أزمور أنفو24: تعد مرحلة المراهقة من المراحل الحرجة التي تتشكل خلالها شخصية الشاب و تتحدد هويته و طباعه، وفي كثير من الأحيان يميل الأولاد إلى العصيان في تنفيذ و صايا العائلة من الالتزام بالهدوء و تلبية الطلبات، و يحاول بعض الشباب أن يتصرف و فق رغباته.
و بحسب خبراء علم النفس، أن مرحلة المراهقة تعرض الشباب لتغيرات هرمونية وجسدية كبيرة، ينتج عنها الكثير من تقلبات المزاج، وتذبذب الآراء و الأحاسيس والانفعالات، ويفتقر خلالها الشباب إلى الثقة بالنفس و الشعور بالخوف و التردد، و الخروج على العادات و التقاليد.
كما يعتبر الاكتئاب في هذه المرحلة مشكلة صحية خطيرة يمكن أن تسبب مشكلات طويلة الأمد جسدية و عاطفية، حيث يؤثر سلباً على علاقة مسيرتهم الحياتية، فضلا عن تأثرهم بالعادات السيئة.
(أزمورأنفو24) استمعت إلى عدد من أولياء الأمور ومعاناتهم مع أولادهم المراهقين من أجل تسليط الضوء على هذه المشكلة وطرح الحلول المناسبة لها.
هموم عائلية
السيدة (س. ش) قالت: أنا أمٌّ لأربعة أولاد جمعيهم من الذكور، ومشكلتي مع ولدي الأكبر، فانه يشعر قد أصبح رجلا، ولا أستطيع التحدث معه أو توجيهه إلى أي شيء، ويكون دائماً في حالة غضب، كما أنه يؤثر على إخوته الذين يحاولون تقليده في بعض التصرفات، حتى بدأت المشكلة تتوسع وبدأ يقلل احترامه، وإذا حاولت معه الحوار والتفاهم لا يتقبل ذلك، و عند ضربه للتأديب أخذ يتشابك معي.
والمشكلة أني لا أستطيع إيصال كل شيء إلى زوجي لأنه عصبي جدا وعقابه صارم قد لا يتناسب مع حجم المشكلة.
اكتئاب بسبب الحب
أم احمد ك. (45 عام) موظفة تقول إن اصغر بناتها البالغة من العمر 15 عام تقدم لها شاب يكبرها بخمسة عشر عاما، و هي لا تزال طالبة في الأولى ثانوي وبعد أن رفض والدها كونها طالبة ولصغر سنها علمنا أنها على علاقة معه و لا اعرف كيف حصل هذا و متى و أين؟ و على أثر الرفض أصيبت ابنتي باكتئاب شديد تركت الدراسة على أثره و تدهورت صحتها. و نحن في حيرة من أمرنا هل نوافق على هذه الزيجة تحت ضغطها من حيث العمر والمستوى الدراسي؟.
الحوار والتفاهم
ج. م. (40 عاما) باحثه اجتماعية وهي متزوجة و لديها أربعة فتيان قالت: تعلمت أن الاستمرار في منع أبنائي من الكثير من التصرفات أو الأفعال وإصدار الأوامر والانتقاد المباشر في كثير من الأمور: كالدراسة، و العمل، و التصرفات، و الإنفاق المالي، و اللباس، و قصة الشعر، كل ذلك يدفعهم إلى التمرد و رفض الانصياع لأوامرنا و آرائنا.
و تؤكد: أن لغة الحوار هي من أفضل السبل للتعامل مع الطفل المراهق، أما لغة الضرب و التوبيخ و الشتائم، فهي لا تجدي في هذه المرحلة.
و تقول صفاء خ. (مدرسة): نعاني نحن كمدرسين من مشكلة العناد و التمرد و العصيان، و حالات الاكتئاب التي تنتاب المراهق في هذه المرحلة و تؤثر على مستواه الدراسي و قد تؤدي إلى تركه الدراسة نهائيا و قد يؤدي به الاكتئاب إلى نحو العادات السيئة مثل التدخين أو تناول الحبوب المخدرة.
و تقول صفاء نظرا لتقلب الشخصية في هذه المرحلة، و للأسف فالكثير من أولياء الأمور لا يعرفون كيف يتعاملون مع أبنائهم في سن المراهقة و لا يتعاونون معنا لتدارك مشاكل الطلبة و معالجتها.
قصص أخرى
أبو علي (50 عاما) أب لأربع بنات وفتى، قال لـ (أزكمورأنفو24): أرى أن معاملة الطفل الوحيد تختلف اختلافا كلياً، لأنه ينشأ في بيئة أنثوية مختلفة عن أقرانه، كونه يعيش حالة من الوحدة من بني جنسه. و هنا يقع على عاتق الأهل الدور الأكبر من حيث متابعتهم.
و تضيف: أن ابني في هذه المرحلة، يكذب كثيرا وعنيد جدا، ويخفي أشياء كثيرة عنا، و للأسف هناك أخطاء كثيرة و قعنا، حيث إننا نلبي كل طلباته، فهذه مشكلة كبيرة وقعنا فيها نتيجة لجهلنا في التعامل معه.
من جانب آخر يقول (ح.خ) وهو أب لثلاثة أولاد إن حالة شديدة من الاكتئاب تلازم ابني الأصغر عند قطع الانترنيت وخصوصا أيام الامتحانات و في بعض الحالات يجرح نفسه أو يصبح عنيفا فيكيل الضربات المبرحة لإخوته الصغار و يخرج خلسة من البيت و يغلق هاتفه حتى لا نتصل به.
نصائح طبية ونفسية
و يقول الدكتور ا.ح الأستاذ في قسم علم النفس التربوي: إن الاكتئاب هو مرض نفسي خطير يتحول إلى مرض جسمي لوجود العلاقة بين النفس والجسم ويصيب المراهق عندما لا يجد من يشبع رغباته و طلباته التعجيزية في بعض الأحيان. فيصاب المراهق بالشخصية العصبية الكئيبة ويتحول إلى شخصية سوداوية قد تؤدي إلى الانتحار في بعض الأحيان.
وينصح الدكتور ، الأهل بعدم إهانة المراهق و خصوصاً عند جلوسه مع أصدقائه أو حتى مع أفراد العائلة. و ينبغي أن يشعر الطفل بأنه محترم و له شخصية.
مؤكدا على أن القيم الدينية والأخلاقية تحمي الأولاد من الاكتئاب وتأثير الثقافات الدخيلة على قيمنا الدينية عبر الانترنيت الذي تبث عبره أفكار تؤثر سلبا على شبابنا.
وأضاف لـ(أزمورأنفو24)، يجب على الآباء أن يحددوا وقتا يوميا للتحدث مع المراهقين والاستماع منهم لكل ما يجول بخاطرهم، لان هذه الخطوة مهمة وعدم ترك الشباب في عزلة.
و يتوضح أن لمرحلة المراهقة إسقاطات على تكوينة الشباب النفسية وبالمحصلة فان ذلك إسقاط على السلوك اليومي لمستقبل الشاب هذا فضلا عن تأثره في الراهن من الزمن و انسيابه في الطرق غير السوية التي تكون عنيفة ومتمردة على الواقع كرد فعل مستتر يلقى متنفسه عبر تلك السلوكيات.
و لعل الانتباه لأهمية هذه المرحلة أمر هام من أجل التربية الصحية فان مرحلة المراهقة تحتاج الى الكثير من الرعاية على مختلف الأصعدة و المجالات لكي يسجل لها نهوضا و تنمية يعتد بها و هذا يتوقف على تظافر الجهود المخلصة و الى فعل تسانده المشاريع الحكومية عبر مؤسساتها المتنوعة.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=2653