عن العدد الثاني من جريدة أخبار أزمور الجهوية:
تاريخ السور البرتغالي هو جزء من تاريخ مدينة عريقة بتاريخها و متميزة بجغرافيتها. إنها مدينة آزمور، التي قال عنها الكانوني أنها “مدينة عتيقة يرجع تأسيسها إلى ما قبل الميلاد المسيحي، و لها ذكر في المدن الموجودة في عهد الفينيقيين”. كما أن أزما كما كانت تسمى قديما كانت متجرا، كما يقول ريكار، يتوارد عليه بكثرة القرطاجيون. غير أن السور الذي نتحدث عنه لا يشهد على هذه الحقب التاريخية الغابرة، بل تم بناؤه في القرون الوسطى و تمت إعادة بناءه من طرف المستعمر البرتغالي في القرن 16. هو سور يحيط بالمدينة العتيقة بأزمور و مازال لحد الآن صامدا يقاوم إهمال الزمان و تلاشي الذاكرة.
ما أصل التسمية؟
من الواضح أن الاسم يحيل على فترة الاستعمار البرتغالي لمدينة آزمور في القرن 16 و الذي بنا أبراجه الأساسية ابتداء من شهر مارس 1514م كما تشهد بذلك الوثائق البرتغالية. فالتسمية تستحضر هذه الحقبة فقط رغم أن السور كان موجودا قبل ذلك مبنيا بالتراب و الجير.
تاريخ هذا السور؟
يقول دوكويش في كتابه البرتغاليون في المغرب: “في الوقت الذي احتل فيه الدوق المدينة كانت مدارة بسور واسع مربع الشكل و قد كانت مزدهرة بالتجارة، يقطنها كثير من النبلاء و التجار و العامة بحيث نقدر عدد سكانها بأكثر من خمسة آلاف كانون دون احتساب اليهود الذين كانوا في حدود أربع مائة”. تدل هذه الشهادة على أن السور كان متواجدا قبل الاحتلال البرتغالي للمدينة في القرن السادس عشر. و يرجع تاريخ الأسوار إلى القرن الرابع عشر و من المحتمل أن السلطان أبو عنان المريني أمر ببنائه. و قد قام البرتغاليون ببناء أبراج إضافية و أعادوا هيكلة السور.
وصف السور
يحيط السور بالمدينة القديمة بما فيها القصبة و هي أحياء مأهولة بالسكان حاليا، و تطل هذه الأسوار من الشمال على نهر أم الربيع و تحيط به من الجهات الأخرى بنايات حديثة. و تعتبر القبطانية بالسور المجاور للقصبة أحد أهم الفضاءات الداخلية للسور. و يتكون السور من ستة أبراج و قد كانت تستعمل للحراسة. و للسور بابين يؤديان للنهر، باب المدينة الذي كان يستعمل في الماضي من طرف “الكرابة” الذين يذهبون إلى النهر في وقت جزر البحر لملأ قربهم، لأن الماء يصبح شروبا بما فيه الكفاية. بالإضافة إلى باب القصبة القريب من الحي اليهودي بالملاح. أما الأبواب الأخرى كباب سيدي المخفي و باب سيدي وعدود و الباب الفوقاني و باب المخزن، الذي فتح منذ وقت قريب و الذي كان يؤدي إلى محكمة باشا المدينة، فما زالت أثار الأبواب التي كانت بها موجودة و التي تدل على أنها كانت تغلق عند الحاجة.
قصص محكية حول السور
تروي كتب التاريخ كيف قاوم سكان آزمور الاحتلال البرتغالي ببسالة قبل أن تسقط المدينة و يفر أهلها بعد مقتل عامل المدينة منصور و لم يبق إلا اليهود الذين سلموا المدينة بعد أن أمنهم البرتغاليون على أموالهم و أرواحهم. كما تروي كتب التاريخ كيف حول البرتغاليون مسجد القصبة إلى كنيسة ، كما وجدوا بداخله ناقوسين كان أهل الأندلس قد أتوا بهما من اسبانيا. كما يتحدث سكان المدينة عن بطل نشأ بهذه المدينة العتيقة و الذي كان يسمى سعيد بن حدو و الذي رافق البرتغاليين في رحلتهم الاستكشافية و الاستعمارية للقارة الأمريكية. و تتحدث كتب التاريخ عن بطولته و عن دوره في الحملات التي قاموا بها ضد الهنود الحمر. و يشتهر باسم استيبانيكو و قد أصبح موضوعا للدراسة التاريخية في العديد من الجامعات بما فيها الأمريكية.
كيف هو الآن؟
يعاني اليوم من الإهمال و من التجاهل من طرف السلطات الوصية ، حيث تهدمت أجزاء منه و لم يتم ترميمها لحد اليوم. يتم استغلاله لإقامة بعض الأنشطة الثقافية و الفنية بالقبطانية لكن لا يتم العمل على ترميم ما تهدم منه. هناك بعض الأصوات الغيورة على المدينة تطالب بتقديم طلب لليونسكو لإدراجه ضمن التراث العالمي و الإسراع بترميمه و إصلاحه لكن الرياح مازالت تجري بما لا تشتهيه هذه الأصوات. في انتظار أن يتم الإنصات لهذه المطالب، نتمنى أن تنضم أصوات أخرى لهذا الحراك و تنصت لها أذان مسئولة.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=18093