ازمور انفو24: عبدالواحد سعادي
اذا كان العالم كله قد خرج من الحرب العالمية الثانية مثخنا بالجراح فإن أوربا التي كانت المسرح الرئيسي لها خرجت كالجثة الهامدة، وأصبحت شبح قارة من كثرة ما نزفت إلى درجة لم يعد لها قدرة لها قدرة على الحركة الذاتية.
وظهر بقوة أن أوربا التي قادت العالم على مدى قرون ومنذ أن أخذت المشعل من الحضارة العربية الإسلامية في عهد ما اصطلح على تسميته بعصر النهضة لم تعد تتمتع بذلك التأثير المركزي ولا تلك القوة التي تجعلها محط أنظار العالم.
فقد أبرزت الحرب العالمية الثانية أن مصدر القوة العسكرية وربما الاقتصادية قد حقق نقلة فعلية وان القوى الجديدة البازغة هي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، أما أوربا التقليدية فقد ظهر أنها أصيبت بالوهن وأنها غير قادرة على قيادة العالم إلا في اتجاه الحروب والفتن واخضاع شعوب أوربية بأكملها إلى نظرية عنصرية تفوقية غير إنسانية بغيضة.
ثم ساد بعد الحرب تفكير وضع الجميع في وعاء واحد قادر على تجنب قيام الحروب مجددا وتجنب اهوالها، غير أن الاتحاد السوفياتي بمخزونه الاستراتيجي البشري الضخم وعمق الاستراتيجي الكبير على الأرض كان يبحث عن فرض نفسه كقوة ند للولايات المتحدة أولا لإبراز قوته وثانيا للتوفر على بلدان واراض كفيلة بأن تكون مخبرا لتجربة النظريات الماركسية التي كان يظن أنها ستقدم الرخاء والعدل الاجتماعي إلى البشرية، وأمام هذا الوضع عقب الحرب سيطرت من جديد فكرة تقسيم العالم.
وقد كان هناك سببان دافعان بالأساس لأوربا في اتجاه التوحد.
1 – التحدي السوفياتي: فقد ظهر أن موسكو بقيادة الرجل الحديدي “ستالين” تسعى لفرض النظرية الشيوعية وتحويل أكبر عدد من الدول الأوربية إلى كواكب تسبح في الفلك السوفيتي، فكانت المحاولات للسيطرة على النمسا وعلى اليونان .
2- لأن محاولات تحريك الشارع وتنظيم الإضرابات إلى حد شل البلاد سريعا ما انقلب ضد أصحابه ودل انهم يريدون الدخول بفرنسا في متاهة وأوضاع.
3- لم يرضها الفرنسيون لبلادهم،ثم إن أوربا الغربية التي وعت بحدة مدى ضعفها بعد الحروب التي مزقتها كان يشقها شعورا بأنه لابد من عمل شيء وان ضم الجهود هو الطريق الوحيد لإقامة أوربا قوية.
وفي تلك الفترة لم يكن التحدي تجاه امريكا يخامر الأذهان ،واذا كانت أوربا الغربية متحسرة على أيام مجدها عندما كانت مركز العالم فإنها في النصف الثاني من الأربعينات كانت في أشد الحاجة إلى الولايات المتحدة على صعيد ين اثنين :
أولا للدفاع عن نفسها أمام أطماع موسكو التي زادها قوة اكتسابها القنبلة الذرية .وثانيا لانتظار ثم استعمال التمويلات الأمريكية للنهوض من كبوتها.
ففي سنة 1974 كانت امريكا تدعو أوربا بإلحاح إلى توحيد جهودها من اجل إعادة البناء وتجاوز مخلفات الحرب”مشروع مارشال” وكانت امريكا بذلك تسعى لتنظيم إقامة سد منبع أمام الشيوعية الزاحفة على أوربا وخطرها على العالم الحر وفي نفس الوقت إيجاد الأسواق لاقتصاد أمريكي كان في أوج الازدهار.
إلا أنه بدا أن أوربا بالخصوص التي ينتشر استعمارها في عدد من البلدان لم تكن تريد أن تخفف من قبضتها وتمنع عن الآخرين ما تريده لنفسها من استقلال واستقرار وانتساب إلى العالم الحر والأمن والوحدة.
وانطلاقا من سنة 1947 بدأت محاولات توحيد أوربية متبعثرة متكررة غير ذات محتوى فعلي وبدون رابط بينها،فقد أنشئت “المنظمة الأوربية للتعاون الاقتصادي” التي تحولت إلى “منطقة التعاون والتطوير الاقتصادي “والمعروفة باسم OCDE و “اتحاد أوربا الغربية “OEO وغيرها من المنظمات التي كانت تهدف ضم الجهود وبناء اقتصاد أوربي متكامل ،ولذلك فإن الكثير من الأوربيين يعتقدون أن الانطلاقة الفعلية هي التي حصلت في 25 مارس 1957 بإنشاء المجموعة الإقتصادية الأوربية في روما وتم اختيار بروكسيل كعاصمة لهذه المجموعة.
غير أن المجموعة أو المجموعات ستبقى إلى سنة 1972 مجموعة الدول الست أي مجموعة الدول المؤسسة ،أما على الصعيد العملي فإن اهتمامات السوق ستطول تدريجيا وحتى تاريخ 1972 انشاء السوق الأوربية المشتركة ،وقد بدأت المفاوضات حول الوحدة السياسية بداية دجنبر 1990 ،إذ تقدمت سياسات انشاء عملة موحدة وبنك مركزي وإقامة سياسات متناسقة في اوكد الحاجة بعد سياسي يوازي الأهمية الاقتصادية والمسؤولية الدولية ،تولد عن كل ذلك بناء “الاتحاد الأوروبي “القوي.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=22790