بقلم: عبد الواحد سعادي
السلطة امرأة تفتح صدرها للعاشقين تم تطويقه مثل قبر،ضوء جاذب لفراش الليل ومفتاح للجحيم ،السلطة عش الدبابير ووكر الأفاعي، معتقل بأشعة ما فوق بنفسجية يسرق منك سلافة الحياة..الظامئ إليها مثلما يرتوي بملح البحار .
السلطة ليل يخفي تجاعيده عن خيوط النجوم ،وسرير يؤثت طقوسه براحة الغدر ونسيج الخيانة وشهوة الدم،حيث يسبق السيف،دوما ،العدل..آلة عجيبة لترويض الخيول ،تقود فرسان عشاقها نحو المهاوي السحيقة.
السلطة أول الحيوان فينا،الخيانة مع ملح الوفاء فيها..هي كذبة المنابر،شهوة الامير اللامتناهية للخلود ،خدعة الكلام في المجالس ورائحة مسكونة بالخوف والضياع،مكافأة الوردة بالذبح…جزاء سنمار، وضع قنبلة على شفتي قبلة..منذ اول القتل الى اخر العمر،لا تمسك السلطة إلا بالتلابيب وشبح الظلمة لان لها دوما شهية الكلاب المدربة على الصيد ،والموت في حدائقها عدو أليف.
السلطة حفلة الألم ،منطقة مسيجة بالكوابيس ،الرعشة المصباحية لكل عضو في الجسد او في البرلمان او …حذر التربص ،شهوة القنص ،ونصب الشراك للاحلام المزعجة ،حربائية اللون تكتسي شكل الكرسي الذي تقتعده،سلسلة النكايات،لاتنفرج أساريرها إلا عن فرح بجراح الاخرين:الاعداء المحتملون،إذ في السلطة مخدر لاعداد الوصايا قبل الذهاب الى الجنازة ..ادمان التعليمات والوباء الجماعي للامر بغير معروف.. حين ترفع السلطة يدها للتحية،لا يعرف العاشق هل هي يد للسلام أو للوداع الاخير تمتد.
في المسافة بين خطو وآخر ترسم السلطة سكة قبور عشاقها ،في ميزانها ،هي أولا لا أحد ،تدفن موتاها فلا تحس بطعم الاسى ولا بواجبها في البكاء ،ولا تحرر أعداءها الا لصناعة باقة من التمجيد لعرشها محاكاة لما فعلته كيلوباترا بالقائد الروماني مارك انطوان في ميزان السلطة،عين السخط كعين الرضا تبدي المساوي… حواجز شفيفة بين المقدس والمدنس ،لا مجال في دائرتها للصدفة ،والحرب مجرد حادثة سير في منعطف التاريخ او اعادة ترسيم لحدود غصن الحمام.
كان الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه يرفض وصمها باللعب ،لأن السلطة جد،لهيب الحرب ،جمرة الحيوان في أحشائنا نشوة الشهرة في جناح الوقت ،لو تألقت كل أغصان الاشجار وسيقان السنابل،وضوء القمر وشعاع الشمس وهبة ريح الغروب ،لما نسجت بيتا واحدا في مديح السلطة ..في نحو السلطة لا قاعدة واحدة صالحة للاعراب ،لأن الكل فيها مبني على الخفض ار الرفع،على الكسر او النصب او السكون الى الابد ولأنها تلجأ الى التعميم ،تمنح نفسها حق الحديث المشرعن باسم الاخرين,
للسلطة عادات سيئة لا ملابس داخلية لها،لا جوارب ولا صدريات ولا حاملات نهود ،لانها تشعر بالخوف مما تحمله بداخلها ،فالسلطة لا تطمئن حتى لسلطتها،فهي تنام بتاجها فوق رأسها خوفا من أن تحسب مثل ملك مخلوع وتريد من الاحلام ان تنحني لها بخشوع كل هجعة ليل،وكلما اهتز عرش عشاقها ،غادرتهم نحو الغزاة الجدد بنفس ابتسامة مضيفة للطائرة ،السلطة سيدة قد تمنح ذاتها للاخرين كلما اصاب الجالس بجانبها سهو او وسن..من وجد مفاتيحها ضاع في بطون مهالكها ،ومن اراد زرع زهر الصواب في حدائقها ،رمته الى حافة الجنون او أوصدت عليهم ابواب النسيان ،فهي تحتاج دوما الى ما يبرز أنه جدير بها .. فالموت شهادة حياة السلطة.
ظلت السلطة حية فيما قضى عشاقها نحبهم ومنهم من ينتظر ،لأنها هي روح الافعى سارقة عشب الخلود من يد جلجامش ، هي الانثى التي روضت أنكيدو وأفقدته قوة الطبيعة ، ليس في السلطة تجاعيد ،لذلك فهي تظل تشع بسحرها ولا تحتاج لعملية تجميل…وتأسر هواة الليل الباحثين عن اخر النفق والسادرين في غي احلامهم، لم تبق يوما ارملة،لانها تتزوج الطامحين الى عصر حليب نهديها،حتى قبل ان يذبل الحداء الذي مشت به في جنازة معشوقها السابق.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=8941