مبادرات هامة لبلوغ أفق مغاير لمنظومة التعليم: حصيلة 2013 في مجال التربية والتكوين

2013-12-31T09:36:20+00:00
تربية و تعليمجهويةوطنية
30 ديسمبر 2013آخر تحديث : الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 - 9:36 صباحًا
مبادرات هامة لبلوغ أفق مغاير لمنظومة التعليم: حصيلة 2013 في مجال التربية والتكوين

تميزت سنة 2013 في مجال التربية و التكوين باتخاذ خطوات و مبادرات هامة على أكثر من مستوى، تصب كلها في خانة تطوير منظومة التعليم لبلوغ أفق مغاير يرفع من المؤشرات ويكرس الجودة في هذا المجال الحيوي . 
فقبل سنوات تم وضع الميثاق الوطني للتربية و التكوين بإشراك مختلف الفاعلين، و تم أجرأة العديد من مقتضياته، و تلاه مخطط استعجالي أثار نقاشا تباينت بشأنه الآراء، و أخيرا كانت الحصيلة، بإيجابياتها و سلبياتها، دون التوقعات و التطلعات.و لهذا السبب تحديدا ، تم خلال سنة 2013 ، القيام بوقفة تأمل أقرب إلى النقد الذاتي، تلتها خطوات و مبادرات لها علاقة بالجانب التشريعي تمثلت في إعداد مشروعي قانون يتعلقان ب ” المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي ” و ”الوكالة الوطنية لتقييم التعليم العالي و البحث العلمي”،  و اللذين يرومان الرفع من أداء منظومة التعليم وفق رؤية جديدة. 
و لعل ما سرع بهذا الشق التشريعي في قطاع التربية و التكوين، هو الخطاب الملكي ل 20 غشت الماضي، الذي خصص حيزا هاما لهذا القطاع ، حيث شخص الوضع بشكل دقيق ومتوازن، بتحديده للمنجزات ومواطن الخلل، مع إبرازه لعدة صعوبات و مشاكل واختلالات تطبع هذا المجال. 
و في هذا الصدد، جاء في الخطاب الملكي، الذي يمكن اعتباره خارطة طريق جديدة لهذا القطاع، أن المغرب حقق منجزات هامة في مجال التربية و التكوين، يجسدها على الخصوص ارتفاع نسبة التمدرس خاصة لدى الفتيات. غير أن الطريق يضيف خطاب جلالة الملك – ما يزال شاقا وطويلا أمام هذا القطاع، للقيام بدوره كقاطرة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية. 
و قال جلالته إن الوضع الراهن لقطاع التربية و التكوين يقتضي إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف و الاختلالات. 
و في هذا السياق ، ركز الخطاب الملكي السامي في جانب منه، على دعوة الحكومة الحالية للإسراع بإقرار النصوص القانونية المتعلقة بالمجلس الأعلى للتربية و التكوين في صيغته الجديدة، و كذا تفعيل المجلس الأعلى للتعليم في صيغته الحالية عملا بالأحكام الانتقالية التي ينص عليها الدستور، وذلك لتقييم منجزات عشرية الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و الانكباب على هذا الورش الوطني الكبير. 
و قد أثار الخطاب الملكي السامي ل 20 غشت الماضي ، وقتها ، ردودا من مختلف الفاعلين التربويين و الاقتصاديين و الاجتماعيين، أجمعت كلها على أن مضامين هذا الخطاب كانت “جريئة و مسؤولة”، و هو ما دفع الحكومة للتفاعل الإيجابي مع هذا التوجه الجديد في التعاطي مع الشأن التعليمي، حيث عملت على إعداد المشروعين المذكورين المتعلقين ب “المجلس الأعلى للتربية و التكوين والبحث العلمي “، و ”الوكالة الوطنية لتقييم التعليم العالي والبحث العلمي”، و اللذين تم وضعهما، في بحر شهر دجنبر أمام لجنة التعليم و الثقافة و الاتصال بمجلس النواب بغرض تدارسهما و مناقشتهما و إقرارهما بعد ذلك. و تكمن أهمية المشروعين في كونهما، سيعملان على إحداث مؤسستين هامتين بصلاحيات واسعة ، تشكل في الحالة المتعلقة بالمجلس الأعلى قوة اقتراحية تعمل على تقديم الاستشارة لكل الجهات ، و تشكل في الحالة المتعلقة بالوكالة الوطنية وسيلة للتقييم والتقويم. 
و من باب التذكير، فقد نص دستور 2011 ، في الفصل 168 ، على إحداث المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي ، باعتباره هيئة استشارية مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية و القضايا الوطنية التي تهم التربية و التكوين و البحث العلمي . 
و يروم هذا المجلس، الذي سيحل محل المجلس الأعلى للتعليم ، تحقيق مشاركة واسعة لجميع المتدخلين في مجال التربية و التكوين والبحث العلمي للنهوض بهذه المجالات، وكذا التوفر على فضاء تعددي للحوار وتبادل الرأي، و إضفاء حكامة جيدة في مجالات التربية و التكوين. وتكمن اختصاصات ومهام هذه المؤسسة الجديدة، كما حددها مشروع القانون المتعلق بالمجلس، في إبداء الرأي في القضايا والمقترحات والبرامج المحالة إليه من طرف جلالة الملك و الحكومة و البرلمان، و تقديم تقرير عن حصيلة أنشطته و آفاق عمله كل سنة على الأقل، يكون موضوع مناقشة أمام البرلمان و ينشر بالجريدة الرسمية. 
كما تكمن هذه الاختصاصات في وضع الآليات والتدابير و مؤشرات الأداء الفعلية لتتبع مآل الآراء و المقترحات التي يقدمها و نتائج التقويم التي ينجزها بتنسيق مع السلطات الحكومية و المؤسسات المعنية بقضايا التربية و التكوين و البحث العلمي. و في السياق نفسه تم تعيين السيد عمر عزيمان رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للتعليم، و ذلك في إطار تفعيل مضامين الخطاب الملكي بمناسبة تخليد الذكرى الستين لثورة الملك والشعب المتعلقة بتفعيل المجلس الأعلى للتعليم في صيغته الحالية، في انتظار إقرار النصوص القانونية المتعلقة بالمجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي. 
و قد زود جلالة الملك  نصره الله، السيد عزيمان ، بتوجيهاته ، حيث أهاب به الانكباب على الورش المصيري لقطاع التعليم ، بما في ذلك تقييم عشرية الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و إبداء الآراء بخصوص مختلف القضايا المرتبطة بهذا المجال، في إطار من التشاور الواسع مع مختلف الفاعلين المعنيين.أما اختصاصات و مهام الوكالة الوطنية لتقييم التعليم العالي والبحث العلمي، كما حصرها مشروع القانون المعد بشأنها، فتتمثل في تقييم أنشطة مؤسسات التعليم العالي و الخاص و مؤسسات البحث العلمي، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مؤسسة، لاسيما مشاريعها البيداغوجية و العملية، و تقييم مسالك التكوين قصد الحصول على الاعتماد أو تجديده. 
كما تضطلع الوكالة بمهام تقييم برامج ومخططات التعاون الجامعي في ميدان التكوين و البحث العلمي، علاوة على تقييم أنشطة مراكز الدراسات في الدكتوراه، و إعداد حصيلة أعمال البحث المنجزة. و من مهام الوكالة أيضا إعداد تقرير سنوي يتضمن أنشطة السنة وا لتوصيات المتعلقة بتحسين جودة المؤسسات موضوع التقييم، و عرضه على الوزارة الوصية، كما تعد تقريرا لرئيس الحكومة الذي يقدمه أمام مجلسي البرلمان، فضلا عن نشر التقارير السنوية الصادرة عنها. و ستقوم الوكالة كذلك بأبحاث ميدانية و زيارة المؤسسات موضوع التقييم، كما يمكنها الاطلاع على جميع الوثائق و المعلومات اللازمة، و دراستها و الاستماع إلى المسؤولين و أطر التدريس، و كذلك إلى العاملين بالإدارة و الطلبة ، و بعض الفاعلين الاقتصاديين الذين لهم علاقة بالمؤسسات موضوع تقييم. و ما دامت عملية الإصلاح، هي بالأساس صيرورة لا تنتهي ، خاصة في مجال حيوي كالتربية و التكوين ، فإن مختلف الفاعلين في هذا المجال سيجدون في هذه الانطلاقة الجديدة فضاء للاجتهاد و الإسهام في تطور الشأن التعليمي. 
و يبقى بيت القصيد في هذه العملية برمتها هو إعمال الضمير، و هو ما شدد عليه خطاب 20 غشت في قوله ” المهم في هذا المجال، ليس المال أو الجاه، و لا الانتماء الاجتماعي، و إنما هو الضمير الحي الذي يحرك كل واحد منا، و ما يتحلى به من غيرة صادقة على وطنهو مصالحه العليا “.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!