المتابعة: هسبريس
سرد الدكتور صبري الحو، محام وخبير في القانون الدولي، أسبابا سبعة يرى أنها كانت وراء تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن موقفها السابق إزاء قضية الصحراء، على خلفية دعم واشنطن أخيرا للمقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء، بعد أن كانت إدارة أوباما تميل إلى اقتراح توسيع مهام بعثة “المينورسو” لمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء.
وعزا الحو، في مقال خص به هسبريس، التراجع الأمريكي إلى احتمالين اثنين، داخلي أمريكي مرتبط بالمصالح الأمريكية، وعلاقة ذلك بالاستمرار بتأكيد وصف المقترح المغربي بـ”الجدي وبالواقعي وذو المصداقية”، والثاني أسباب لها ارتباط وثيق بعلاقات المغرب الوطيدة مع إمارات وممالك الخليج، بالإضافة إلى نجاح المغرب في نسج وتشكيل قطب إفريقي اقتصادي وأمني”.
وهذا نص مقال الدكتور صبري الحو كما توصلت به هسبريس:
كان الجميع، من محللين ومتتبعين وخبراء، بل وحتى عامة جمهور المواطنين، يتمنون أن تمر زيارة ملك المغرب لأمريكا بردا وسلاما على مركزية المغرب وثوابته بخصوص قضية ملف الصحراء، وكان الجميع ينظر إليها وفي توقيتها أنها ستكون عسيرة وشاقة بالنظر إلى ما عرفته الدبلوماسية المغربية هذه السنة، وفي السنة الماضية 2012 من متاعب وامتحانات وعقبات وتعثرات سببها الإدارة الأمريكية، أو وراءها شخصية أمريكية أو منظمة أمريكية.
وقد تفاقمت هذه الأضرار عندما تقدمت سوزان رايس، مندوبة أمريكا بمجلس الأمن في أبريل من هذه السنة بتوصية لتوسيع مهام بعثة المينورسو، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، نزولا عند رغبات أو إلحاح وضغوطات جمعيات حقوقية أمريكية، منها مركز كيندي للعدالة وحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايس ووتش، بالإضافة إلى ما أحدثته سوء إدارة كريستوفر روس الأمريكي والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء من تأثير سلبي للمغرب على اثر الرسالة السرية التي وجهها إلى أربع دول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى اسبانيا، يتهم فيه المغرب بالمسؤول في جمود وتعثر المفاوضات. وللإشارة فإن هذه الرسالة كشفت عنها الصحافة الاسبانية وخاصة جريدة “الباييس”.
وبالرغم من تمكن المغرب من تجاوز تلك المصاعب، من خلال تراجعه عن سابق سحبه الثقة من روس والقبول بعودة استئناف التعامل معه، أو من خلال تمكنه من إقناع أمريكا بسحب مشروع توصيتها بتوسيع اختصاص وولاية بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان، وقبل بدء المناقشات في مجلس الأمن شهر ابريل الماضي. فإن الكل ينظر إلى حجية ذلك النجاح وقتية ومرحلية فقط، ويتكهن بأوقات مستقبلية عصيبة تنتظر الدبلوماسية المغربية، كما يتوقع استمرار الضغط الأمريكي على المغرب، ومزيدا من الأزمات والخسارة تنتظر الموقف المغربي، للإحساس بتغيير حتمي أو وشيك قد يطال الموقف الأمريكي إزاء قضية الصحراء. الشيء الذي برر هواجس الخوف من الزيارة إلى غاية يوم الخميس، وقبل استقبال الرئيس أوباما للملك محمد السادس يوم الجمعة.
وقد تحول الخوف المغربي من احتمال الأزمة و الخسارة إلى طمأنة أمريكية بتأكيد الثقة والإشادة، فاستقطبت الزيارة بذلك الاهتمام والاندهاش من حصيلتها المتناقضة مع أسس البناء الذي دشنته الإدارة والمنظمات الأمريكية ضد مجهودات المغرب في ميدان حقوق الإنسان حين قطف مقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الذي تقدم به المغرب لنفس النتيجة السابقة ونفس وصف وتقدير الإدارة الأمريكية السابقة خلال ولاية بوش الابن، بأنه المقترح الجدي وذي المصداقية والواقعي.
صحيح أن هذا الوصف ليس جديدا على الإدارة الأمريكية ما دام المقترح المغربي بالحكم الذاتي سبق التقاط هذا التقدير في عهد بوش الابن، لكن الأهم والجديد فيه أنه يأتي استمرارا لنفس دعم الحكومات السابقة خلافا لكافة التوقعات والتحليلات، مفادها أن أمريكا ستدير ظهرها للمغرب، وان موقفها إزاء مقترح المغرب بالحكم الذاتي في الصحراء سيعرف لا محالة تغييرا جذريا، الشيء الذي لم يتم بل حصل تأكيده لذلك التقدير وترميما له من خلال الدعم الضمني لبرامج التنمية التي ينوي المغرب إطلاقها في الإقليم من خلال القول بأن من شأن الحكم الذاتي المغربي أن يساهم في ضمان كرامة المواطنين في الصحراء.
ليبقى السؤال والتحليل الآن منصبا على كيف تمكن المغرب من درء وتفادي تغيير كان أكيدا في الموقف الأمريكي في وقت أقر فيه ملك المغرب بالأمس أن الأمور في الصحراء صعبة في الصحراء، وبأن القضية لم تحسم بعد، وطالب الجميع أن يتجند دفاعا عنها!
لم يكن لرئيس الدولة، الملك، ليتحدث بالصراحة والأسلوب الذي خاطب به البرلمانيين في افتتاح السنة التشريعية الحالية، ومن ذلك المنبر، كافة المغاربة لو لم يكن قد استشعر خطرا داهما وحقيقيا وشيكا يحدق بالقضية الوطنية، ومن تم فاستكشاف أسباب التراجع الأمريكي لا تخرج عن احتمالين اثنين، داخلي أمريكي مرتبط بالمصالح الأمريكية وعلاقة ذلك بالاستمرار بتأكيد وصف المقترح المغربي بـ”الجدي وبالواقعي وذو المصداقية”، وأسباب أخرى بسعي مغربي ولها ارتباط وثيق بعلاقات المغرب الوطيدة مع إمارات وممالك الخليج، هذا بالإضافة إلى نجاح المغرب في نسج وتشكيل قطب إفريقي اقتصادي وأمني.
وبديهي أن كلا الاحتمالين متداخلان، و ينطوي كل منهما على أسس وأسباب منسجمة تضافرت فيما بينها، و أفضت في النهاية و النتيجة التي أسعدت كل المغاربة!
في مقالات رأي وتحليل حول الصحراء نشرناها في هسبريس، وخاصة تلك التي عنونتها “المشروع الأمريكي: التأصيل القانوني بين السيادة ومسؤولية الحماية“. والمنشورة بجريدة هسبريس في 22 من أبريل من هذه السنة، بعد تقديم سوزانا رايس لمشروع التوصية إلى مجلس الأمن مضمونها تكليف البعثة الأممية في الصحراء “المينورسو” بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، أورت فيها هذه فقرة أعيد نقلها، وهي كما يلي “وقد حق لنا استنتاج أن الإدارة الأمريكية في صراع دؤوب ومستمر مع قوى وأشباح أخرى حول تثبيت موقع قدم في المغرب أو نيل مصلحة فيه وهي مرتابة وغير مستريحة ولا مطمئنة إلى مرتبتها وما ستجنيه من مكاسب ومنافع في المغرب أو مع المغرب. وقد يفسر موقفها أيضا بوجود قوة جذب إقليمية تؤثر وتشوش في توجهها ولربما توفر مصلحة أكثر أو أن الموعود له بها قد يحقق لها الكثير، أو أن تناقضا ما حصل في مصالح المغرب وأمريكا يجب الكشف عنه بسرعة درءا لمزيد من الأضرار في الموقف المغربي بالرغم من الحوار الاستراتيجي المدشن سبتمبر 2012.
أولا: إعادة قراءة أمريكا لموقفها الجديد ومراجعته الذاتية
لا شك أن المغرب لا يملك قدرات خارقة وعظيمة من شأنها إكراه أمريكا وإجبارها عن الاستمرار في تراكم نقاط الأضرار وتفاقم الصعوبات أمام الدبلوماسية المغربية، ليبقى الاحتمال القريب للواقع مرده المراجعة الذاتية لأمريكا لنظرتها إلى المغرب وترجيحها لما يوفره التعامل معه والاستمرار في مساندة موقفه أو على الأقل التزام حياد ايجابي من مصالح متطابقة ومتكاملة لأمريكا، ويعزز إمكانية حصول هذا الاحتمال سجل استجابة المغرب المبدئية والدؤوبة لكل القرارات الأممية ومساهماته في إتيان منظمة الأمم المتحدة للأهداف المسطرة في ميثاقها في عموم الأمن والسلم في العالم، ومنها بالخصوص المشاركة في الحلف الدولي لتحرير دولة الكويت بعد اجتياح نظام صدام حسين لها، أو في محاربة نظام اضطهادي عنصري في يوغوسلافيا أو نظام تطهير عرقي كما في الكونغو وأنكولا، وانخراطه الدولي والأمريكي لمحاربة الإرهاب بعد أحداث 11 من شتنبر واستجابته لكل نداءات بالمساهمة أو المشاركة بموقف أو فعل رمزي لإنجاح التغيير في انتفاضات أو “ثورات” بشمال إفريقيا، وخاصة في ليبيا التي تدخل فيه حلف الشمال الأطلسي بقرار أممي تحت ذريعة حماية المدنيين. وكذا مساعدته في إعادة وحدة نظام تم الإطاحة به من قبل جماعات مسلحة تشكل خطرا على الاستراتيجيات الأمنية الغربية، كما هو الحال في مالي أو في عمليات محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة في شريط الساحل والصحراء.
ثانيا: خطر عدم الاستقرار الجزائري يرجح كفة المغرب
خلافا لاستقرار المغرب في مواقف التعاون والمساهمة الدولية من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين والسير على نهج ودرب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتباته عليها وفق المشار إليه في الفقرة أعلاه، فان الدولة الخصم، أو الغريم الجزائر لا تثبت على موقف ثابت وتتخبط و تهيم في اختيار جناح أو قطب أو مجموعة وترددها في نهج نظام ديمقراطي يحترم الحقوق ويضمن ممارسة الحريات واختيارها قمعها ومصادرتها، وعرفت عقدا كاملا من العنف الممنهج ارتدادا على تجربة ديمقراطية، وظهور بوادر آنية تنبأ بشيء من قبيل عم الاستقرار الأمني والسياسي، يؤكده عدم وجود خلف كاريزماتي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والحديث عن إمكانية ترشحه لولاية رابعة بالرغم من عجزه بسبب المرض في الاستمرار في قيادة دولة.
ثالثا: حصول توافق على تطابق وتكامل المصالح المغربية الأمريكية
إن حصول المراجعة الذاتية الأمريكية لموقفها ومن تلقاء نفسها، هي إمكانية في حكم الاحتمال الواردة الذي لا يجب استبعاده، إلا أن هذه المراجعة لا يجب عزوها إلى أسباب لها علاقة بالتاريخ والقيم، من قبيل الإشادة بدور المغرب كأول بلد يعترف بأمريكا كدولة، وأن المراجعة تمت من باب رد الجميل وعرفانا من أمريكا بذلك الدور. لأن العلاقات الدولية لا تتحدث سوي بلغة واحدة وقاموس موحد، هي المصالح، وأن سياسة الخارجية الأمريكية تقوم على مبدأ حماية أي دولار أمريكي في أي مكان في العالم ولو اقتضى الأمر استعمال القوة، وإن كل تدخلاتها في نهاية القرن العشرين والعقد الأول من هذا القرن تمت على أساس ذلك ومن أجل حماية تلك المصالح ولعقاب أنظمة والإطاحة بأنظمة تناقض مصالحها، وتستعمل في ذلك القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، وهو ما جعلنا نحث في مقالات سابقة عن ضرورة تعجيل كشف المغرب بما يمكن سقوطه في تناقض مع المصالح الأمريكية أو توضيح لموقف أو فعل جعلنا تقع في سوء تقدير أو خطأ في التأويل والاستنتاج، وهو ما قد يكون نجح فيه المغرب فقوم سلوكه وتصرفه أو أن الإدارة الأمريكية اهتدت إلى الصحيح في استنتاجها وغيرت من قناعات كادت أن تكونها وتؤمن بها.
رابعا: الذراع المغربية الاقتصادية في افريقيا موطأ قدم لأمريكا
إن تنامي وتطور العلاقات الاقتصادية المغربية الإفريقية ونجاحه في تركيز استثمارات هائلة في دول افريقية، هي نعمة قد تتحول أو كادت أن تتحول إلى نقمة، لأن أمريكا تنظر إلى ذلك نظرة المريب من كون المغرب يستغل ذلك خدمة لمصالح فرنسية بقناع مغربي وفي مناطق لربما تحسب حيوية أمريكية، أو على حساب المصالح الأمريكية، فهل شكلت زيارة الملك لأمريكا ولقائه للرذيس أوباما مناسبة للتواصل وبددت بذلك الهواجس والمخاوف الأمريكية أو مناسبة للاتفاق على طريق يحصل بموجبها تكامل وتطابق في مصالح الطرفين المصالح المغربية والمصالح الأمريكية في إفريقيا، الشيء الذي قطع الطريق مع التحول والتغيير في الموقف الامريكي؟؟
خامسا: ما يسري على ممالك وإمارات الخليج يسري على المغرب
من الضروري الوقوف كثيرا عند زيارة ملك المغرب لدولة الإمارات وفي أيام عيد الأضحى، وبعد خطاب افتتاح البرلمان، الذي اعترف فيه بصعوبة الوضع في الصحراء، فهل شكلت هذه الزيارة مناسبة لاستعمال ورقة دول الخليج للتأثير والضغط على دولة أمريكا لإجراء مراجعة في موقفها الجديد تجاه المغرب، سيما وان دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة المملكة العربية السعودية تملكان نفذا قويا داخل الإدارة الأمريكية اعتمادا على ثرواتهما النفطية، وقد تكونا الدولتين بددتا الخلاف ووضحتا الرؤى وصححتا الاستنتاجات التي شكلت لبنة لموقف جديد تجاه قضية المغرب الأولى، الصحراء؟!.
ويبدو واضحا أن هذه الزيارة لها دور أساسي ومهم، ولربما حاسم لعدة أسباب، من جهة للتغيير في لغة ومعاني بين الخطابين الملكيين الأول في افتتاح السنة التشريعية الحالية والثاني في عيد المسيرة، حيث تحدث الملك في الخطاب الأول عن احتمال وشيك قد تقبل عليه قضية الصحراء مع الإشارة إلى الخصوم دون تعيينهم، في حين حدد في خطاب المسيرة بعد الزيارة للخليج للجهة المتهمة مباشرة وهي الجزائر، وتغاضى الحديث عن سابق الخطر المحتمل الذي قد تقدم عليه الصحراء، الشيء الذي نستشف معه أن الخطر الذي كان وشيكا أصبح بعيدا ولئن ليس مستبعدا، وحثه المغاربة على نهج المبادرة بدلا من اعتماد الدفاع وفعل التحدي بدلا من الاستجابة، وما يؤكد حصول الاطمئنان بمناسبة تلك الزيارة والعمل الذي دشنه الملك خلالها، أن الحديث عن زيارته لأمريكا بدعوة من الرئيس اوباما تزامن غداة تلك الرحلة إلى الشرق الأوسط.
سادسا: للشركات الأمريكية نصيب من عقود النفط المغربية
وبغض النظر عن سابق ما تحدثنا عنه من سجل مغربي دولي حافل، كمتعاون ومساهم ومشارك بشكل مباشر أو غير مباشر في العمليات الأممية للحفاظ على السلم والأمن العالميين وانخراطه الدولي في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة بكل أنواعها، فإنه لا يجب استبعاد ما قد تشكله الشركات عبر الوطنية المتخصصة في التنقيب واستخراج وتكرير ونقل وتوزيع النفط من تأثير على صناع القرار الأمريكي، وهذه الشركات لها صفة الأشخاص الدولية لما لها من قوة ونفوذ في السياسة الدولية ومن تأثير في هذا الاتجاه أو ذاك حفاظا على مصالحها الآنية وحتى المستقبلية، وقد يكون للحديث الأخير والمتواتر والمنسوب لأكثر من مصدر عن اكتشاف البترول بالمغرب وعمليات التنقيب الفعلية الجارية في السواحل المغربية الأطلسية قبالة جزر الكناري أثره الايجابي في هذا التراجع، بل في صيانة وترميم الموقف الأمريكي إزاء مبدأ المغرب في وحدة أراضيه، وعدم تغيير في نقطة التقدير الأمريكية لمقترحه بالحكم الذاتي بل وتسجيل إضافة نوعية ومشجعة لبرنامج تنمية الصحراء المزمع البدء فيه قريبا في الأقاليم الجنوبية من خلال الإشارة في التصريح الأمريكي أن المقترح المغرب من شأنه ضمان كرامة المواطنين في الصحراء.
سابعا: ثبات الموقف الأمريكي يقضي على الآمال الروسية في المنطقة
لا شك أن المغرب يعتبر منطقة نفوذ أمريكية، ويحسب في ولائه للمعسكر الأمريكي باختياره الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي ونظام التعدد الحزبي، ويمتد تاريخ النزاع إلى حقبة الحرب الباردة بين المعسكرين والقطبين الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي التابع لها الجزائر وليبيا التي يسجل لهما التاريخ سيئات إنشاء واحتضان وتمويل وعسكرة البوليساريو واستخدامها ضد سيادة المغرب ـ قبل انهياره في التسعينات وبين المعسكر الرأسمالي بقيادة أمريكا، التابع لها المغرب.
ويمكن تأصيل جذور النزاع وتكييفه في عمقه كحرب بالوكالة بين المعسكرين. وبالرغم من انفراد أمريكا بالقيادة في ظل النظام العالمي الجديد، فإن ذلك لا يلغي الصراع والتنافس بينها وروسيا بصيغ جديدة سياسية واقتصادية على مجالات دولية حيوية وإستراتيجية، وهي الوسائل نفسها التي تملكها السلطة السياسية للمجال الحيوي نفسه، وهنا نستحضر كيف كثف المغرب من اتصالاته وزيارته إلى كل من روسيا والصين في أبريل من هذه السنة غداة تقديم أمريكا إلى مجلس الأمن بتوصية لتوسيع اختصاص المينورسو ليمتد إلى مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، وقد تكون أمريكا استشعرت خطر انتهاز روسيا، وهي الدولة المالكة أيضا لحق النقض”الفيتو” ضد قرارات مجلس الأمن لفرصة سوء وتدهور العلاقات المغربية الأمريكية لتوثيق وتمتين علاقاتها مع المغرب، وفقدان أمريكا بذلك لمنطقة تنفرد به أو على الأقل خلق منافس لها في المجال المغربي، الشيء الذي لم تتردد أمريكا في قطع حبل ذلك الآمال أمام روسيا ومن خلال تأكيدها على جدية ومصداقية وواقعية المقترح المغربي بمنح إقليم الصحراء الحكم الذاتي الموسع.
ونحب أن ننوه أخيرا إلى أن نشوة النجاح لا يجب أن تنسي أو تلهي المغرب على تدشين العمل على أكثر من واجهة ومجال، في مجال التنمية والسير الحقيقي علي درب الديمقراطية والاحترام الفعلي لحقوق الإنسان، وفي تفعيل مقترح الحكم الذاتي والجهوية، نهج لأسلوب جديد في التواصل الدولي تقوم به كافة المؤسسات الرسمية والمدنية للتعريف بأهمية المقترح المغربي في جلب الاستقرار والأمن للمنطقة ككل، وتبيان مدى تماهيه ومطابقته مع القانون الدولي و انسجامه مع مبادئ الديمقراطية درءا لأية مفاجئة مستقبلية، وقبل تآكل، أو ربما، أفول التقدير الأمريكي إزاء المقترح المغربي لإشعاعه وتأثيره.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=1896