الزوايا في المغرب …حقائق ومواقف حول دور الزاوية البوتشيشية في مقاومة الاستعمار.

2014-10-04T00:03:19+01:00
شؤون دينيةمنوعات
3 أكتوبر 2014آخر تحديث : السبت 4 أكتوبر 2014 - 12:03 صباحًا
الزوايا في المغرب …حقائق ومواقف حول دور الزاوية البوتشيشية في مقاومة الاستعمار.

 

بقلم : عبد الواحد سعادي

يقول الله تعالى :”إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص(سورة الصف) صدق الله العظيم: لفقد قررت كل الشرائع الوضعية، وأكدت الرسالات السماوية حق الدفاع لكل فرد ولكل أمة ولكل وطن يرد به المعتدي، ويحمي به الحقوق، ويوفر له الأمن والهدوء.

كان المغرب آخر قلعة تسقط في يد الاستعمار.وقبل هذا كانت كل الدول الأوربية تطمع في غزو المغرب وفتحه في وجه تجارتها.لكن فرنسا قررت احتلاله بعدما بسطت نفوذها على الجزائر وتونس.وفي سنة 1907 اغتال أحد المغاربة بمراكش طبيبا فرنسيا، فاغتنمت فرنسا هذه الفرصة واحتلت مدينة وجدة سنة 1907 وبدأت في بسط نفوذها على باقي المغرب الشرقي.لكن قبل هذا اندلعت مقاومة عنيفة ضد الجيوش الفرنسية قادها الشيخ المختار القادري البوتشيشي .لكن تفوق القوات الإستعمارية وخيانة بعض القبائل جعل مقاومة هذا الشيخ المجاهد تتوقف في سنة 1907 وهي بداية مرحلة التوطيد القانوني الأجنبي على المغرب.

كانت فرنسا تتربص الدوائر بالمغرب .ورأت في تمرد “بوحمارة” فرصة لإضعاف وتقويض قوة”الجيش” المخزني، وكانت تساند هذا “الفتان” والذي ساندته عدة قبائل بإيعاز من “أعوانها” “الأهالي” إما خوفا أو طمعا ! لكن مقاومة الشيخ المختار البوتشيشي المجاهد أخرت “بعض الوقت” تسلل فرنسا من الجهة الشرقية. ويمكن القول أن المختار المجاهد نجح في إقامة وتكوين خلايا دفاعية، حيث كان يزاول فيها اتباعه- إلى جانب العبادات-بعض أساليب المقاومة وحرب العصابات ونجح هذا المجاهد في النيل من الجيش الفرنسي في عدة مواقع.فاعتصم بالجبال الوعرة. واستعمل الكمائن والتنقل ليلا.غير أن التفوق الفرنسي وخذلان عدة “قبائل” لهذه المقاومة وإدعان السلطان لشروط فرنسا الذي أرسل كتابا للشيخ المختار ليوقف الجهاد عجل من إيقاف المقاومة. وكان عامل السلطان على وجدة “بن كروم” قد عمد إلى الحفاظ على رسالة السلطان على شيخ الزاوية البوتشيشية أطول وقت ممكن، وذلك للإنتقام من قبائل بني يزناسن بواسطة الجيوش الفرنسية، وليوقع بين الشيخ والسلطان. خاصة وأن بعض القواد المرتشين أذاعوا أن بعض قبائل بني يزناسن بايعت الشيخ المختار المجاهد أميرا عليها لشجاعته وجهاده “وتصوفه”.ونحن هنا لسنا بصدد سرد تاريخي بقدر ما نحاول أن نبين “أوجه” التوافق والاختلاف عند الصوفية ومواقفها الإيجابية والسلبية من قضية الجهاد “ليس فقط انطلاقا من زاوية البوتشيشيين بل عند من سموا “فطاحلة أوجهابدة” التصوف والتعبد في التاريخ الإسلامي ومواقفها من أحداث مصيرية تركت بصماتها على البلاد العربية والإسلامية إلى يومنا هذا (…).

فالفترة التي ثار فيها المختار المجاهد في وجه فرنسا .كانت البلاد تعيش حالة من “السيبة” في غاية الضحالة، فالسلطة المركزية موجودة فقط في “فاس” والقبائل تتمرد ولاتستقيم إلا ب”الحركات” التي شغلت السلطان المولى الحسن الأول، واضطرته إلى أن ينقل عرشه إلى ظهر جواده. والحياة الاقتصادية والاجتماعية والفكرية في الحضيض. والناس لا ينضبطون حتى في المساجد مما حذا بالسلطان المولى الحسن الأول إلى سن الخطبة الإفتتاحية لخطبة صلاة الجمعة :”عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عن الرسول صل الله عليه وسلم، إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ومن لغى فلا جمعة له (كتاب الإستقصاء: الناصري).ولقد سن السلطان الذي هو أمير المؤمنين هذا الإصلاح وهو موجود فقط عندنا هنا في المغرب .

 رأينا أن الشيخ المختار المجاهد حمل السلاح في وجه الجيش الإستعماري الفرنسي لكن هناك من يرى أن “الجهاد الصحيح” عند الصوفية قليل، لأنهم منشغلون بجهاد أنفسهم على حد زعمهم (…) وهناك حديث لابن تيمية يرويه عن رسول الله صل الله عليه وسلم: “رجعنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر” لكن هناك من يذهب إلى أن هذا الحديث ضعيف ولم يرويه أحد من “أهل المعرفة” بأقوال الرسول صل الله عليه وسلم (كتاب الصوفية في ميزان الكتاب والسنة: ص: 21). وهنا يجب التمييز بين الجهاد الذي قاده وتميز به : الأمير عبد القادر الجزائري والشيخ المختار المجاهدين عمر المختارفي ليبيا .فلقد اجتمع هؤلاء الشيوخ التلاثة على أن جهاد “الكفار” من أعظم القربات إلى الله تعالى وهذا ما هو مبين في القرآن والسنة. لكن هناك من رجال التصوف والتعبد من لهم نظرة مغايرة لهذا الجهاد، فابن العربي يرى أن الله إذا سلط ظالما على قوم فلا يجب أن يقاوموه لأنه عقاب من الله.وابن عربي وابن الفارض الصوفيان المعروفان عايشا الحروب الصليبية، ولم نسمع أن واحدا منهما شارك في قتال الصليبيين أو حث الناس على ذلك، لم يسجل عليها شعر أو نثر فيه حسرة أو آهة على النكبات التي حلت بالمسلمين، بل كانا يبرران للناس أن الله هو عين كل شيء، فاليدع المسلمون الصليبيين فما هم إلا الذات الإلاهية متجسدة “بتلك الصور.أما الإمام الغزالي في كتابه (المنقد من الضلال) عند البحث في طريقة تصوفه، نجد أنه خلال الحروب الصليبية” كان مشغولا في خلوته تارة في مغارة “دمشق” وتارة في صخرة بيت المقدس يغلق بابيهما عليه في مدة   تزيد على السنتين !! ولما سقط بيت المقدس في يد الصليبيين عام 492/هـ، لم يحرك ساكنا -الغزالي- ولا دعا لجهاد لإعادته مع أنه عاش 12 سنة بعد سقوطه، وفي كتابه (إحياء علوم الدين) لم يذكر شيئا عن الجهاد أبدا، بل ملاه بالكرامات التي هي خرافات وهي في الجزء الرابع ص :456).

شتان ما بين رجل صالح يحفظ عرض المسلمات، وسفاح قاتل تخبطه شيطان وجره إلى الهاوية.فالطفلة “لبنة” نابت عن بنات المسلمين وتجرعت كأس العذاب من طرف جلاد قتال، نسي أن يذكر الله فأنساه نفسه.فلم يحدث أن خدش حياء المسلمين المغربة بهذه الطرق الغريبة حتى في عهد الحماية الفرنسية.ويحكى أن رجلا من فاس عمد إلى اغتصاب امرأة،ثم أراد الاحتماء بضريح مولاي إدريس حتى لا تنال منه العدالة(…) لكن الناس رأوا أن حرمة عرض المسلمات هو من حرمة صاحب الضريح مولاي إدريس وسلموه إلى “المخزن”.

ويحكى أن قوما كانوا في طريقهم إلى الحج. ومروا بامرأة في أسوا حال وهي تقلب قمامة بالية، فسألها أحد وهو “عبد الله بن الأدهم” : “ماذا تفعلين يا أمة الله؟ ” فردت عليه: “أتركوا أمة لربها”. لكن الرجل رق لحالها وألح في معرفة سبب وجودها في المزبلة، فقالت له إنها أرملة وتخاف أن ينتصر عليها الفقر والجوع وتصبح بناتها الخمسة عرضة للبغاء.فقال لها :”والله إن عرض بنات المسلمين من عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم” ثم أعطاها كل ما يملك من مال ولم يحج ورجع .

وإن كنا قد طرحنا هذه القصة، فذلك من باب المقارنة، لأن الحفاظ على عرض وحياة المسلمين هي من أوجب الواجبات لدى القادة والمجاهدين الذين حاربوا في سبيل الله ومن أجل استرداد حقوق المسلمين سواء أيام الحرب أو السلم .فالشيخ عمر المختار السنوسي جرح في المعركة ضد الطليان الفاشيست وكان يعمل جاهدا على توعية قومه وتعليمهم أمور الدين في أوقات الهدنة. كذلك فعل كل من الأمير عبد القادر  الجزائري والشيخ المختار المجاهد في حربهما ضد فرنسا اللذان هادنا جنرالات فرنسا حتى لا تمتد يد البطش والتنكيل إلى القبائل التي ساندتهم، رغم أن الاستعمار خطط من جديد بوسائل خبيثة لإطفاء أي نزعة جهادية لدى المغاربة والجزائريين والليبيين .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!