جماعة مولاي عبد الله بين طموح الاستثمار و كابوس تشريد أكثر من ثلاثين عائلة: أزمة مطعم القرش الأزرق إلى أين؟

2016-04-12T11:07:46+01:00
جهوية
12 أبريل 2016آخر تحديث : الثلاثاء 12 أبريل 2016 - 11:07 صباحًا
جماعة مولاي عبد الله بين طموح الاستثمار و كابوس تشريد أكثر من ثلاثين عائلة: أزمة مطعم القرش الأزرق إلى أين؟

ازمور انفو24:

قبل أن نتطرق للأبعاد الحقوقية لهذه القضية الاجتماعية، نود في البداية أن نحيط القارئ بمعلومات حول مجريات الأحداث، كما شهدتها ردهات المحاكم، حتى أصبح اليوم الوضع مأساويا، ومجلس مولاي عبد الله الآن يكاد أن يغدو مادة صحافية ، سيلفت إليه الأنظار مع تطور الأحداث في المستقبل القريب، إذ بعد مجموعة من المعارك القضائية الساخنة بين شركة القرش الأزرق وجماعة مولاي عبد الله، و بعد نقل القضية من محاكم مدينة الجديدة إلى مدينة سطات، تم في النهاية الحكم على الشركة بالإفراغ يوم 18 فبراير 2016، و تقدم المعنيون بالإفراغ على إثر هذا القرار باستعطاف، منحهم تمديدا حتى السابع من شهر ابريل ، كما استفادوا من تمديد جديد مجهول المصدر، و كثر اللغط حول هذه الحلول التي تعتبر جلها ترقيعية، لا تبشر بمصالحة اجتماعية في ظل أجواء التوتر و التهديد بإفراغ المحل بالقوة، وطرد أكثر من ثلاثين عامل إلى الشارع، وهنا نضع السؤال على ممثل الشعب، مجلس مولاي عبد الله: هل تحول المجلس إلى منعش اقتصادي متوحش، أم لازال ممثلا للأمة، ويفكر في مصالحها الاجتماعية؟ كيف سيوفق بين الاستثمار والملف الاجتماعي لهؤلاء العمال؟
بغض النظر عن النزاعات القانونية بين المجلس والشركة، وطموح المجلس في إعادة كراء المحل لشركة أخرى، نود أن ننبه أعضاء المجلس إلى خطورة هذا الوضع الاجتماعي المحتقن، وما قد تؤول إليه الأمور في حال تنفيذ الحكم بقوة القانون دون الأخذ بين الاعتبار الملف الاجتماعي لهؤلاء المستخدمين الذين قدّموا خدمات فندقية في المستوى المطلوب اشتهر بها المنتجع لمدة تناهز ثلاثين سنة.
أولا وقبل كل شيء، هذا المطعم كان و لا يزال معلمة سياحية يقصدها الزوار من كل حدب و صوب، وله سمعة طيبة في المنطقة، ولا أحد يستطيع أن يزايد على هذا الموضوع بما في ذلك أولئك الذين قد يساندون المجلس في نزاعه ضد الشركة، إذ بفضل مستخدميه وتفانيهم في العمل قدّموا الكثير لهذه الشركة التي تتعاقد مع أكبر المؤسسات الثقافية والاقتصادية في المدينة بدأ من جامعة شعيب الدكالي، والمكتب الشريف للفوسفاط إلى جليك وسوناسيد، ولا يعقل أن “يقرر” المجلس بجرة قلم طرد الكل إلى الشارع بعد أكثر من 28 سنة من العمل، متناسيا أن الإفراغ القصري سيؤدي برب العمل إلى إعلان إفلاسه، و هكذا سوف تضيع جميع حقوق العمال: أهكذا يفكر منتخبونا، وممثلو الشعب؟
إن طرد أبناء الشعب لتحقيق أرباح مادية لفائدة المجلس أو بعض أعضائه، سيضع نقطة استفهام حول دور المجالس في التنمية الاقتصادية، والحفاظ على السِلم الاجتماعي. نحن متفقون أنه لا يوجد عيب في أن يفكر المجلس في عرض هذا المحل في مزاد علني ، أو كرائه لشركة أخرى، لكن تجديد العقد مع الشركة الحالية بسومة كراء مغايرة أو البحث عن مستثمر آخر، لا يجب أن يلغي حقوق العمال في التواجد في عملهم، ويجب أن يراعي الظروف الاجتماعية ويضعها من أولوياته، لأن هؤلاء المستخدمون يشكلون عددا مهما من اليد العاملة، و عددهم يفوق ثلاثون أسرة، وحين نقول أسرة فلا نقصد فقط الزوجة والأولاد، بل الأم والأب والإخوة، الكل يعلم كيف نعول أسرنا الممتدة في إطار التكافل الاجتماعي، سيرمى بكل هؤلاء في آتون الضياع، و أغلبية هؤلاء هم الآن في وضعية دائنة، لهم اقتراضات بنكية، و التزامات مدرسية و طبية واجتماعية. كيف سيقوم من يتوفر على خبرات عالية في الفندقة، وهو متقدم في السن، بالبحث عن الشغل والبداية من الصفر في شركة أخرى أو في قطاع آخر؟
كيف لدولتنا أن تنخرط في تطبيق فصول رأسمالية متوحشة لا تنظر إلى الملفات الاجتماعية، وتسعى فقط إلى تكديس الثروات في أيادي الأقليات فقط؟ يجب أن يلتفت المجلس والشركة معا إلى حال هؤلاء العمال والنظر في حالتهم الاجتماعية لأنهم قبلوا الانخراط في المؤسسة الرأسمالية، ويؤمنون بإديولوجيتها، وللتذكير فقط، حتى في ذروة الأزمة المالية العالمية التي ضربت أوروبا مؤخراً، لم تتنصل المجالس والحكومات من التزاماتها الاجتماعية اتجاه مواطنيها، بل طرحت مشاكل القروض الصغرى، و تسريح العمال، ووضعتها على رأس جدول أعمالها، والتزمت بوضع الحلول المناسبة، فكيف بنا نحن الذين نستورد الأفكار والمناهج والمقاربات من الغرب، لا نطبق إلا ما يخدم مصالح الأقليات . لا يمكن لمجلس يضم منتخبين يمثلون الشعب أن ينخرط في استثمار عشوائي بدعوى حماية المال العام، ويقوم بتشريد عائلات بأكملها، بعد ثلاثين سنة من الخدمة التي قدمها عائلوها. نحن نرى أنه يجب على المجلس أن ينعقد في دورات تشاورية، و يفتح نقاشات عمومية، يحاور من خلالها النقابة المعنية بالأمر للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف المتدخلة في الموضوع، وفي هذا الصدد، نطلب من السيد عامل الإقليم أن يلعب دور الوساطة لحل هذا النزاع.
ونود أن نشير في هذا السياق إلى أن أي خطوة لإفراغ المحل و تشريد عماله، سيشكل نموذجا يحتذى به في قطاعات أخرى، و قد يرمي بنظام التعاقد في القطاع الخاص إلى مزبلة التاريخ، و قضية مطعم القرش الأزرق تحيلنا على قضية الأساتذة المتدربين الذين يرفضون المشاركة في القطاع الخاص، هذا دليل واضح عن عدم وجود ضمانات من أي نوع في هذا القطاع غير المهيكل، إذ هؤلاء المستخدمون ليسوا فقط ضحية رب العمل الذي فضل الاقتيات على ساعاتهم الإضافية و الأعياد التي اشتغلوا خلالها دون مقابل، و عملوا في إطار غياب الحوافز، دون ذكر أن الأغلبية تشتغل في ” النوار” بدون ضمان اجتماعي، بل هم كذلك الآن ضحية طرف ثالث، يتمثل في المجلس، مالك الأرض، والذي يلوح بإفراغ المحل، وتفويته / كرائه لمن سيدفع أكثر: أمام هذه الأزمة الإنسانية، نتساءل عمن سيضع ثقته في القطاع الخاص مرة أخرى، وهو يعلم أن يوما ما سيكون مصيره الضياع.
الآن والأزمة قائمة، لابد من التفكير في حلول ناجعة للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر، إذ نطالب المجلس بالتريث ودراسة الملف الاجتماعي دراسة متأنية رصينة، كما نطالب السيد عامل الإقليم بمنح هذا الملف أولوية قصوى، لأن ما يحز في أنفسنا هم أطفال وناشئة هؤلاء المستخدمين الذين هم في المدارس الآن، وفي إطار تكوين مستقبلهم: ماذا ينتظرهم في المستقبل القريب؟ إن أي خطوة من قبيل الإفراغ القصري، ودون النظر في الملف الاجتماعي، سيعرض هذه الناشئة لا محالة إلى الضياع.
بعد معاينة الوضع، والحديث إلى مستخدمي المطعم، علمنا أنهم قاموا بإسناد مهمة الدفاع عن حقوقهم إلى نقيب المحامين، وراسلوا جميع الجهات المسؤولة، كما قاموا بتأسيس نقابة لمستخدمي القرش الأزرق، وتعنى هذه الأخيرة بهذه القضية المصيرية، إذ عقدت اجتماعات ماراطونية متتالية، وعبرت عن استعدادها لخوض جميع الأشكال النضالية الممكنة للدفاع عن مطالبها في هذا المجال، ويجب أن ننبه السادة المسؤولين في هذا الباب، أن فصل الصيف على الأبواب، ولا يعقل أن يفتتح منتجع سيدي بوزيد هذا الموسم احتفالاته على إيقاع الاحتجاجات، والاعتصامات، والإضرابات على الطعام ، و لافتات تطالب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالتدخل لإنقاذ هذه العائلات من الضياع.
أيها المجلس الموقر، نحن الشعب ! نحن نصنع القانون، ونحن الذي نطبقه، فلهذا يجب التفكير مليا في آليات تضمن حقوق هؤلاء العمال، ولا بأس في تفعيل مسطرة الصلح في هذا الباب لإنقاذ سمعة المجلس، و تحقيق الاستثمار المسؤول، وإنقاذ هؤلاء المواطنين من الضياع.
مواطن من مدينة الجديدة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!