عن افتتاحية العدد 13 من جريدة أخبار أزمور الجهوية
المدير المسئول: عبدالاله كبريتي
يطفو على السطح الإعلامي هذه السنة نوعا من الدينامية الاجتماعية المتمثلة في تصاعد الحراك الاجتماعي ،والذي يعد نتيجة مباشرة للسياسات العقيمة التي تنهجها الدولة على مستوى الخدمات الصحية شبه منعدمة ،وعلى المستوى التعليمي الذي وصل إلى مستويات كارثية،وعلى مستوى الشغل الذي أدخل آلاف الشباب في دوامة من اليأس والإحباط، وعلى مستوى القدرة الشرائية للمواطن الذي لم يعد قادرا على تحمل المصاريف العائلية إلا بواسطة الديون…كل هذه المؤشرات شكلت وقودا لاشتعال واحتقان الأوضاع الاجتماعية وتزايد الاحتجاجات والقلاقل ،والتي اتخذت أبعادا خطيرة ودخلت في تواطؤات مع الخارج ومع أجهزة أجنبية ،والتي تعامل معها النظام بتبصر ورؤية دون تغليب الجانب الأمني ودون تفعيل أجهزة القمع .مع اللجوء طبعا إلى اعتقال زعماء هذه الفتنة.والذين كانت لهم طبعا أهدافا ذاتية وكانوا يعملون وفق أجندة أجنبية ،والذين يصفهم تشي جيفارا ب ” الجبناء لا يكتبون التاريخ،التاريخ يكتبه من عشق الوطن وقاد ثورة الحق وأحب الفقراء”.حيث تجاوزا كل الخطوط الحمراء وأصبحوا يشكلون خطرا حقيقيا على وطننا الحبيب .
الخطير أن هذه الاحتجاجات تخلط بين مفهوم الوطن، ومفهوم الحكومة، فتعتبرهما واحدا وهذه مصيبة في حد ذاتها.
الحكومة هي إرادة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن ،ولا حكومة تبقى للأبد…بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا والتراب الذي يضم عظام الأجداد والشجر الذي شرب عرقهم ،هو الفكر والكتب والعادات والتقاليد.
لهذا ـ حسب الصحافي البريطاني روبرت فيسك ـ من حق كل إنسان أن يكره الحكومة،ولكن ليس من حقه أن يكره الوطن.والمصيبة الأكبر من الخلط بين الحكومة والوطن ،وهو أن نعتقد أننا ننتقم من الحكومة إذا أتلفنا الوطن،وكأن الوطن للحكومة وليس لنا.الحكومات تعاقب بطريقة أخرى لو كنا نحب الوطن فعلا.والحكومة ليست الوطن شئنا أم أبينا،ومشاكلنا مع الحكومة لا يحلها تخريب الوطن (ماديا ومعنويا) .
إن الشعب الذي ينتقم من وطنه ،لأن حكومته سيئة لا يستحق حكومة أفضل.
وفي هذا السياق يقول الراحل الحسن الثاني “إذا أردت تحرير الوطن ،ضع في مسدسك عشر رصاصات ،تسعة للخونة وواحدة للعدو.فلولا خونة الداخل ما تجرأ عليك عدو الخارج”. في المقابل يجب الاستماع إلى نبض الشارع ،ويجب فتح حوارات جادة ومعقولة وإيجاد حلول (وليس مسكنات) مبنية على إستراتيجية محكمة .وعلى الأحزاب السياسية أكثر من وقت مضى أن تتحمل مسؤوليتها خصوصا وأنها اقتنعت أنها أصبحت بدون محتوى وتحولت إلى أبواق للمخزن ولم يعد لها امتدادا شعبيا ،وانسلخت عن وظيفتها المتمثلة في التأطير والتمثيل والتعبئة ،فأصبحت في حاجة ماسة إلى صدمة كهربائية حتى تستفيق من سباتها وتعود إلى وظيفتها الطبيعية.ـ كما يجب ـ وهذا هو بيت القصيد ،محاربة الفساد بكل أشكاله وأصنافه،والذي أصبح يثير استياء كل فئات الشعب المغربي.وفي النهاية أختم هذا العمود بقولة تعجبني كثيرا ” في حصة واحدة أقنعني مدرس التربية أن قطعة الأرض هذه اسمها وطن،وأنا فشلت على مدى ثلاثين عاما بإقناع هذا الوطن أني إنسان”
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=29024