الثرات الحضري بمدينة ازمور العتيقة بين الأزمة وتدخلات الفاعلين والتجديد أي انعكاسات للدينامية السياحية التي شهدتها المدينة العتيقة على المستويات السوسيواقتصادية والمجالية

2015-12-17T15:10:27+00:00
أزمورثرات أزمور
17 ديسمبر 2015آخر تحديث : الخميس 17 ديسمبر 2015 - 3:10 مساءً
الثرات الحضري بمدينة ازمور العتيقة بين الأزمة وتدخلات الفاعلين والتجديد أي انعكاسات للدينامية السياحية التي شهدتها المدينة العتيقة على المستويات السوسيواقتصادية والمجالية

أزمور أنفو24 بقلم: إدريس ديباجي /عن جريدة أخبار أزمور الجهوية

تعتبر المدينة العتيقة بازمور من أهم المدن التراثية المطلة على وادي ام الربيع. وتضم  العديد من المعالم العمرانية والمعمارية والآثار من حقب تاريخية  مختلفة، مما أسهم في توظيف الموروث الحضاري في ميدان السياحة سواء من قبل القطاع الخاص فمند سنة 1998 بدأت تحتضن المدينة العتيقة ضدا على المخططات التي تبنتها الدولة مند أواسط الستينات، لجعل عملية الإعداد السياحي منفصلة ومعزولة عن التجمعات السكنية، وخصوصا بالمدن العتيقة. وأمام غياب إستراتيجية ومبادرة إعداد للبنية الإيوائية داخل المدن العتيقة، ظهرت ما يسمى بمنازل الضيافة[1]، وهي تحويل المنازل القديمة والرياضات إلى إقامة سياحية بعد ترميمها وتجهيزها وفق مقاييس ومعايير خاصة، وتشهد مدينة آزمور العتيقة مجموعة من دورالضيافة ثم إنشاؤها في غفلة عن مندوبية السياحة. ورغم محدودية الطاقة الاستعابية لهذه الدور، فإنها تشكل منافسا للفنادق الفخمة من حيث جودة الإطار والمنتوج ، وقد أسهم تطور ظاهرة دور الضيافة في إعادة ترميم بعض الدور وإنقاذها وضمان صيانتها، وكذلك  إبراز مكوناتها التراثية الفريدة من هندسة معمارية أصيلة وجمالية متناسقة  رائعة، تجعلها من جديد مفخرة تاريخية في زمن الحداثة ، وتستهوي شريحة معينة من السياح الدوليين ،

      فمن خلال اللقاءات مع بعض الأجانب المستقرين بالمدينة العتيقة، تبين لنا أن خيار الاستقرار في المغرب وخصوصا في المدينة العتيقة، يندرج في إطار البحث عن نمط جديد من الحياة في المدينة العتيقة، وتجدر الإشارة إلى أن هؤلاء الأجانب يوجدون في امتياز اجتماعي في بيئتهم الجديدة: مستوى -عيش مرتفع- ويستفيدون من خدمات مستخدمين وبأثمنة زهيدة، -منظفة، طباخة، سائق-، وهو مالا يستطيعون التوفر عليه في بلدانهم الأصلية. فهؤلاء السكان الجدد يساهمون في بناء المدينة العتيقة، ويعيدون تشكيل المعمار وفق اختيارهم ومداركهم

لكن في الآونة الأخيرة قرر مجموعة من الأجانب وضع ممتلكاتهم للبيع ومغادرة المدينة العتيقة. والاستقرار إما في عمارة في مدينة الجديدة أو الرجوع إلى البلد الأصلي؛ وذلك لمجموعة من السباب والدواعي لا يتسع المجال هنا لرصدها وسوف نحصص إليها مقالا خاصا.

إن المدينة الأصيلة ، نسيج هندسي عمراني مميز، وغني بجماله وتصاميمه وسيماته القديمة ، وهي إرث سكني واقتصادي وثقافي استطاع الصمود في وجه الزمن، ولا يمكن إقباره أوتجاهله ، بل ينبغي الحفاظ عليه ورد الاعتبار لقيمته الأصيلة ولوظائفه من اجل استمرارية وجوده.لكن نلاحظ أن التدهور والتلاشي أصبح السمة الرئيسية التي تتميز بها مساكن المدينة العتيقة بازمور.

تلاشي وتزايد مستمر للمباني الالية للسقوط

فمن خلال الدراسة التي قمنا حول المدينة العتيقة والملاحظة الميدانية اتضح لنا أن السكن الأصيل هو الأكثر تدهورا. ويصل عدد المساكن المتدهورة إلى 219 منزلا؛ وهذا أمر طبيعي لأنه الصنف الأكثر قدما من جهة،. من جهة ثانية تلعب الظروف السوسيو اقتصادية للسكان دورا بارزا في تدهور السكن الأصيل بمدينة آزمور العتيقة. فالمستوى الاقتصادي والثقافي والاجتماعي يؤثر على سلوك الفرد وتعامله مع المجال. وبما أن الوضعية الاجتماعية بالمدينة تتميز بهيمنة الفئات الاجتماعية ذات الأصول القروية. فان التعامل مع المجال ستكون له نتائج سلبية مما سيؤثر حتما على الحالة الفيزيائية للسكن الأصيل؛لأن المهاجر القروي يحمل معه إلى المدينة عادات وسلوكات بدوية. كما أن الوضعية الاقتصادية لقاطني السكن الأصيل لا تسمح لهم بالقيام بعمليات الصيانة والإصلاح.

      أما الصنف الأصيل المتجدد فتصل نسبة المساكن التي توجد في حالة متوسطة وجيدة إلى 83,02أي ما يقارب 44منزلا من أصل 53 من المساكن التي تم تجديدها وإصلاحها من طرف الملاك الجدد،.لأن مند سنة 2001 شهدت المدينة العتيقة  تدفقا وتهافتا غير مشهود للمستثمرين الأجانب؛ على اقتناء المنازل التقليدية وإصلاحها وترميمها ثم تحويلها إلى دور الضيافة أومنزل ثانوي، وحسب نتائج البحث الميداني فإن 33 منزلا من الصنف الأصيل المتجدد التي توجد في حالة جيدة يمتلكها أجانب أومستثمرون مغاربة، وذلك بنسبة 71% من مجموع مساكن الصنف الأصيل المتجدد. أما نسبة تدهور الصنف التقليدي فتصل إلى37 %تقريبا، وهدا أمر طبيعي لأنه يعتبر من الأصناف الأكثر قدما، أضف إلى ذلك دور العوامل الطبيعية والبشرية التي سلف ذكرها؛ كسوء وضعف الصيانة، والاستعمال المكثف، وغير العقلاني للمجال السكني: لذلك فنسبة التدهور تقل كلما كان عمر البناية حديثا. وهكذا نجد نسبة 87,68  %من  مساكن الصنف الحديث في حالة جيدة و12% تقريبا في حالة متوسطة.أما السكن الهزيل والذي يدخل في خانة المنازل المهدمة والخرب، فتصل نسبة إلى  %80,85 أي ما يقارب 38منزلا من أصل 47 و19,14 %مهددة بالانهيار. فظهور هذا النوع من السكن أدى إلى اختلال التوازن البيئي داخل المدينة العتيقة، لأن أكثر من نصف بنايات هذا الصنف هي مستويات تدهور الإطار المبني: ” المساكن “

      يعود تاريخ بداية مسلسل التدهور إلى بداية السبعينات. وتصل نسبة تدهور المساكن اليوم إلى 40 % تقريبا اي مايقارب 296 منزلا من أصل 739 منزل. مما يعني نصف المساكن قد تدهورت على مدى ثلاثة عقود من الزمن . فما هو مصير باقي المساكن في العقود القادمة؟ إن لم تطل هذه المباني عمليات الترميم والإنقاذ اللازمة من لدن الجهات المسؤولة، وتتبع ملف إعادة رد الاعتبار ومراقبة وزجر كل عملية إصلاح أو هدم غير قانونية.

من خلال الدراسة التي قمنا تبين أن 53 %السكن بالمدينة العتيقة يوجد في وضع متدهور،  و30 % في حالة متوسطة مع وجود بعض الفوارق بين المجالين على مستوى الأحياء، حيث نجد أن السكن في وضع جد متدهور يصل إلى حوالي 80 %بحي القصبة  وبحي بالملاح.

هذا التدهور يصاحبه ارتفاع في نسبة التساكن، حيث لا يتوفر ثلث أسر مدينة آزمور إلا على غرفة واحدة وثلثها الآخر على غرفتين، أي أن الثلث فقط هو الذي يتوفر على مسكن يكفي لعدد أفراد الأسرة.

أما بخصوص إشكالية ظاهرة السكن المهدد بالانهيار، والذي يسجل ارتفاعا كبيرا في وثيرته، فالإحصائيات المتوفرة لحد الآن بخصوص مدينة آزمور تؤكد: أن المدينة العتيقة آخذة بوتيرة متسارعة في التدهور نتيجة الاكتظاظ  وتدهور الهياكل والأساسات ومجاري المياه وسوء الاستعمال والإضافات والإصلاحات السلبية التي عرفتها، إلى جانب هشاشة وضعها الاجتماعي، كما أن ما يناهز 70 %في المائة من ساكني الدور المهددة بالانهيار مكترون،…. بالإضافة إلى المسطرة العقارية وحيازة المساكن الآيلة للسقوط.

هذه الظاهرة تمس أيضا العديد من البنايات ذات القيمة التاريخية والمعمارية، التي يتوجب ترحيل ساكنتها، مع تدعيمها وتقوية هياكلها في انتظار ترميمها  وإعادة استعمالها، فهي تبلغ في مجملها 123 بناية تأوي عشر عائلات. فيما تبلغ البنايات الممكن إصلاحها وتقوية هياكلها بصفة عاجلة مع تخفيض كثافة سكانها ما يناهز 254.

ورغم الأهمية التي تحتلها المدينة العتيقة لأزمور على الصعيد الوطني والدولي، فإنها لم تصنف كثراث إنساني وحضاري  و مازا لت تعاني من سوء التدبير وانعدام الحكامة الجيدة من في مختلف المشاريع.ومن هدا المنبر فإننا نناشد شباب المجلس وكل الغيورين على مدينة ازمور بأن يمدوا لنا يد المساعدة كي نعمل سويا من اجل المطالبة بتصنيف مدينتنا ضمن التراث العالمي.فالمتتبع لمسار تطور المدينة العتيقة لأزمور يلاحظ تراجع وظائف المدينة العتيقة،بسب الاكتظاض،وارتفاع ظاهرة الهجرة القروية،إضافة إلى تدهور الإطار المبني.وتهدم معالمها التاريخية كسور الذي تهدم.فكل هذه الظواهر تفرض التدخل في إطار مقاربة تنموية شاملة لتقويم الأوضاع ورد الاعتبار لهذا التراث الحضري.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!