” كانوا يقومون بدفن بعض المختطفين والمحتجزين أحياء تحت شمس حارقة لمدة معينة بغرض التعذيب” و” تندوف منطقة جهنمية جرت و تجري فيها أبشع الجرائم ضد الإنسانية ” و ” الجزائر و قادة البوليساريو يراهنون اليوم على الإبقاء على أكبر قدر من التعتيم في مخيمات تندوف خوفا من الانكشاف و التعري أمام العالم”…هي شهادات صادمة لمن ذاقوا التعذيب الوحشي بهذه المخيمات التي تقع جنوب الجزائر.
سعداني ماء العينين و عبد الله لماني، ضحيتي جرائم البوليساريو بتندوف، و عضوي الوفد المغربي المشارك في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي تحتضنه العاصمة البرازيلية حاليا، كشفا بحرقة، في حديثين منفصلين لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن جرائم ارتكبت في حقهما طيلة سنوات على أيدي قادة البوليساريو، جرائم تقتضي من هؤلاء الخجل ثم الخجل من أنفسهم أولا قبل الحديث والدفاع عن حقوق الإنسان.
سعداني، الناشطة الحقوقية اليوم، قدمت نفسها في المنتدى ، و هي كذلك، ” كنموذج لآلاف الضحايا الذين ذاقوا التعذيب بمخيمات تندوف” ، بحيث أكدت غير ما مرة أن ” البوليساريو قتل و عذب المئات من الأشخاص ، و لا زال يخرق حقوق الإنسان في جميع الميادين، إنهم يتلاعبون بمعاناة الصحراويين و يبيعونها و يمارسون التغليط منذ 38 سنة بأمريكا اللاتينية و غيرها من مناطق العالم”.
سعداني ماء العينين، تحدثت عن الفرصة التي أتيحت لها ، ولم تتح لكثيرين من الصحراوين، للهروب من جحيم تندوف، غالبت دموعها كثيرا و هي تحاول سرد تفاصيل التعذيب النفسي و البدني الذي تعرضت له..” أنا أول إنسان يعذب أمام الملأ رفقة أمي وأبي ، و عمري لا يتجاوز أنذاك الخمس سنوات..تصور و قع ذلك على طفلة بهذا العمر لا تستوعب أي سبب لتعذيبها..أبشع أنواع التعذيب التي استمرت حتى بلوغي التاسعة”، حينما بدأ فصل جديد من المعاناة.
” تم ترحيلي قسرا إلى كوبا و أنا لم أكن أتجاوز العاشرة من عمري ، و لم أعد منها إلى المخيمات إلا بعد 17 سنة ، لأجد والدي قد فارق الحياة ، و والدتي قد تمكنت من العودة إلى المغرب، بل وجدت من عذبني و وقف على تعذيب والدي ما يزال يشغل منصب وزير”، تضيف سعداني.
و خلال لقاء مناقشة حول “حقوق الإنسان و السلام” نظم ضمن أنشطة المنتدى المنعقد بالعاصمة البرازيلية، و طغت على نقاشاته القضية الفلسطينية، حاولت البوليساريو، و كعادتها،الركوب على هذه القضية ، حيث تدخل ممثل الانفصاليين بالبرازيل في محاولة لإقناع الحاضرين بتشابه لا يستقيم بين القضية الفلسطينية العادلة التي يدعمها المغرب، ملكا و شعبا، و بين النزاع المفتعل في الصحراء، و كل ذلك من أجل استدرار تعاطف مع قضية وهمية،و هنا تصدت مداخلات أفراد من الوفد المغربي المشارك في المنتدى للطروحات التي حاول الانفصاليون ترويجها.
ممثل الانفصاليين ردد كلاما بات مستهلكا يستند، كما العادة على الكذب و المغالطات، و تحدث عن كل شيئ باستثناء شيئ إسمه حقوق الإنسان بتندوف. و لأن البرازيليين و الأمريكيين اللاتينيين عموما اعتادوا، في الغالب، سماع رواية واحدة عن النزاع، فإن صمتا مطبقا خيم على القاعة التي احتضنت اللقاء، بعدما بدأت سعداني شهادتها الصادمة كضيحة حقيقية لجلادين يقدمون أنفسهم اليوم كضحايا. سعداني تحدثت لغة الحقيقة و الموضوعية عن وقائع جرت و تجري بمخيمات تندوف، و قائع صدمت الكثير من الحاضرين، الذين أبدوا عقب ذلك رغبة ملحة في سماع المزيد من تفاصيل هذه الوقائع..باختصار الرغبة في سماع رواية أخرى غير تلك التي ألفوا سماعها.
و رددت سعداني أمام الحاضرين أن ” البوليساريو ليست الممثل الشرعي للصحراويين” و أن ” مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب هو الحل الوحيد و الأمثل لحل النزاع و القابل للتحقق” و أن “اليأس استبد بنفوس الصحراويين بتندوف جراء تشبت قادة البوليساريو بحل +اللاحل+” .
أما عبد الله لماني، الذي اختطف ذات صيف من سنة 1980 من طرف عناصر البوليساريو، و هو المدني البريئ الذي لم يكن يعرف عن العسكر و السلاح غير الإسم، وجد نفسه وراء قضبان سجن كبير إسمه تندوف ذاق داخله و شاهد، و لأزيد من 23 سنة، أبشع أصناف التعذيب، في حقه و في حق المئات : التجويع و الإهمال المفضي إلى الموت، وضع المحتجزين و المختطفين داخل عجلات كبيرة و دفعها لتتدحرج بعنف في منحدرات بغرض التعذيب، الضرب العشوائي بأسلاك كهربائية، الكي بالنار…و خروقات أخرى يندى لها الجبين.
عبد الله، الذي اختطف إلى جانب سبع مدنيين مغاربة آخرين بينما كانوا على متن حافلة في سفر بالمناطق الجنوبية للمملكة، قرب الحدود الجزائرية، تحدث و هو يغالب غصة الظلم في حلقه، عن الكثير من تفاصيل التعذيب الجسدي و النفسي الذي عانى منه ولا زال يعاني من تبعاته، و حمل ، أثناء حديثة لوكالة المغرب العربي للانباء ، المسؤولية الكاملة ،عما جرى و يجري من خروقات لحقوق الإنسان، للسلطات الجزائرية .
عبد الله لماني ، الذي ضحك ضحكا كالبكاء ردا على سؤال عن شعوره و هو يسمع قادة البوليساريو يتحدثون عن حقوق الإنسان، استطاع، بعد 22 سنة على اختطافه، أن يسرب كتابا ألفه خلسة داخل سجون البوليساريو، اختار له “الرعب” كعنوان مختصر و معبر عن الفظاعات التي تعرض لها و يتعرض لها المحتجزون ، و التي قال إن الكثير منها لازال مستمرا في حق ساكنة تندوف إلى اليوم.
“أتحداهم ان يقبلوا زيارة لجنة دولية لتقصي الحقائق لتندوف”، لأن “هناك العديد من الأدلة الدامغة التي لايمكن أن تمحى عن هذه الفظاعات ، و يمكن للمختطفين المغاربة الذين نقلوا بين الكثير من السجون هناك تقديمها و تحديدها”، يقول عبد الله.
لكن، يبدو أن الجزائر، التي تنزعج من إيقاع تطور المغرب على المستوى الحقوقي و من انفتاحه على الآليات و المؤسسات الحقوقية الدولية، ستواصل، بعيدا عن نبل حقوق الانسان، الانشغال بغسل أدمغة الصحراويين و إيهامهم بوجود قضية عادلة ” تناصرهم” من أجلها و إيهام الشعب الجزائري أيضا بوجود عدو له اسمه المغرب.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=3185