وأنت في آزمور لا تكاد تلمس ما يوحي بأن هذه المدينة كانت بالأمس القريب….قبلة

2013-12-03T09:38:11+00:00
منوعات
3 ديسمبر 2013آخر تحديث : الثلاثاء 3 ديسمبر 2013 - 9:38 صباحًا
وأنت في آزمور لا تكاد تلمس ما يوحي بأن هذه المدينة كانت بالأمس القريب….قبلة



وأنت في آزمور لا تكاد تلمس ما يوحي بأن هذه المدينة كانت بالأمس القريب تطلق عليها نعوت من قبيل: آزمور مدينة التصوف مدينة عبق التاريخ ، مدينة ملتقى الحضارات والثقافات و الأديان السماوية، مدينة ملتقى الطرق التجارية العالمية .

ولكن ما يحز في نفسنا اليوم ، كون هذه المدينة الوديعة ارتدت لباسا لا يليق بسمعتها الحضارية والثقافية ، إلى درجة أنها تخلت عن كل السمات التي أفصحنا عنها منذ البداية .ففي أية خانة يمكن تصنيف هذه المدينة المتعددة الاختصاصات ؟، هل في خانة المدن الاقتصادية ،أو في خانة المدن السياحية ، أو في خانة المدن الثقافية

فإذا اعتبرناها من المدن الاقتصادية فسنضعها في موقف حرج مع باقي المدن الاقتصادية الإقليمية والدولية ، لأن ما نراه اليوم فيآزمور هو بمثابة فوضى اقتصادية – ولاسيما في شقها التجاري- أرخت بظلالها على الأحياء والأزقة ، وحتى الممرات العمومية لم تسلم هي الأخرى من هذه الفوضى التي ذهب ضحيتها كذلك  أصحاب المحلات التجارية الذين لهم سند قانوني .

 أما إذا نظرنا إلى آزمورمن حيث موقعها الإستراتيجي و مناخها الذي يغري كل زائر حط رحاله بها، فسنقول وبدون تردد أنها مدينة سياحية بامتياز . ولكن أية سياحة نتحدث عنها في هذه المدينة؟ ففي العهود السابقة كانت السياحة بهذه المدينة سياحة يطغى عليها طابع البساطة و العراقة ، وأكثر ما كان يجلب السياح إلى هذه المدينة ساكنتها التواقة إلى مد جسور التواصل مع كل الأجناس البشرية ، ناهيك عن حفاوة الاستقبال، دون أن تفقد هذه الساكنة طابعها المحافظ الذي أصبح طابعا مميزا لسكان مدينةآزمور. ولكن ما نراه اليوم هو بعيد كل البعد عن ما قلناه في حق هذه المدينة وأهلها ،فمظاهر الانحلال والتفسخ قد تطاردك أين ما حللت وارتحلت ،إلى درجة أننا أصبحنا غير قادرين على اصطحاب أفراد عائلتنا إلى أماكن عمومية للتسويق أو من أجل الترويح عن النفس أو- تغيير الجو-  كما يقال .فأينما وليت وجهك يصدمك مشهد يخدش الحياء- أمام العادي والبادي –  .فما رأيكم إن صنفنا هذه المدينة في خانة المدن التاريخية و الثقافية.

 فمن الناحية التاريخية تعتبر هذه المدينة موطن العديد من الحضارات. فهي تعد من أقدم مدن المغرب بل العالمية  إنها من المدن السبع الضربة في أعماق ما قبل التاريخ ، استوطنها التجار الفنيقيون  في القرن الخامس قبل الميلاد ،  وسرعان ما تبوأت مركزا تجاريا على سواحل المحيط الأطلسي، ضمتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد ،وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ، استولى الوندال على في القرن الخامس الميلادي ، ثم البيزنطيون في القرن السادس الميلادي حتى فتحها الأمويون ،ليبدأ عهد التأثير الإسلامي في هذه المدينة ، وكل هذه الحضارات خلفت تراثا إنسانيا عريقا ظل صامدا لعدة قرون . ومن الناحية الثقافية قد لا يختلف اثنان في اعتبار مدينة المصب الثافية.

 المكان الذي احتضن أهل الفكر واستلهم عقول المبدعين ، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد مجموعة من الكتاب الأجانب وجدوا ضالتهم في” آزاما” فهي مدينة استوعبت أهل الدين و علماء أجلاء و كتابا عالميين   ورسامين ورحالة وموسيقيين وسيينمائيين  و مبدعين و غيرهم، توافدوا إليها هربا من أوطانهم ، لما وجدوا فيها من تحرر ومناخ ثقافي بعيد عن العصبيات والغليان السياسي .

ولكن هل هذا الأمر ينطبق على آزموراليوم؟ هل أصحاب القرار في  هذه المدينة أولوا اهتماما في مخططاتهم الإنمائية للنهوض بالجانب الثقافي في المدينة؟ ففي انعدام النوادي الثقافية والمكتبات الضخمة و المتاحف الأثارية التي تحفظ ذاكرة هذه المدينة المنسية ، وفي ظل غياب شبه تام  للسلطات المحلية في المشهد الثقافي – أي عدم اهتمامهم بأهل الفكر  – بمعنى عدم الإكتراث لهذه الشريحة من المجتمع الآزموري التي لا تجد المناخ المناسب لنموها ، ولا تلقى تشجيعا من لدنهم حين يتعلق الأمر بنشاط ثقافي  ، أو عمل إبداعي محلي .كما أن دور الجمعيات الثقافية هي الأخرى مقصرة في دعمها وتأطيرها للأنشطة الثقافية  و استغياب المثقفين من طينة البلدة، وإن كانت هناك برامج ثقافية تدخل ضمن برنمجها السنوي فهي تبقى في غالبيتها حبرا على ورق بالنسبة لبعض الجمعيات  .وإن قدر لها أن تخرج إلى النور فإن المجتمع المدني هو الآخر  لا يكترث لها . وأمام هذا العقم الثقافي الذي تعرفه مدينتنا وللأسف ، لايمكننا الحديث عن آزمورالثقافية التي تغزل بها الشعراء أيام عزها ومجدها و ابن الخطيب من ظمنهم. .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!