أزمور أنفو 24 المتابعة: عبدالواحد سعادي
” الله،الوطن،الملك” إنه شعار المملكة الذي يحيلنا ضمنيا على ثلاثية أخرى مكملة: الشعب ،التاريخ ، المجال.
إن موقع المغرب فريد من نوعه ،إذ يعرف بكونه همزة وصل بين افريقيا وأوروبا ،ويمكننا أن نتحدث عن نقطة تواصل لأن المضيق الذي يقل عرضه عن عشرين كيلومترا لا يشكل بأي حال من الاحوال حاجزا فعرضه ليس أكبر من عرض البوسفور بين أوروبا وآسيا وهو أقل من عرض مضيق ” البادوكالي” بين فرنسا وانجلترا ، با أن هذا المضيق كان المحطة الأهم للامبراطورية الموحدية التي كانت تبسط نفوذها على جزء من القارتين ،وكانت بكل تأكيد الأكثر تألقا بالنسبة للغرب خلال العصر الوسيط وذلك على المستويين السياسي والثقافي ، ولم يصبح هذا المضيق حاجزا اى عندما أريد له ذلك ،ليس بين اوروبا وافريقيا ،بل بين العالم الاسلامي والعالم المسيحي،ولكنه يبقى حاجزا أكثر تعقيدا مما يبدو لأول وهلة.
إذا كان استرجاع الاراضي الاسبانية من المسلمين قد توقف في “طريفة” فان ذلك يرجع قبل كل شيء الى واقعية سياسية،لان الامر كان يتعلق بأرض أخرى ،غير الاندلس ،يصعب الحفاظ عليها،خصوصا وان الظروف السائدة في حوض البحر الابيض المتوسط آنذاك كانت تفرض نوعا من الحذر.
فقد تميز القرن السادس عشر بالمواجهة بين الامبراطوريتين ،الاسبانية والعثمانية ،اللتين وجدتا نفسيهما على ابواب المغرب ،واعتبرا معا أنه من الافضل احترام مملكة فاس،لأن لهذه الاخيرة وجودا حقيقيا ،ولأن كل واحدة منهما أدركت أن الاعتداء على هذه المملكة سيترتب عنه سلبيات أكثر بكثير من الايجابيات ،وهكذا عوض أن يكون المغرب جبهة للمواجهة بين الاسلام والمسيحية ،كما يمكن للمظاهر أن توحي بذلك ،وجد نفسه في وضع الدولة ـ الحاجز بين الامبراطوريتين ،واكتسب بذلك وضع جد خاص باعتباره مملكة الاسلام الوحيدة المستقلة عن الامبراطورية العثمانية ،وبالتالي بامكانه أن يحافظ على ابقائه على روابط العقيدة المشتركة على التقليد التاريخي العريق الذي يميزه والذي يشكل أساس تكوين الكيان التاريخي العريق الذي يميزه والذي يشكل أساس تكوين الكيان المغربي نفسه،ألا وهو الربط بين الشمال والجنوب وبين افريقيا واوروبا.
وهكذا نجح المغرب في انقاذ المهم،في لحظة كان من الممكن أن يتعرض فيها وجوده للخطر،صحيح أنه عرف الانحطاط،ولكنه سوف يصمد،في ظروف صعبة،أمام الضغط الاقتصادي والعسكري للدول المسيحية خاصة البرتغال، التي بعد أن وضعت يدها على سبتة منذ 1415،أصبحت تستهدف باستمرار موانئ المحيط الاطلسي،بينما استولى الاسبان على مليلية،وستسارع وثيرة التقهقر بشكل نهائي ،عندما سيفتح البرتغاليون الطرق البحرية الجديدة التي ستمكنهم من الاستغناء عن الطرق التجاريةالقارية التقليديةالرابطة بين السودان وجنوب المغرب.
بعد المعجزة الاندلسية كان للمغرب القدرة على الاسمرار ،خلال أربعة قرون،ككيان مستقل بجوار الغرب الاوروبي الغازي والمسيطر على العالم،فالهوية المغربية تحددت أولا كقدرة على المقاومة ،وكقابلية للصمود والاستمرار في أصعب الظروف ،وليست قابلية الصمود بالنسبة لبلد من هذا الحجم وبهذه الاهمية،نتيجة للفضائل القتالية ولشجاعة سكانه فقط،فمن أجل الحفاظ على فضاء استراتيجي في مواجهة أكبر امبراطوريات العالم،ينبغي أن يكون هناك تنظيم سياسي وتماسك اجتماعي ووحدة ترابية،فالتراب الوطني هو نتاج تاريخي،يتم تشييده عبر القرون من طرف مجتمع منظم ،من أجل الاستجابة لحاجيات التسيير والامن والتنمية،وهو مكون من مكونات الهوية الوطنية،وهذه الاخيرة تحدد استنادا الى مجالها باعتبارها تشكل الاساس المادي للحياة الجماعية،وتسجل الاستمرارية التاريخية للجماعة.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=9968