أزمور أنفو 24 : الكاتب عبدالواحد سعادي
كن ماشئت ، ومهما كنت ، فأنت الميت ، أنت في أعيني مجرد قبر متنقل ، قبر متجول ، تمشي على رجلين إثنين ، وتأخذ مكانك في الطابور تنتظر متى يأتي عليك الدور. أما أنا فتذكرت أنني سأموت ، سأنتهي عاجلا أو آجلا إلى جثة هامدة . أخذت أتساءل : متى سأموت ؟ أين ؟ وكيف ؟ تتوالى أمامي سيناريوهات موتي : ها أنا ذا شيخ ملقى على الفراش أحتضر ، وحولي تحلق أبنائي وأحفادي (…) لا ، سوف تداهمني عجلات قطار أو شاحنة في وقت آت لا ريب فيه ، ما يفصلني عنه سوى الجهل بميعاده (…) لا ، قد أنتحر بأن ألقي بنفسي من الطابق العاشر كما فعل جاري البدين منذ بضعة أيام (…) لا ، سيداهم المدينة زلزال مروع فينتهي كل شيء بضع لحظات : تنهار جدران البيت فتحيلني إلى رميم (…) لكن ، من يدري ؟ فقد تطبق علي الجدران فأقضي بداخلها أياما مسجونا مختنقا قبل أن تزهق روحي (…) وما أدراني أن الأمر نفسه سيحدث لي داخل قبر حقيقي بعد أن أكون قد ” مت ” ميتة طبيعية ، فما يكاد قطيع الدافنين ينصرف حتى تنبعث في الروح ثانية ؟….أتراني كنت سأتجنب هذه الكارثة لو لم أضع حدا لحياتي ؟ بالتأكيد لا ، فما أجتازه الآن يجتازه كل إنسان سواء داسته سيارة ، أو داهمه قطار ، أو أصابته رصاصة ، أو غرق في بحر ، أو ارتمى في بئر ، أو ارتمى من شرفة قنطرة ، أو من طوابق عليا ، او احتضر في فراش بين الأهل والأقارب (…) كل نفس ذائقة الموت ، صدق ربي العظيم الذي تبث فلسفتي على عدم الإشراك به أبدا ، فرأس الحكمة مخافة الله (…)…
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=14654