الخطاب السياسي الجديد

29 سبتمبر 2016آخر تحديث : الخميس 29 سبتمبر 2016 - 6:00 مساءً
الخطاب السياسي الجديد

ازمور انفو24 المتابعة:أحمد امشكح عن جريدة المساء

في عز المواجهة التي كان يخوضها حزب الاتحاد الاشتراكي مع نظام الحسن الثاني ،كانت الانتخابات مجرد محطة نضالية يسمع فيها صوت القوات الشعبية ،وكانت تلك اللحظة وازنة بخطابها وشعاراتها  واناشيدها التي تملأ الفضاء وتبعث الرعشة في الأجساد.

اليوم،أضحت الانتخابات غاية لا بد للحزب أن يكسب من ورائها الأصوات والمقاعد ،لذلك استدعى لها رجالاتها الذين يعرفون كيف تكسب هذه المقاعد ،في الوقت الذي تراجع فيه مناضلو المقرات الحزبية إلى الخلف.

وعلى نفس خطى التراجع ،أصبح الخطاب السياسي الذي تبعث به الأحزاب في حملاتها الانتخابية غير الخطاب .وسواء كان خطابا مباشرا أو غير مباشر ،فإن الصورة أضحت تبعث على الغثيان.. كيف يفتتح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ،الخارج من مهمته الحكومية ،حملة حزبه الانتخابية بالبكاء والنحيب، في الوقت الذي كان فيه المتتبعون ينتظرون منه أن يقول للمغاربة ما الذي حققه خلال هذه السنوات الخمس التي قضاها في الحكم.

نفس الصورة البيئية للخطاب السياسي قدمها الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، الذي اختار أن يفتتح حملة الحزب بوجبة البيصارة، ثم بصورة له رفقة أسفنجي في مكان شعبي !!!الصورة تكررت مع الوزير السابق والقيادي في حزب الميزان كريم غلاب الذي ظهر وهو يحلق رأسه داخل مكان شعبي بدوره!!أما نبيل بنعبدالله فقد ظهر وهو يأكل التين الهندي إلى جانب رفيقته في الحكومة والحزب أمام عربة لبيع هذه الفاكهة ،لا شك أنها في سوق شعبي.

هي صورة مثيرة ،لكنها تحمل خطابا جديدا لم يعد ،لحسن الحظ ينطلي على الناخبين. خطاب يريد أن يقول لهؤلاء الذين سيتوجهون غذا إلى صناديق الاقتراع أننا نشبههم في كل شيء لذلك رجاء لا تخيبوا الظن.

مع بنكيران ،عشنا نفس هذه المسكنة منذ تحمل المسؤولية الحكومية .لقد ظل يعتبر نفسه ضحية في مواجهة جلاد أو جلادين. وهؤلاء هم من ظل يسميهم تارة التماسيح وأخرى بالعفاريت! !وهي تقنية نجح من خلالها في الهروب من الكثير من مسؤولياته.

فحينما اختار أن يزلزل موظفي القطاع العام بمشروع “اصلاحه”لنظام التقاعد والمقاصة ،واختار أن يثقل كاهل المغاربة بهذه الديون الفلكية التي اقترضها لم يكن يخشى أن تعترض العفاريت والتماسيح طريقه؛لكنه حينما يخفق في تدبير ملف اجتماعي أو سياسي ،فإنه لا يجد غير هؤلاء لكي يليق بهم فشله،والحصيلة هي أن دموع بنكيران تشبه إلى حد كبير دموع التماسيح التي لا يصدقها أحد.

أما شباط الذي اختار البيصارة لانطلاق حملته الانتخابية،فقد سلك طريقا سبقه اليها آخرون ،ولاشك أن رواد الفضاء الأزرق يتذكرون صورة الوزيرين رباح والخلفيات أمام بائع البيصارة فب أيامهما الأولى ،قبل أن تظهر صور أخرى أكثر بذخا وثراء لوزراء حكومة بنكيران.

الناخبون في حاجة اليوم إلى خطاب شفاف وأرقام واضحة ،حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد ،وفي حاجة إلى من يدافع عن حصيلته ممن تحملوا المسؤولية ،وإلى من يقدم البديل بالنسبة إلى الذين كانوا يجلسون على مقاعد المعارضة.

أما هذا الخلط الذي تقدمه اليوم برامج تبدو متشابهة في كل شيء ،فلن يزيد العزوف عن صناديق الاقتراع يوم السابع من أكتوبر إلا ارتفاعا.

رجاء ، لا تستبدلوا عقول المغاربة ،سواء بالبكاء أو بصور البيصارة أو الإسفنج. .لقد انتهى ذلك الزمن إلى غير رجعة،وخاطب الناخبين بلغة الوضوح لعلهم يصدقون ويقتنعون بأنه لا يزال بيننا من يحمل هم هذا البلد لييسر به إلى بر الأمان ؛أما تغيير الخطاب الخطاب السياسي الرزين بصور غاية في البلادة، فلن يزيدنا إلا هروبا من بيت السياسة.

بقي فقط أن نذكر أن ديناصورات السياسة في جل الدوائر الانتخابية هي التي لا تزال حاضرة وقادرة على كسب الرهان .والوضع متشابه في اليمين واليسار والوسط ،أن كان هناك وسط!!.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!