التنمية الحضرية بمدينة آزمور بين الواقع الحالي والآفاق المستقبلية

2015-08-15T23:01:24+01:00
أزمور
15 أغسطس 2015آخر تحديث : السبت 15 أغسطس 2015 - 11:01 مساءً
التنمية الحضرية بمدينة آزمور بين الواقع الحالي والآفاق المستقبلية

عن العدد الثاني لجريدة أخبار أزمور الجهوية

إن المتتبع لواقع الشأن المحلي بمدينة آزمور ليشد انتباهه هذا التردي المتنامي لكافة مناحي الحياة فيها، إلى درجة أصبح معها المواطنون المتتبعون لما يجري ويدور يقرون باستحالة الخروج من هذه الدوائر المغلقة؛ في ظل حقائق واضحة للعيان وواقع يدل على أن الإقصاء والتهميش أصبح لازما ومرتبطا بهذه المدينة . ونظرا لشساعة موضوع التنمية الحضرية بمدينة آزمور بين الواقع الحالي والآفاق المستقبلية وتعدد أبعاده، سوف أخد كنموذج للدراسة والتحليل الأحياء الهامشية وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية والمجالية على آفاق التوسع الحضري لمدينة آزمور.
فالمدينة العتيقة كانت إلى حدود مرحلة الحماية هي المكون الأساسي والكلي للمدينة لمدينة آزمور؛ لكن عندما عرفت مدينة آزمور توسعا انتقلت الفئات الميسورة من المدينة العتيقة إلى السكن خارج الأسوار تاركة المجال للطبقات المهاجرة من الأرياف المجاورة لتحل محلها. حيث وجد المهاجرون القرويون ملاذا آمنا للسكن بالمدينة العتيقة، ونظرا لضعف إمكانياتهم المادية فإنهم لم يحافظوا على النسيج الحضري العتيق، وقد أصبح أكثر من النصف متدهورا أو مهددا بالانهيار، لكن عندما ارتفع ثمن العقار داخل المدينة العتيقة هاجر مجموعة من السكان خارج الأسوار. وقد رافقت هذه التطورات السريعة ظهور أحياء هامشية بضواحي مدينة آزمور: أحياء نمت وتطورت بشكل سرطاني؛ ويضطرد هذا النمو مع ضعف التشخيص وقدرة العلاج. وتتألف هذه الأحياء أولا من السكن الهش الذي لا تتوفر فيه الشروط القانونية والصحية. وتضم درب النخلة ورقية الجيلالية .ويتميز هذا السكن بكونه قديم، وكان يوجد على أطراف مدينة ازمور وشكل نسيجا انتقاليا بين المجالين الريفي والحضري، وعرف توسعا أفقيا وعموديا مع ارتفاع وثيرة الهجرة القروية؛ واليوم يشكل دربا النخلة ورقية الجيلالية جزءا كبيرا من الحي المعروف بالحفرة الذي يقع شرق آزمور
أما السكن العشوائي أو الهزيل فهي تلك الدواوير التي كانت تنتمي إداريا للجماعة القروية الحوزية وتمت ترقيتها إلى أحياء تابعة لمدينة آزمور على إثر التصميم المديري الجديد 2010،. وقد شكلت دائما نقطة سوداء حاول المسئولون التخلص منها بهدمها أو إعادة بناء مساكن جديدة لسكانها، ولكن اليوم أصبح من المستحيل تحقيق هذا الأمر. وأصبحت الإستراتيجية الجديدة هو الحد من توسعها وإعادة هيكلتها، لأن العدد أصبح كبيرا ويقدر بحوالي 3000 نسمة والوعاء العقاري غير متوفر، وتتكون من دوار دراعو ودوار سواني الموس وهي عبارة عن دور ريفية مازال سكانها يمارسون بعض الأنشطة الفلاحية ويعيشون حياة ريفية داخل المجال الحضري.

اسم الحي عدد الأسر المساحة هكتار
سكن غير لائق
403

5,5
– درب النخلة
– درب رقية الجيلالية
سكن عشوائي
335
250
5
6,7
– دوار دراعو
– سواني الموس
المجموع 988 17

ويضم دوار دراعو، الواقع شرق الطريق الرئيسية في اتجاه الدار البيضاء، ودوار سواني الموس، الذي يوجد غرب آزمور على الحدود مع جماعة الحوزية القروية. تقطن بسواني الموس ودوار دراعو حوالي 585 أسرة (حوالي 3000 ن)، لذلك ثم وضع إستراتيجية ضمن التصميم المديري لمدينة آزمور، على أساس :
– إعادة الهيكلة : تهم 383 أسرة من درب النخلة ورقية الجيلالية، وحوالي 231 أسرة من سواني الموس وما يقارب 129 أسرة من دوار دراعو.
– إعادة الإيواء : وتخص 20 أسرة من درب النخلة، 14 أسرة من سواني الموس و10 اسر من دوار دراعو.
يدخل هذا البرنامج في إطار مدن بدون صفيح وكانت تشرف عليه شركة العمران، وتقدر تكلفته بحوالي 17 مليون درهم. ساهم المستفيدون بحوالي 5,39 مليون درهم، وصندوق الضمان للسكن بحوالي 8,73 م درهم والجماعة الحضرية لآزمور ب3,3 م درهم.
فمدينة آزمور تحاول التوسع وليس أمامها إلا جهة الجنوب الغربي في اتجاه الجديدة، والتي أقفلت بحكم إنشاء مركب مازغان. ويبقى الحل الوحيد هو التوسع العمودي، وهذا الحل محدود في الزمان والمكان، مما يفرض التوسع على حساب الجماعات القروية المحيطة بآزمور، و يطرح ذلك إشكالية إدماج دواوير داخل المجال الحضري، وفي ظل الإمكانيات الضعيفة للجماعة يصعب إعادة تأهيلها وإدماجها عمرانيا واجتماعيا.

وتعود أسباب هذا المد الحضري الغريب على مدينة آزمور إلى ضعف المراقبة الصارمة للتخطيط الحضري وسوء تدبير التوقعات المستقبلية لإشكالية السكن، ثم نتيجة لسوء وعدم مراقبة البناء الذي يغض عنه الطرف في بعض المناسبات.وهذا النوع من السكن يخل بالمشهد الحضري للمدينة، فهذه الأحياء أصبحت اليوم تشكل حزاما منيعا أمام أي توسع مستقبلي للمدينة .وحتى إذا ما تم توسيع مدينة آزمور مستقبلا، فالمنظر الحضري للمدينة سيعرف خللا وتشوها لأن هذه الأحياء ستصبح بمثابة مراكز داخل المدينة مما يطرح معه العديد من الإشكالات المجالية العميقة التي يستحيل معها إيجاد حلول لمعالجتها.
وإذا ما تتبعنا سيرورة التوسع الحضري لمدينة آزمور سنلاحظ بان هذا التوسع لم يأت نتيجة نمو طبيعي في البنيات الاقتصادية والاجتماعية ؛وإنما جاء نتيجة العلاقات في البنيات اللامتكافئة بين مدينة آزمور ومحيطها الريفي،والتي كانت من نتائجها تحول عدد كبير من سكان الأرياف المجاورة بين عشية وضحاها من سكان قرويين إلى سكان حضريين
وهدا المد الريفي نحو المدينة خلق اقتصادا غير مهيكل، ولا يقل هشاشة عن النسيج الحضري و الاجتماعي.فالاقتصاد غير المهيكل أو غير المنظم هو القطاع الذي أصبح سائدا في المدينة، وأمام غياب أنشطة اقتصادية مهيكلة ومنظمة توفر مناصب الشغل لكل السكان النشيطين، ظهرت وتولدت بشكل سريع ومتنامي الأنشطة الغير المهيكلة : الفراشة ، العربات المجرورة…الخ. . واليوم أصبح هذا النوع من التجارة يُزاول في أماكن عمومية وشوارع رئيسية، الشيء الذي يؤدي إلى عرقلة حركة السير والجولان مما يخلق نوعا من الفوضى وسط المدينة وخاصة في أوقات التبضع. وهذا النوع من الاقتصاد هو نتاج للهجرة القروية والنمو الديمغرافي. كما أن انعكاسات هذه الأسواق العشوائية بوسط المدينة تكون كارثية على البيئة وعلى المحيط البيئي للأحياء المجاورة.
وإذا كانت كل البرامج والمبادرات والخطط التنموية وغيرها تهدف إلى بلوغ أهداف وغايات تصب كلها في اتجاه تحقيق تنمية حقيقية وتغيير شامل فأين نحن في واقعنا الحالي المعاش من كل هذا؟ بحيث لا زال هناك فقر وبطالة وإقصاء وتهميش واختلالات مجالية واقتصاد هش وأحياء هامشية وكل مظاهر التخلف ما زالت قائمة الذات، فأين نحن من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومن برنامج مدن بدون صفيح، وأين نحن من البرنامج الوطني لمحاربة الإقصاء في الوسط الحضري؟ وهكذا فإنه بدون تهيئة الإنسان لا يمكن البتة الحديث عن تهيئة للمجال الحضري، خصوصا وأن العلاقة بين الاثنين (الإنسان والمجال) علاقة جدلية، لا يمكن الفصل بينهما بأي حال من الأحوال. وإشراك الساكنة المحلية في تدبير شؤون المدينة، انطلاقا من رؤية تشاركية واضحة الأهداف، متجاوزة بذلك الطرق والأدوات الكلاسيكية في تسير وتدبير سياسة المدينة، وبالتالي فإن النهوض بالأوضاع الاجتماعية للإنسان الحضري من خلال تقليص نسبة الفقر والبطالة وتوفير مناصب الشغل ومحاربة الإقصاء والتهميش…. كلها إجراءات ستجعل منه أداة فاعلة في التنمية الحضرية، وبالتالي المساهمة الفعلية في تهيئة المجال الذي ينتمي إليه.
البيبليوغرافيا
1المهدي بنمير ” المدينة المغربية أي تدبير للتنمية الحضرية؟” سلسلة اللامركزية والجماعات المحلية مطبعة دار وليلي للطباعة والنشر مراكش، الطبعة الأولى، 2005
2- السيد الحسيني .” الإسكان وتنمية الحضرية ، دراسة للأحياء الصفيحية في مدينة القاهرة”، مكتبة غريب، مصر، الطبعة الأولى 1991
3- بوزيان أحمد :” استراتيجية تنمية المدن – دليل منهجي-“، مطبعة عكاظ الجديدة
4احمد باهني :التوسع الحضري ومشاكل الإعداد بحث لنيل شهادة الماستر في الجغرافية

إدريس ديباحي
باحث جغرافي

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!