كراكيز باب الرواح

2013-11-23T16:11:37+00:00
منوعات
22 نوفمبر 2013آخر تحديث : السبت 23 نوفمبر 2013 - 4:11 مساءً
كراكيز باب الرواح

العباس الفراسي ازمور

تستحق وزارة بلمختار أن يطلق عليها اسم وزارة الجهل والتجهيل عوض أن تسمى وزارة التربية والتعليم، وذلك لمبررات عدة أحب ذكر اثنين منهما لا أكثر. الأول: كونها تستعين بالخبراء الأجانب للنهوض بقطاع وطني حيوي هو التعليم، وهنا أتساءل عن جدوى كل وزير يزور باب الرواح؟ أليس حريا به أن يكون أول خبير يمكن أن يسعف هذا الرجل المريض المدعو التعليم؟ ألا تتوفر الوزارة وعلى امتداد كل هذه السنوات من الاستقلال إلى الآن على رجل واحد، نسميه خبيرا فيفحص علل الوزارة و القطاع معا و يعطينا وصفة تخرج التعليم من مختبر فئران التجارب الأجنبي هذا؟ إن كان الجواب نعم، فنحن نعلم أن طاقات المغرب من أساتذة و مفتشين و أكاديميين يلقى بها في الزوايا المظلمة للوزارة و المجتمع. وان كان الجواب لا، فما على الوزير و الأوصياء على التعليم إلا أن يعلنوا صراحة إفلاسهم و ينسحبوا تاركين المعلمين يفعلون ما يشاؤون. فهم أدرى بالتعليم والمجتمع أكثر من أي احد سواء كان أجنبيا أو ابن الوطن، عوضا من ذبح آلاف الدولارات و الإلقاء بها في ثلاجات الخبير الأجنبي وسماسرته من المغاربة. إن الاستعانة بالأجنبي في شان وطني كهذا عيب وخيانة للوطن بل إهانة لا يقبلها أي مغربي و إلا سيكون كراع بدوي يقبل بان يترك قطيعه في رعاية سائح من المدينة. فالأجنبي لا يعرف مثلا معاناة رجال التعليم ولا احتياجات المتعلم المغربي و ذهنيته, فكل ما يفعله هو أن يسقط حالة جماعته على جماعتنا دون مراعاة لا للفوارق الثقافية أو الاجتماعية، و لا حتى طبيعة النظام السياسي السائد وطبيعة الفكر المهيمن. لكن الأدهى و الأمر هو أن يلاقي عمله ترحيبا وتهليلا من طرف سماسرة الوطن، كيف لا وهم الجهلة الطامعين في الغنى على حساب أموال أبناء الشعب؟ أما المبرر الثاني فهو عندما يضع كل وزير قادم لباب الرواح كل العراقيل و القيود أمام نساء و رجال التعليم فيما يتعلق بمتابعة الدراسة أو الترقي أو تغيير الإطار. فعوض أن يلاقي هؤلاء التشجيع و التحفيز تتم مكافأتهم بترسانة من المقررات الوزارية و المراسيم و القوانين التي تجعل كل مدرس يعتقد انه أمام وزارة عدوة وليست وصية على القطاع. وهنا فقط تتفتق عبقرية الوزير وبطانته وهنا بالذات لا يحتاج إلى الأجنبي. لان هذا الأخير إن كانت فيه ذرة عقل فلن يقبل باحتقار المعلمين أو إحباط الموارد البشرية لقطاع حساس كالتعليم، إن الوزارة هنا تبدو عدوة ولن تواجه إلا بالمثل، فعوض أن يحب المعلم وطنه ويزرع قيم المواطنة لدى المتعلمين سيصب جام غضبه على محتقريه و على برامجهم و على مخططاتهم سواء كانت هادفة أو غير هادفة، وسيصاب القطاع بالشلل والموت إن آجلا أو عاجلا . إن إصلاح التعليم لن يتحقق إلا بفتح أبواب النجاح أمام المعلمين وهم بدورهم سيفتحونها أمام المتعلمين وبالتالي أمام المجتمع، فعندما دكت آلة هتلر الحربية ارض العم روسو و أذلت الجنرال ديغول لم يجد هذا الأخير من مهرب سوى الارتماء في أحضان الأمريكان و الروس والاستعانة ببنادق وصدور الكوم الأفارقة لتحرير فرنسا، بعد ذلك سيستعين بجيش من المعلمين الذين سيعيدون وطنهم للأوج و المجد. و بعد عقد واحد أضحت فرنسا قوة عظمى بعد أن كانت في عداد المذلولين. لقد أدرك الجنرال الفرنسي أهمية المعلم في إعادة بناء الدولة الفرنسية و إرجاعها إلى الواجهة. إن القيمين على الشأن التعليمي بهذا الوطن العزيز يعرفون قيمة المعلم لهذا يخافون منه لا لشيء إلا لأنه قادر على فضح عيوبهم و كشف لصوصيتهم و لا وطنيتهم، فاشتغاله بالجبال و ازدحام المدن وغلاء معيشتها مقابل اجر بخس، دليل على حبه لوطنه. و تردده على مدرجات الجامعة دليل على طموح لا يعرف الحدود، و هو بذلك يمرر رسالة لمستقبلين. الأول: هو المسؤول ذو البطن المنتفخ الكسول في مكتبه، العابث بالوقت الثمين تحت مكيفه المستورد، منتظرا نهاية الشهر و ما يحمله من علاوات وعمولات واجر منتفخ مقابل عمل منعدم. فيقول له: إن العمولات هي لمن يسكن الجبال و يكتري بنصف أجرته ليدرس أولاد الشعب. و لن نسكت على ذلك مهما كممت الأفواه ومهما سكت المرتشون من مفسدي النضال بالوطن. و المستقبل الثاني هو المتعلم الصغير والكبير، و الذي يرى في معلمه رمزا للمعاناة من اجل تبليغ الرسالة، و رمزا للتحدي من اجل بلوغ أسمى المراتب، و بالتالي مزاحمة ذوي الياقات البيضاء و الكروش المنتفخة و الخدود المتهدلة بأموال أولاد الشعب، ولم لا طردهم و الإلقاء بهم في مزبلة التاريخ، وبالتالي بناء مجتمع جديد ونخب جديدة تتخذ العلم والتحدي مذهبا عوض التسمسير و كنز الأموال على حساب الوطن وأبنائه. لهذا فرسالة رجل التعليم خطيرة وتهدد اللصوص و سماسرة الوطن الذي عليه أن يقتلعهم من الوزارات و النقابات والمستشفيات و المحاكم و مخافر الشرطة و الجمعيات و الأحزاب وكل مؤسسات الوطن و أزقته.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!