انجاز: عبد العظيم حمزاوي
في إطار القيام بمهمتي ككاتب صحفي أعلامي وسهري على المساهمة في التنمية المحلية في شتى مجالاتها ، أصبحت رغم ظروف العمل الغير المرضية أعمل كل ما بجهدي من أجل إيصال صوتي كمواطن آزموري غيور للساكة على أني تجندت منذ القدم منذ نعومة شبابي للدفاع عن همومها رغم المعيقات التي قد تعرقل مسيرة النضال ، حيث سهرت على انجاز ورقة استعرض فيها عدة نقط تخص دراسة مفصلة للتدبير الجماعي وحالته ، مع طرح مجموعة من الحلول والمقترحات التي قد تساهم في اخراج المدينة المهضوم حقوقها من مشاكلها الادارية والميدانية .
هذه الورقة جدي بالذكر أن أ قدمتها لمجلس بلدية مدينة آزمور من أجل دراستها والموافقة عليها من أجل الخروج بها الى أرض الواقع ، وإنارة للرأي العام ارتأى أن ينشرها على صفحات المجلة الالكترونية آزمورأنفو24” وهي كالتالي :
تستعرض هذه الورقة تجربة التدبير/ التسيير بجماعة آزمور انطلاقا من مجموعة من الملاحظات الميدانية على امتداد المراحل الولائية الفارطات ؛ وتهدف بالأساس إلى إبراز المعطيات الأساسية التي ميزت الإدارة المحلية باعتبارها أداة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتسريع من وثيرتها. وقد تم رسم صورة واضحة عن تجربة الجماعة المحلية على المستوى الإداري حيث تم التركيز على الجوانب التي ميزت سير النظام الجماعي والإشكاليات التي تمت ملاحظتها والتي تتعلق في معظمها بالإشكالية التنظيمية في أبعادها المختلفة لاسيما أسلوب اتخاذ القرار والتفاعل القائم بين المنتخبين والموظفين من جهة وبين الجماعة المحلية ومحيطها المباشر من جهة أخرى، وبالتالي استخلاص العبر من الملاحظات الميدانية.
ففي أي اتجاه ومنحى صارت الأمور من الناحية العملية ؟ هل توفق المجلس الجماعي في التحكم في تسيير الجماعة؟ أم أخفق في الاضطلاع بهذه المسؤولية ؟
للجواب على السؤال، سأقوم بشرح وتفسير بعض العناصر المؤثرة التي ميزت بشكل أساسي مرحلة التسيير الجماعي وأثرت في معظمها سلبا على مسار التجربة. و هذه العوامل هي:
أ- ملابسات الاستشارات الانتخابية المحلية لسنوات قد مضت أو ضاعت من عمر التسيير الجماعي و تسببت في الركود، حيث شهدت مرحلة انطلاقة العمل بمشروع اللائحة في صيغته الحديثة والظروف والأجواء التي مرت فيها هذه الاستحقاقات جاءت على العموم مخيبة للآمال حيث ظهر جليا مدى الاستخفاف من المترشحين بقواعد التنافس، وساد تحريف إرادة الناخبين ومعاكسة المترشحين المنتمين للأحزاب السياسية ذات النزعة الإصلاحية أو التوجه الاشتراكي التقدمي الديمقراطي، والنتيجة عوض أن يستمد المجلس البلدي قوته من السند الشعبي الذي يتيحه الانتخاب المباشر، حصل العكس تماما وهو النيل من مصداقية المجلس وعدم الثقة فيه والتجاوب معه بسبب ملابسات انتخابه. كما أن الأداء الضعيف لهذه الهيئة، مقارنة مع الإنتظارات الهائلة والمتزايدة سنة بعد أخرى لسكان الجماعة، جاء بدوره ليرخي بظلال من الريبة ويشكك في الشرعية السياسية والقانونية للنخبة المنتخبة.
ب- انخفاض القدرات التقريرية لدى أعضاء المجلس الجماعي؛ على الرغم من مواكبة بعض المنتخبين على المستوى المحلي لأربع (4) حقب تدبيرية وأكثر؛ فإن الإحساس العام هو أن مستوى الأداء لدى المنتخبين لم يتحسن، وبالتالي لم يحصل، عدا استثناءات قليلة جيدا و باهتة، تراكم في التدبير إن على مستوى التقرير أو على مستوى التسيير وتصريف شؤون الجماعة، لقد تبين أن التراجع الملاحظ في الخدمات وتردي وضعية العديد من المرافق ليس مبعثه في نظرنا قلة الموارد المالية، ولكن تفشي سوء التدبير وسيادة الهواية وغياب الاستيعاب الصحيح للضوابط المهنية والقدرة على الاختيار بين الحلول التقنية الممكنة وتكلفتها مقارنة مع الحاجيات الفورية والمرتقبة.
ج- حالة الانقسامات والصراعات الداخلية بين أعضاء المجلس الجماعي؛ حالت دون اتخاذ العديد من القرارات الحاسمة المؤثرة في حاضر ومستقبل الجماعة و المدينة و الساكنة، حيث انصب اهتمام النخبة المسيرة بالأساس على رسم الخطط المضادة للخصوم بدل التفكير في تطوير نمط التسيير الجماعي، أو العمل على استقطاب الموارد المالية والخبرات التقنية الكافية لمواجهة المشاكل المتفاقمة.
ومن جملة الملاحظات التي تم الوقوف عليها:
1- الإقرار بوجود بون شاسع بين انتظارات السكان من الخدمات الجماعية والقدرة الفعلية للمجلس على تلبيتها. 2– الجماعة لم تخلق نوعا من الرضى والإرتياح للعاملين بها من موظفين ومستخدمين رغم ما أفضت إليــه النتائج من تجديد نسبي للنخب المحلية والمساهمة في تعميق الديمقراطية المحلية وانبثاق المجتمع.
3- أما الاختلالات الكبرى فقد تم رصدها على ثلاث مستويات أساسية هي الجانبالتنظيمي وأسلوب القيادة ومستوى التجاوببين النظام الجماعي ومحيطه وهذه الاختلالات على أهميتها لا تقلل في شيء من أهمية الجماعة وتدبيرها للشأن المحلي.
*- فعلى المستوى التنظيمي كشفت الملاحظات الميدانية عن وجود خللين كبيرين:
أولا: غياب هيكلة إدارية قارة وسيادة التنظيم بالمفهوم المزاجي المتحول لا بالمفهوم العلمي ، حيث تتسم الطريقة المعتمدة في التنظيم وفي توزيع الاختصاصات على العموم بعدم الفعالية وبهيمنة المهام الروتينية اليومية وسوء التحكم في آليات التدبير الحديث المتمثلة في التخطيط والتنسيق والمتابعة والتقييم.
ثانيا: تواضع المستوى الإداري للجماعة وتكريس أساليب عمل لاتنسجم مع طبيعة وحجم المشاكل المطروحة، حيث تعاني الجماعة من قلة التجهيزات وعدم كفايتها وملاءمتها مع متطلبات الإدارة الحديثة، كما أن الآليات المستخدمة في مختلف المرافق من نظافة وجمع للنفايات وإنارة متجاوزة و تبليط=تزفيت الأزقة و الدروب و الأحياء حديثة العهد ولا تف بالمطلوب.
*- أما على مستوى أسلوب القيادة والتسيير ، فقد لوحظ هيمنة أسلوب جماعي في التسيير تحت ضغط التحالفات المصلحياتية مما أفرز عدة مشاكل أهمها:
أولا: تعطيل نظام الاتصال الأفقي لفائدة نظام اتصال عمودي يتيح إمكانية الاستفراد بالمعلومات الصاعدة من المصالح.
ثانيا: عدم استقرارية مساطر اتخاذ القرارات الإدارية وتغيرها حسب المواقف والأشخاص وغياب الدراسة المتأنية والمعمقة للملفات مما يفضي في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات متضاربة ومتناقضة.
ثالثا: التركيز على الانشغالات الآنية وقلة الاكتراث بوظائف التخطيط الاستراتيجي والتوقع وتقييم المشاريع المنجزة لفائدة السكان.
*- أما على مستوى تجاوب نظام الجماعة مع محيطها، فقد لوحظ نوع من الإحجام على القيام بمبادرات جريئة لاستشارة السكان ولمعرفة حاجياتهم ومستوى رضاهم على الخدمات التي تقدمها.
الدروس الأساسية المستخلصة.
كشفت الدراسة عدة حقائق أهمها على الإطلاق الإقرار بوجود بون شاسع بين انتظارات السكان من الخدمات الجماعية والقدرة الفعلية للمجلس الجماعي على تلبيتها من جهة، ومن جهة أخرى، عدم التناغم بين الآمال العريضة للساكنة المحلية الآزمورية و السياح و محبي آزمور و عاشقيها، وطريقة فهم المنتخبين المحليين لمسؤولياتهم وأدائهم لهذه المسؤوليات. بعبارة أخرى إن القدرات الفعلية للأجهزة الإدارية الجماعية بدت متدنية للغاية فلاهي استطاعت أن تسيطر على التوسع العمراني الذي اكتسى صبغة شبه عشوائية في الكثير من الأحيان و ارتجالية و منفعية لفيأة معينة بعضها سلطاوية ذات نفوذ مركزي، أو تمكنت من أن تطرح خدمات متطورة في المجالين الإداري والتقني أو على الأقل توفقت في خلق شعور بالرضى والارتياح لدى المسئولين الإداريين والتقنيين العاملين بها .إن أهم الاختلالات الهيكلية والوظيفية التي تعاني منها الجماعة ، تتعلق بثلاث مستويات:
مستوى التنظيم – مستوى أسلوب القيادة والتسيير- وأخيرا مستوى التجاوب بين الجماعة ومحيطها اسسيو- إجتماعي.
أولا :المستوى التنظيمي:
يعد حسن التنظيم محددا أساسيا لحسن التدبير والأداء. والمقصود بالتنظيم كيفية تجميع الأنشطة والمهام وتوزيعها بين مختلف الوحدات الإدارية وطريقة تحديد وترتيب العلاقات بين مختلف هذه الوحدات التي تتشكل منها الإدارة الجماعية.
الملاحظة الأولى: هي قلة الاكتراث بالمشاكل التنظيمية ووجود اقتناع راسخ لدى المنتخبين المحليين بكون التنظيم لا ينبني على أسس وتقنيات و ًأساليب علمية، وإنما هو نتاج معرفة فطرية.
الملاحظة الثانية : فتتعلق بضعف المستوى التقني لأدوات العمل المعتمدة سواء فيما يخص تأدية الخدمات الإدارية أو فيما يتصل بتقديم الخدمات المتعلقة بالمرافق الجماعة الأساسية من قبيل نظافة الشوارع والأزقة، وجمع النفايات المنزلية، وتوفير الإنارة العمومية، وتدبير مجاري المياه المستعملة…
غياب هيكلة إدارية قارة وسيادة التنظيم بالمفهوم المزاجي.
بالرغم من التوصية الخاصة بتبني خريطة تنظيمية نموذجية، لوحظ اعتماد تنظيم شكلي لا علاقة له بالتنظيم الحقيقي للمصالح. فغالبا ما يخضع الواقع الفعلي للتنظيم وسير العمل الإداري لضوابط وعلاقات غير شكلية تختلف تماما عما تتضمنه القواعد الرسمية المقررة في الخريطة التنظيمية المبينة في مكتب السيد الكاتب العام أو الرئيس أو بمكاتب الجماعات بالعمالة … إن توسيع صلاحيات المنتخبين وما استتبعه من التوسع في التوظيف أفضى إلى الإفراط في إحداث الوحدات الإدارية وتزايد عدد حالات تداخل الاختصاصات والازدواجيــــــــــــــــــــــة في توزيع المهام وجعل لاضطلاع بوظيفة التنسيق بين الأقسام مسألة معقدة للغاية إن لم تكن مستحيلة. فأول مؤشر عن وضعية اللاتنظيم التي تعيشها الجماعة؛ الغياب شبه الكلي للتنسيق، وسيادة التنظيم العمودي وجهل غالبية الوحدات الإدارية المتواجدة على نفس الخط بالأنشطة والمهام الموكولة لبعضها البعض. وساعد على استفحال هذه الوضعية تهميش الكاتب العام للجماعة و غيره وحصر مهامهم في الغالب في دور “كتابة المجلس” عوض صلاحيات الربط والتنسيق بين المصالح التي يخولها له صراحة المرسوم التنظيمي المتعلق بموظفي المجالس المنتخبة. وعموما يغلب على التنظيم الجماعي عدم التوازن بين أقسامه، ويهيمن على العمل الجماعي بشكل ملحوظ القسم التقني الذي يحتكر أكبر عدد من الموظفين والعمال ويستحوذ على غالبية الوسائل والموارد مما يغذي الصراع الداخلي بينه وبين باقي المصالح التي تشكو من الإهمال بما فيها القسم الاجتماعي والصحي. وهكذا فإن الطريقة المعتمدة في التنظيم وفي توزيع الاختصاصات تتسم بعدم الفعالية ولا تتيح للجماعة تجاوز المهام اليومية الروتينية. ولا تمكنها من وضع تصور تنظيمي شامل يستجيب أكثر لمتطلبات التدبير الحديث القائم على التوجيه والتنسيق والمتابعة المحكمة لمختلف البرامج التي تنجزها الجماعة وتقييمها.
تواضع المستوى التقني للجماعة وتكريس أساليب عمل لا تتناغم مع حجم وطبيعة المشاكل المطروحة.
إن النظام التقني السائد داخل الأقسام والمصالح الجماعية لمدينة آزمور لا يختلف كثيرا عما كان عليه الأمر في أواسط عقد السبعينات. ونقصد بالنظام التقني بنية التجهيزات والأدوات المكتبية وكذا الآليات المستعملة لتأدية الخدمات الجماعية. وبالفعل فإنه بالإضافة إلى تواضع البناية التي تأوي المرافق الإدارية للجماعة وقدمها ووضعيتها غير الوظيفية، تعاني المكاتب من قلة التجهيزات وبساطتها وبالتالي، عدم ملاءمتها لمتطلبات إدارة حديثة. فمثلا ليست وضعية الآليات المستخدمة في تأدية مختلف المرافق الجماعية من نظافة وإنارة وجمع للنفايات و غيرها، أحسن حالا من التجهيزات المكتبية، فهذه الآليات هي في مجملها غير كافية، وقديمة وتفتقد إلى الصيانة والمراقبة المطلوبتين. هذا وفي ظل نظام تقني عاجز ومتجاوز من هذا القبيل ظلت طريقة التعاطي مع المشاكل وأساليب العمل المعتمدة فيما يتعلق بكيفية خزن المعلومات وتداولها، وطريقة وضع الأهداف وتسطير البرامج وتقنيات مسك الملفات وتحضيرها، ظلت هذه الأساليب بدورها تقليدية للغاية ومتخلفة عن الواقع الذي تتعامل معه، وتتطلع إلى تغييره..
ثانيا: مستوى القيادة وأسلوب التسيير:
المقصود بالقيادة وأسلوب التسيير طريقة اشتغال النظام الجماعي وأدائه لمهامه، ونعني بها كذلك العلاقات التفاعلية القائمة بين المستوى السياسي الذي يمثله المجلس والرئيس ونوابه والمستوى الإداري الذي تمثله الإدارة، وفي هذا الصدد هناك ملاحظة جديرة بالتسجيل لدى استقراء التشريع المحلي نتبين بأن المسؤولية الأولى في الإشراف وتسيير دفة العمل بالجماعة تقع بالأساس على رئيس المجلس الجماعي لمدينة آزمور، باعتباره الجهاز التنفيذي الموكول إليه ترجمة مقررات المجلس إلى أفعال، مما يعني بأن أسلوب القيادة والتسيير المؤهل للسيادة على المستوى الجماعي سيتسم لا محالة باستفراد مركز واحد – رئيس المجلس الجماعي و حاشيته – بسلطة اتخاذ القرار. بيد أن الدراسة الميدانية التي أجريت كشفت في معظمها بما لا يترك مجالا للشك وجود نظام جماعي للقيادة يتسم باقتسام السلطة بين عدة مراكز قرار يساهم كل من موقعه في إشباع حاجيات سكان المدينة. كما كشفت هذه الدراسة أن اعتماد أسلوب التسيير الجماعي هذا لا ينبني على اختيارات واعية وإرادية من لدن الفاعلين بالجماعة، ولكن أملته فقط الضرورة المصلحية والرغبة في الحفاظ على توازنات مصلحياتية داخل المجلس الجماعي تتيح للرئيس و نوابه الاستمرار في منصبهم مقابل تنازله عن العديد من صلاحياته لنوابه ولأعضاء آخرين نافذين من بين أعضاء المجلس وقد أفضى تعدد مراكز اتخاذ القرار وإصدار الأوامر إلى تعطيل الاتصال الأفقي، و إلى عدم استقرارية مساطر اتخاذ القرار، والتركيز على الحلول السهلة والمستعجلة.
1- تعطيل نظام الاتصال الأفقي:
يكشف نظام الاتصال المعتمد في الجماعة عن هيمنة الاتصال العمودي وعن تعطيل الاتصال في الاتجاه الأفقي، وذلك بسبب تعدد مراكز القرار وحرص كل مركز على حدة على الاستفراد بالمعلومات الصاعدة إليه من الوحدات الإدارية التي يشرف عليها. إن معظم المعلومات ذات الأهمية تسير في اتجاه عمودي خصوصا من الأعلى إلى الأسفل، وبشكل أقل في الاتجاه المعاكس، من الأسفل إلى الأعلى. ويؤدي هذا النمط من الاتصال الأحادي الجانب إلى تعزيز نفوذ المنتخبين على الموظفين و بذلك يشكل النقص الملحوظ في التبادل الأفقي للمعلومات أحد أهم الاختلالات التي تعاني منها الجماعة رغم المجهودات التي تبذل لخلق التكامل والانسجام بين مختلف مكونات الجهاز الإداري. ويستفحل الوضع كلما ساد التشتت الجغرافي للمصالح الجماعية كما هو حاصل في جماعتنا موضوع الدراسة أو استشرت الاختلافات والمواقف المتباينة بين نواب الرئيس. ويبقى الحل الوحيد الذي يتيح للنظام الجماعي الحفاظ على درجة أدنى من التنسيق هو اللجوء إلى الاتصالات والتبادلات اللاشكلية أو غير الرسمية المباشرة بين مختلف رؤساء الأقسام والمصالح.
2 – عدم استقرارية مساطر اتخاذ القرارات الجماعية:
لا تتوفر الجماعة على كراسات للمساطر تبين الخطوات التي يجب سلوكها قبل اتخاذ قرار معين. والنتيجة الحتمية هو وجود مساطر عدة لاتخاذ قرارات إدارية مماثلة بسبب التأويلات المختلفة للنصوص التي تحكم المجالات المعنية بالتقرير. ويتصل بهذا الموضوع الظروف والشروط التي تهيئ فيها القرارات التنفيذية والتي تتميز في معظمها بالسرعة وغياب الدراسة المعمقة للمعطيات أو الحيثيات المحيطة بالقرار. إن رؤساء الأقسام غالبا ما يستدعون على عجل لإبداء رأيهم في بعض القضايا بدون أن يتاح لهم الوقت الكافي لدراستها من جميع جوانبها، كما أن تضخم الاجتماعات وتعددها، وبالتالي عدم تهييئها بالشكل المطلوب، يفضي في كثير من الأحيان إلى اتخاذ قرارات غير سليمـــــــــة تنعكس بصورة سلبية على مالية الجماعة و مواردها. لكن تنبغي الإشارة مع ذلك إلى أن القرارات ذات الأهمية الكبرى بالنسبة لمستقبل مدينة آزمور عادة ما تحاط بالضمانات ودراسات الجدوى الضرورية قبل إقرارها من طرف اللجان المعنية وعرضها بعد ذلك على أنظار المجلس الجماعي وإبلاغها لسلطات الوصاية للمصادقة أو الاعتراض عليها.
3- 3 التركيز على الانشغالات الآنية:
تجد الإدارة الجماعية نفسها في كثير من الأحيان في وضعية استدراك، حيث تسعى جاهدة إلى مواجهة ركام من المشاكل والقضايا الآنية والمستعجلة. حقا إن لهذا الانشغال بالمشكلات اليومية ما يبرره لأن مهمة الجماعة تتلخص بالذات في إعداد الإطار المادي والبيئي الذي يحيا ويعيش فيه الإنسان .ولكن لوحظ في الجماعة موضوع الدراسة أن المتابعة اليومية للمشاكل استغرقت كل جهود المصالح الجماعية وأدت في نهاية المطاف إلى إغفال الاهتمام بوظائـــــــف التخطيط والتوقع وتقييم انعكاسات المشاريع المنجزة على السكان، علما بأن هذه الوظائف بالذات هي التي بوسعها المساعدة على إيجاد حلول مرضية للمشاكل المترتبة عن النمو السكاني والعمراني وما يتطلبه هذا النمو من معالجة شمولية، ووضع خطط وبرامج طموحة تندرج في أفق مستقبلي متوسط أو طويل المدى ويبدو من خلال استقراء التجربة الميدانية، صعوبة انبثاق ممارسة إدارية حريصة على الانكباب على المشاكل المطروحة دون أن تدير ظهرها كليا للمستقبل، وذلك بسبب استعجال المسؤولين المحليين، الذين يمسكون بزمام الأمور على المستوى الجماعي، نتائج مبادراتهم وأعمالهم اليومية لفائدة السكان.
و أخيرا: مستوى التجاوب بين نظام الجماعة ومحيطها:
لم تسمح الدراسة الميدانية بمعاينة أي مبادرات حقيقية من لدن المجلس الجماعي لإشراك السكان أو استشارتهم في بعض القضايا التي تشغل بالهم. لم يلاحظ كذلك أي توجه للربط بين البنيات المجتمعية ( تنظيم مجالس الأحياء مثلا) والحركة الجمعوية العاملة في الحقل التنموي والاجتماعي أو الثقافي وبين مسلسل تحضير ميزانية الجماعة أو إقامة مشروع يدخل في صميم اختصاصات التدبير الجماعي. كما تنبغي الإشارة أن اللجان الجماعية تشتغل بشكل مقفل ومنعزل عن السكان. (هذا إن كانت فعلا تشتغل؟؟)وعلى مستوى آخر لم تبادر الجماعة قط إلى تنظيم استطلاعات للرأي لمعرفة وجهة نظر السكان في أدائها ولم تسع إلى معرفة مستوى الرضى والتجاوب مع الخدمات التي تقدمها رغم أن المجلس الجماعي قام بمجهودات حقيقية من أجل تطوير سياسة حضرية تنموية متكاملة ترمي من ورائها إلى إحداث ديناميكية إيجابية على مستوى البنية التحتية واستكمال التجهيزات الجماعية.
مسارات التجديد المقترحة لتطوير العمل الجماعي. من بين مسارات التجديد المقترحة لتطوير العمل الجماعي، المجالات التالية :
– تطوير القدرات القيادية للمنتخبين ؛
– تنظيم الهياكل الإدارية للجماعة على أسس مضبوطة ومتينة وتحديث أساليب ومناهج عملها؛
– اعتماد منظور واقعي لتدبير الموارد البشرية للرفع من مردودية المصالح الجماعية؛
– تطوير نظام للاتصالات الاجتماعية ونهج علاقات شراكة مع الفاعلين المحليين؛
1- تطوير القدرات القيادية للمنتخبين.
– . يضطلع المنتخبون لاسيما رئيس المجلس الجماعي ونوابه وكاتب المجلس- بمسؤوليات واسعة ومباشرة فيما يخص تأمين سير النظام الجماعي. لهذا السبب لا يمكن الاستمرار في تجاهل حاجة هؤلاء المنتخبين إلى تكوين مستمر يتناسب مع وضعيتهم قصد مساعدتهم على النهوض بمسؤولياتهم .
أ- تهييء المنتخبين لمعرفة حقوقهم و وضعيتهم القانونية.
ب- تحسيسهم بأهمية السهر على حسن سير المؤسسة الجماعية واحترام اختصاصات الموظفين والتقنيين والفنيين العاملين بالإدارة الجماعية ودعمهم.
ج – إطلاعهم على طريقة تشكيل المحيط الجماعي وإخبارهم بمختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والجمعويين الذين لهم علاقة وتأثير على سير العمل الجماعي .
2- تنظيم الهياكل الإدارية للجماعة على أسس مضبوطة ومتينة وتحديث أساليب ومناهج العمل المعتمدة.
لابد من إعادة إرساء التنظيم الإداري للجماعة على أسس علمية متينة خصوصا مقاومة ظاهرة تفتيت الوحدات الإدارية والميل نحو تضخم الأقسام والمصالح والمكاتب الإدارية، وبالتالي إضفاء نوع من التماسك والتكامل بين البنيات الإدارية المشكلة للإدارة الجماعية، وذلك بإحداث أقسام محورية هي:
أ- مرفق يعنى بالأشغال الجماعية على أساس أن يشمل مصلحة التخطيط العمراني وقضايا تتبع العمران والبنيات السكنية؛ “قسم الاشغال الجماعية والتخطيط العمراني”
ب- تجميع كافة المرافق والمصالح الإدارية الصرفة في وحدة إدارية تحت مسمى “قسم الخدمات الإدارية” (الحالة المدنية، الضبط الإداري، المصادقة على التوقيعات…)؛
ج- تجميع الأنشطة ذات الصلة بالميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في وحدة إدارية خاصة “قسم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”؛
د- ضم الأنشطة المتصلة بتسيير موظفي الجماعة ومتابعة مساراتهم الإدارية إلى الأنشطة المتعلقة بالميزانية والحسابات. “قسم الميزانية والحسابات”
م- إحداث قسم خاص بتنمية الموارد الجبائية يضم جميع المصالح والمكاتب المهتمة بقبض المداخيل لفائدة الجماعة “قسم الجبايات وتنمية الموارد”
ن- قسم خاص باتخاذ التدابير الوقائية لتجنب أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائية والخطيرة، ومراقبة كل ما من شأنه المس بالوقاية الصحية والنظافة خاصة المواد الغذائية المعروضة للاستهلاك اليومي وفقا للقوانين الجاري بها العمل،”القسم الصحي”،
ص- قسم يضطلع بمهمة تدبير الاتصال عموديا وأفقيا في أفق توسيع دائرة الضوء على كل معلومة صاعدة من المصالح الخارجية للجماعة “قسم الشؤون الإدارية”،وفي نفس السياق التركيز على إعادة الاعتبار لوظيفة الكاتب العام للجماعة وتمكين شاغل هذه الوظيفة المحورية على مستوى الإدارة الجماعية، من ممارسة مهامه في مجالي التنسيق والربط بين مختلف الأقسام المعنية بسير العمل الجماعي.
ويرتبط بموضوع التنظيم مسألة ضرورة عقلنة وتحديث أساليب ومناهج العمل المعتمدة وذلك بالتوسع في استخدام المعلوميات ووضع أبناك للمعطيات وإعداد كراسات للمساطر وتحيينها لأداء الخدمات الإدارية واعتماد أدوات التدبير الحديث المتمثلة في التخطيط والبرمجة والتقييم والمراقبة، وأخيرا تحسين وتطوير مناخ العمل والشروط المادية للإنجاز.
.3- اعتماد منظور تدبير معقلن للموارد البشرية للرفع من مردودية المصالح: وهناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مسألة إخضاع القوى العاملة المحلية، فمثلا إن أكثر من نصف العدد الإجمالي للعاملين بالجماعة عبارة عن يد عاملة تشتغل في حقل مهني صرف وفق تخصصات متنوعة ومتباينة، ويتعين مراعاة ذلك عند التوظيف أو الترقية أو تحديد قيمة الأجور والمكافآت المختلفة. لكن أهم تحدي يواجه الجماعة هو مدى قدرتها على الانتقال من منظور تسيير الموظفين وفق قواعد وشكليات تقليدية إلى منظور تدبير الموارد البشرية الذي يقتضي منها اعتماد تقنيات توصيف الوظائف الجماعية وتخطيط الموارد البشرية، وتقييم المردودية الفردية والجماعية واستكمال التكوين والاهتمام بالجانب الاجتماعي للمستخدمين.
إن التحديات الجديدة التي يفرضها الضغط الديموغرافي المتزايد على مدينة آزمور يتطلب من الجماعة المحلية العمل على تزويد مستخدميها باستمرار بمهارات ومؤهلات فنية متطورة تكون في مستوى الصعوبات والمشاكل المطروحة.
. 4- تطوير نظام للاتصالات الاجتماعية ونهج الشراكة مع الفاعلين المحليين: لقد كشفت الدراسة على ضرورة انفتاح الجماعة على محيطها واقتراح مبادرات للتعاون مع شركائها المحليين، سواء كانوا في القطاع العام أو الخاص. ويقتضي ذلك اعتماد سياسة في الاتصال الاجتماعي موجهة بالأساس نحو المجموعات الاجتماعية المعنية بالبرامج أو التدابير المتخذة. كما يقتضي الاتصال الاجتماعي ربط قنوات مستديمة للحوار مع الجمعيات المحلية وإشراكها فعليا في تصور وتنفيذ السياسات العمومية المحلية. وبالفعل فإن قانون الجماعات الجديد تضمن مقتضيات صريحة تحث المجالس المنتخبة على” إقامة جميع أعمال التعاون و الشراكة التي من شأنها أن تنعش التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك مع الإدارة والأشخاص المعنوية الأخرى الخاضعة للقانون العام والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الخواص، أو مع كل جماعة أو منظمة أجنبية. “
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=1183