ازمور انفو24:
منذ انطلاق البلوكاج الحكومي في شهوره الأولى، تبادرت إلى ذهن المواطن المغربي المتتبع للشأن السياسي العام حُزمَةُ أسئلة حول الأسباب الكامنة وراء تعثر تشكيل الحكومة، فبدأ يتساءل: هل يتعلق الأمر بتباين في الرؤى والمشاريع بين الائتلافات الحزبية، أم هو خلاف حول توزيع الحقائب الوزارية؟ وحتى كتابة هذه السطور، مازال المواطن في حيرة من أمره حول سؤال جوهري: لماذا يرفض السيد بنكيران مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، ويكتفي بحجة مصداقية التمثيلية الانتخابية غير المقنعة بالنسبة لشريحة عريضة من المواطنين لم تشارك حتى في عملية التصويت؟ لماذا يتشبث رئيس الحكومة المعين بنتائج الأصوات الانتخابية لإقصاء حزب الاتحاد الاشتراكي من المشاركة في الحكومة؟ لماذا لم يوضح السيد بنكيران سر رفضه مشاركة إدريس لشكر في حكومته الحالية؟ هل هناك فعلا بلوكاج سياسي ناتج عن اختلاف وجهات نظر، أم هو انسداد في أفق المفاوضات بسبب محاصصة ريعية للحقائب الوزارية؟ كيف ينظر السيد بنكيران إلى المحاصصة الحكومية بين أحزاب الأغلبية من خلال خطابه السياسي؟ هل يَعتَبِر بنكيران التكليف الوزاري مسؤولية تحتاج إلى الرجل المناسب في المكان المناسب، أم ينظر إلى منصب المسؤولية باعتباره غنيمة سياسية تؤول إلى الحزب الذي حصل على مقاعد تخول له الاستفادة من ريع هذا المنصب السياسي أو ذاك؟
للرد على هذه الأسئلة ، سوف نحاول تحليل الخطاب السياسي الذي أدلى به السيد بنكيران أمام المجلس الوطني يوم السبت 11/02/2017، وكذلك الكلمة التي ألقاها في حضور منتخبي حزبه بالرباط (انظر موقع الحزب ويوتوب).
قبل أن نتطرق لتحليل اللغة التي خاطب بها السيد بنكيران حزب الاتحاد الاشتراكي خلال حديثه إلى أعضاء المجلس الوطني، نشير أولا إلى الموقف السلبي الذي عبر عنه الخطاب اتجاه المنظمة الإفريقية، حيث وجه المتحدث لوما للمنظمة، و عاتبها على زيغها عن الطريق الصحيح، فقال: ” لما انحرفت عن مسارها!”، و نتساءل في هذا السياق عن مدى وعي المتحدث باللياقة الدبلوماسية في مثل هذه الظروف و ملائمة هذا العتاب للظرفية التاريخية التي يمر بها المغرب. كيف يتحدث بنكيران بلغة الملامة والنقد في وقت يتحدث فيه ملك البلاد بلغة الترحيب وتقوية أواصر الأخوة بين الدول الإفريقية وتوثيق علاقاتها الاقتصادية والاجتماعية؟ لو كان المتحدث نقابيا أو حقوقيا، ربما انسجم هذا الموقف مع توجهه الإيديولوجي، لكن هذا رئيس حكومة معين تُفترٓض فيه الحكمة والتبصر و تقريب وجهات النظر، كما تقتضي الدبلوماسية في هذا الظرف الزمني بالذات التركيز على إيجابية اللحظة و الإشادة برجوع المغرب إلى حظيرة الدول الإفريقية مع طيّ صفحة الماضي على الأقل بالتغاضي عن ذكره.
لقد استخدم المتحدث في هذا الخطاب أسلوبا فضفاضا، حيث أورد أفكارا عائمة تنقصها البراهين والمعطيات و الأرقام، كما أن خطابه لم يتضمن و لو إشارة بسيطة إلى برنامج سياسي يتبناه الحزب الفائز في الانتخابات. لقد ركز السيد بنكيران في حديثه إلى الرأي العام على استقطاب ثنائي بين المناضل المصلح و المرتزق الذي يبحث عن الامتيازات عبر إبراز أسلوبي لمرادفات تعمّٓد تكرارها في خطابه، و هنا نخص بالذكر كلمة “الوطن” التي وضعت الحزب ومناضليه في صف الحركة الوطنية، و كذلك في خانة المدافعين عن قيم المواطنة. و هكذا تمحور خطاب السيد بنكيران حول كلمات مفاتيح مثل “النضال” و “الدفاع” و “الصمود” و “القيم” و “الأخلاق” الخ، مما يحيلنا على التصور الطهراني للعمل السياسي الذي يتبناه جل أعضاء حزب البيجيدي. و في المقابل، لم يتطرق المتحدث لمعاني الحنكة السياسية والكفاءة في تدبير الشأن العام فيما يخص أطر حزبه، كما أن خطابه لا يشير من بعيد و لا من قريب إلى وجود مشروع سياسي يدافع عنه الحزب، فمنذ بداية الخطاب حتى نهايته، يختصر العمل السياسي في خطاطات أخلاقية تضع الفيصل أو “الفرقان” على حد تعبير أبوزيد المقرئ خلال حملته الانتخابية بمدينة الجديدة بين أيادي نظيفة و أيادي مدنسّة، بين” جهة تستمتع بالامتيازات” و حزب “يدافع عن القيم و الفضيلة”، كما “يدعو إلى الإصلاح و الاستقرار”.
تعتبر كلمة “الاستقرار” من المفردات المفاتيح التي يرتكز عليها خطاب السيد بنكيران، ذلك لأنه ينطلق من تصور مفاده أن الحزب وأنصاره انخرطوا في مسلسل ديمقراطي سلمي حقق للمغرب استقرارا اجتماعيا واقتصاديا، لهذا يتحدث بين الفينة والأخرى على نجاح سياسته في تبديد الاحتجاجات و القلاقل الاجتماعية، ثم لإقناع الحضور و الرأي العام، استخدم المتحدث في الخطاب إطارا حجاجيا يستقي قوته من الأمثال الشعبية (الحق أبلج والباطل لجلج) و الآيات القرآنية ( آية العصر)، والحديث، و سيرة السلف الصالح. هذه خطة حجاجية لا تنضوي ضمن مقومات الخطاب السياسي النموذجي، ذلك لأنها تقصي أراء أهل الخبرة السياسية والاقتصادية، و لا تهتم بالمصطلحات العلمية، و الدراسات الأكاديمية المتعلقة بالمحاور والقضايا المطروحة للنقاش، مما يدل على قلة إلمام المتحدث بالمقارابات العلمية في المجال السياسي، و كذلك قلة كفاءته في تركيب الحجاج السياسي.
في معرض حديثه عن البلوكاج الحكومي، وجه السيد بنكيران نقدا لاذعا لخصومه السياسيين، كما حملهم مسؤولية فشل تشكيل أغلبية حكومية، و أبدى استعداده للتضحية برئاسة الحكومة في سبيل المصلحة العامة للوطن، و هذا الاستعداد يضعه كما سبقت الإشارة إلى ذلك في صف المناضلين ودعاة الإصلاح. و استغل الفرصة لتسجيل موقف الحزب الإيجابي من انتخاب رئيس البرلمان، إذ أكد أن الحزب اختار تفويت هذا المنصب بإرادته لصالح حزب خصم في إطار الائتلافات الحزبية ومحاباة أحزاب الأغلبية، و عبر عن موقفه هذا قائلا: “ارتأى الإخوان في الأغلبية أن يختاروا رئيساً للبرلمان من حزب الاتحاد الاشتراكي، و لم نعترض على ذلك.” في رأي بنكيران، هذا يدل على حسن نيته في التفاوض مع باقي الفرقاء السياسيين، و في نفس الوقت أشار السيد بنكيران بأن الحزب الذي نال رئاسة البرلمان لا يتوفر على قاعدة انتخابية تمكنه من هذا المنصب أو من وضع شروطه في تشكيل الحكومة. لقد صرح قائلا: “هذا حزب لم تسعفه النتائج الانتخابية، حيث حصل على 20 مقعد، لكن يريد القفز على الدستور و عرقلة تشكيل الحكومة!” و في رأيه، فإن هذا الحزب يهدد الحكومة: “إما أن تكون به أو لا تكون!”، هذا معجم قرآني يشير إلى مدى عجرفة و تباهي الخصوم، الشيء الذي أغضب بنكيران، خصوصا عندما يدعي هذا الحزب حسب قوله بأن الحكومة لا يمكن أن تستقيم إلا بخبراته.
يبدو أن هناك حلقة مفقودة في هذه العلاقة السببية بين امتعاض بنكيران و اتهامه لبعض أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي بالاستعلاء عليه و الاستقواء بمنطق الكفاءة التي تغيب في خطابه عند سرده لميزات كوادر حزبه. و لم يعلل السيد الأمين العام إحساسه بالنقص اتجاه ادريس لشكر و رفاقه، فظل يسبح في عموميات حول تلاعب لشكر، ووعد بفضح المستور في الوقت المناسب، وحاول في هذا الخطاب رد الاعتبار لنفسه ولحزبه، إذ سخر من حزب الاتحاد الاشتراكي الذي حصل على 20 مقعد، و يسعى من خلالها إلى السطو في نظر بنكيران دائما على مكتسبات الحزب الفائز الذي حصل على 22 مقعد في جهة الرباط فقط، ثم أردف قائلا: “شوي ديل التواضع، في الوقت للي قولنا لو دخل بقا يتلاعب، غادي يجي الوقت غادي نقولو التفاصيل، هدرتي مع أخنوش ومع العنصر، جاوبوني و لا ماجاوبونيش عارف آش ندير!”
تعتبر كلمة “التواضع” في خطاب بنكيران مفهوما دالا في العراك السياسي بالمغرب، إذ يبدو أن بنكيران جد ممتعض من إسناد الخبرة والحصافة السياسية لأعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي مع إقصاء أعضاء البيجيدي من هذا التوصيف، مما يوضّح جليا لماذا يتجنب بنكيران الحديث و يتفاداه في خطابات رسمية حين يتعلق الأمر بكفاءات حزبه، و لما قارن الرئيس المعين حزبه بهذا الحزب الخصم، لم يتطرق إلى مستوى خبرة كوادر حزبه السياسية مقارنة مع رصانة و خبرات الاتحاد الاشتراكي، بل تشبت بقوة الصناديق الانتخابية و التفوق العددي في الأصوات والمقاعد، و اعتبرها معيارا أساسيا لإضفاء المصداقية على العمل السياسي.
من هذا المنطلق الإحصائي لأصوات الناخبين، كيف ينظر السيد بنكيران إلى المسؤولية السياسية في الحكومة المنتظرة؟ لقد تطرق في معرض حديثه إلى منصب رئاسة مجلس النواب، فقال: ” نحن في حاجة إلى شيء من العفة والقناعة، باراكا، جايب عشرين وديتي رئاسة مجلس النواب باراكا عليك، هل المقصود هو إهانة حزب العدالة والتنمية وعبد الإله بنكيران … إنشاء الله هذا لن يقع!” على إيقاع هذه الكلمات انفجرت القاعة بتصفيق الحاضرين، مما يؤكد ما أشرنا إليه سابقا، هو أن المعركة بين حزب العدالة و التنمية وحزب الاتحاد الاشتراكي هي معركة كرامة بين حزب يتوفر على كفاءات سياسية و لم يحقق مكاسب انتخابية، و حزب يتوفر على أهل الثقة اكتسح الساحة الانتخابية وحصد أصوات أنصاره و المتعاطفين مع خطابه الطهراني.
إن المثير في مقطع هذا التصريح هو الصياغة التي استخدمها بنكيران للتعبير عن وظيفة رئيس البرلمان، حيث عالج الأمر بأسلوب ريعي يعتبر مناصب المسؤولية غنائم يوزعها الفرقاء السياسيون فيما بينهم. إن تعبير “بارك عليك” يشير إلى أن المناصب الحكومية لا توزع بمنطق الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب، بل بمنطق النصيب الأوفر من المناصب الوزارية للحزب الذي حصل على أصوات أكثر في الانتخابات، و هكذا تبدو الحكومة عبارة عن “وزيعة” بين الأحزاب يتقاسمون مناصبها فيما بينهم على شكل “ڴُرْعات”، و يبدو أن السيد بنكيران منخرط حتى النخاع في هذا التصور الريعي للمسؤولية السياسية، ذلك لأن حديثه عن منصب رئيس البرلمان يصف المسؤولية على شكل غنيمة وُزٍّعت على الاتحاد الاشتراكي الذي يجب في نظر بنكيران أن يكتفي بها، و لا يطالب بغنائم أخرى، ثم يخلق الدسائس و يعرقل تشكيل الحكومة.
و مما يزيد الطين بلة، هو أن السيد بنكيران اعترف بأن البلوكاج الحكومي سببه شخص و ليس حزبا، وهكذا بعد شهور من البلوكاج، يفجر هذا التصريح منطقا سياسيا فريدا عجائبيا يبين مدى ارتجال الساسة المغاربة للقرار السياسي، إذ كيف يجرؤ هذا “السياسي المتمرس” على تصريح خطير كهذا يختزل بلوكاج شهور عديدة شابها تعطيل مصالح الدولة السياسية والاقتصادية و تأخير عمل مؤسسات الدولة في صراع بين شخص و حزب. هل يُعقل أن يُقحم رئيس الحكومة المعين المغرب و اقتصاده في محنة بسبب نزاعات شخصية وتوزيع غنائمي لحقائب وزارية؟ لقد اعترف السيد بنكيران في خطابه لحزب الاتحاد الاشتراكي بوطنيته و امتداد جذوره التاريخية، لكنه أدان شخصا من نفس الحزب بالتلاعب بمصلحة الوطن، أي بإرادة الناخبين الذين صوتوا على البيجيدي. و في هذا الصدد، قال بنكيران: “إلى كان عندنا مشكل مع شخص ، راه ما شي مشكل مع حزب”.
مازال يؤكد بنكيران على شرعية تمثيليته الانتخابية، ربما مستحضرا في ذهنه نظيره المصري الدكتور محمد مرسي دون الإحالة إليه بالاسم، و هكذا تجده يكرر العبارات نفسها بأنه “هو الضامن لاحترام إرادة المواطنين و مصلحة الوطن”، و حزبه في “الصدارة ينفذ الإرادة الشعبية”، لهذا في رأيه لن يلومه المواطنون إذا لم ينجح في تشكيل الحكومة، بل على العكس من ذلك، سيرى فيه المواطن حسب اعتقاده شهامة و مروءة وانتصارا لإرادة الشعب، هكذا انساق السيد بنكيران في التعليل، و استفاض في شرح موقفه السياسي من البلوكاج إلى درجة أنه استعمل اللهجة المصرية للتعبير عن نهاية الكلام، ناهيك عن تعريب الدارجة المغربية التي تحترفها سليقة بنكيران ، حيث قال: “إذا تهاونّا سيقولون “خَـلاَص”، لم يبق من يدافع عنا وسيكون عزوف عن الانتخابات في المستقبل!” هذه كلمات دالة تحيلنا على الفكرة السالفة الذكر، هو أن الحزب يعتبر نفسه ضامنا لاستقرار المغرب و مؤسساته التمثيلية.
يبدو أن السيد بنكيران هو الآخر ذاق دسم السلطة فأصيب بحمى قلاعية، حيث أصبح يخاف اقتلاع/خلع حزبه من رئاسة المجالس البلدية والقروية، ففي خطابه أمام منتخبي الحزب بالرباط الذي نُشر في موقع البيجيدي، حث بنكيران أصدقائه على الثبات في المهمة و نظافة اليد والاستقامة والقرب من المواطنين للاستمرار في مراكز القرار و الحفاظ على مناصب المسؤولية، و هكذا خلُص إلى أن هذا السلوك الأخلاقي يعتبر الضمانة الأساسية لبقاء الحزب و استمراره في السلطة لعشرات السنين حتى 2021 “وسير وسير..”. ما هذا الحلم المرساوي (نسبة إلى مرسي) إن لم نقل المأساوي في الاستمرار في دواليب السلطة؟ هل بهذا المنطق الاستحواذي على السلطة سيتحقق الاستقرار السياسي بالمغرب؟ ألا يفتح هذا الحلم الإسلاموي أبواب السياسة على المجهول؟ لماذا يحلم بنكيران وأتباعه بالبقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة بعيدا عن منطق التداول و مراعاة ظهور لاعبين سياسيين جدد في الساحة؟ كيف يخاطب أمين عام حزبه ويعده بالخلود في المناصب إن هو تفانى في خدمة المواطن؟ ما هذه الازدواجية في الخطاب؟ كيف يتبنى رئيس الحزب خطابا طهرانيا و يعلن استعداده للتضحية بالرئاسة في سبيل الوطن، ثم يأتي في محفل آخر ليعد أتباعه بالبقاء و الخلود في السلطة؟ هل كلمة “تضحية” هي المدلول المفتاح في لغز تمسك بنكيران بالسلطة؟ إن مفهوم “التضحية”الوارد في خطاب بنكيران يعني أن السلطة أصبحت مكتسبا وغنيمة، بل إذا تكلست مع مرور الوقت فستصبح لا محالة حقاً من الصعب انتزاعه من فريق البيجيدي. وهنا نضع تساؤلا على الأخ المناضل الوطني: هل مصلحة الوطن تقتضي خلود بنكيران ورفاقه في السلطة حتى سنة 2030 مثلا؟ هل هذا يعني على حد قولك يا أخي باللهجة المصرية “خَلاَص”، أمسينا أسرى لحلم إسلاموي يسعى لأخونة الدولة، و لا بديل للمواطن المغربي عن مناضلي الأخلاق!؟
و في الأخير، نطالب الفرقاء السياسيين بالتخلي عن شعارات محاربة الفساد، لأن هذا مشروعا مجتمعيا تقوده الآن إرادة ملكية، ولا داعي للمزايدات الكلامية حول الموضوع، إنه من العيب أن نعوم في البديع الطنان و نرفع شعار محاربة الفساد دون أن نقدم برنامجا سياسيا قابلا للتنفيذ…هل سيتقدم المغرب بمعركة بطولية أبدية يخوضها فارس مغوار اسمه “سيف ذو بنكيران” ضد العفاريت والتماسيح؟ كفانا أوهاما نبيعها للشعب في العلن، و لُعابُنا يسيل في ظلام الكواليس على اقتسام غنائم الريع السياسي!؟
د. محمد معروف، أستاذ بجامعة شعيب الدكالي
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=26904