فسحة للتفكير : البنية و الفعل في المجتمع الازموري

2013-12-23T09:53:42+00:00
أزمور
22 ديسمبر 2013آخر تحديث : الإثنين 23 ديسمبر 2013 - 9:53 صباحًا
فسحة للتفكير : البنية و الفعل في المجتمع الازموري

من بين الاشكالات التي يبحثها علم الاجتماع هي علاقة البنية الاجتماعية بالسلوك الفردي و مدى تأثير هذه البنية في تحديد طبيعة هذا السلوك . قراءة النظريات المتعلقة بهذا الموضوع تفيد بوجود علاقة جدلية بين البنية و الفعل، حيث أن كل منهما يساهم في تحديد و تغيير الآخر، لأن المجتمع ينتج أفرادا يساهمون بفعلهم الفردي في تحديد بنيته.

مدينة  آزمور كنموذج للمدن المغربية الصغيرة تقدم لنا صورة جد  معبرة عن طبيعة العلاقة بين البنية الاجتماعية و الفعل الفردي أو الجماعي في المجتمع المغربي، و خصوصا من وجهة نظر تسعى لتحقيق التغيير في مجتمع يدعي أنه يسعى للحداثة و دعم حقوق الانسان و ربط المسؤولية بالمحاسبة . التجارب التي مر بها آزمور تدل و تسجل للتاريخ أن التغيير في هذه المدينة يراوح مكانه لدرجة أن البعض أصبح يؤمن فعلا بأن هناك مؤامرة ضد مدينة آزمور تحاك في مكان ما.

سنختار المجال السياسي ،لأنه الاقوى على تحقيق التغيير، لنتعرف على البنية التي تحكم الشارع الازموري في غياب أو على الاقل عدم فاعلية الفعل الفردي أو الجماعي في تحقيق تغيير في هذه البنية. يعرف الجميع على أن هذا المجال أصبح متحكما فيه من طرف لوبيات تستعمل كل الوسائل للوصول للمجلس البلدي و التحكم في ميزانيته الهزيلة. استعمال المال العام، العام لأنه يصرف من الميزانية، لاستمالة الناخبين و شراء ذمم بعض المحسوبين على المجتمع المدني و تلميع الصورة لدى بعض الطبقات المستهدفة من الشباب و ذلك بالتظاهر بدعم الرياضة و الفنون الجميلة هي آلية للتحكم في البنية السياسية للمدينة. مقابل هذا التحكم نجد فعلا إما سلبيا في شكل اللافعل يستند على الطهورية كتبرير للهروب من المسؤولية، أو فعلا ايجابيا معارضا للبنية القائمة لكنه يقابل بالآليات الديمقراطية المتحكم فيها كالتصويت و بالحياد السلبي للسلطة ، أو بفعل داعم و مستفيد من هذه البنية.

الخطير في هذه البنية و في غياب كمي و كيفي للفعل الايجابي المعارض هو دورها في التنشئة السياسية للأجيال القائمة و القادمة، فسياسة العصا و الجزرة التي يمارسها من يبدهم ميزانية المدينة تدفع المواطن بفعل الحاجة أو غياب المبدأ الاخلاقي إلى استبطان علاقة الحاجة و الاستغلال كعلاقة طبيعة ـ السياسة هي هادي ـ و بالتالي تتقوى بنية الفساد و تتفرع عنها علاقات أخرى  و قيم أخرى  شبيهة كالأنانية و جب الذات و المصلحة الشخصية. و ينتج عن ذلك طبعا شعور بعبثية المشهد السياسي و تتقوى نتيجة لذلك حجج التيار الطهوري  و كذلك، وهذه هي المفارقة، يتقوى التيار المستفيد من هذه البنية الفاسدة، لتصبج بذلك هذه البنية بعلاقاتها تؤسس للعمل السياسي ليس فقط في التسيير الجماعي بل حتى في الاحزاب.

لن يغير هذه البنية إلا الفعل الفردي و الجماعي المقاوم لمحاولات التيئيس و الافساد. و الفعل الصحيح يبدأ بالتفكير الصحيح الذي يعي تمظهرات السلطة و خصوصا تلك التمظهرات الخفية  التي تفسد السلوك لتتحكم فيه و خصوصا سلوك الشباب الذين سيبقون الامل الذي يشبه النور في آخر النفق.  

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!