رباط_تيط_بدكّالة_أحد_أقدم_وأشهر_الرّباطات_الصّوفية_في_تاريخ_المغرب_الأقصى من_مرحلة_النشأة__والتأسيس_إلى_مرحلة_الإخلاء_والتخريب

azemmourinfo24
2020-06-04T16:54:31+01:00
أخبار مدينة الجديدة
azemmourinfo243 يونيو 2020آخر تحديث : الخميس 4 يونيو 2020 - 4:54 مساءً
رباط_تيط_بدكّالة_أحد_أقدم_وأشهر_الرّباطات_الصّوفية_في_تاريخ_المغرب_الأقصى من_مرحلة_النشأة__والتأسيس_إلى_مرحلة_الإخلاء_والتخريب

ازمورانفو24:

# الورقة_الأولى: رباط_تيط_من_مرحلة_النشأة__والتأسيس_إلى_مرحلة_الإخلاء_والتخريب

1/ رباط_تيط: الموقع_النشأة_والتأسيس.

تحظى أرض دكّالة بشرف احتضان أحد أقدم وأكبر الرّباطات الصّوفية الساحلية المغربية وأشهرها ألا وهو رباط تيط-ن-فطر (عين الفطر) المعروف اختصارا برباط تيط. وهو يقع على ساحل المحيط الأطلسي على بعد حوالي أحد عشر كيلومترا جنوب مدينة الجديدة، بمركز الجماعة الترابية مولاي عبد الله أمغار بعمالة إقليم الجديدة بالمملكة المغربية.
عرف موقع تيط استقرارا بشريا منذ عهود قديمة وما الفتحات المستطيلة المحفورة بالصّخور على شاطئها، والتي تُذكّرنا بالقبور البونية الموجودة بشاطئ طنجة (مقبرة مرشان/ الحافة) – إلا دليلا من الدّلائل على هذا الوجود البشري القديم بالمنطقة. كما تدلّ البقايا الأثرية المكتشفة بمغارتي الخنزيرة بدوّار أولاد ابراهيم، غير بعيد عن موقع رباط تيط، على قدم التواجد البشري بالمنطقة والذي يرجع إلى عهود ما قبل التاريخ.

inbound5809503944013265336 - اَزمور انفو 24

أخذت منطقة تيط شهرتها الكبيرة في تاريخ المغرب خلال الفترة الإسلامية الوسيطية، وذلك مع الأسرة الأمغارية التي اشتهر كثير من أفرادها بالولاية والصّلاح والقطبية في التصوف. إذ استقر الجدّ الأعلى لهذه الأسرة وهو الشّيخ أبو الفداء إسماعيل بتيط وذلك قبل ظهور دولة المرابطين (430-541هـ/1038-1156م)، وأنشأ بها مسكنا شكّل أولى لبنات العمران بالموقع. كان المكان قبلها خاليا من العمارة، كثيف الأشجار، كثير الأسود… ثم شهدت تيط تطوّرا تدريجيا في البناء والعمران في عهد ابنه الشيخ أبي جعفر إسحاق بن اسماعيل مع تشييد مسجد للصّلاة ودور سكنية وحفر بئر. أمّا تحصينات الرباط المتمثلة في السّور والأبراج والأبواب، فقد بنيت في مرحلة لاحقة انطلاقا من عهد حفيده الشيخ أبي عبد الله محمد أمغار بن أبي جعفر، وذلك لدواع أمنية وتحصّنا من هجمات محتملة من جهة البحر، هذا إلى جانب إنشاء زاوية ومسجد بالرباط ومنشآت عديدة أخرى غيرها.

inbound1180147241899793190 - اَزمور انفو 24

لعب رباط تيط والصّلحاء الأمغاريون دورا كبيرا في بلورة وتطوّر وازدهار التصوّف المغربي خلال الفترة الوسيطية. وقد أخبر ابن قنفذ في مؤلفه أنس الفقير وعزّ الحقير عن أسرة آل أمغار بتيط وقال: “هذا البيت أكبر بيت في المغرب في الصّلاح لأنهم يتوارثونه كما يتوارث الناس المال. وقد دخلت بلدهم ورأيت أبناء بني أمغار نفع الله بهم وبأسلافهم”.

2/حول_تسمية_الرباط_بتيط-ن-فطر _أو_تيط:

أما عن تسمية الرباط بتيط-ن-فطر وهي الصّيغة الأمازيغية لكلمة عين الفطر باللغة العربية، فهي تسمية لعين ماء عذب متفجرة بجزيرة داخل البحر قبالة رباط تيط، كان يفطر بمائها أفراد الأسرة الأمغارية بعد صيامهم كما كانوا يستعملون مياهها في وضوئهم. وهي العين التي قال عنها الشيخ أبو عبد الله أمغار حسب الأزموري في مؤلّفه بهجة الناظرين: “هذه العين عين فطري ورثها عن أبي عن جدّي وأرجو الله أن تورث عني وبهذه العين سميت قريتنا”. وهو ما يفهم منه بأن قرية تيط-ن- فطر أو عين الفطر سمّيت بذلك الاسم نسبة إلى هذه العين.
ومازالت الرّواية الشعبية المتداولة محلّيا تذكّرنا بهذه العين وتُروّج لخاصّياتها العجيبة، فتقول أن كل من يشرب من مائها يمُنُّ الله عليه بالقدرة على حفظ واستيعاب ما يقرؤه أو يسمعه.

inbound3541837352346210138 - اَزمور انفو 24

3/ رباط_تيط: الإخلاء_والتخريب

ظلّت مدينة تيط قائمة البنيان إلى غاية مطلع القرن 16م لتشهد بعدها عملية إخلاء وتخريب. كان ذلك عندما استولى البرتغاليون على أزمّور سنة 1513م واستسلم لهم سكان تيط وخضعوا لهم، وأصبحوا يؤدّون لهم بعض الإتاوات حسبما ذكره الحسن الوزّان ومارمول كربخال. حينها قاد السلطان محمد الوطّاسي (1504-1525م) حملة إلى تيط، وأمر بقتل أمين خزانة المال التابع لملك البرتغال وكذا أحد اليهود الذي كان يعمل وسيطا، ثم قام بترحيل سكان تيط إلى قرية بنواحي مدينة فاس، وأمر أيضا بتخريب تيط وهدم أسوارها حتى لا يطمع البرتغاليون في الاستيلاء عليها واحتلالها بعد رحيلهم.
خلال عشرينيات القرن 17م، قدّم لنا القائد البرتغالي كونصالو كوتينهو Gonçalo Coutinho (ت. 1634م) الذي حكم القلعة البرتغالية مازكان بين 1624م و1627م، وصفا دقيقا لمدينة تيط المخرّبة يتأكّد لنا من خلاله خلوّها التامّ من السّكان خلال هذه الفترة. وقد أشار القائد البرتغالي عرَضًا أثناء وصفه لتيط إلى تعرّض مواد بناء منشآتها المخرّبة من الآجر والأحجار لإعادة الاستعمال من طرف بعض ساكنة قلعة مازكان، حيث كانوا ينقلون منها تلك المواد من أجل استعمالها في بناء منازلهم.
ويظهر أن تيط قد ظلّت خالية ومخرّبة إلى غاية القرن 18م، حيث قام السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله (1757-1790م) خلال هذه الفترة بتجديد مسجد تيط نقلا عن صاحب الاستقصا. والمرجّح أن السلطان العلوي قد أقدم على عملية تجديد مسجد تيط بعد تحريره للبريجة (الجديدة حاليا) من الاحتلال البرتغالي في سنة 1769م.
في عهد السلطان العلوي مولاي سليمان (1792-1822م)، استوطن تيط القائد محمد بن العروسي الدكّالي الهلالي وتحكّم في مرساه، وكانت تصله هناك السفن التجارية الأوربية، وكان يبيع الزرع للنصارى بتيط. في وقت كان فيه أخوه الحاج القائد الحاج الهاشمي متحكّما بمرسى البريجة، قبل أن يقوم هذا الأخير بالهجوم عليه في تيط والاستيلاء على داره وخيراته بها وينفرد برئاسة دكّالة.
رغم مرور عدة قرون على تأسيس رباط تيط وخراب العديد من منشآته العمرانية، إلا أنه مازال يحتفظ لنا ببعض البقايا الأثرية وبعدد من المعالم التاريخية المهمّة ذات قيمة تاريخية وهندسية كبرى، سوف تشكّل موضوع الورقة الثانية من بطاقة التعريف المخصّصة لرباط تيط فتابعونا.

نسرين الصّافي
محافظة مدينتي الجديدة وأزمور
بالمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!