مسجد القصبة أحد أقدم المساجد بالمدينة العتيقة لأزمور- المملكة المغربية

azemmourinfo24
ثرات أزمورشؤون دينية
azemmourinfo2421 مايو 2020آخر تحديث : الخميس 21 مايو 2020 - 6:17 مساءً
مسجد القصبة أحد أقدم المساجد بالمدينة العتيقة لأزمور- المملكة المغربية

ازمورانفو24:

يقع جامع القصبة أو المسجد العتيق لقصبة أزمور داخل حي القصبة بالمدينة العتيقة لأزمور، غير بعيد عن معلمة القبطانية التاريخية التي شكّلت مقرّا لإقامة الحاكم البرتغالي وحاميته العسكرية في فترة الاحتلال البرتغالي للمدينة (1541-1513م).

تفيد الرّواية الشفوية المتواترة محلّيا بأنّه يُمثّل أحد أقدم المساجد بمدينة أزمور ومجموع البلاد المغربية. وقد أرجع الباحث أحمد العمراني تاريخ تأسيسه إلى منتصف القرن 6هـ/ 12م أي إلى عهد الدولة الموحدية، حيث أخبر في مقال له تحت عنوان “مساجد أزمور بين المفقود والموجود والمقصود”، بأنّ جامع القصبة قد شُيّد من طرف جماعة من المُحسنين في عام 562هـ/1166م على مساحة تقدّر ب 230 متر مربّع.

ومن المفيد الإشارة إلى أن مدينة أزمور قد عرفت في عهد الدّولة الموحّدية إشعاعا دينيا وروحيا وثقافيا كبيرا، وكانت مستقرّا ومحجّا للعديد من الصّوفية والفقهاء والصّلحاء تجاوزت شهرة بعضهم حدود منطقة دكّالة والبلاد المغربية لتصل إلى الدّيار المشرقية، ومن أبرزهم الشيخ الصّوفي أبي شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي (ت. 561 هـ/ 1165-1166م) المعروف بمولاي بوشعيب صاحب الضّريح الشهير بمدينة أزمور.

توقّف مسجد القصبة عن أداء وظيفته الدينية كمسجد للصّلاة في فترة الاحتلال البرتغالي لأزمور (28 سنة)، حيث أقدم البرتغاليون، مباشرة بعد دخولهم للمدينة في عام 1513م، على تحويله من مسجد إلى كنيسة بغرض إقامة شعائرهم الدينية، وأطلقوا على هذه الأخيرة اسم كنيسة “حماية الرّوح القدس” (Saint Esprit). وأشار دييكو دي طوريس في كتابه تاريخ الشّرفاء إلى أن البرتغاليين قد عثروا بداخل المسجد يوم دخولهم إليه على ناقوسيين (جرسين) رجّح أن يكون مسلمو الأندلس قد حملوه معهم إلى المغرب كغنيمة.

وكان من عادة البرتغاليين أن يقوموا بإجراء تعديلات وتغييرات على مباني مغربية قائمة بالمدن المغربية التي احتلوها، ومنح عدد منها وظائف جديدة، كي تتماشى مع احتياجاتهم ومصالحهم، وقد طبّقوا ذلك في عدّة مدن نذكر منها: سبتة وطنجة وأصيلا وآسفي وأزمور.

استرجع مسجد القصبة وظيفته الأصلية بعد جلاء البرتغاليين عن مدينة أزمور في عام 1541م وإعادة إعمار المدينة من جديد من طرف المغاربة.

كان يوجد بمقربة من مسجد القصبة -حسب ميشو بلير في مؤلّفه حول مدينة أزمور وضواحيها المنشور في عام 1932م- حمّام وساقية وبجانبهما ناعورة “سانية” تجلب إليهما الماء.

ونلاحظ في عصرنا الحالي وجود حمّام عمومي بجوار المسجد يرتاده سكان حي القصبة بأزمور لغاية اليوم من أجل الاستحمام. كما يوجد على بُعد بضع خطوات من مسجد القصبة على يسار مدخل معلمة القبطانية، فضاء تاريخي يُعتقد أنه شغل وظيفة حمّام بدوره في الماضي.

وكشفت بعض الحفريات الميدانية التي أٌجريت في الساحة المقابلة لهذا الحمّام عن وجود آثار سواقي لنقل الماء تتّجه صوب مسجد القصبة، ممّا يُرجّح فكرة تزويد هذه السواقي للمسجد بالمياه في الماضي.
أجريت هذه التنقيبات في إطار عملية ترميم وتأهيل معلمة قبطانية أزمور، والتي أشرف عليها مدير مركز دراسات وأبحاث التراث المغربي البرتغالي بالجديدة الباحث الأثري أبو القاسم الشبري خلال سنتي 2016 و2017م.

يتّسم مسجد القصبة ببساطة هندسته المعمارية وبزخرفته المتواضعة وكذا بمئذنته مربّعة الشكل. وتوجد الأرضية الدّاخلية لهذا المسجد في مستوى منخفض عن المستوى الحالي لأرضية محيطه الخارجي ممّا قد يدلّ على قدم بناية المسجد.

عرف مسجد القصبة –من دون شكّ- عدّة عمليات إصلاح وتجديد بناء خلال عمره الطّويل الذي يمتد لعدّة قرون، كان آخرها أشغال الإصلاح والترميم والتّوسعة التي خضع لها خلال سنة 2016م من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في إطار المحافظة على المساجد التاريخية وردّ الاعتبار إليها. وذلك ضمن البرنامج الحكومي لإعادة بناء وترميم وتأهيل المساجد الآيلة للسقوط بالمملكة المغربية.

وافتُتِح في حُلّته البهية الحالية انطلاقا من شهر رمضان الأبرك لسنة 2018م. تقدّر المساحة الإجمالية الحالية لمسجد القصبة بحوالي 760 متر مربع وتصل طاقته الاستيعابية إلى 600 مُصلّي.

نسرين الصّافي
محافظة مدينتي الجديدة وأزمور
بالمديرية الإقليمية لوزارة الثقافة بالجديدة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!