حديث الجثة وأنت أيها الموت الأقسى، إنك أنت السيار !

2014-11-28T11:40:05+00:00
فسحة الأدب
27 نوفمبر 2014آخر تحديث : الجمعة 28 نوفمبر 2014 - 11:40 صباحًا
حديث الجثة وأنت أيها الموت الأقسى، إنك أنت السيار !

10816150_1515826242001945_1707593822_n

أزمور أنفو ؛ الكاتب عبدالواحد سعادي

ما الأحياء في قيامهم وقعودهم ،وممشاهم وسكونهم، سوى جثت ممدة تحتضر كما أحتضر الآن، مايفرق بيننا سوى الشكل الذي تمدد به كل منا، هم يحتضرون وماشين ومتكلمين وعاملين، وأنا أحتضر طريحا مهشم الرأس والأضلع.!
سؤال لنا جميعا أن نفكره، لأن به المراهنة على محاذاة الدخيلة وتسييد جمرتها المتهججة، لكن ماذا بعد اشتعال القول والانكسار ؟ ماذا بعد أن نتحول جميعا إلى شتيت دائم الترحل بين قطبين لا يتواشحان إلا لينخرطا معا في مشهد العودة الدائمة صوب كتابة لا تنفك تحضر في استحالتها الخالصة، في موتها المرجأ وقد بات احتفالا داخله تزهو اللغة بفتنهاوالكلمة بغوايتها ؟ هل نكتفي بما نظنه حياة ؟
لكن ما نسميه “حياة” لا يعدو مجرد وهم يحمله كل منا بطريقته الخاصة وينتهي بانتهائه ! هل نتعلق بأهداب الموت ،محطة ،بين حياتين ؟ حياة ماقبل الولادة وحياة، وحياة ما بعد الموت ؟ وبما أن الموت يقع داخل الحياة، فالحياة تقع خارج نفسها !
لا تفاضل ولا شفقة ولا سلمة ولا خيار إذن حركة الموت الدورية، إنه التكرا الذي لا يكف عن تحيين ذاته وترهين صيغه وواجهاته، التكرار الذي يطال الجسد والعالم بوصفه غورا بعيدا القرار،داخله يتلاشى كل كل حدث أو حد منفرد، وتبيد كل هوية قابلة للعد كانت أم غير قابلة له، هي أسئلة القلق ومفارقات التردد البليغة أمام قبضة الرعب التي لا تتوانى في هندسة مشاهد الحتف الأكيدة.

بيني وبين الموت مسافة ساعتين، أترقبه كما يترقب المرء مفاجأة أو اكتشافا حاسمين وأنا أتساءل : إلى أين أنا ذاهب ؟ كيف أتيت كبغ سينقض علي الظوت ؟ بم سأحس عندما أكون بصدد المحو ؟!

إلى ماذا سأؤول بعد انسحابي من الحية ؟
هي الميتافيزيقا في الوقت الذي يغادر فيه الموت تمظهراته بوصفه واجهة مقابلة للحياة، يغادرها ليطأ عتبات حريته الأولى، ليلتحق بأرضه الخلاء،حتى الجثة فماهي إلا فدية تواصل الحياة بها استمرارها، وقربان يتعهد بصيانة تماسك خطاب الأحياء وتأمين سيولته، إن ما يفعله كل واحد ممن يحيطون بي، عبر هذه الإجراءات الطقوسية ، إنما هو الاحتفال بكونه ليس هو الذي سيموت وإنما آخر (هو أنا) أنا الآن ذريعة يتقرب بها إلى الموت،جزية يتم دفعها من أجل استمرار الحياة الجماعية، في إمكانية حياة أبدية خفية، لذلك نطوح بالموت داخل سراديب النسيان لتحقيق حلم لن يكون سوى سراب هارب، يرشحها لأن تضاعف حماية تلك الحياة في سكينة الجثة وهدأة المثوى بعد مراسم الدفن وتحيطها باﻷطعمة والعويل وةلبرابين لتدفنها داخل منازل الأحياء نفسها، وسيعثر الدفن على ما به يعانق فشله في تسييج حدود الموت ومراوغة خطواته الحاسمة،سيعثر على مابه يصافح هويته باعتباره أبلد تعبير عن كوميديا الوجود البشري، لكن نل سينفرد الدفن لوحده ،باستحقاق هذا الإخفاق الذريع في إنجاز طموح البشرية ؟
وأخيرا فإن الموت ليس هو سلوك الأحياء إزاء شخص ميت ولا كلامهم عن الموت المجرد، الموت سؤال ضخم يستحيل الإجابة عنه بأي خطاب لأنه انتفاء الخطاب نفسه ؟!!!

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!