كان رصيف المشاة أو الراجلين فيما مضي ملكا خالصا وحقا مكتسبا للماشين و الراجلين على أقدامهم, من هنا اكتسب اسمه: رصيف المشاة ، وكانت نصيحة الآباء والأمهات التقليدية لصغارهم امشي على الرصيف. لقد اختفي المتاح منه تحت كل صور التعديات. كان سهلا أمام كل من يمشي عليه من المرضي وكبار السن, كان آمنا للأطفال والسيدات ولكل عابر سبيل، كان الكل يحترمه ويعرف حدوده فيه. أما الآن فقد حدث انقلاب على الأرصفة، أصبحت حكرا لأصحاب المقاهي وحقا مكتسبا للتجار والباعة الجائلين و المتجولين و الفراشة وتحولت أجزاء كبيرة منه إلي أماكن لوقوف السيارات و العرابات .
إن أزمة التعدي على الأرصفة تكمن في عجز القانون عن توفير الحماية له، فالقانون ينص على المصادرة لغير المرخص و و المتجاوز المساحة المؤدى عليها (وهو مبلغ زهيد جدا) بالنسبة لأي صاحب مقهى حيث لايمثل له الأمر أي مشكلة.
أن حملات المصادرة لا تؤدي في النهاية إلا إلى غض الطرف ،إن مكافحة ظاهرة التعدي على الأرصفة و بعبارة صحيحة الملك العمومي لا تتم بطريقة منظمة, فهو عمل تختص به ثلاث جهات تتمثل في إدارة المجلس المحلي السلطات المحلية وكل جهة منها تعمل وفقا لسياستها مما يعني غياب التنسيق الكامل فيما بينها.
وإذا انتقلنا من مدخل المدينة عابرين شارع محمد الخامس الذي نتوقع أن نري فيه صورة للشارع الراقي المنظم, فإن الوضع لا يختلف كثيرا حيث يفترش الباعة أرصفة أشهر شوارع آزمورليبيعوا لعب الأطفال وحقائب المدارس و غيرها من السلع الشبوهة. ان المواطن “المشاة أو الراجلين” يعاني نتيجة طرده إجباريا من على الرصيف, والمسئولون يعانون أضعاف معاناته مع أصحاب المقاهي والكافيتريات و الصندوينش المشبكوك في جودتها والإشغال الغير المرخصة . والحملات المكثفة التي تقوم بها السلطات الوصية لا تعد حلا مناسبا، لأن البائع الذي يفترش الرصيف يجد إقبالا من الزبائن الذين يقبلون على الشراء منه .ا ن اغتصاب الرصيف يمثل كارثة حية، حيث لا يعقل أن تنفق الدولة أموالا طائلة لبناء الأرصفة ليستغلها “البلطجية” فيما بينهم، ومعالجة هذه الكارثة أكبر من مجرد القيام بحملات مرورية للكشف عن المقاهي المتنقلة غير المرخصة أو مصادرة بضائع بائعي الأرصفة فهذا الأسلوب قد يكون فعالا إذا كانت أعداد التجاوزات ليست بهذه الكثافة، كما أن الغرامات التي ينص عليها القانون من خلال هذه الحملات لا تجبر أصغر بائع على الرصيف على عدم معاودة البيع مرة أخري، لأنها غير رادعة. أن الدور الذي تقوم به السلطات لمكافحة الباعة الجائلين تجسده الحملات اليومية التي تشنها حيث تتمت إزالة بعض الحالة تعد متنوعة والتي تشمل فراشة الخردوات وعربات بائعي الفواكه بجميع أنواعها والكراسي الخاصة بالمقاهي و طاولات وعربات باعة الأسماك والخضراوات.
مما يدفع الباعة الجائلين والمارة إلي استخدام الطريق العام المخصص لسير السيارات مما يسفر عن تكدس مروري شديد.وفي بعض الحملات التي تشنها شرطة المرور، يفاجأ “المطارد” باختفاء العديد من الباعة داخل محال مرخصة مما يوضح أن بعض الباعة يقومون بتأجير واجهات تلك المحال. و للتخلص من تلك الظاهرة منها تغليظ عقوبة الغرامات المالية على الباعة و تخصيص” أسواق رحالة” في جميع أحياء المدينة على أن يتم تقسيم المدينة إلي سبعة أجزاء تخصص كل منها جانبي لعرض منتجات هؤلاء الباعة على مدي أيام الأسبوع وفي الوقت نفسه يتولي مسئولية الإشراف عليها الأجهزة المحلية و أن هذه الطريقة ربما هي الأنجع و المخرج الوحيد من هده الكارثة. تحولت تجارة مدينة آزمور من على الأرفف إلى الأرصفة بعد انتشار حالة الفوضى بشوارعها الرئيسية التي أصبحت هي السمة السائدة خلال الفترة الماضية، أصحاب المحلات أصبح لاحول لهم ولاقوة امام جبروت الباعة الجائلين و المتجولين و الفراشة الذين اصبحوا القوة الضاربة بعد سيطرتهم الكاملة على ارصفة المناطق التجارية والساحة العمومية وامام المحلات ، وكأن الاقتصاد الغير الرسمى أصبح هو الشرعي، وعلى من يمتهنون التجارة اغلاق محلاتهم والتحول الى ممارسة تجارتهم بطرق غير شرعية لعلهم يستطيعون الاستمرار فى المتاجرة. على الجانب الآخر وهو الاهم ما ذنب المستهلك ليتعامل مع هذه الفوضى التى تكلفه الكثير، حيث ان المتاح امامه بضاعة غير معروف مصادرها ولا مدى جودتها ولن يستطيع بطبيعة الحال اعادتها اذا ظهرت بها اى عيوب، التجار يشتكون والمستهلكون كذلك، والاوضاع تزداد سوءا بالمدينة، وفق ما تشير اليه تقارير الغرف التجارية.
ان بضاعة الرصيف هى بضاعة درجة ثالثة او مهربة وفى الغالب هى ضارة بالصحة لانها لم تخضع لاى نوع من انواع الرقابة عليها، ويحذر من استمرار هذه الظاهرة ،اما المستهلك فالاضرار كثيرة ولابد من وقفة جادة لمواجهة هذه الظاهرة الفوضوية.
ان غالبية الادوات المنزلية التى يتم عرضها على الارصفة هى سلع غير صالحة للاستخدام لان معظمها يتم انتاجها فى مصانع مجهولة ويتم تقليد العلامات التجارية لخداع المستهلك.
ان انتشار مصانع”سرية” والتى تنتج سلعا غير مطابقة للمواصفات هى وراء ظاهرة تجارة الرصيف باعتبار ان اى محل لايستطيع التعامل مع مثل هذه البضاعة ولا مجال لتصريفها الا بالبيع على الرصيف حيث لايستطيع المستهلك العودة الى البائع مرة اخرى فى حال وجود اى عيوب فى الصناعة.
ولان الظاهرة انتشرت داخل وخارج المدينة فقد ناشدمجلس الغرفة التجارية بالجديدة الاجهزة المعنية بناء على عدد كبير من الشكاوى التى تلقتها الغرفة التجارية بالجديدة من التجار المنتجين وأصحاب الأعمال الشرفاء المنضبطين والملتزمين بكافة القواعد واللوائح والقوانين التى يقوم عليها النظام العام الذي يقنن الحرف و التجارة ، فحوى تلك الشكوى ينصب فى أنتشار اعداد متزايدة ممن يقومون باغتصاب الارصفة وأماكن ومرافق عامة دون وجه حق للقيام باعمال تجارية بشكل غير رسمى، ودون أى رقابة على جودة ومصدر السلع المباعة وصلاحيتها للاستهلاك البشري من عدمه، ودون سداد أى ضرائب ، ودون الالتزام بكافة القواعد المعمول بها وهو ما يهدد قدرة التجار الشرعيين والملتزمين على المنافسة فى الاسواق، ومن ثم يهدد بقاءهم وذويهم من العاملين وأسرهم فى السوق. ونشير الى ان استمرار هذه الظاهرة ستؤثر فى القريب العاجل على رفع نسبة الافلاس والبطالة الرسمية، بالاضافة الى انخفاض حصيلة الجبايات والضرائب ، بالاضافة الى الاضرارالواقعة على المستهلك حيث ان تلك السلع غير معلومة المصدر وغالبا ما تكون مهربة او انتاج مصانع مجهولة أو مسروقة، وغير مطابقة للمواصفات الفنية والصحية، الى جانب تلفها وتلوثها نظرا للعرض المكشوف علىقارعة الطريق.
ان استشراء هذه الظاهرة العشوائية التى انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل سرطانى داخل المدن وأحيائها مكونة لكيان جديد عشوائى متنام إذا لم يتم التعامل معه بقوة وبحزم وبسرعة، فإنه ينذر بتحويل القدر الأكبر من التجارة الرسمية الملتزمة إلى تجارة عشوائية تخرج عن نطاق سيطرة ورقابة الدولة وتؤثر سلبا فى هيبتها، فضلا عن التداعيات الاقتصادية والصحية والاجتماعية الخطيرة المصاحبة لتلك الظاهرة.
ان عدد الباعة الجائلين بآزموريزداد يوما بعد يوم أكثر مما يطاق . ان ظاهرة الباعة الجائلين و التجولين و الفراشة ظاهرة اجتماعية مرتبطة بارتفاع نسبة البطالة فى المجتمع ولجوء الشباب ومنهم جامعيين وآخرين حاصلين على الدبلومات الفنية للعمل كباعة متجولين لتوفير مصروفات المعيشة . ان المسؤولية عن تزايد هذه الظاهرة تقع على اكثر من جهة حكومية اضافة الى المجلس البلدي . ان دور السلطات المحلية فى الحد من الظاهرة يقتصر على تنفيذ ازالة المخالفة وتوجيه الباعة للدخول الى الشوارع الجانبية وعدم اعاقة السير الآمن للمواطنين على الارصفة او اعاقة حركة المرور فى الشوارع المزدحمة . ان الباعة الجائلين و التجولين و الفراشة و أصحاب الأكلة الخفيفة يتميزون بكثرة التنقل من مكان لآخر وهو مايساعد على تفاقم المشكلة وليس حلها. إن قدرة السلطات التنفيدية و التشريعية على التحكم فى هذه الظاهرة، من خلال عمل سجل تجارى لكل بائع يحدد فيه مكان وقوف ثابت له ويكون فى شارع جانبى ويحدد السلعة التى يبيعها ومصدر حصوله عليها كما تساعد على تحصيل الضرائب وهى حق الدولة من هؤلاء الباعة والذى يحقق الكثير منهم مكاسب جيدة . وعن هروب بعض الباعة عند مداهمة االسلطات لاماكن تواجدهم وترك بضائعهم يقال و من الغير المؤكد ان البضائع التى تضبط يتم تحريزها تحت رقم فى بيانات بدفتر مختص يذكر فيه كمية المضبوطات او عددها ونوعها ومكان ضبطها وعندما يتوجه صاحبها للقسم يتسلمها بعد دفع الغرامة المقررة؟؟؟؟؟. ان حل هذه الظاهرة يتم فى اطارين احدهما عاجل وهو توجيه الباعة للشوارع الجانبية لابعادعهم عن اشغال الطرق والاخر طويل الاجل بالتنسيق مع الجلس البلدي للمدينة لايجاد اماكن بديلة ودائمة لهؤلاء الباعة وايجاد بديل ناجح له فىالأحياء الآهل بالساكنة معد و مجهز بوسائل الحماية منها الاطفاء ضد الحرائق والمياة و الصرف الصيحي ونقطة شرطة للتواجد الامنى فى السوق.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=927