كائنات انتخابية ومراطون سياسي قادم

2014-09-30T13:21:02+01:00
أزمورجهويةسياسةوطنية
29 سبتمبر 2014آخر تحديث : الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 1:21 مساءً
كائنات انتخابية ومراطون سياسي قادم

أزمور أنفو24 المتابعة: عبدالواحد سعادي

هوذا المارطون السياسي وقد هيء له هنا والآن ،للانطلاق من خط البداية إلى خط الوصول مارا عبر محطات وأمكنة ومنعرجات ومنحدرات ،حتى إذاوصل إلى خط النهاية ارتمى على الأرض من فرط الإجهاد ،إن السياسة مثل السباق ،إذ أن كل فريق يضبط إيقاع زمنه الخاص على دقات ساعاته اليدوية .

منذ الآن والاستعدادات جارية على قدم وساق لخوض غمار الماراطون السياسي القادم ،اليمين واليسار الموحد واليسار المشتت ،الوسط واللاوسط وما يسمى بالتيار الاسلامي الذي يحكم البلاد والأمازيغ الحركيين وغيرهم.

لنقل إذن إن حرق المراحل السابقة واللاحقة قد بدأ منذ الإعلان عن إجراء الانتخابات في يونيو الصيف المقبل وأن الأحزاب السياسية التي كثرت بمختلف أدبياتها بدأت في ترتيب بيوتها المنهارة والمنصدعة وترميمها لموتجهة إعصار يونيو ،فمن يستطيع اليوم الصمود أمام هيجانه؟

لم يتبدل حال المواطنين والمواطنات وأضحوا يثنون الخير على حكومات أحمد عصمان وعبداللطيف العراقي وعبداللطيف الفيلالي وجطو واليوسفي وعباس الفاسي ،ويتمنون أفول الحكومة الحالية التي أنهكتهم وأتعبت معيشتهم اليومية وأثقلتها بالزيادات المتوالية والكثيرة في الأسعار ،الأمر يتوقف هنا على البرامج السياسية الحقيقية الصادقة لا على النوايا المسبقة والأكاذيب ،على التصورات والاستراتيجيات العقلانية ،لا على الأوهام الزائفة ،بل يتوقف على تحديد الخطاب السياسي المهترئ الذي لا يرى في الانتخابات غير نزاهتها وغير الفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد بدل التحديث ،تحديث بنيات المجتمع المتآكلة من الداخل وتحديث مؤسساته المنخورة بفعل سوء التسيير وتغيير الأشخاص القائمين عليها ومحاسبتهم فليس المغرب لهم وحدهم ينهبونه كما شاؤوا ، ليسوا بأنبياء مرسلون أودعهم الله أمانة الأمة وهديها ،إن المغرب للمغاربة جميعا بدون استثاءأما وإن كانت نزاهة وشفافية الانتخابات التي تحققت ميدانيا بمغربنا قد أفرزت لنا منتخبون كباراختصوا في الزيادة على المغاربة وتنغيص معيشتهم اليومية إن كانت نزاهة الانتخابات تفرز مسؤولين منتخبين يطحنون الناس ،فلا أعتقد أن الشعب سيقبل بهذه الشفافية والنزاهة ،ولا أظن أن الشعب المغربي سيرضى على هؤلاء الذين أفرزتهم نزاهة صناديق الاقتراع الذين تخصصوا في طحنه وشقائه .

هي الذي الأيدي على القلوب المضطربة وقد أزف خفقانها السياسي النهائي في انتظار اللحظة الحاسمة ،سيفرح من يشاء ويكب الخاسرون الماء على بطونهم المنتخبة بالنهب والتخلويض في انتظار انتخابات أخرى لعل وعسى ،ومن يدري فقد يغادرون حياتنا السياسية اليومية ويغلقون دكاكينهم الانتخابية الموسمية إلى الأبد، لكني لا أعتقد أن لديهم رغبة حقيقية في الانسحاب لأن طعم الكرسي لذيذ وحلاوة السلطة مغرية،ومنهم من فرط في الأذان والصلاة من أجل لذة الكرسي العجيب”اعطيه منصب ينسى مولاه”ويذكرني ذلك في المصلى الذي أقام الصلاة وشرع في تلاوة الفاتحة ولما رأت عيناه ورقة مالية تحملها الرياح هرع إليها بدون شعور وبدون أن يقول السلام عليكم،هي ذي السلطة لا تبقي على ناسك متعبد إلا ونسي مولاه،وتسبت بالكرسي “يا حلاوة “على غرار ما يردده الممقل المصري.

إنه المشهد شبه التراجيدي الذي ستكون عليه ملامح هذه الكائنات الخرافية المصابة بسعار الانتصار الوهمي عند كل انتخابات فلنتأمل شجاعة “ليونيل جوسبان” حتما ،والمؤشرات الأولى تعكس ذلك أن أموالا طائلة ستصرف من أجل المقاعد لارتداء وجاهة مزيفة ولمعان خافت وليس ثمة من أمل في تغيير الوجوه الكلاسيكية إلا تغيير البذلات والمواقع وشراء الأصوات بالجملة والتقسيط والانطباع أمام العتبات الكبيرة بالاقليم والجهات والجماعات المحلية رغم عمل وجهد وتأكيد وزارة الداخلية على الاستقامة حتما ستختلط الأوراق وسيتشابه البقر علينا كما حدث في السابق من طرف أصحاب “الشكارة” ،فالتجارب السابقة أبانت على أن عقلية التغيير لا تزال راكدة رغم خطب التفاؤل وأن المغرب لنا لا لغيرنا كما كتب علال الفاسي في نشيده الوطني القديم،لا زال الناخبون يباعون بمئة درهم أو مئتان وفي حدود الخمسمائة درهم على أسمى تقدير ولا زال المنتخب الجماعي يباع محليا بخمسة ألاف درهم كحد أذنى وأربعونألف درهم كحد أقصى يشتريه المرشح للرئاسة طبعا ،وهؤلاء المستشارون ورؤساء الجماعات يشتريهم بدورهم المرشح لرئاسة المجلس الإقليمي يشتريهم المرشح لمنصب رئاسة مجلس الجهة وهكذا ذواليك الشعب يبيع والشعب يشترى والشعب يحكم نفسه بنفسه،والديمقراطية وحقوق الإنسان لا يطبقها سوى المسؤولون بالمؤسسات العمومية كوزارة الداخلية ووزارات السيادة،أما الشعب فتنشط تجارته في البيع والشراء على مستوى كل انتخابات على حدة إلا من رحم ربك إلا النخبة التي لا يتجاوز عددها وعدتها 25 في المائة ،فالقرار ليس بيدها ،والأغلبية الساحقة للأمية وللمال،علاوة على أن المال نفسه متوفر لدى فئة الأمية وليس فئة النخبة ،وتلكم هي ديمقراطيتنا كما أقول عنها عصير بناشي بنكهة الجهل والأمية يشربه الجميع بمباركة وفعل الشعب.

بضعة شهور فقط تفصلنا على هذا المااطون الانتخابي ما الذي سنربحه وما الذي سنخسره؟أكيد ستقام الأعراس وتذبح الذبائح وتنشط الحركة ويستعمل “البرقوق”في الكوزينة المغربية بشكل مهول كالمعتاد ،ستغلى رؤوس التسمسير والنخاسة والشناقة لا محالة وستدور طاحونة الشعب لتطحين الشعب نفسه ،الشعب يطحن نفسه بنفسه وليس الشعب يحكم نفسه كما تمليه الديمقراطية في فرنسا وابريطانيا ذات الحزب الوحيد ، سنفترس بعضنا البعض في موسم الفريسة كما نقول نحن لا كما يقول المسؤولون.

أكيد أن أكبر ربح سيربحه المغرب هو هذا النقاش السياسي الصاخب الذي يشخص الأزمة ويقاربها ،لكنه سيكون نقاشا عصابيا ومتشنجا في التجمعات الخطابية لأحزاب سياسية لا استراتيجية لها إلا إلغاء الآخر،إلا الشتم والقدح والسب في الآخر واتهامه ووصفه بنعوث الحيوان البري والمائي ،فليس ثمة في أدبياتها إلا الخطب الرنانة والوعود الكاذبة وإلقاء اللائمة على ما يسموه “المخزن”  ولا شيء غيرها ،هكذا سنلمس من جديد ضحالة الفكر السياسي وقلة الحياء كما جسدته من قبل وتجسده الآن مجموعة من الكائنات الانتخابية التي طاح بها السقف السياسي الراهن ويتخيل إليها أن الشعب كله معها،و لا تجد بدا في الإعلان ليس فقط عن جهلها بمكونات المجتمع المغربي وشرائحه ،بل أيضا  على تشبتها بورعها واستقامتها وتمييع خطاب القوى السياسية  الأخرى وإذ يأتي بعضهم ليعلن بأنه جاء ليحقق الاستقرار بعد انفجارات الخريف العربي ،فهذا منتهى الضحالة الفكرية لأنه يلغي استقرارالمغربعلى مدى ما يزيد عن ألف سنة وأن الملكية هي الضامنة الوحيدة لاستقرار الأمة،كما أنه يلغي كل الأدبيات السابقة عند الأحزاب التاريخية بفضل مفكريه وسياسييه المتنورين الذين لا يزالون يصارعون من أجل تثبيت قيم نقدية وفكرية تقدمية داخل المجتمع.

إن لم تستحيي فافعل ماشئت ، هذا هو الرد الأخلاقي الذي يمكن أن يوجه إلى مثل هذه الكائنات الانتخابية التي ستملأ شاشتنا كل مساء وأسواقنا الأسبوعية وساحات مدننا الفسيحة ،ستمتلئ مدارسنا ومسايدنا بملصقات كثيرة عليها صور كائنات ما ـنزل الله بها من سلطان ،الكل سيتحدث عن النظافة والبيئة والمسالك الطرقية والدفاع عن مصالح المواطنين وتشغيلهم،في حين أن القرى معزولة والمدن ملوثة بشكل فظيع والمنتخبون منشغلون بالمهارات وبالاتهامات المتبادلة ولا أحد وفى بوعوده أثناء الحملة،إن إلغاء التاريخ هو إلغاء للمغرب كله ،عشنا وشفنا ،فلا تجعلوا الإرث ذريعة لعجزكم لا تقولوا ورثنا مشاكل ،أو وجدنا الأمور طالحة وغير سوية فأنتم غير الأسوياء فكفى كذبا عن الشعب قال صاحبي، قالها من قبله الفنان سيد درويش ، عشنا وشفنا هذا الزليج السياسي المزيف المندى بماء عكر ،ما إن تطأه قدماك حتى توشك أن تنزلق ، فليس أفظع على مرحلة التغيير وفي ظل الدستور المغربي الجديد الرائد عربيا وإفريقيا من أن تؤثث بهذا الزليج غير المهذب الذي يظن أنه يمتلك الحقيقة وأنه لا يأتيه الباطل من تحته أو خلفه وأنه ضامن الاستقرار للبلاد والعباد،وكأنه زليج مستورد من ظلمات الثلث الخالي لا يميت إلى الذاكرة المغربية وإلى التاريخ المغربي بصلة.ولأن هذه الكائنات الانتخابية مهووسة بالمجازفة وبالخرافة فستكشف الانتخابات القادمة عن مدى تغلغلها في ممارستها السياسية غير المكتسبة ،فمن عتق اللحية والاستدلال بالكتب الدينية الصفراء الممنوعة شرعا وقانونا وضعيف الحديث النبوي الشريف وتحريف الآيات القرآنية في غير ظروف نزولها وموضعها إلى استغلال الأضرحة إلى رمي العار والبزولة إلى الذبائح والولائم إلى السخط والرضا إلى شراء الذمم فبأي فكر سياسي جديد هذا الذي يرنوا غليه مغرب  مغرباليوم؟أي أفق للحداثة الذي يدعو إليها المجتمع المدني؟لقد صدق الأستاذ عبدالكريم غلاب حين قال في مؤلفه “الأمية بالمغرب”إن الإصلاح الحقيقي ،أي إصلاح لا يمكنه أن يتم أو يكتب له النجاح في أرضية غير صالحة،فأكثر من نصف الشعب المغربي أمي،والأمية آفة تعيق التنمية وآفة ضد التقدم وضد تحقيق الديمقراطية ،فكيف لشعب نصفه أمي أن يستحضر في ذهنه الحداثة أو الكفاءة؟ سنعيش مسرحية أخرى نتمنى أن لا تكون مرتجلة فحينما ابتعدت السلطة عن اختيار المنتخبين والتزمت بالمفهوم الجديد للسلطة،اكتسبت الأحزاب السبق وصار بائع الخضر والسمك والسمسار والقمار أعضاء منتخبون بمجالس الجماعات المحلية قروية وحضرية،فوا أسفي على هذه الديمقراطية قصعة طعام بداز بسبع اخضاري تقصي الطبيب والمهندس والأستاذ والمحامي من أذهان الشعب وتستحضر أناس لا علاقة لهم بالسياسة وموالين الشكاير المجتمعين على مائدة الأمية الحاملة لطبق القصعة المذكورة المتحكمة في تسيير الجماعات القروية والحضرية بمغربنا الديمقراطي الحداثي يا حسرة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!