أزمور أنفو 24 : عبدالواحد سعادي.
لم يعد يفصلنا عن معمعة الانتخابات الجماعية سوى بضعة شهور، ويبدأ الناس في صناعة الكلام وتقام الحفلات والأعراس وتذبح الذبائح ويسود العبث والضجيج، والدولة تحضر الشفافية والنزاهة والديمقراطية وتخسر الملايير لأجل استحقاقات وطنية مصيرية، ولكن الشعب بالبوادي والقرى لا يفهم الا تكريس عادته القديمة في استقبال موسم الرفيسة والفريسة.
وأما النخب التي تعول عليها الدولة في إنجاح المرحلة الحاسمة فلا تمثل سوى 25 في المائة، كثير منها لا يذهب الى صناديق الاقتراع للتعبير بصوته لأنه غير مجدي في نظرها ولن يغير الواقع في شيء أمام أغلبية أمية جاهلة أحيانا، وفقيرة مغلوب على أمرها أحيانا ،وتزلفة ومتنططة ومناقة وانتهازية أحيانا، أغلبية سلبية لا يهمها من الإصلاح إلا شهواتها ونزواتها المرحلية الخاصة ومن بعدها الطوفان.
وأما الشباب الضائع المسكين الذي تعول عليه الدولة في إصلاح الاعوجاج والانخراط في المشهد السياسي للبلاد، فطائفة مشرملة وطائفة غارقة في حب البارسا والريال، وطائفة تتغنى بالراب اليهودي والهيبهوب الصهيوني، وطائفة منشغلة بتربية الفراخ والحمام الزاجل وكلاب البدبول الوحشية، وطائفة تطرب وراء واحد دمه بارد وفنان فيدور محسوب على الفن بدون وجه حق، وأما الشباب المتعلم الواعي والجامعي المثقف والشباب الجمعوي والحقوقي فمحاصر بأسلاك ذوي النفود البورجوازي والانتخابي، مهزوزعاطفيا ونفسيا وسياسيا أمام جبروت موالين الشكارة والأميين المتسلطين على شأنه ومصيره ،الذين صادروا حماسه وطموحه ورغبته في المشاركة والإصلاح وسدوا جميع منافذ الأمل والحركة في وجهه، حتى لا تقوم للكفاءة قائمة في هذه البلاد.
لقد شرع الأميون والجاهلون والانتهازيون والسماسرة الغلاظ السمان، والكائنات الانتخابية التقليدية يشحذون سيوف المكر والخديعة والبهتان، ليواجهوا إصلاحات الدولة واستشرافها لمستقبل أفضل من جهة، ولتوزيع الوهم والإثاوات والإغراءات على الناخبين من جهة أخرى في جنح الظلام بعيدا عن أعين المحاسبة والرقابة، إنه اللوبي الانتخابي الخطير الذي يقهر الدولة ويغلب النخبة ويكسر حماس الشباب بغطرسته وخيانته ودوغمائيته وديماغوجيته الرهيبة وأموال حرامه المكتنزة.
فلا أنا الذي قضيت بين هؤلاء الذئاب الضارية عقد ونصف من الزمن ،ولا أنتم كناخبين ناضجين ووطنيين ولا الدولة ولا وزارة الداخلية ،قادرين على وقف زحف مافيات الانتخاب، فهم من كل صوب عفن وقذر قادمون ، من ناهبي الرمال والفراقشية لصوص الأنعام والشناقة في الوساطة المرفوضة شرعا وقانونا ،
فهم أشد شرا وأقوى بأسا وأكثر مكرا وخديعة، لا يجاريهم في جبروتهم وخبثهم إلا إبليس لعنه الله
فإن كنت أستاذا أو شابا جامعيا أو طبيبا أو مهندسا أو غير ذلك من أطر البلاد الراغبة في مصلحة البلاد، أن كنت راغبا في الترشح لنيل مقعد في جماعة قروية فإليك أهدي وصفة ديمقراطية مجربة عافاك الله من ويلاتها وخيباتها، فالشعب هنا ( عايز كده ) والدولة تتقدم والشعب يجر إلى الوراء، وسيستفيذ معك كل رجل سلطة محلية لم يتفق معي في تحليلي الذي أعتبره عصارة وخميرة 23 سنة تجربة وسط التماسيح والعفاريت الانتخابية، وسيعجز أي قائد وأي رئيس دائرة بالبنسبة للجماعات القروية أن يتحكم في مافيات الأمية والتحجر والمكر مهما توفر لذيه من وسائل وإمكانيات فسيضحك عليه المرشح التاجر المخلوض البزناس باسم الشفافية والديمقراطية وبأساليب شيطانية ما أتى بها الله بسلطان.
أولا : أن تكون وراءك عائلة كبيرة كثيرة العدد متماسكة ومتضامنةمعك تدعمك لوجه القرابة والدم لا يريدون ظنك جزاء ولا شكورا سوى تمثيل إسمها العائلي.
ثانيا : أن تكون أميا ظليعا في الجهل، كي تستجمع الجهلة من حولك الذين يملأون أرجاء الدائرة الانتخابية، ينتظرون صرخاتك المدوية بالتفاهة والسخافة وهم يصفقون راضون بك إماما وزعيما.
ثالثا : أن تكون صاحب ” اشكارة ” سخيا تسطح الرؤوس الشحاتة بقوة، وتضرب قاصدك بزرقاء اليمامة حتى تصيبه تلافة ولم يعد يهتف الا باسمك وحسناتك التي لا وجود لها في الوابع سوى في مخيلته التي عقدتها بفتلة المال القوية، حتى يعمى ولا يعد ينظر أمامه فيدهس حائط الحجر والشجر من أجلك ويصوت عليك في غفلة من وعيه دون شعور، فترى الناس حولك تهلل لك وكأنهم سكارى وماهم بسكارى من أثر سيدتهم الشكارة.
رابعا : أن تكون ” اشلاهبيا مشعودا ” مؤمنا بالطلاسم والجداول والحروز وهاروت وماروت وشمهروش حتى يصير ناخبوك ضباعا يسمعون ولا ينطقون، فقط يلوحون أمامك برؤوسهم طائعين خانعين ،يوم الاقتراع لا يطيقون لونا غير رمزك الساحر، ولذلك تختار فقيها أو جنية بحال مولات المرجة كي تجلب زبائنك يشربوا ماء الجداول ويأكلون مخ الضبع، مع رش مناضليك الأوفياء الذين يتقاضون منك أجر خدمة النهار في المساء ربوع دائرتك بخليط الباشا حمو وميمون الجيلالي،ولا تنسى عشاء بالكسكس أو طواجين اللحم بالبرقوق،وإن كنت تقدم أكلةالدجاج المحمر فاسهر عن عملية اقتناء البضاعة بنفسك، حتى لا يذهب مناظلوك إلى حفر الدجاج الميت بضيعات تربية الدواجن البيضاء بالدائرة فيستغفلونك ويقدمونن لضيوفك الناخبين، فربظا يصيبهم داء الإسهال يتخلفون عن التصويت وتخسر دائرتك أمام ذلك المحامي أو المهندس عديم الجود والكرم.
على سبيل الذكر والذعابة، كنت نائبا أولا لأحد الرؤساء من هذه الفصيلة فكان سامحه الله يستدعي أغلبيته بالمجلس المنتخب قبل حلول دورة اكتوبر الحاملة لمشروع الميزانية ودورة فبرايرللمصادقة على الحساب الأداري بثلاثة أيام قبل انعقادها لمأذبة غذاء بأحد الأضرحة فيذبح لهم شاة ( حولية) ويتعاطون العهد للتصويت دون مناقشة أو مشاكسة، فكان هذا الرئيس المشعود يستدعيني بدوري كذلك ( آسي عبدالواحد عندي واحد الصدقة للوالدين بسيدي….آجي هروش معانا شويا ) وأنا بالطبع أفهم قصده وهدفه ولكن الأغلبية (مغفلة) فأقدم عند القائد صيقي وكان شاعرا ومثقفا لأمزح معه فيقول لي ( عبدالواحد ممعروضش لصدقة ولى )فنسخر معا من هذا الواقع المزري ونتألم ويقول لي القائد ” مفي الهم غير اللي يفهم”..ولم يكف الرئيس عن فعله هذا إلا عندما نشرت مقالة بجريدة الأسبوع الصحفي بعنوان ” المصادقة بالأغلبية الساحقة لأعضاء المجلس على الحساب والميزانية بضريح الولي الصالح” بعدها جمتت
خامسا : أن تكون ذكيا في استمالة أصوات البلداء، أن تكون حفار قبور أهل الدائرة أو مشاء وراء الجنازات أو الجنائز أو الجثت الهامدة، فكلما حفرت قبرا لهالك ما ينتمي للدوار، كلما مسكت بلجام أسرته، وإن كانت أرملته شابة فالأسبقية لعضو الدائرة ( الرايس ) الأول بالطبع، لابد أن تداوم على حضور احتضار ساكنة الدائرة، ترغي مع الرغاة وتنذب مع النادبين ( كيف عملو أولاد بوقنبة اعمل معهم )كي تمثلهم أحسن تمثيل، وسر وراء الجنازة سواء كنت نجسا على جنابة أو سكرانا أو منافقا، المهم أن تسجل حضورك وإلا قالوا عنك ( مول الستيلو ازويزو معندنا منديرو بيه الجيلالي الحيحة احسن منو) تواجدك في المكان والزمان في الفرح والقرح والحوانيت وورشات بيع الكيف وماء الحياة خير عند سكان الدوار من حضور اجتماعات الدورات العادية والاستثنائية للجماعة ظن أجل المناقشة وإبذاء الرأي وطرح مشاكل الساكنة اليومية وإيجاد الحلول الممكنة لتجاوزها، والإدلاء بةلأفكار البناءة والصائبة ،هذا لا يهم ةلدوار في شيء إبق بجانبنم تلعب الورق فالساعة ساعة الورق والدق والشق والنهيق. النبيق بالمقاهي والملاهي كي يرضى عنك السكان في الدائرة المشؤومة.
سادسا ؛ أن تكون حشاشا لا ترد شقفا مد إليك وبائع ممنوعات بالدائرةحتى ينظرون إليك بعين تحطك شجاعا وبطلا لا يهاب السلطة والأمن، ولا يلتزم بالقوانين، لأنك تجمع حولك أبناء الدشيرة وترفه تنهم بالدوخة والتخدير وتمنحهم من فضلك (دقيق ومسحوق دواخة)وعصير المرنيكة سائل ماء الحياة المنعش المتلف للعقول الذي أوصل بعض أصحابه إلى مناصب نواب رؤساء الجماعات القروية ياناس وصعد بهم إلى مكانة محترمة يا سادة (فقولوا بع أو قولوا ياحسرة أو قولوا ماشئتم)هذه إفرازات الديمقراطية التي كنتم تطالبون بها، فذوقوا ثمار الديمقراطية الحقيقية التي أقصت النخب التي ضحت من أجلها وحصد سفلة القوم ثمارها في واقع مجتمع أمي يهوى الضرب إل البطن، لم تعد وزارة الداخلية تتدخل في اختيار المرشحين أو دعم المتميزين وهذه نتيجة ديمخراطية كما أسماها المهدي المنجرة رحمن الله.
النخبة الواعية العارفة العالمة المثقفة التي يمكنها إعطاء قيمة مضافة للإصلاحات والمجهودات الجبارة التي تقوم بها مصالح الدولة لا تساوي أكثر من 25 في المائة غالبيتها لا تعبر بأصواتها في الانتخابات، باعتقادها أنها لن تغير أو تنفع الواقع المعاش بشيء مادامت الأغلبية هي المتسلطة على مصير الجماعات المحلية والمتحكمة في جمهور أمي بأضاليلها وأساطيرها وشعوذتها، والشباب عازف عن الانخراط في السياسة ليبقى الباب مشرع على مصراعيه أمام سفلة القوم البزناسة والشناقة والمافيوزيين.
الدولة إذن تختار لإدارة مصالحها خيرة الأطر العليا المعترف بقدراتهم وكفاءاتهم عربيا وإفريقيا وعالميا، لكن الشعب لا يختار إلا الناطحة وماعاف الضبع ،فهذه هي الديمقراطية لا فرق بين أمي وعالم فكلاهما سواء بسلة الديمقراطية، التي أعتبرها كأس عصير بناشي يضم الجهل والخرافة والشعودة والعلم طحنة واحدة، تسير الشؤون العامة للمواطنين بالجماعات المحلية القروية
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=13798