حقوق الطفل بين النظرية والتطبيق

azemmourinfo24
اقلام حرة
azemmourinfo247 نوفمبر 2023آخر تحديث : الثلاثاء 7 نوفمبر 2023 - 3:20 مساءً
حقوق الطفل بين النظرية والتطبيق

أزمور انفو24:بوشعيب جوال باحث

حاصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة والقانون وقضايا المجتمع.

مقدمة :

يُعد الطفل من الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، فهو بحاجة إلى الحماية والرعاية من أجل النمو والتطور بشكل سليم فقد أولى الإسلام عناية فائقة لهذه الفئة الضعيفة من المجتمع عناية خاصة رحمة بها وصونا لحقوقها فقد جاء في قوله تعالى ” وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ  أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ” وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ،كما أقرت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل عام 1989، والتي تُعد وثيقة دولية تهدف إلى حماية حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتتضمن هذه الاتفاقية 54 مادةً تتناول مجموعةً واسعةً من الحقوق، منها الحق في الحياة والصحة والتعليم والحماية من العنف والاستغلال. وقد صدقت على هذه الاتفاقية 196 دولةً من أصل 193 دولةً عضوةً في الأمم المتحدة. وتُعد اتفاقية حقوق الطفل وثيقةً مهمةً لحماية حقوق الأطفال، فهي تُؤكد على أهمية حماية الأطفال من الانتهاكات، وتُلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لضمان احترام هذه الحقوق ومن هنا يمكن أن نتساءل عن مدى ملائمة هذه الاتفاقية للمقتضيات الشرعية في مجال حقوق الطفل؟ وهل استطاعت هذه الاتفاقية أن توفر الحماية اللازمة للأطفال بمقارنتها مع أحكام الشريعة الإسلامية التي جاءت شاملة مانعة لحقوق الطفل؟

بالرجوع الى مقتضيات هذه الاتفاقية تنص على أن جميع الأطفال يمتلكون هذه الحقوق، بصرف النظر عن من هم أو أين يعيشون، أو أي لغة يتكلمون، أو ما هو دينهم، أو أفكارهم، أو أشكالهم، ما إذا كانوا أولاد أو بنات، أو إذا كانوا ذوي إعاقة، أو أغنياء، أو فقراء، وبصرف النظر عن من يكون آبائهم، أو أسرهم وأفكارهم ومعتقداتهم، أو ماذا يعملون ولا يجوز معاملة أي طفل معاملة غير عادلة، والطفل في منظور هذه الاتفاقية هو الذي يقل عمره عن 18 سنة شمسية كاملة و يحق له الحصول على أفضل رعاية صحية ممكنة ومياه نظيفة للشرب وطعام صحي وبيئة نظيفة وآمنة، ويجب أن تتوفر المعلومات اللازمة لجميع الأطفال والبالغين من أجل البقاء والحصول على الحماية أثناء الحروب.

ولا يجوز إشراك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في الجيش، أو في الحروب، كما من حقهم الحصول على الأكل والملابس ومكان آمن للعيش من أجل النمو بأفضل طريقة ممكنة وعلى الحكومات مساعدة العائلات والأطفال الذين لا يستطيعون تحمل كلفة هذه الأشياء.

وفي الواقع، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه تطبيق اتفاقية حقوق الطفل ففي بعض البلدان، لا تزال هناك قوانين وممارسات تمييزية ضد الأطفال، كما أن هناك العديد من الأطفال الذين يتعرضون للانتهاكات، مثل العنف والاستغلال والإهمال والحروب.

ولمعالجة هذه التحديات، هناك حاجة إلى بذل جهودٍ من قبل جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني والجهات الدولية.

وتشمل هذه الجهود مايلي :

  • زيادة الوعي بحقوق الطفل من خلال عقد ندوات ومؤتمرات فعلية تلزم دول الأطراف باحترام حقوق الطفل وحث الجهات المسؤولة على تطبيق القانون تطبيقا عادلا وملامسة ذلك على أرض الواقع .
  • تعزيز التعاون الدولي لحماية حقوق الأطفال من خلال سن قوانين فاعلة قادرة على الاستجابة لمختلف التطورات التي تحصل في مجال حقوق الطفل وإنزال عقوبات قاسية على بعض الدول والمنظمات التي تخالف هذه القوانين ومساءلة الجميع دون استثناء، أو تمييز بين جهة وأخرى.
  • الرجوع الى الشريعة الإسلامية التي أولت عناية فائقة لحقوق الطفل، حيث وردت مجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدل على حماية الطفل حماية كاملة لا يمكن تصورها في مختلف الاتفاقيات الدولية مهما بلغ درج تأثيرها و تأثرها في المجتمع من ذلك الآية 8-9 من سورة التكوير  التي تتحدث عن حق الحياة في قوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ{ ومنها الآية التي تتحدث أيضا عن حق تربية الطفل وتشير إليها الاية 13 من سورة لقمان في قوله تعالى وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ …. وما بعدها من الآيات، ولا يمكن إحصاء الآيات التي تطرقت لحقوق الطفل فهي كثيرة ومتنوعة وشاملة لحقوق الطفل، كما تطرقت السنة النبوية الشريفة لهذا النوع من المعاملة من ذلك ما ورد عن سعد بن سهل -رضي الله عنه- قال: (أُتِيَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بقَدَحٍ، فَشَرِبَ، وعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ هو أحْدَثُ القَوْمِ والأشْيَاخُ عن يَسَارِهِ، قَالَ: يا غُلَامُ أتَأْذَنُ لي أنْ أُعْطِيَ الأشْيَاخَ، فَقَالَ: ما كُنْتُ لِأُوثِرَ بنَصِيبِي مِنْكَ أحَدًا يا رَسولَ اللَّهِ، فأعْطَاهُ إيَّاهُ) فهذا يدل دلالة قوية على ان الشريعة الإسلامية كانت تفعل منظومة حقوق الطفل بشكل جلي وملموس بخلاف ما رأيناه في مختلف المواثيق والمعاهدات الدولية التي تدعو الى حماية الطفل من خلال عرض مجموعة من الندوات والمؤتمرات دون تفعيل ذلك بل تبقى  مجرد شعارات واهية لا أساس لها من الصحة.

وعلى هذا الأساس فإننا نوصي بما يلي :

  • ضرورة قيام الحكومات بسن قوانين صارمة للحماية من العنف والاستغلال والإهمال.
  • ضرورة توفير التعليم والرعاية الصحية للجميع دون تمييز.
  • ضرورة تعزيز دور المجتمع المدني في حماية حقوق الطفل.
  • ضرورة زيادة التعاون الدولي لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال حماية حقوق الطفل.

وهذه التوصيات لا تُعد سوى نقطة انطلاقٍ، حيث يُحتاج إلى المزيد من الجهود من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو ضمان تمتع جميع الأطفال بحقوقهم الكاملة

وفي الختام لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به من أجل حماية حقوق الطفل في جميع أنحاء العالم ومع ذلك، فإن اتفاقية حقوق الطفل تُعد وثيقةً مهمةً يمكن أن تكون بمثابة إطارٍ عملٍ لتحسين وضع الأطفال في العالم.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!