ازمور انفو24:حنان بنبوعنان
على امتداد يومي 22 و23 ماي شهدت رحاب كلية الاداب والعلوم الإنسانية -شعيب الدكالي- ندوة علمية في موضوع “أثر الصحبة في تدبير الخلاف الديني” نظمها مختبر الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية بالكلية، بشراكة مع المركز الأمريكي لدراسات الأديان عبر الحضارات.
افتتح التظاهرة الدكتور “نور الدين لحلو” منسق مختبر “الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية ” بكلمة ترحيبية بالمشاركين المغاربة والأجانب، وأشار فيها إلى أهمية وراهنية موضوع تدبير الخلاف الديني.
ثم تقدم الدكتور “بول هيك” الأكاديمي الأمريكي المتخصص في علم الأديان بجامعة “جورج تاون” بكلمة ركز فيها على الدور الكبير الذي تعلبه الصحبة في الحد من الخلافات والصراعات بين الحضارات ذات الصبغة الدينية، معتبراً أن الصحبة من أقدم الممارسات الإنسانية في جميع الحضارات، وهنا أعطى مثالاً بابن العربي الذي “بين كيف أن الله ينزل حتى يكون في صحبتنا ولا يتركنا من دون عناية” مضيفاً أن “الصحبة اختيار أخلاقي من أجل علاقة تفاعلية تقربنا إلى الله” وأشار “هيك” إلى الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه العولمة في أن تجعل الشعوب تتعرف على بعضها البعض.
وفي سياق حديثنا مع الدكتور “هيك” عن دوافع وأهداف إقامة لمركز دراسة الأديان أجاب قائلاً “مشروع المركز عبارة عن برامج تجمع متخصصين في علوم الأديان، مغاربة وأمريكيين، حتى يتسنى لهم دراسة وتأمل النصوص الدينية للكتب السماوية بشكل أكاديمي، بالإضافة إلى تبادل المنافع عبر الجمعيات الخيرية، قصد اكتشاف معاني الأديان في الواقع المعيش، والربط بين تلك المعاني السامية للأديان وأهداف المجتمع المدني، خاصة على مستوى ترسيخ القيم الإيجابية”
أما في معرض جوابه عن سؤال المتعلق بتوقعاته من عقد شراكة علمية بين مختبر الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية، التابع لكلية الآداب شعيب الدكالي والمركز الأمريكي لدراسات الأديان عبْر الحضارات أشار “هيك” إلى أن “الصحبة العلمية هي الكفيلة بأن تكشف لنا عن حقيقة الآخر وتزيل كل لبس بيننا، فالله يشفي قلب كل إنسان، وقد تكون قراءة القرآن الوسيلة لشفاء القلوب، أو عندنا نحن المسيحيون قد يكون تناول القربان في القداس كفيل بذلك”.
كانت مداخلة الدكتور “عبد المجيد بوشبكة” أستاذ علوم القرآن والسيرة النبوية، بكلية الآداب شعيب الدكالي، وعضو مختبر الدراسات الإسلامية والتنمية المجتمعية، تتحدّث عن “الاختلاف بين الصحبة والعلم” مبتدأ كلامه بقاعدة إلهية تتجسد في أن الاختلاف سنة من سنن الله في خلقه، تشمل جميع المخلوقات بما في ذلك الانسان، مصداقاً لقوله تعالى “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزلون مختلفين” (هود الاية 118).
أما الدكتور “أحمد كازى” فقد كانت مداخلته بعنوان “تجربة اللقاء أو كيفيات الشعور بالوجود النير” حيث أكد على مركزية اللقاء في العلاقة بالآخر وفي نشر ثقافة المودة باعتبارها أساس الصحبة، كما شدد على أن الصحبة بقوتها على الاعتراف بالآخر هي الطريق الممكنة للوصول والتواصل، مقترحاً ضرورة استعادة التجارب النبوية الروحية في معالجة المشاكل.
وكانت مداخلة الدكتور “محمد موهوب” أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب شعيب الدكالي، بعنوان “الصحبة بين أصالة المفهوم وأبعاد التوظيف” فصل فيها القول في مفهوم الصحبة، وبين كيف يتردد هذا المفهوم بين أكثر من حقل دلالي، أرحبها الحقل اللغوي الذي يوسع المفهوم ليستوعب كل شكل من أشكال المرافقة حتى بغير موافقة، ثم يرتقي لكي يكون داخل حقل التاريخ الإسلامي علامة على مرحلة لها قيمة مرجعية في العقل المسلم.
في حين ركز الدكتور “عبد الجبار لند” عضو مختبر الدراسات الاسلامية والتنمية المجتمعية، على موضوع “الصحبة والمصاحبة وأثرها على الأساليب التربوية والطرق البيداغوجية” انطلق فيها من المعاني اللغوية والاصطلاحية لمفهوم الصحبة إلى معانيها في الحقل التربوي، وأبرز بعض الطرق التربوية والتفاعل الصفي بين المتعلم والمدرس في العملية التعليمية التعلمية.
وحضرت آفة الغلو في الدين بمداخلة للدكتور “أحمد فاضل” عضو المختبر حول تحت عنوان “الغلو في التدين وأثر الصحبة في مواجهته” رام فيه التأكيد على آثار الصحبة الايجابية وما تثمره من توجيه تقويمي لما اعوج وفسد من تصور واعتقاد وإيمان، ليرتقي بالانسان إلى حسن الخلق وتبعده عن شر الخلاف. وقد سعى المحاضر إلى بيان ذلك من خلال سيرة صحابيين جليلين كان للصحبة أثر أكبر فهم التدين على حقيقته بينهما.
وعن الجانب الأجنبي في الندوة تناول الأستاذ الدكتور “جاسون ويلي” عن المعهد البابوي للدراسات العربية والاسلامية بروما” موضوع “الصحبة العلمية بالضيافة القدسية” أوضح من خلالها دور الصحبة العلمية في نبذ الخلاف من خلال رحلة “لويس ماسينيون” في أراضي الإسلام، أما الدكتورة “راحيل فريدمان” عن كلية “ويليامز” بولاية “ماساتشوستش” بالولايات المتحدة فقد كانت حول “الصحبة عبر الأديان والعمل المشترك تجاه الإنصاف: نموذج من القرن العشرين في أمريكا”.
وفي موضوع تدبير الخلاف الدني تدخل الأستاذ “محمد الورنيقي” من جامعة “الأغواط” بالجزائر، الذي تناولت مداخلته موضوع “الإسلام يضمن التسامح الديني وقبول الآخر ” دعا من خلالها إلى نبد العنف بكل صوره، والتعايش السلمي وتفعيل الحوار مع الآخر بدل احتكار فكرة الدين الخالص وإلغاء الآخر، وبعيدا عن مظاهر الإقصاء والإرهاب.
وفي نفس الجلسة تناول الكلمة “عبد الله الجباري” من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة بالمغرب، بمداخلة تحت عنوان “أولية النقد الذاتي في تدبير الخلاف الديني الداخلي” وفيها صال وجال في أهمية النقد الذاتي من خلال نموذج الخلاف السني الشيعي مجيباً عن تساؤلات مختلفة من قبيل: هل المنظومة السنية كلها على حق؟ وما هو الآثر الأموي في قولبة الفكر السني؟ وهل يمكن تجاوز ذلك القالب؟
أما الدكتور فؤاد بلمودن، عضو المختبر، فقد كانت محاضرته بعنوان “التعايش والتآلف الحضاري بين المسلمين وغيرهم في ضوء القيم الإسلامية والمشترك الإنساني” دعا من خلالها إلى ضرورة اعتماد مقاربة تحليلية تستحضر متطلبات إعادة بناء الذات الحضارية الإسلامية لانعكاس ذلك المباشر على تشكل الرؤية المعرفية والأخلاقية.
أما “محمد جكيب” الاستاذ بكلية الآداب شعيب الدكالي، فقد تناول في مداخلته “وعي الرؤية واللحظة في تدبير الاختلاف الديني” عبر طرح مجموعة من الأسئلة تحول حول قضية الاختلاف، باعتبارها مظهراً من مظاهر الحياة عامة، والاختلاف الديني باعتباره سلوكاً إنسانياً، يحمل معه بصورة دائمة إرثه الثقيل الضارب بجذوره في التاريخ، مع تركيز البعض على استحضاره ذلك البعد التاريخي للاختلاف.
واختتمت المداخلات العلمية بمداخلة للدكتور محسن بنزاكور تحت عنوان “الإسلام وحل النزاعات بين الأديان” بيّن فيها كيف أن للنزاعات علاقة قوية بالسلطة الاقتصادية والسياسية وفي ذات الوقت لها علاقة بالدين، ومن هنا كان “بمقدور القادة الدينيين وعلماء المجتمعات ودعاتهم في كل هذه النزاعات الاضطلاع بدور محوري في دفع النزاعات إلى الأمام” على حد قوله.
المصدر : https://azemmourinfo24.com/?p=28636