أزمور انفو24:
أعاد الحادث الذي شهدته الثانوية التأهيلية مولاي بوشعيب بأزمور، والمتمثل في الاعتداء على أستاذة مادة الفرنسية، الجدل حول تصاعد مظاهر العنف داخل المؤسسات التعليمية، بعدما دخل أساتذة المؤسسة في إضراب تضامني دعا إليه بيان صدر صباح اليوم، دفاعاً عن ما اعتبروه “هيبة المدرسة وكرامة المدرّس”.
وبينما تسير أغلب المعطيات المتداولة في اتجاه إدانة سلوك التلميذة واعتباره مسّاً بحرمة المؤسسة، يطرح جانب من المتابعين سؤالاً موازياً: ما الذي قد يدفع تلميذة إلى مثل هذا التصرف—إن ثبت بالفعل؟
وكيف يمكن قراءة الحادث بمنطق “الرأي والرأي الآخر” بعيداً عن التشنج والانحياز؟
—
الرأي الأول: الأساتذة يعتبرون ما وقع اعتداءً يمسّ كرامة المهنة
بحسب رواية الأطر التربوية، فإن الاعتداء على الأستاذة يُعدّ سلوكاً خطيراً يهدد استقرار المؤسسة ويُضعف مكانة المدرسة العمومية.
ويؤكد الأساتذة، في بيانهم، أن الإضراب التضامني ليس مجرد رد فعل عابر، بل رسالة واضحة بأن أي مساس بالأستاذ هو خط أحمر، وأن الحفاظ على حرمة الفصل الدراسي شرط أساسي لإنجاح العملية التعليمية.
ويشدد المحتجون على أن التساهل مع الاعتداءات داخل الوسط المدرسي قد يفتح الباب أمام انفلاتات أكبر، ويقوّض الثقة بين المدرس والمتعلم، ويفرغ المدرسة من قيم الانضباط والاحترام المتبادل.
—
الرأي الآخر: دوافع خفية قد تفسّر سلوك التلميذة دون أن تبرّره
في المقابل، يدعو مختصون في التربية وعلم النفس إلى عدم الاكتفاء بالجانب الظاهر للحادث، معتبرين أن فهم دوافع التلميذة أمر أساسي لمعالجة الظاهرة في عمقها.
وتتعدد الفرضيات التي يطرحها الخبراء، من أبرزها:
• ضغط نفسي أو أسري
قد تكون التلميذة تعيش توتراً عائلياً، أو صعوبات دراسية، أو ضغوطاً نفسية غير ملحوظة، ما يجعل ردود الفعل لديها انفعالية وغير متزنة.
• سوء تواصل أو احتكاك لحظي
تؤكد دراسات تربوية أن أغلب حالات العنف المدرسي تنشأ من سوء فهم بسيط بين المدرس والتلميذ، قد يتحول في لحظة إلى تصرف غير محسوب.
• شعور بالتهميش داخل المؤسسة
يشعر بعض التلاميذ أحياناً بأنهم غير مفهومين أو غير مدعومين داخل الفصل، الأمر الذي قد يدفعهم إلى التعبير عن غضبهم بشكل خاطئ.
• تأثير المحيط أو رفاق السوء
تنامي ثقافة التحدي في وسائل التواصل الاجتماعي، وظهور محتويات تمجّد المواجهة مع المدرسين، قد يسهم في دفع بعض التلاميذ إلى سلوكات متهورة.
• ضعف آليات الوساطة المدرسية
يشير مراقبون إلى أن غياب فضاءات للاستماع أو تدخلات مبكرة لاحتواء التوترات قد يسمح بتصاعد المشاكل الصغيرة إلى مواقف عنيفة.
ورغم ذلك، يشدد هؤلاء على أن فهم الدوافع لا يعني تبرير السلوك، بل يهدف إلى منع تكراره عبر معالجة أسبابه الحقيقية.
—
بين الرأيين… مقاربة متوازنة لمعالجة العنف
تكشف القراءة المتأنية للحادث أن الظاهرة أعقد من اختزالها في “معتدٍ وضحية”.
ففي الوقت الذي يبدو فيه الدفاع عن كرامة المدرس ضرورة أساسية، فإن الإنصات لصوت التلميذ وفهم خلفيات سلوكه مهم أيضاً لضمان توازن العملية التربوية.
ويجمع الخبراء على أن محاربة العنف داخل المؤسسات التعليمية تتطلب:
تعزيز الدعم النفسي والبيداغوجي للتلاميذ
تقوية آليات الوساطة والتواصل داخل المدرسة
إشراك الأسر في الوقاية والمعالجة
سنّ إجراءات واضحة تحمي الأطر التربوية من الاعتداءات
—
حماية المدرسة مسؤولية مشتركة
سواء كان ما حدث حالة معزولة أو مؤشراً على مشكل أعمق، فإن الرسالة الأساسية التي يوجهها هذا الجدل هي أن كرامة الأستاذ والمناخ التربوي السليم ليسا ترفاً، بل ضرورة وطنية.
وفي المقابل، فإن فهم أوضاع التلاميذ والإنصات إليهم جزء لا يتجزأ من الحل، لأن المدرسة الناجحة هي التي توازن بين الانضباط والإصغاء، وبين الحزم والاحتواء.
Source : https://azemmourinfo24.com/?p=53964










