حمزاوي عبد العظيم
لا يَبِعْ الجار حقّه في البيت إذا كان له جارٌ حتى يستأذن جارهُ أو شريكه، و هذا لَمِن أدقّ الحقوق في نَظَر الإسلام مُعين، ناصِر، حارِس، أمين، يُطْعمُكَ إذا جُعْت يُهْدي إليك من طبْخه، و لو لم تكُن جائعًا، يُشارك في الأفراح و ويُعزِّي في المصائب و الأحزان، يُرْشِد، و ينصَح، يتعاوَن معك على البرّ و التقوى، يعودُك إذا مرِضْت، يزورُك زيارة الأخوّة الخالصَة يحْفظُك في أهلك و ذريّتِكَ، لا يخونك في مالٍ و لا أهلٍ و لا و لد !!! كيف أنّهم يُزْعِجون الجيران إزْعاجًا لا حُدود له، أدنى هذه الإزعاجات، ازْعاجات الأصوات المرتفعة التي تقْلق النائم، و توقِظ النائم، و تفْعَلُ فِعْلها السيّئ في النّفوس، القمامات التي تُلقى، أن يسْتَعيرون حاجةً، و لا يرُدّونها، أن ينظروا إلى محارم جيرانهم، حتى يُواري جارتي مَأواها
عَدَمُ الأمانة، لذلك في مجتمعنا كَمْ مِن رجلٍ هَجَرَ بيتهُ ضجرًا من جارهِ ؟ و كم من بيْتٍ بيعَ بنِصْف ثمنهِ ؟ فِرارًا من الجار ذي الأخلاق السيّئة، من مُتَع الحياة الدنيا أن تطمئنّ، إلى أنّ الذي إلى جانبك، و الذي فوقك، و الذي تحتك، يحبّك و تحبّه، يحفظ حرمتَكَ، و تحفظُ حرمتهُ، تحرصُ مالهُ، و تحرصُ ماله و يتفقّد أهلك، و تتفقّد أهلهُ في غيبَته، نحن نتذوّق القِيَم الإسلاميّة نظريًا، ولكن و الله لو عِشناها أيها الإخوة لشَعَرنا بِسَعادةٍ لا توصَف، على الرائحة، على الوصْف نسْعَد نَطْرد، فكيف إذا عِشْناها ؟ كيف إذا عِشْنا هذه القِيَم؟ نحن نعلمُ بيوتًا بيعَتْ بنِصْف ثمنها في بعض الأحياء في آزمور هربًا من سوء أخلاق الجيرا.
المؤمن المعروف بأنّ نفسهُ في غَناء، و الناس منه في راحة، هو الإنسان حينما ينحرف، حينما يأخذ ما ليس له يُصبحُ مع نفسهِ في حرْب وهذه هي الفِطرة، فطرتهُ سليمة، فإذا حادَ عن مبادئها شعَرَ بِتَأنيب الضّمير، و شعر بما يُسمّى بِعُقدة الذّنب، دائمًا في حرْبٍ مع نفسهِ، فالمؤمن من صفاته أنَّه في غَناءٍ مع نفسه، و الناس منه في راحة، أيْ علامة المؤمن أنّ الناسَ يأمنونه، و لا يقْلقون منه، لا تأتيهم منه مُقلقات رجلٌ سلام، رجل محبّة، رجل عطاء، رجل مسامحة، رجل عفْو، لذلك علامة المؤمن أنّ الناسَ يأمنونه، و علامة المسلم أنّ المسلمون يسْلمون من يده و لسانه، السلامة غير الأمْن، قد تُسالِم فلانًا، و لا تؤذِيهِ، و لكنّه يخافُ منك، لكنّ علامة الإيمان مرتبةٌ فوق السّلامة، المسلم من سلِم المسلمون من لسانه ويده، و لكنّ المؤمن مَنْ أمِنَه الناس على أموالهم، و على أعراضهم، عُنْصُرُ الأمْن أبلَغ من عُنْصُر السّلامة، قد تقعُ فريسة القلق و أنت في سلامة، قد تعيشُ طول حياتك من الأمراض، لكنّك تخاف بعض الأمراض، أنت من خوف المصيبة في مصيبة، الناس قد يسْلمون و لا يأْمَنُون، لكن علامة الإيمان أنّ الناس يأْمَنُونك، لا يسْلمون منك، إذا قال قائلٌ: أنا جاوَرْتُ فلانًا ثلاثين سنة فلَمْ يُقْلِقني إطلاقًا، إذًا سلِمُوا منك، و لكنّ المؤمن لا يُمكن أن يتوقّع منك الإزعاج، فرْقٌ كبير بين السلامة و الأمْن، المسلم لا يؤذي، لكنّ المؤمن يعتقدُ الناس اعتقادًا جازمًا أنَّه لا يمكن أن يؤذي، ليس هذا من شأنه، و لا من طبيعته، و هذا معنى تقول فلان لمْ يسْرق، و فلان ما كان له أن يسرق، في العبارة الأولى نفَيْتَ الحَدَث، لكن في العبارة الثانيَة نفيْتَ الشّأن كلّه.
ألا إنّ أربعين دارًا جارًا، أربعون جارًا من أربع جِهات، و هناك عشرة نحو الأعلى، أو أقلّ من ذلك، هؤلاء كلّهم جيرانك، و أنت مُطالبٌ أن تُحسِن إليهم، وأنْ تكفّ الأذى عنهم، و أن تحْتَمِلَ أذاهم، و أن تُحْسِنَ إليهم، إذا كنتَ كذلك فنحن في بَحْبوحة، و نحن في خير، و الله في عَوْن العبد ما دام العبد في عون أخيه. و الله أعرفُ رجلاً له بيتٌ أرضي، و مع هذا البيت فُسْحَة سماويّة أراد أنْ يبْنِيَ لإبنه في أرض بيتِهِ، في فُسْحَة أرضِ بيتِهِ التي لا يؤذي منها أحدًا، إطلاقًا، بيتٌ أرضي له نحو الداخل فسحة، أراد أن يبنِيَ غرفة مترًا بِمِترين، لكي يتزوّج إبنه و يستقر فيها، و الله جارهُ الخلفي في الزنقة الخلفية اشْتكى عليه للسلطات، وفهُدِمَت هذه الغرفة التي بناها لإبنه في صَحْن داره، وأنا متأكِّدٌ، ورأيْتُ بِعَيني الغرفة، لا تُؤذي أحدًا على الإطلاق !!! أهذا جار ؟ أهذا هو الدِّين ؟ أهذا هو الإسلام ؟
لأنّك أنت حينما تؤذي الجار أنت تُسْقِطُ عباداتك كلّها، وتؤكّد للناس أنّ الدِّين عندك كلامٌ فارغ، و أنّ الدّين عندك رابطةٌ واهيَة، أما أن الدِّينُ معاملة، الدِّين تَضْحيَة، الدِّين أمانة.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=9830