذي يسير على وتيرة متسارعة ويُقَدِّم أخبارًا تتدفَّق كل ثانية عبر أجهزة المحمول والأجهزة اللوحية والتكنولوجيا المتطورة لجيل جديد لا يقرأ الخبر الطويل ولا التحليل المفصل، ويحبذ التفاعل مع الخبر والتعليق عليه.
فهل يكون ملاذ الصحافة الورقية في العالم العربي في الاهتمام بالشأن المحلي كما فعلت الصحف عدة في أوروبا وأميركا؛ حيث اتجهت نحو “الأخبار المحلية والخدمية التي تهتم بالتفاصيل التي تتعلق بحياة المواطنين اليومية، وخدمات المرور والبورصة والعقارات وإصدار ملاحق بها دليل للمدارس والمستشفيات وأماكن الترفيه وكيفية حجز بطاقات دخول المباريات الرياضية وتذاكر السفر والسياحة، وإعلانات للعروض الترويجية للمجمعات والمحلات التجارية المختلفة والمطاعم والمقاهي القريبة من سكن القارئ.(44)
قد يكون الحل كذلك في التوجه نحو صحافة الرأي والمقال والتحليل والصحافة الاستقصائية، أو ابتكار مضامين جديدة تكون بمثابة مواد تفاعلية، وتشاركية وفئوية للأجيال الناشئة التي فَقَدَت الصحف الورقية جزءًا كبيرًا منهم. وفي هذا السياق يؤكد نائب رئيس غوغل في المملكة المتحدة، نيكس أيرور (Nikesh Arour )، أن العالم “يمر بمرحلة انتقالية بين نموذج مُتَسلِّط تسقط فيه المعلومة من الأعلى ونموذج تشاركي، وعليه يجب علينا أن نتخلَّص من غطرستنا القديمة وإفساح المجال للقراء ليشاركونا تجاربنا(45).
ويتطلب الاستعداد لمواكبة التطور والانتقال إلى مرحلة جديدة من الرقمنة في عالمنا العربي عملًا كبيرًا للنهوض بمستوى أدوات الصحف الورقية وامتلاك أدوات جديدة تسمح لها بمنافسة السوق الإعلامية من حيث استقطاب شريحة الشباب التي يعول عليها الاقتصاديون في إضفاء مكاسب جديدة لهذه الصحف، في وقت يتكهَّن فيه البعض من المفكرين الغربيين بإمكانية إنشاء شبكتين متوازيتين على الإنترنت “الشبكة الحالية التي ستُترك في فوضاها، وشبكة أخرى مميَّزة أسرع وأقوى وأغلى ستركز على تميز الخدمات، مما سيوفر لكل فرد إمكانية الدفع بحجم ما يستهلك، كما هي الحال في المطعم”(46)، وإن كانت إمكانية الدفع مقابل القراءة خاصية قد تتأخر قليلًا في العالم العربي الذي يعاني من شيء اسمه “ادفع مقابل خدمة”.
وإذا كان التطور صفة حياتية لابد من مواكبتها، فإنه يجب أن تكون هناك أدوات تقيس الفائدة الإيجابية جرَّاء الاستعانة بتكنولوجيات الاتصال الحديثة في شتى مجالات الإعلام على غرار استخدام الهواتف الذكية التي أصبحت مصدرًا مهمًّا للأخبار؛ وظفها الكثير من المؤسسات الصحفية للوصول من خلالها لشريحة جديدة من القراء تتمثل في قطاع الشباب الذي يبحث عن المعلومة السريعة.
فالتأسيس للغة مشتركة بين الصحيفة وقرائها الشباب الذين يمثلون العصب الرئيسي لانتشار وسائل الإعلام الإلكترونية مرحلة مهمة في اتجاه تكريس علاقة يشعر من ورائها الشباب بأن هناك من “يتحدث لغتهم ويفهم همومهم ويستوعبها، فضلًا عن الإيفاء بمتطلباتهم، وهو ما يجب أن تنتبه إليه الصحف الورقية لتفادي أية عراقيل قد تقوِّض انتشارها وتدفعها إلى الانعزال والانحسار تدريجيًّا”(47) بدل الاستمرار.
وقد لا يستطيع الاستمرار هنا إلا من كان “عضوًا في مجموعة أو دائرة صناعة إعلامية متكاملة، تضم الإذاعات والمواقع الإخبارية وغيرها من الوسائط الإعلامية، حتى يمكنها التغلُّب على مصاعبها المختلفة وعلى رأسها الاقتصادية”(48). إن الاستمرار يمرُّ أيضًا عبر الإسراع بتطوير المحتوى وتطويعه لاحتياجات القارئ العربي الجديد؛ لأن “التغيير قادم لا محالة ومن يقف مكانه سيتجمَّد أو يختفي كما اختفت وانقرضت مهن وصناعات كثيرة في لمح البصر وكنَّا نظن استحالة الاستغناء عنها (49).
إن الاعتراف إذن بأن الإعلام الرقمي أصبحت لديه شعبية لا يمكن الاستهانة بها، وبات مقصدًا للباحثين عن المعلومات الآنية السريعة -على الرغم من عجزه أحيانًا عن تقديم التحليلات والآراء المعمَّقة- أصبح أمرًا واقعًا، ولكنه يحتاج إلى الكثير من الأطر التي يجب أن تحكم عمله عبر تنظيمه ومَأْسَسَتِه حتى نتمكن من مساءلته إن تطلب الأمر ذلك.
ولا نقصد هنا بالتنظيم والـمَأْسَسَة الطريقةَ الفرنسيةَ حين تم تكوين هيئة تفكير في هذا الشأن تسمى “الهيئة العامة للصحافة المكتوبة” في خريف 2008 التي “لم تقم في نهاية المطاف بأكثر من إجراء تعديل في عملية التنظيم، وبالتالي فإن كل ما قَدَّمَته هذه الهيئة كان عبارة عن عملية إصلاح فقط وإعادة التنظيم الوظيفي والمالي من دون البحث في واقع وحقيقة الصحافة الورقية اليوم، التي بات الإعلان يغيب عن صفحاتها وينأى عنها القارئ على تعدد اهتماماته؛ ما دعا الكثير من مسؤولي الصحافة والنقابات المهنية إلى بذل ما بوسعهم للتفكير في رسم استراتيجيات جديدة، قادرة على تجنيب المؤسسات الصحفية مخاطر تلك التغيرات السلبية وآثارها، بينما كان الأمر يتطلب الإسراع بابتكار وإيجاد أساليب جديدة تعالج المشكلة من جذورها وليس فقط الإجراءات الشكلية التي لا تتخطى الترميم وتقديم المعونات”(50).
وفي سياق متصل، فإنه يجب الإعداد الجيد لهذا الانتقال السلس للصحف الورقية نحو الإلكترونية التي بالرغم من المؤشرات الإيجابية الكثيرة التي تصب في صالحها في العالم العربي، “فإن كثيرًا من الصعوبات والتحديات والسلبيات لا تزال تُشكِّل حجر عَثرة أمامها مما يُوجِب على المهتمين بهذه الصناعة العمل على تلافيها في المستقبل إذا ما أرادوا النهوض بها (51).
وتتلخص هذه العراقيل(52) في الصعوبات المالية التي تتعلق بالتمويل، وعدم وضوح الرؤية المتصلة بمستقبل هذا النوع من الإعلام، بالإضافة إلى عدم خضوعها للرقابة في ظل ضعف الأنظمة واللوائح والقوانين التي تنظمها؛ إذ لم تواكب التشريعات في عدد من البلدان العربية على غرار المغرب أو الأردن أو الكويت…أساليب عمل الصحافة الإلكترونية وتطورها حتى تتمكن من ضبط أساليب مراقبتها في حال قيامها بتجاوزات، خاصة إنها باتت مصدرًا للشائعات والأخبار المثيرة للجدل في الكثير من الأحيان. كما يُلاحَظ في العديد من الصحف الإلكترونية خرق واضح للملكية الفكرية باعتبار هذه الصحف تنتهج سياسة الاستنساخ من الصحف المحلية والعالمية، ووكالات الأنباء، واستبدال أسماء المحررين والكُتَّاب بأسماء أخرى لا علاقة لها بإنتاج تلك المضامين في أحيان كثيرة.
ما يمكن الإقرار به إذن، هو أنه إذا كان أكثر من 2.7 مليار شخص يقرؤون اليوم الصحافة الورقية في العالم، مقابل حوالي 3.2 مليارات يستخدمون الإنترنت وصحافته الإلكترونية(53)، فإن السيطرة على الإعلام الإلكتروني والشبكة الرقمية عمومًا ستبقى بيد من يتحكم في النظم المعلوماتية لتستأثر الدول المتقدمة في نهاية الأمر وعلى رأسها “حارس الشبكة”: الولايات المتحدة، بأرباحها الاجتماعية والاقتصادية من خلال سيطرتها على تكنولوجيا تصنيع المكتوب والمسموع والمرئي بشكل شبه مطلق؛ مما يُمَثِّل خطرًا على حرية الإعلام والديمقراطيَّة، ويجعل السلطة الرابعة سلطة خانعة لسلطتي السياسة والمال.
ملاحق
أكبر عشر دول عربية استخدامًا للإنترنت (الملحق الأول)
المرتبة | الدولة | عدد مستخدمي الإنترنت | النسبة/عدد السكان% |
1 | مصر | 29,809,724 | 35 |
2 | المغرب | 16,456,856 | 51 |
3 | السعودية | 14,323,234 | 46 |
4 | السودان | 6,876,233 | 19 |
5 | الإمارات | 5,817,553 | 70 |
6 | الجزائر | 5,632,040 | 14 |
7 | سوريا | 5,465,113 | 22 |
8 | تونس | 4,201,896 | 39 |
9 | اليمن | 3,961,688 | 14 |
10 | الأردن | 2,572,635 | 38 |
الأجهزة المستخدمة للوصول إلى الإنترنت (الملحق الثاني)
المصدر: https:// blog.bayt.com |
مراجع
(1) Boullier, Dominique, ” Usages du Vidéotex et Utopie Techniciste “, Réseaux (28), Avril 1984.
Pierre, Moeglin, “Télématique : De la recherche sur les Usages aux Usages de la Recherche”, bulletin du CERTEIC, N 12, Mai 1991, et André, Vitalis, dir, “Médias et nouvelles technologies : Pour une socio politique des usages”, Collection Médias et nouvelles technologies, (Rennes, Editions Apogée, 1994).
(2) Miège, Bernard, “L’Evolution des médias confrontés à la recherche”, Dossier de l’audiovisuel ; la recherche
en information et communication en France, N 85, Mai-Juin 1999, et Josiane, Jouet “Retour critique sur la sociologie des usages”, Réseaux, N 100, 2000.
(3) متلار، أرمان وميشال، تاريخ نظريات الاتصال، ترجمة نصر الدين لعياضي والصادق رابح، (المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2005)، ص 176.
(4) Armand, Mattelart et Michele, Mattelart, Penser les médias, Textes à l’appui, (La découverte, Paris, 1986).
(5) “ماهية الصحافة الإلكترونية وعوامل تطورها”، (تاريخ الدخول: 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016): http://diae.net/6 790
(6) يُعدُّ التيليتكست نقلًا للنص إلى المشاهدين في اتجاه واحد، وذلك عبر إشارة تليفزيونية لخطوط المسح غير المستخدمة، وتقوم آلة خاصة موجودة بجهاز التليفزيون بفك شفرة البيانات، لتظهر هذه البيانات في شكل صفحات من النص يستطيع المشاهد أن يتخير من بينها ما يشاء.
(7) بال، فرنسيس، إيميري، جيرار، وسائط الإعلام الجديدة، (عويدات، لبنان، 2001)، ط 1. ص 7.
(9) المدونون الأحرار، “الإعلام الإلكتروني ومستقبل الصحافة المطبوعة في العالم العربي”، (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/ أيلول 2016):
http://khaledfayyad.blogspot.qa/2009/09/blog-post.html
(10) سالم تربان، ماجد، الإنترنت والصحافة الإلكترونية: رؤية مستقبلية، (الدار المصرية اللبنانية، مصر، 2008)، ص 98.
(11) عبد القادر، أحمد، “بين الصحيفة الإلكترونية والموقع الإلكتروني…فروقات لا يمكن تجاهلها”، البوابة العربية للأخبار التقنية، (تاريخ الدخول: 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2016): https://aitnews.com/2006/03/06/3802/
(12) محمد الدليمي، عبد الرزاق، الإعلام الجديد والصحافة الإلكترونية، (دار وائل، الأردن، 2011)، ط 1، ص الالأص 220.
(13) المصدر السابق، ص 220.”هل تنقرض الصحف الورقية فعلًا في الـ2040؟“،
(تاريخ الدخول: 1 أغسطس/آب 2016):http://raseef22.com/life/2016/03/16
(21) انظر: “رغم الأزمات..الصحافة الورقية في مصر تصارع من أجل البقاء”، العين، 22 مارس/آذار 2016، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2016):https://al-ain.com/article/99726
(23) كاول، فينيت، “الصحافة في عصر التكنولوجيا الرقمية”، القافلة، (تاريخ الدخول: 30 يونيو/حزيران 2016):
(24) Poulet, La fin des journaux et l’avenir de l’information, Op.cit, p 158.
(25) “المدونات العربية ثورة على تابوهات الصحافة التقليدية”، العرب، فبراير/شباط 2016، (تاريخ الدخول: 10 سبتمبر/ أيلول 2016):
(27) القيسي، منتظر، “مواقع التواصل الاجتماعي: الصحافة تلاحق العالم الافتراضي”، (تاريخ الدخول: 30 يوليو/تموز 2016: http://www.imh-org.com/
(32) “ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الإلكترونية في العالم العربي”، الشرق الأوسط، 2 يناير/كانون الثاني 2001 ، (تاريخ الدخول: 22 يوليو/تموز 2016):http://archive.aawsat.com/details.asp?article=19805&issueno=8071#.WDth6tLJzIU
(33) الفيصل، عبد الأمير، الصحافة الإلكترونية في الوطن العربي، (دار الشروق، الأردن، 2006)، ط 11، ص 174.
(34) “ثورة الإنترنت ومستقبل الصحف المطبوعة الإلكترونية في العالم العربي”، مرجع سابق.
(39) Poulet, La fin des journaux et l’avenir de l’information, Op.cit, p 185.
(40) “صحافة الموبايل تقتحم عالم الإنتاج الإعلامي”، العرب، مارس/آذار 2015، (تاريخ الدخول: سبتمبر/أيلول 2016):http://alarab.co.uk/article/
(41) هوشيار، جودت، “هل انتهى زمن الصحافة الورقية؟”، الراكوبة، (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/أيلول 2016):http://www.alrakoba.net/news.php?action=show&id=101884
(42) الراشد، عبد الرحمن، “لن تموت الصحف”، الشرق الأوسط، 2 يونيو/حزيران 2015، (تاريخ الدخول: 1 أغسطس/آب 2016): http://archive.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=11509&article=572215#.WCrEINLJzIU
(43) عبد الصادق، محمد، “مستقبل الصحافة الورقية في الوطن العربي”، الوطن، 12 إبريل/نيسان 2016،
(تاريخ الدخول: 1 أغسطس/آب 2016): http://alwatan.com/details/107639
(45) Poulet, La fin des journaux et l’avenir de l’information, Op.cit, p182.
(47) أحمد، يحيى، صبح، فاتن، “الصحف الورقية تتطلب تطويرًا والإلكترونية تحتاج توثيقًا”، البيان، 13 مايو/أيار 2016، (تاريخ الدخول: 1 أغسطس/آب 2016): http://www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/.
(50) Poulet, La fin des journaux et l’avenir de l’information, Op.cit, p. 215.
(51) سيد، محمد، “تأثير الصحافة الإلكترونية على مستقبل الصحف الورقية”، الألوكة، (تاريخ الدخول: 20 سبتمبر/أيلول 2016):http://www.alukah.net/culture/0/50101/
(53) رغم الأزمات، الصحافة الورقية في مصر تصارع من أجل البقاء”، مرجع سابق
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=25866