خطاب المنابر مثل غيره يحتاج إلى إصلاح وتطوير ومراجعة مثله مثل أي عمل إنساني…و لا يعتقد أن الخطيب لا يحتاج إلى تطوير وتدريب
كل شيء يحتاج إلى إصلاح وتطوير في أي مجال وفي أي تخصص و لا يوجد تخصص أو مهنة أو وظيفة بعيدة عن المراجعة أو فوقها. و خطاب المنابر مثل غيره يحتاج إلى إصلاح و تطوير ومراجعة مثله مثل أي عمل إنساني. و إصلاح خطاب المنابر يكون من خلال الخطيب والخطاب. و قبل ذلك توضيح للقارئ العزيز : عندما نقول خطاب المنابر نحن نقصد خطاب الخطيب وليس نصوص القرآن أو الحديث الشريف الذي يأتي في كلام الخطيب، و توظيف النصوص في الخطبة. فكثيرًا ما يكون توظيف النصوص ليس في مكانها و لا زمانها. ومثالا على ذلــــك، جاء شيخ كبير إلى رجـل و طلب منه حمله على كتفه ليتجاوز المستنقعات وا لبرك التي أحدثها المطر، فحمله الرجل بقصد الأجر و الثواب ، و ما أن استقر على ظهره، حتى قرأ دعاء الركوب ! سبحان الذي سخــر لنا هذا وما كنا له مقرنيين !! ، -و هذا يعني اعتبار الرجل في حكم الدابة بحسب وسائل المواصلات في ذلك العصر- كظم الرجل ما سمعه في نفسه و عندما توسط المخاضة رماه فيها وهو يتلو قوله تعالى “و قـل رب أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين” الجزاء من جنس العمل فرد عليه فهمه للدعاء و وظف الآية في غير مكانها حسب منطق الشيخ. و هذا ما يحــدث في كثير من الخطب حيث يوظف الخطيب الآيات و النصوص من و جهة نظره الشخصية و حسب حالته النفسية و المزاجية، و خاصة إذا كان التوظيف حزبيًا أو أيديولوجيا يكون أشد خطورة و أكثر ضررا، لأنه هنا لا يبحث عن قال الله وقال رسوله، و إنما عن ما يؤيد به انفعالاته العاطفية أو سياسة الحـزب، بتوظيف الآيات في و قائع محددة أو أسماء معينــة، و كأنها نزلت فيهم.
و لا يعتقد أن الخطيب لا يحتاج إلى تطوير و تدريب، لأنه قد يظن كثير من الخطباء أنهم لا يحتاجون إلى ذلك لأنهم يتلون قول الله و رسوله، في حين أنهم يحتاجـون إلى تدريبات لتطوير مهاراتهم اللغوية و الخطابية مع مراعاة العصر و ظروفه و مراعاة مناسبة الخطبة و ظروفها المحيطة بها من مكان و زمان و بشر. و لا يسقطون الآيات على أفراد بعينهم، فالوحي انقطع، و دور الخطيب ليس الحكم على البشر فهو ليس قاضيا و إنما داعيـــــة. و بعض الخطباء لا يهتم بالمناسبة و الظروف و البيئة المحيطة بالخطبة والمخاطبين بها و كأن الخطبة لنفسه، فهو يشكو للمصلين و جيعته مستقلا منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم. و تجد بعض الخطباء يتابع كل شأن خاص ببلده، صحفها، قنواتها، و هذا شيء طبيعي لكن ذلك ينعكس على موضوع خطبته، تجـد أغلبها موضوع الخطبة بحيث المصلون قد لا يعلمون كثيرًا عن ماذا يتحـدث الخطيب فهو يغرد بعيدا عن واقعهم، كما أنه يتتبع بعض القنوات و التي لا يعلم عنها أحد و يبرز موضوعها في الخطبة في حين يتساءل المصلون: ماذا يريد أن يقول الخطيب، رموز غامضة و لا أحد يفهمها إلا هو. و بعد انتهاء الخطبة يخرج المصلون يضربون أخماسًا في أسداس كل واحد يخمن ماذا يريد أن يقول الخطيب. فالخطبة دعوة ورسالة قبل أن تكون وظيفة و هناك فرق كبير بينهما.
و بعض الخطباء يسرف في باب الخوف و الرهبة و ينسى باب الرجاء و يقرع المصلين بآيات العذاب و يتوعدهم بجهنم و يبرز السلبيات و يكثر من قصص العصاة و المذنبين و يقطع الرجاء و يغلق الرحمة، و كأنه داعية على باب جهنم. وي هاجم كل نعم الله و يحولها إلى استدراج من الله لهم، فيكره الناس حياتهم و نعم الله عليهم و يكرهون الحياة عموما. فهذا الخطيب ينطلق من حالته النفسية و مزاجه الداخلي، و يربط الدين بشخصه، فإذا كانت عنده مشاكل نفسية من خلال تعامله مع الناس و المجتمع ثار عليهم، فمواقفه الشخصية تصوغ خطبه وهذا لا يجــوز. فالدين سهل و الله سهله للناس و فتح لهم أبواب الرحمة و يدعو الناس إليه و لا ينفرهم، و ما فتحت أبواب المساجد إلا للعصاة و المذنبين، و ليس للمعصومين؛ للتوبة و الاستغفار.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=3783