أزمور أنفو24 المتابعة:وفاء الأثوبي
لم يكن الشيخ كشك مجرد واعظ مصري عربي يجيد السيطرة على مشاعر مستميعه,وانما بات شخصية لها مكانتها في العالم العربي و الاسلامي,تسجيلاته منتشرة في مابين طهران و داكار,و أشرطته تباع بكثرة من بيروت الى الرباط,في حين تم تفريغ هذه التسجيلات على الورق وصارت كتبا معروضة في لندن,الرجل اذن ليس فردا وانما ظاهرة تستحق الدراسة.
كما أن شيخ الأزهر ليس مفترضا فيه أن يكون مسؤولا مصرياكبيرا,وان صار كذلك,وانما هو رمز لأهم مؤسسة ثقافية في العالم الاسلامي منذ عشرة قرون,لانتحدث عن شخص بذاته,خصوصا أن كثيرين لم يعودوا يعرفون من هو الشيخ الأزهر,وانما أتحدث عن دور و وظيفة لعبه في الأزهر,وكانت مكانة شيخه من قمة هذا الدور.
ان المقارنة بين الرجلين هي مقابلة بين ما يمكن أن يسمى باسلام الشارع والاسلام الرسمي,أو اين اسلام الجماهير واسلام الحكومة,والموقف في مجموعة اعلان لا تنقصه الصراحة عن فشل محاولة تأميم المنابر الاسلامية و تحويلها الى ادارات و مؤسسات و تمكين شاغليها من وظائف و درجات.ان الشيخ كشك هو اختيار الجماهير المسلمة,أما شيخ الأزهر فهو من اختيار الحكومة المصرية,وقد كان ولاء كل منهما للجهة الـتي اختارته تاما,الأول حمل كل سخط الناس و غضبهم وأعلنه من فوق المنبر,والثاني حمل كل رغبات الحكومة واجراءاتها وحولها الى فتاوى شرعية أعلنها من صحن الأزهر…وكان الخاسر في القصة كلها,الأزهرو الحكومة
لماذا اعرض النا س اذن عن شيخ الازهر لما اصبح هذا الاخير يلعب دورا هامشيا, في وقت يتنامى فيه المد الاسلامي ,ويفترض فيه ان يكون لمثله من المؤسسات الاسلامية حضور قوي يتناسب مع الظروف والأحوال المهولة التي تجتاح الامة.لماذا خرج الازهر من دائرة التاثير وصار مفعولا به ؟ لماذا اصبحت قيمة الازهر السياحية تنافس مكانته العلمية؟ لانه ضحية محنة الاختيار التي مازلنا نعيشها, لانه اصبح تحت الطلب حين يبحت عنه, وليس جاهزا للصد والرد, وغدا يؤدي وظيفة الاطفائي الذي يذكر ه الناس فقط عندما يشب حريق هنااوا هناك, لانه غيبة الاختيار الحاسم تراوحت وظيفته بين ان يكون معهدا لتخريج الوعاظ او جامعة تستوعب الذين لم تسمح لهم درجات نجاحهم بالالتحاق بجامعات اخرا <محترمة> او معملا لتكوين الكوادر التي تعد لتلعب ادوار سياسية في بلاط سيد الرئيس, لانه تحول من منارة علم وقلعة فكر الى ادارة حكومية تدور في فلك الحزب الحاكم, ويقاتل رئيسها كي يصبح بدرجة نائب رئيس الوزراء ويعتكف في بيته احتجاجا على انه في درجة وزير ويؤرقه كثيرا لا يجد له الحكومة<الخدمة> بعد المعاش.وقد حدث ان يقاتل المرؤوسون فيما بينهم من اجل رجة او علاوة,او الفوز بعضوية بعثة الحج او الانضمام الى الخارج للقراءة والوعظ في شهر رمضان بعد ان يكونوا جاهزين لكل اشارة ميالية مع كل مسارات الريح،مادامت صادرةعن السلطة وموافقة لهواها’ اذا ارتفعت رايات الاشتراكية طلب من شيخ الازهر أن يعلن أن الاشتراكية من الاسلام,وأن النبي عليه السلام هو الاشتراكي الأول ف التاريخ,واذا انقلبت الآية وظهر عصر الانفتاح فان الاشتراكية تصبح كفرا و التأميم يصبح من المحرمات وان حرمة مال المسلم تغدو الوسيلة و الهدف,واذا تصاعدت حدة المواجهة ضد اسرائيل صار الجهاد حقا وواجبا وبات الصلح محرما على كل مسلم ومسلمة,واذا سعى البعض للصلح أطلقت حمامات السلام من فوق المنابر وأصبح شعار الجميع<ادخلوا في السلم كافة> واذا حل أسبوع النظافة انطلقت الحناجر مرددة أن النظافة من الايمان .عندما اجتاح عسكر فرنسا في الحملة الشهيرة على مصر عام
1798 كان الأزهرهو الحصن ومعقل المقاومة,وعندما توالت ضربات المستعمر العنيفة عليه,تصدى لها شيوخه بكل مايملكون من قوة,لم يستسلموا ولم تلن عزيمتهم,وعندما تجاوز ضغط الخطر حدود الطاقة,أغلق الأزهريون أبواب جامعهم ومضوا يناضلون في الشوارع.
اما اليوم فقد تحول الأزهر الى بوق للسلطة الحاكمة وناطق بلسانها بعد أن قلمت أظافره وشحب ضياء المنارة لتدور عجلة المرفق,ولكن قيمته الحقيقية كانت و ستبقى في انه رمز يجسد أحلام الجماهير و كبرياءها,ففعل ما فعل….هل هي قضية الأزهر وحده؟ نظلمه اذا قلنا نعم,لأن الأزهر ليس وحده ف الساحة؟!!
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=12148