حنان درقاوي هي كاتبة غير عادية ولدت وكبرت في ظروف غير عادية، ظروف تجرعت فيها ذل المهانة، من أقرب الناس الذين ترجت فيهم الحنان و الأمان..هي طفولة قاسية، طالما ابتعدت عن ذكراها السيئة في العديد من حواراتها و لقاءاتها، لكن اليوم قررت أن تبوح بجزأ من ذلك الماضي المظلم، في هذا الحوار ..
حنان الدرقاوي الكاتبة المغربية التي اختارت الهجرة الإقامة بفرنسا لظروف شخصية، لكنها تعيش في المغرب، بروحها و كتاباتها، حيث لها العديد من الكتابات السياسية القوية، تنتقد فيها الواقع بكل جرأة ، و تتناول فيها طابوهات قلت الكتابة عنها..
في هذا الحوار نتقرب شيئا ما إلى رؤية حنان في كتاباتها، و نتعرف عن موقفها من الحرية الجنسية و من رئيس الحكومة عبدالإلاه بنكيران.
بداية نود أن نسترجع معك نوستالجيا الطفولة، لكون طفولة المبدعين لها خصوصيات تختلف عن عامة الناس، كيف تقربنا حنان درقاوي من طفولتها؟
هل من الضروري أن أجيب على هذا السؤال؟
نود ذلك؟
هو سؤال أجيب عليه لأول مرة، طفولتي كانت طفولة شقية جدا، مؤلمة و تشبه الكابوس، نشأت في بيت يحقد فيه الجميع على الجميع ويتناوب فيه أبي مع عمي على إرهاب و ضرب الجميع، كان جو البيت مخيفا، بالإضافة إلى ذلك كنت أسكن في بيت طيني بلا ماء و لا كهرباء، بيت من صور واحة تافيلالت ، بيت كانت تسكنه الكائنات المخيفة، تلك الكائنات التي تقترب مني ليلا و تخنقني، كان أبي دائم الغياب بسبب الدراسة، كنا خائفين حين يغيب و حين يحضر كان يملئ البيت رعبا فمزاجه عكر على الدوام، يضرب أمي و أخي الأكبر و يستهزئ من نحولي و أسناني البارزة، كان يستهزئ مني و يضحك حين أبكي بكاء مريرا، كانت جدتي تحقد على أمي وغالبا ما كنت أحضر ذلك السباب و الضرب في بعض الأحيان ، هذا هو الجو ا لذي تفتحت فيه قريحتي ولا أعرف أية لعنة حلت ني و أية ناموسة قرصتني لأتشبت بالشعر في جو أسري عكر مثل هذا. حين كان عمري خمس سنوات بنى أبي بيتا فوق مقبرة قديمة و كنت ألعب بعظام الموتى التي نجمهعا أيام البناء، كنت أتخيل الأشخاص الذين أتت منهم تلك العظام، بالإضافة إلى كل هذا كنا كثيري التنقل بسبب عمل أبي، هكذا نشأت على الفقدان، فقدان أصدقائي، افتقاد البيت الذي كنت أعيش فيه، كبرت وأنا عاجزة عن الارتباط بالشخوص و بالمكان، كبرت و كبر معي الرعب فأبي و أخوه كانا يبرعان في أشكال الإرهاب الجسدي والنفسي، فكرت في الانتحار أول مرة في عمر السابعة من عمري.. هذه هي طفولتي ببساطة.
ماذا عن بدايتك مع الكتابة الأدبية؟
بدأت الكتابة في سن الثامنة بكتابة رسائل إلى أبي الغائب، رسائل لم يكن يجيب عليها طبعا فهو لم يكن معه وقت للعواطف طبعا. فيما بعد كتبت الشعر بالفرنسية إلى حدود الخامسة عشرة حين كتبت أول نص قصصي بعنوان* 3 لحظة و يكون احتراقي*، و كنت أتخيل فيه بتلذذ لحظة يحترق فيها جسدي و أتحول إلى ذرات تجول في العالم، كان جو البيت قد ازداد رعبا حين وجدت أمي كبش فداء لقهرها وهو أنا طبعا، فصبت علي جم قساوتها، هربت إلى الروايات و الفلسفة أيامها و بدأت في كتابة القصة القصيرة و المسرح، هذا مكنني من العيش في ظل تلك الظروف القاسية، وبدأت النشر في سن الواحد و العشرين بنشر مجموعتي* القصصية طيور بيضاء*.
أنت واحدة من الكاتبات اللائي اخترن بلاد المهجر للاستقرار، هل الهجرة بالنسبة لك اختيار أم اضطرار، خاصة و أن الواقع الثقافي المغربي هو واقع بئيس؟
أنا هاجرت لأسباب شخصية وبقيت في الغربة لأسباب شخصية أيضا و لا أملك تقييما للواقع الثقافي المغربي، و هو وضع لا باس به، فهناك أعمال جميلة تصدر و هناك تقدم في العلوم الإنسانية مثلا.
بصفتك احدى الكاتبات المغربيات القليلات اللواتي يكتبن الرأي السياسي بجراة، مالذي دفعك للكتابة في مواضيع حساسة، في حين اختارت الأخريات الكتابة غير المزعجة؟
و لعي الحقيقي هو السياسة و الشأن السياسي ولا أخاف في الرأي السياسي من أي شيء و لا من أي طابو و شخوصي حاملة لوعي سياسي و طبقي هذا يمنحها عمقا حقيقيا، أومن أن النص الأدبي هو نص مفتوح و منفتح على السياسة و الفلسفة و الفنون و أعتبر الكاتب غير ذي فائدة إذا لم يكن له موقف سياسي من العالم الذي يعيش فيه، الالتزام بالسياسي مطلوب من الكاتب و هو لا يعطل فعله الأساسي الذي هو إنتاج نصوص جمالية، شخصيا أومن بالكاتب ذي الموقف السياسي الجريء. حين أؤسس شخصية ما أرسم ملامح وعيها الطبقي و السياسي تماما كما ارسم ملامحها الفيزيولوجية والنفسية. نحن نستنشق السياسة، فحين تشتري الخبز بسعر معين وتتأفف من غلائه فأنت تصدر موقفا سياسيا، السياسة موجودة في كل شيء، هي الهواء الذي نستنشقه و لا هروب منها خاصة حين تكون كاتبا مطلوب منك أن تمتلك وعيا سياسيا.
تثار في الآونة الأخيرة ضجة كبيرة حول الحرية الجنسية قبل الزواج، وسبق لك الكتابة عن الجنس، ماهي زاوية قراءتك للحرية الجنسية ؟
أنا مع الحرية الجنسية للأفراد وأكتب عن الجنس حين يفرض النص الأدبي وصدقه الحديث عن الجنس، لا أحب الافتعال في هذا الأمر والإثارة المجانية لمشاعر القارئ، أكتب عن الجنس و أهاجم بسبب ذلك، أؤمن أنه يجب إلغاء النص القانوني الذي يجر م العلاقة الجنسية خارج الزواج، وهي حرية جار بها العمل على أرض الواقع و اغلب الشباب المغربي لهم تجربة جنسية قبل الزواج وتجريم هذا من فعل النفاق لا غير.
ما هو رأيك في بنكيران، و كيف ترين خرجاته الاعلامية؟
أنا ضد أي حكم يستند إلى الشرعية الدينية بما في ذلك إمارة المؤمنين، أنا مع العلمانية و بنكيران بعيد جدا عن هذا، بنكيران استغل مشاعر المغاربة الدينية ليصل إلى الوزارة الأولى، أعلن عن مشاريع هو غير قادر على الالتزام بتنفيذها، أما عن شخصه فهو عنيف في التواصل وغالبا ما يحتقر مستمعيه، كانت لي معه ندوة حين كنت في تنسيق الجبهة من أجل دعم خطة إدماج المرأة في التنمية و كان يستند إلى الآيات القرآنية في كل كلامه خالقا بذلك إرهابا فكريا يستحيل معه النقاش، و هو شخص معتد بنفسه يستعمل كلمة أنا في كل جملة ينطقها ويسال مستمعيه إن كانوا فهموه أم لا بنوع من التهكم و التعالي.
كلمة نختم بها الحوار
شكرا لكم على الدعوة الجميلة و أتمنى أن أكون في حسن الانتظار.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=3430