الحلقة التاسعة المنبهي المخزني الذي أصبح وزيرا للحربية

azemmourinfo24
اقلام حرة
azemmourinfo2421 مايو 2020آخر تحديث : الخميس 21 مايو 2020 - 2:45 مساءً
الحلقة التاسعة المنبهي المخزني الذي أصبح وزيرا للحربية

ازمورانفو24:احمد لمشكح.

سلسلة مقالات
من بينهم ابا حماد الكلاوي والعيادي وعيسى بن عمر وآخرون
باشوات وقواد حكموا بدون عرش
تقديم عام
لم يكن بناء الدولة المغربية وتحديدا على عهد العلويين سهلا. فقد اشتعلت الفتن، ولم يكن لبعض السلاطين الذين تولوا الحكم ما يكفي من الدراية لتدبير الشأن العام. إضافة إلى أطماع الأجانب الذين بدأوا في اكتشاف عالم ما خلف البحار. وقتها كان لا بد أن تتشكل فئة من مساعدي السلاطين عرفت كيف تأخذ بزمام الأمور، وتتحول أحيانا إلى حكام هم بمثابة نواب للسلطان أو أكثر. إنهم الباشوات والقواد الذين عاث بعضهم فسادا، وامتلك البعض كل السلط بيده. حدث هذا قبل دخول المستعمر الفرنسي إلى المغرب، وخلال تواجده أيضا.
يذكر المغاربة أن من بين أشهر هؤلاء يوجد ابا حماد، الصدر الأعظم الذي حكم بدلا عن المولى عبد العزيز، ومحمد المقري والباشا الكلاوي والقائد العيادي والقائد عيسى به عمر الذي وثقت غزواته العيطة العبدية، وآخرون.
في هذه الفسحة نعيد تركيب بروفيلات عن هؤلاء الذين حكموا بدون عرش.

///////////////////////////////////////////////////////////

لم يكن المنبهي غير “مخزني” صغير ظلت مهامه منحصرة في نقل رسائل الصدر الأعظم، وقتها ابا احماد، إلى مناطق نفوذ السلطان المولى عبد العزيز. لكن الرجل عرف كيف يرسم لنفسه مسارا آخر جعله في مصاف الباشوات الكبار الذين سيكون لهم شأن كبير على عهد حكم المولى عبد العزيز وأخيه المولى عبد الحفيظ.
ينحدر المهدي المنبهي من دوار أولاد أحمد بقبيلة المنابهة، التي تبعد عن مراكش بـحوالي 39 كيلومترا. عمل في بداية حياته، رقاصا، يحمل الرسائل المخزنية في بلاد مولاي عبد العزيز، قبل أن يعمل قائدا في عدد من المناطق. لكن المنبهي سيستغل فرصة أتيحت له حينما دخل قصر السلطان لينفرد به، ويعرض عليه خدماته التي توجت بتعيينه وزيرا للحربية. وهي المهمة التي نجح فيها المنبهي بشهادة معاصريه من المؤرخين الذين وصفوه بالرجل الطموح. فقد كتب عن المؤرخ البريطاني “غابريل فير” أنه كان رجلا دقيق البنية، متقد العينين طموحا إلى أبعد حد، حتى أن با حماد، الصدر الأعظم، اقترح خلافته في الصدارة العظمى بمملكة السلطان مولاي عبد العزيز، بعد أن اشتد به المرض وأوشك على الموت”.
كان با حماد يدرك بخبرته وتمرسه في دواليب الحكم، أن المهدي المنبهي هو الرجل المناسب في تلك الحقبة لإدارة شؤون البلاد والعباد، لما يعرف عنه من حزم وصرامة، سيما أن السلطان كان قاصرا ولا يتجاوز عمره 14 سنة وعاجزا عن حكم المغرب بمفرده.
لم يقف طموح المنبهي عند وزارة الحربية. فقد عين في بداية سنة 1901 سفيرا لدى كل من ألمانيا وإنجلترا. ومثل سلطان المغرب في حفل تتويج الملك البريطاني “إدوارد السابع” في لندن خلفا لوالدته الملكة “فيكتوريا”. وفي ذلك كتب “غابريل فير” في مؤلفه “في صحبة السلطان” أن المهدي المنبهي كان يحتل الصدارة العظمى في المملكة الشريفة في الخارج قبل السلطان عبد العزيز. وذاع صيته في العالم، وكانت الدول الأوربية تتملق إليه، وتطمح أن يكون لها دور إستراتيجي في المغرب، خاصة بعد رحلته الأخيرة إلى بريطانيا.
عرف عن المنبهي تكوينه العسكري الكبير، وعلاقاته الديبلوماسية التي كونها وهو سفير في ابريطانيا، والتي كان من أبرزها علاقته بالقائد الإنجليزي “ماكلين”، الذي ساعده في تأطير وتدريب الجيش المغربي بناء على معاهدة الصلح التي أبرمت مع الإنجليز في 1856 إبان توليه لمهامه العسكرية والدبلوماسية، وهي المعاهدة التي توجت بإنشاء مصنع للأسلحة في فاس، وإنشاء أسطول بحري لحماية السواحل المغربية من التهريب.
وبنفس الطموح والذكاء الذي كان يميز المنبهي، نجح هذا ” المخزني” الصغير في كسب ثقة السلطان الذي كلفه بمواجهة ثورة بوحمارة، الروكي، الذي ادعى أنه أحد أبناء السلطان المولى الحسن، حيث نازع المولى عبد العزيز الحكم، وأقام مملكة مستقلة عاصمتها تازة، بفضل المساعدات الإسبانية والفرنسية مقابل استغلال الدولتين لمناجم المنطقة. لم يكتب للمهدي المنبهي أن يوقف ثورة بوحمارة في 1908 والتي شاركت فيها 14 قبيلة من الريف. لذلك سيفقد المنبهي تلك الهيبة التي صنعها وهو وزير للحربية ثم سفير للملكة في ابريطانيا. وهو ما أفقده حظوته لدى السلطان، بعد أن نقم عليه فغادر مراكش في اتجاه الديار المقدسة لأداء مناسك الحج. لكنه حينما علم بأمر اعتقاله أثناء عودته من الخارج، توجه إلى طنجة، بعد أن حالت دون القبض عليه الضغوطات التي مارسها القائد الإنجليزي على السلطان عبر المفوضية الإنجليزية. وبقي المهدي المنبهي منفيا بهذه المدينة إلى أن أدركته المنية في 1941.
حيكت الكثير من القصص عن المنبهي وتحديدا ما يتعلق بذكاء الرجل ودهائه الذي جعله وزيرا للحربية وهو في سن الرابعة والعشرين. وفي ذلك كتب عنه أحد المؤرخين قائلا “إن المنبهي كان بحرا لا ساحل له في المال .. ولأنه كان مكلفا بزروع المخزن .. فقد حاز الجميع لنفسه حتى افتقرت المملكة للكيل” . لذلك استطاع أن يسثتمر أمواله التي جمعها في فرنسا وانجلترا، قبل أن يتم الحجز على أملاكه خصوصا في مراكش التي كان يملك بها دار المنبهي الشهيرة، والتي تحولت إلى متحف. غير أن قصر المنابهة الذي كان يملكه والمتواجد نواحي مراكش، فلا تزال أطلاله شاهدة على المجد الذي عاشه الرجل، الذي صاهر الكلاوي واستطاع أن يصنع بندقية ستحمل أسمه هي ” المكحلة المنبهية” التي لا تزال تستعمل إلى اليوم في التبوريدة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!