يعمد الكثير من المسئولين في الادارة المغربية الى اعتماد لغة الخشب في مخاطبة مرؤوسيهم في اي مناسبة لحثهم على الالتزام بالاخلاق الحميدة التي يجب على موظف الدولة ان يتحلى بها، و تذكيرهم بالسلوكات اللا اخلاقية التي يجب الابتعاد عنها و التي تستوجب الزجر و العقاب ان ثبت تعاطيها. و يتناسا هؤلاء ان سمعتهم تسبقهم قبل خطاباتهم هاته بانهم يمارسون اشد انواع الانحلال الاخلاقي و الفساد الاداري. فحين يتخذ المسئول منهم كرسيه منبرا للافتاء فيما هو حرام و حلال، و تبيان الفرق بين السلوك الاخلاقي و اللا اخلاقي متناسين ان العام و الخاص يتابع باهتمام تحركاتهم اليومية، بل الانية و يضبط مخالفاتهم، بل جرائمهم التي يرتكبونها دون ان يخافوا لومة لائم فهم بذلك يحلون لانفسهم ما يحرمون على غيرهم. بل اكثر من ذلك فهم يكرسون المفهوم المقلوب لسيادة القانون بما يعني ان القانون في هذا الوطن ”لا يعلو ولكن يعلى عليه”.
ان مثل هؤلاء المسئولين يعطون نموذجا لقصر ذات يد القانون حينما يتعاطون و امام الملا لجميع انواع المحرمات دينيا و الممنوعات قانونياو تعاطي الرشوة و الاغتناء السريع عبر الحصول على هدايا عينية و نقدية باستغلال فاضح لمواقعهم في المسئولية خاصة تلك التي تتميز بنوع من السلطة، حيث نرى كل من تقلد منصبا على راس ادارة عمومية الا و سارع الى التحصل على بقع ارضية في اكثر المناطق غلاء و غير ذلك من مصادر الثراء المعاصرة. و يهرول المتملقون و الطامعون الى التقرب منهم و كسب ودهم و عطفهم، و من تم التمادي في خرق القانون والضرب بعرض الحائط لكل القيم و الاخلاق التي يحرص المغاربة على احترامها و لو من باب الخوف من تطبق القانون، و هم يعتقدون ان قربهم من ذلك المسئول يعطيهم حصانة من المتابعة القانونية.
فلا غرابة اذا حينما ترى مثلا ان بعض الادارات المهمة في وطننا و التي تضطلع بادوار مهمة جدا في المحافظة على ما يسمى بالسلم الاجتماعي تتخذ كخطوة غريبة عن ثقافتها تشكيل لجينات من رحمها لمحاربة افة الرشوة و ذلك بتوكيل المهمة الى موظفين يشهد لهم القاصي و الداني بباعهم الطويل و التجربة الكبيرة في امتهان الرشوة الى جانب وظيفتهم. الا يعتبر هذا السلوك ضحكا على الذقون و درا للرماد في اعين الناس؟ الم يكن الاجدر تشكيل هذه اللجان من اشخاص من خارج محيط العمل الذي تستشري فيه ظاهرة الرشوة و تمكينها من الاليات القانونية للتحرك و الاشتغال ضمن ما يمكنه ان يجعلها تحقق النتائج المرجوة؟ ان هذا لمثال بسيط لسكيزوفرينيا المسئولين و القرارات التي يتخذونها.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=5732